التفاعل الثقافي حتمية إنسانية

0
أعني بالثقافة هنا ما عناه الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله عندما تحدث عن الثقافة في التاريخ حيث قال : والثقافة بما تتضمنه من فكرة دينية انتظمت الملحمة الانسانية في جميع أدوارها من لدن آدم عليه السلام , لا يسوغ أن تعد علما يتعلمه الانسان بل هي محيط يحيط به و إطار يتحرك داخله , فهو يغذي جنين الحضارة في أحشائه , وإنها الوسط الذي تتكون فيه جميع خصائص المجتمع المتحضر وهي الوسط الذي تتشكل فيه كل جزئية من جزئياته تبعا للغاية العليا التي رسمها المجتمع لنفسه1. (1: مالك بن نبي – مشكلة الثقافة) والسؤل المحفز هنا هو: كيف ارتدت أقوام كعاد وثمود وغيرها عن دين نوح عليه السلام..؟؟؟ , سؤال عن الكيف وعن الآلية التي انتظمت الأفكار والتصورات في سلسلة من التقهقريات المتدرجة من علياء التوحيد الخالص إلى قاع الشرك البواح.. وجانب من الإجابة في نظري شديد التعلق بظاهرة التفاعل الثقافي بين المجموعات الانسانية , تلك الظاهرة الحتمية في مسار تاريخ كل الحضارات

" الصورة للملك شهرو أحد ملوك لحيان آثار مملكة لحيان الحجاز خلفاء المعينيين الثموديين"

كتبت يوما ما من أيام عام 2012

التفاعل الثقافي حتمية إنسانية

أعني بالثقافة هنا ما عناه الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله عندما تحدث عن الثقافة في التاريخ حيث قال : والثقافة بما تتضمنه من فكرة دينية انتظمت الملحمة الانسانية في جميع أدوارها من لدن آدم عليه السلام , لا يسوغ أن تعد علما يتعلمه الانسان بل هي محيط يحيط به و إطار يتحرك داخله , فهو يغذي جنين الحضارة في أحشائه , وإنها الوسط الذي تتكون فيه جميع خصائص المجتمع المتحضر وهي الوسط الذي تتشكل فيه كل جزئية من جزئياته تبعا للغاية العليا التي رسمها المجتمع لنفسه1. (1: مالك بن نبي – مشكلة الثقافة)
والسؤل المحفز هنا هو: كيف ارتدت أقوام كعاد وثمود وغيرها عن دين نوح عليه السلام..؟؟؟ , سؤال عن الكيف وعن الآلية التي انتظمت الأفكار والتصورات في سلسلة من التقهقريات المتدرجة من علياء التوحيد الخالص إلى قاع الشرك البواح..
وجانب من الإجابة في نظري شديد التعلق بظاهرة التفاعل الثقافي بين المجموعات الانسانية , تلك الظاهرة الحتمية في مسار تاريخ كل الحضارات
قوم هود عليه السلام مثلا الذين يعدّون أول تجربة انسانية بعد نوح عليه السلام تفشل في امتحان الايمان , ورغم أصولهم الآرامية الساميّة التي تحمل ميراث رسالة نوح (عليه السلام) وأسرته المؤمنة , لم يستطع أغلبهم الحفاظ على نقاء إيمانهم من التلوث بشركيات جيرانهم.
تاريخيا من المرجح أن هذا حصل نواحي الألف الثانية قبل الميلاد وإن كان تاريخ عمان القديم يكشف عن آثار لمدينة غارقة في الرمال تدعى وبار يعود عمرها لنحو 3600 سنة قبل الميلاد يظن الباحثون أنها هي إرم ذات العماد المذكورة في القرآن أما التورات الحالية فهي خالية من أي ذكر لعاد إرم و قصة هود عليه السلام ، وقد ذكر ابن خلدون قوم وبار بقوله : إنهم انتقلوا إلى جزيرة العرب من بابل لما زاحمهم فيها بنو حام فسكنوا جزيرة العرب بادية مخيمين ثم كان لكل فرقة منهم ملوك وآطام وقصور...
على كل , لا نعدم وسيلة في التحليل ان قسنا الغائب على الشاهد وحاولنا استقراء سنن قررها الله سبحانه في سلوكيات البشر وتفاعلاتهم , فالنظرية 2 (2: رشدي بدراوي – قصص الانبياء والتاريخ ج1) التي ترجع بنسب عاد الأولى إلى أصول هاجرت من جبال أرمينيا شمالا حيث استقرت الفلك بسيدنا نوح عليه السلام , وحيث تكون المجتمع المؤمن الأول الذي استخلفه الله على الأرض بعد هلاك أهلها, هذه النظرية تفترض أن القوم وافدون على منطقة جنوب الجزيرة العربية, شرق اليمن تحديدا , بعد أن اتخذوا مسارا متنقلا عبر الشام غربا وانحدارا عبر الحجاز استمر قرونا طوال ... ومن شبه المؤكد تاريخيا ان اليمن القديم لم يكن خاليا من الساكنة , فأرضه التي كانت أخصب مما هي عليه الآن حثت البشر على الاستقرار فيه منذ العصور الغابرة
كما ان استمرار آثار من عبادة أصنام ك"ود" مثلا في المنطقة العربية يدل على أن الثقافة الدينية لقوم نوح لم تنقرض بانقراضهم , وأن أقوام عديدة استمرت على شكل من أشكال الحضارة التي كانت سائدة أيام نوح عليه السلام ..
والنتيجة بحسب النظرية هذه ان عاد تأثرت بعقائد جيرانها فأدخلت الكثير من مظاهر الشرك وعبادة الأصنام إلى شعائر عباداتها ...
الشاهد الذي يسند هذه الفكرة , هو شاهد تاريخي قد يطلق عليه مجازا بالصدمة الحضارية 

ظاهرة التكلس

0
مثلما يتبخر الماء تاركا من خلفه كتلا صخرية من الكلس .. كذلك تتبخر القيم والأفكار الصالحة من الضمير الفردي والجماعي لتترك خلفها كتلا من الأشخاص والأشياء . إن التحول من الإيمان إلى الشرك، ومن الإسلام إلى كفر.. يتخذ مسارا متشعبا ومركبا عبر مراحل زمنية ليست بالقصيرة ؛ هناك مساران متوازيان يضمنان هذه الإنقلابة: - التغير النفسي الداخلي - التغير الاجتماعي الخارجي  التغير النفسي الداخلي: هو عملية التحول من حالة الإيمان الأولى وصولا إلى حالة الشرك النهائية،  ضمان هذا التحول، هو تقهقر الحالة الوجدانية للإنسان من التعلق بالأفكار المطلقة إلى التعلق بالأشخاص، ومن ثمة تتعلق في النهاية بالأشياء البحتة. هذه المعركة الوجدانية ، هي معركة تحولية ، يحاول فيها الشيطان استدراج الإنسان فكريا إلى منطقة المحظور ايمانيا ، وذلك بتغطية المقاصد الكبرى للإيمان بغايات أقل بعدا : كأن يركز على تعظيم الداعية أو النبي كشخص ، لتغيب خلف هذا التعظيم حقيقة رسالته ، وأن تعظم الشعائر والأحكام وتغيب المقاصد والغايات ..

كتبت يوما ما من أيام عام 2012

(طرحت هذه الموضوعات ببعد تاريخي لاستخلاص قاعدة تفسر تقهقر الحالة الإيمانية للأمم عبر القرون من صفاء الإيمان إلى درك الشرك ومقاومة الأنبياء والدعاة)

مثلما يتبخر الماء تاركا من خلفه كتلا صخرية من الكلس ..
كذلك تتبخر القيم والأفكار الصالحة من الضمير الفردي والجماعي لتترك خلفها كتلا من الأشخاص والأشياء .
إن التحول من الإيمان إلى الشرك، ومن الإسلام إلى كفر.. يتخذ مسارا متشعبا ومركبا عبر مراحل زمنية ليست بالقصيرة ؛
هناك مساران متوازيان يضمنان هذه الإنقلابة:
- التغير النفسي الداخلي
- التغير الاجتماعي الخارجي

التغير النفسي الداخلي: هو عملية التحول من حالة الإيمان الأولى وصولا إلى حالة الشرك النهائية، 
ضمان هذا التحول، هو تقهقر الحالة الوجدانية للإنسان من التعلق بالأفكار المطلقة إلى التعلق بالأشخاص، ومن ثمة تتعلق في النهاية بالأشياء البحتة.
هذه المعركة الوجدانية ، هي معركة تحولية ، يحاول فيها الشيطان استدراج الإنسان فكريا إلى منطقة المحظور ايمانيا ، وذلك بتغطية المقاصد الكبرى للإيمان بغايات أقل بعدا :
كأن يركز على تعظيم الداعية أو النبي كشخص ، لتغيب خلف هذا التعظيم حقيقة رسالته ، وأن تعظم الشعائر والأحكام وتغيب المقاصد والغايات .. 
فإذا ما وصل الوجدان الإنساني إلى هذه الحال ، سهل الانتقال به إلى المرحلة التي تليها ، بالانتقال من الشخصانية إلى الشيئية البحثة ، عندها تغدوا الكتابات والحروف ذاتها مقدسة لا معانيها ، ويغدوا لباس الشخص وأشياءه مقدسة لا حقيقته ، وتغدوا جدران المعابد وصخورها جليلة مهابة تبخر وتعطر وتطلى لذاتها لا لمعنى خلفها ...
عندها تصير لهذه الأشياء قوة وقدرة في وجدان الإنسان يخشاها ويرجوها، وهذا عين الشرك بالله تعالى.
(أذكر هنا اعتقادا ساد في مجتمعاتنا المغاربية غداة الغزو الفرنسي مفاده أن فرسان الزوايا المقاومون يمتلكون تعاويذ تجعل من رصاص العدو ينزل بردا وسلاما على صدورهم، كذلك ظاهرة تقديس قبور الأولياء التي تفطن لأهميتها دهاة المعمرين حتى أضحى بناء "قبة" في كل حقل ومزرعة يغني هؤلاء الأوربيين عن مراقبة عبيدهم العرب، وهي أثقال في جملة من أساطير الإرث "ما بعد الموحدين" بحسب وصف الأستاذ مالك بن نبي)
لكن الحفاظ على هذه الحالة، ببقاء العقل الإنساني مكبلا بالحواس الشيئية من حوله، يحتاج لحالة اجتماعية من حول الفرد تدعم مسار التقهقر وترفض كل دعوة للاستيقاظ.

- التغير الاجتماعي الخارجي: هو عملية التحول من حالة الإسلام الأولى إلى حالة الكفر النهائية،
ضمان هذا التحول، هو انقلاب المؤسسة الدينية في المجتمع من الولاء للحق، إلى الولاء للقوة ...
بداية وتماهيا مع التحول النفسي الداخلي نحو الشخصانية، يتحول الولاء داخل المؤسسة الدينية من التوجه نحو الأفكار، إلى التمحور حول الأشخاص بشيوع ثقافة الشخصانية وقبولها وعدم مقاومتها، شيوع هذه الثقافة في حد ذاته منكر يحتاج إلى نهي، لأنها تنافي التوحيد العقائدي والتوحيد الاجتماعي:
- بأن لا عصمة إلا لله وحده
- و أن جميع البشر متساوون أمام أحكامه
لأن المؤسسة الدينية هي الأمينة على سلامة المناخ العام والثقافة العامة من الانحراف نحو الباطل، فهي أمينة على بقاء الضمير الجماعي حيا بممارستها الحرة من كل قيد لفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر...
فإذا ما شاعت ثقافة الشخصانية في المؤسسة الدينية، وقاومت هي ذاتها أي محاولة للنهي عنها، كان نتيجة لذلك شيوع المظالم وظهور الفساد انطلاقا من المؤسسة ليعم المجتمع ككل أو العكس بأن يعم المجتمع ثم يجتاح المؤسسة المتقاعسة في مقاومته، ومن نتائج هذه الثقافة ، شيوع الصراع على المناصب والسلطة داخل المؤسسة ، مما يدفع العناصر الصالحة التي لا تحبذ هذا الشكل من التهالك على أعراض الدنيا .. إلى الانسحاب، وبالمقابل تجتذب هذه الفراغات الطامحين لهذه الأغراض ولو كانوا من غير أهل الدين وأمانته ..
في النهاية يتم إفراغ المؤسسة من محتواها الفكري ومن طاقتها البشرية، لتُعبأ بالأشخاص والأشياء،
ختاما، وبعد ضياع الدور الحقيقي للمؤسسة وانحراف مسارها، يتم التحالف بينها وبين السلطة السياسية للمجتمع من أجل ضمان بقاء كليهما ..
عندها تتم مواجهة أي دعوة للإصلاح بقوة وعنف، لأنها تعني لكلا الحليفين، دعوة إلى الفناء.

(أسجل هنا تحفظي على إطلاق مصطلح الشرك والكفر، وانما حاولت توضيح سلسلة من الأفكار، فلست بأي حال من الأحوال في مقام التبديع والتكفير ولا يحق ذلك لي)

الشيطان والإنسان: القصة -2- مخلوق ضعيف

0
الفصل الثاني  يتداول بين الملائكة اسم هذا الضيف الجديد الغريب وما له من شأن عن الله الملك .. وكيف اختاره خليفة له على الأرض .. يشتد الخلاف والجدل بعدما علم الجميع أن هذا المخلوق لن يفي الأمانة حقها وأن مسيرته على الأرض سيشوبها فساد وسفك دماء .. يشتد الجدل وقد سمعوا من راجع الله الخالق العظيم و ناقش أمر توليت هذا المفسد زمام خلافة الأرض ...  -كيف يتولى الأمانة التي أشفقت من حملها السماوات والجبال ، مخلوق ضعيف ..؟؟  -وظلوم جهول فوق ذلك ..؟؟  الجميع أدرك أن أمرا عظيما قد أقبل ، وأن الحياة لن تبقى على حالها ... اضطراب عظيم ..الكل يستفتي والكل مختلف .. وإبليس يذكي جذوة الخلاف . لايزال على حاله ظاهر الصلاح ، لكنه و في أعماق نفسه يدير الفكر في أمره وأمر هذا الجديد يحاول حل مشكلته ، كيف يمكنه استدراك الحالة وتجاوزها ..  إذا بالله الملك العظيم يجمع الملائكة ، كل الملائكة في الساحة العظيمة أين يرقد جسد الإنسان يابسا باردا .. وينضم إبليس في من انضم إلى الجمع الرهيب .. -إنها لحظة الخلق .. لحظة النفخ .. ويسود الصمت المهيب .. في حضرة صاحب الجلالة المطلقة والتقديس اللانهائي .. فلا تنبس شفة. ويتكلم الحق جل جلاله مخاطبا الملائكة: فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين  الجميع ينصت للأمر بإذعان شديد ، وإبليس لا يملك حينها غير الصمت والترقب .. وهاهي ذي النفخة تغرس الروح في آدم ، تسري في أوصاله، تنبت الحياة .. وإذا بالجم الغفير من الملائكة الأطهار ينحني ويخر ساجدا سجدة واحدة هائلة مهيبة .. إلا شخصا واحدا .. و واحدا فقط. تجمدت الدماء في عروقه .. عيناه جاحظتان يقدح منهما الشرر.. وأنفاسه مضطربة .. الخطب بدد حلمه .. هاهو ذاك الذي استضعفه واحتقر خلقته يسجد له الجميع .. الكل حتى المقربين منهم .. بل وقد أمر هو نفسه بالسجود له. لا يحتمل ... لايطيق كل هذا ... بلغ به الغيض أوج مبلغه .. تشنجت نفسه وتناثر تركيزه وتشوشت أفكاره ... لقد أصيب في الصميم .. في مقتله. يقف مرتبكا لا يقدر على شيء ... لأن الحالة أكبر منه .. عظم ما يخفيه استفحل وبلغ حد الإنفجار وهو الآن يضغط على حلقومه في آخر محاولات التمثيل والتظاهر .. ولا يملك غير الصمت .. لأنه لو تكلم لانفجر وفضح كل شيء .. لقد كشفت المعادلة .. ولأول مرة يوشك أن يخسر الإمتحان .. أمام كل من خدعهم .. لعمري إن الملائكة لأشد اندهاشا لصنيعه .. لهذا العصيان ..  ويستوي آدم قائما يتأمل الحياة والجميع سجدا له .. إلا شخص واحد يرمقه بنظرات حاقدة .. فلا يمهلهما الله الملك الحكيم غير قليل حتى يبدأ إبليس بالسؤال : يا إبليس .. ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي ..؟ وكان أشد شيء على نفسه سؤال كهذا ، أمام جمع كهذا ، وفي موقف مثل هذا ... لكم تمنى أن يعاقبه الله قبل أن يسأله .. لأنه يدرك تمام الإدراك أن الله سبحانه بهذا استوفى فيه العدل كل العدل وأنما جريرته تكون قد عولجت بكل قسط فلا يملك أمامها من سبيل ... أما وقد سؤل .. فبأي شيء يجيب ؟... ما عساه قول ؟؟.. هو يدرك أن الله يعلم ما يخفيه .. لكن ما عساه يقول أمام هؤلاء الملا ئكة ؟ أمام هؤلاء المندهشين الذين طالما رأو منه الصلاح والطاعة ..؟ بأي حق فعل هذا ..؟ .. بأي حق عصى الرب العظيم خالقه ..؟ كل هذا وكلكل من الغيظ عظيم يضغط على أنفاسه مجتمعا حول حلقه .. يمنع لسانه .. يخشى أن تندلق عبره أدران الغيض والحقد والكره .. تحامل على نفسه .. حاول ضبط لسانه .. وشدد التركيز ، فلم يجد أمامه من حجة إلا أن قال: أنا خير منه .. خلقتني من نار وخلقته من طين ... حينها وبعد أن انفلتت من ثنايا لسانه تعابير الطغيان والكبر ، وأبانت للجميع ماكان يخفيه .. إذا بالحقيقة الساطعة تقدح ، وإذا بالباطل المقنع يفضح ، وتصيبه اللعنة فتمسخه شيطانا رجيما..  عندها لم يطق النظر إليه غير قليل ...  -إلى أي حال بشعة صيرت نفسك يا إبليس ...؟ خاطب الجميع أنفسهم غير مصدقين .. -إلى أي قاع ألقى بك كبرياءك ..؟ هي الحقيقة لابد ظاهرة مهما طال أمد الخديعة والباطل ... فصبرا صبرا أهل الحق.

الفصل الثاني

يتداول بين الملائكة اسم هذا الضيف الجديد الغريب وما له من شأن عن الله الملك .. وكيف اختاره خليفة له على الأرض ..
يشتد الخلاف والجدل بعدما علم الجميع أن هذا المخلوق لن يفي الأمانة حقها وأن مسيرته على الأرض سيشوبها فساد وسفك دماء .. يشتد الجدل وقد سمعوا من راجع الله الخالق العظيم و ناقش أمر توليت هذا المفسد زمام خلافة الأرض ... 
-كيف يتولى الأمانة التي أشفقت من حملها السماوات والجبال ، مخلوق ضعيف ..؟؟ 
-وظلوم جهول فوق ذلك ..؟؟ 
الجميع أدرك أن أمرا عظيما قد أقبل ، وأن الحياة لن تبقى على حالها ... اضطراب عظيم ..الكل يستفتي والكل مختلف .. وإبليس يذكي جذوة الخلاف .
لايزال على حاله ظاهر الصلاح ، لكنه و في أعماق نفسه يدير الفكر في أمره وأمر هذا الجديد يحاول حل مشكلته ، كيف يمكنه استدراك الحالة وتجاوزها .. 
إذا بالله الملك العظيم يجمع الملائكة ، كل الملائكة في الساحة العظيمة أين يرقد جسد الإنسان يابسا باردا ..
وينضم إبليس في من انضم إلى الجمع الرهيب ..
-إنها لحظة الخلق .. لحظة النفخ ..
ويسود الصمت المهيب .. في حضرة صاحب الجلالة المطلقة والتقديس اللانهائي .. فلا تنبس شفة.
ويتكلم الحق جل جلاله مخاطبا الملائكة:
فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين 
الجميع ينصت للأمر بإذعان شديد ، وإبليس لا يملك حينها غير الصمت والترقب ..
وهاهي ذي النفخة تغرس الروح في آدم ، تسري في أوصاله، تنبت الحياة .. وإذا بالجم الغفير من الملائكة الأطهار ينحني ويخر ساجدا سجدة واحدة هائلة مهيبة .. إلا شخصا واحدا .. و واحدا فقط.
تجمدت الدماء في عروقه .. عيناه جاحظتان يقدح منهما الشرر.. وأنفاسه مضطربة ..
الخطب بدد حلمه .. هاهو ذاك الذي استضعفه واحتقر خلقته يسجد له الجميع .. الكل حتى المقربين منهم .. بل وقد أمر هو نفسه بالسجود له.
لا يحتمل ... لايطيق كل هذا ... بلغ به الغيض أوج مبلغه .. تشنجت نفسه وتناثر تركيزه وتشوشت أفكاره ... لقد أصيب في الصميم .. في مقتله.
يقف مرتبكا لا يقدر على شيء ... لأن الحالة أكبر منه .. عظم ما يخفيه استفحل وبلغ حد الإنفجار وهو الآن يضغط على حلقومه في آخر محاولات التمثيل والتظاهر .. ولا يملك غير الصمت .. لأنه لو تكلم لانفجر وفضح كل شيء .. لقد كشفت المعادلة .. ولأول مرة يوشك أن يخسر الإمتحان .. أمام كل من خدعهم ..
لعمري إن الملائكة لأشد اندهاشا لصنيعه .. لهذا العصيان .. 
ويستوي آدم قائما يتأمل الحياة والجميع سجدا له .. إلا شخص واحد يرمقه بنظرات حاقدة .. فلا يمهلهما الله الملك الحكيم غير قليل حتى يبدأ إبليس بالسؤال :
يا إبليس .. ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي ..؟
وكان أشد شيء على نفسه سؤال كهذا ، أمام جمع كهذا ، وفي موقف مثل هذا ... لكم تمنى أن يعاقبه الله قبل أن يسأله .. لأنه يدرك تمام الإدراك أن الله سبحانه بهذا استوفى فيه العدل كل العدل وأنما جريرته تكون قد عولجت بكل قسط فلا يملك أمامها من سبيل ...
أما وقد سؤل .. فبأي شيء يجيب ؟... ما عساه قول ؟؟.. هو يدرك أن الله يعلم ما يخفيه .. لكن ما عساه يقول أمام هؤلاء الملا ئكة ؟ أمام هؤلاء المندهشين الذين طالما رأو منه الصلاح والطاعة ..؟
بأي حق فعل هذا ..؟ .. بأي حق عصى الرب العظيم خالقه ..؟
كل هذا وكلكل من الغيظ عظيم يضغط على أنفاسه مجتمعا حول حلقه .. يمنع لسانه .. يخشى أن تندلق عبره أدران الغيض والحقد والكره ..
تحامل على نفسه .. حاول ضبط لسانه .. وشدد التركيز ، فلم يجد أمامه من حجة إلا أن قال:
أنا خير منه .. خلقتني من نار وخلقته من طين ...
حينها وبعد أن انفلتت من ثنايا لسانه تعابير الطغيان والكبر ، وأبانت للجميع ماكان يخفيه .. إذا بالحقيقة الساطعة تقدح ، وإذا بالباطل المقنع يفضح ، وتصيبه اللعنة فتمسخه شيطانا رجيما.. 
عندها لم يطق النظر إليه غير قليل ... 
-إلى أي حال بشعة صيرت نفسك يا إبليس ...؟ خاطب الجميع أنفسهم غير مصدقين ..
-إلى أي قاع ألقى بك كبرياءك ..؟
هي الحقيقة لابد ظاهرة مهما طال أمد الخديعة والباطل ... فصبرا صبرا أهل الحق.


*** 
مصطفى محاوي - أوت 2004

إستمع إلى البودكاست الإذاعي للحلقة من هنا :


#قصة #رواية # #الشيطان #والإنسان: #القصة #-2- # #مخلوق #ضعيف # # # # # #

الشيطان والإنسان: القصة -1- إبليس الصالح

0
الفصل الأول   سماء .. عبر سماء.. وجموع غفيرة من الملائكة ترنم في نغم ساحر تسابيح الحي القيوم ...  أرض جميلة .. كائنات ترعى في أمان .. وجن تترقب ...  في السماوات العلى وعبر ذلكم الجمال الخلاب .. تلفي أمامك أسراب الملائكة في نشاط وحركة .. والكل يسبح بحمد الله الملك ...  ثمة قبالتك في العلياء نفر من الملائكة الكرام يحيطون بالمقربين .. بؤلائك الملائكة الرائعين .. جبريل و ميكائيل ورفاقهما .. إنهم مقدسون وأنوارهم تتلألئ .. إنهم يتحدثون وجبريل الروح الأمين يخبرهم بجديد أوامر الله الملك العظيم ...  يتراىء لك من بينهم مخلوق ذو سنحة وسيمة .. يوزع بسماته بسخاء على من يلقاه ... إنه إبليس الصالح .. من سيدعى يوما .. ''الشيطان اللعين''.. ، هكذا يبدو للجميع من حوله غير أن لعينيه بريقا غريبا ... غامضا .. تتراقص من خلفه ومضات لهب في ضخيج من الأحاسيس .. في لغط من الأفكار ...  -الجن كل الجن تغبطك على منزلتك هذه التي وصلت إليها ...  -لا يهمني ما تقول الجن عني .. وليس هذا ما سعيت من أجله كل هذه القرون ..  -أتذكر يوم كنت على الأرض .. وكيف كان يستهزأ بك ..  -أجل .. لن أنسى ذلك أبدا ..  -لن تنسى كيف لم يعرك أحد اهتماما .. كيف احتقرت .. وكيف ظلمت  -لكنني ويوم أظفر بمنيتي .. سوف يجثون كلهم تحت قدمي في ذلة طلبا لرحمتي .. وطلبا لمغفرتي ..  -لكنهم الآن ليسوا أهلا لأن تعبأ بهم .. ولا لأن تضيع فيهم وقت تفكيرك الثمين ..  -عقلي هذا الذي لم يخيبني أبدا .. لطالما وثقت بقدراتي رغم احتقارات الجميع ..  -لم تشك يوما بأنك ستصل إلى ما وصلت إليه ..  -كم كان الطريق طويلا وصعبا .. عسيرا مليئا بالكمائن والتحديات ..  -لكن على غيري .. وليس علي أنااااااااااااااااااااااا  -( ألم تعد إلى رشدك بعد ..؟ )  -من ..؟؟ ... من هنا؟؟؟  -ضميرك الذي نفيته منذ دهور ..  -ألم أنهرك .. ألا تفهم ؟؟  -أخشى عليك .. من لعبتك التي تلعبها ...  -ألم أقل لك .. أن هذا ليس من شأنك .؟  -إصبر علي .. فلعل هذا آخر عهدي بك ..  -ليس عندي وقت لك ..!!!!  -ألا تعلم أنك وإن خدعت الخلق جميعا، فإنك لن تستطيع أن تخدع الله خالقك ..؟؟ ألا تعلم أنه هو من خلقك وهو مطلع على قلبك ،يسمع حديثنا هذا ..؟؟ .. كيف انطلت حيلتك عليك ..؟؟ كيف تتظاهر بالطاعة والعبادة والإخلاص له .. ؟؟ وقلبك يبغضه ..؟؟  هل سينفعك المعجبون من حولك ،لو أراد ربك إنزال العقاب بك ..؟؟  -لن يستطيع الله معاقبتي ..!!!!  -ويلك ..!!!!؟؟ .. ما تقول ..؟؟؟  -لن يستطيع الله معاقبتي .. فعدله سيمنعني منه ، وعدله سيعطيني منزلتي التي أستحقها...  -ويحك ..!!!! .. أي جرأة تتجرأ بها على ربك ..؟؟؟  -ألستُ بشهادة خلقه كلهم أحسنهم عبادة له ...؟؟  -و أنا وقلبك نشهد أنك شر عباده سريرة له ..  -إليك عني ..!!!!  -متى كان القرب من الله حركات جوفاء وتمتمات بلا روح ..؟ .. ويلك .. إني أحذرك مقام ربك .. أغرك عدله وطول حلمه ..؟ .. إن شاء عذبك بعلمه .. ولن يُسأل عن فعله، سبحانه عليم بخفايا عباده ..  -ألم أنهك أن تعود إلي ..؟ .. فلستَ إلا جنديا من جنده .. بعثك لتثنيني عن مطلبي .. فلقد أعجزته .. ولم يجد لي حلا إلا أن أتراجع بمحض إرادتي .. ولن أفعل ...  -ويحك استغفر ..!!!! .. استغفر ربك وإلا أخذك غضبه .. ونزل بك سخطه ..!!!!  -هل تهددني ..؟؟  -بل أحذرك .. أن تُهلك نفسك ثم تندم حيث لا ينفع الندم ..  -أندم ..؟؟ .. هههه .. سأندم يوم أضيع هذه الفرصة التي سنحت .. يوم أضيع هذا الجهد الذي بذلته طوال هذه الأحقاب .. يوم أترك هذا المجد وأعود إلى الأرض ليسخر مني الجميع .. أجل .. يومها سأندم ..  -إلى أي جحيم تقود نفسك ..؟ .. ما أغباك ..!!!!  -بل إلى أي جحيم تردني أنت ..!!!! .. وأي نعيم تريد حرماني منه .. متى كنت تهتم بمصلحي ..؟ أين كنت يوم احتقرني الجميع ..؟ أين كان الله يوم داس علي سفهاء الأرض طغيانا وتكبرا ..؟ .. واليوم وقد صار المجد رهين خطوة أخطوها .. فجأة .. أصبحت مصلحتي تهمكم ..؟؟  -لم تتغير .. ليس ينفع معك نصح و لا تقريع ..  -لست أثق فيك ولا في أحد غيرك .. كلكم عبيد له .. تتملقونه وتخافون منه .. وفي خضوع أغمضتم أعينكم عن الحقيقة ..  -هههه .. أي حقيقة .. أرشدنا الله وإياك ..؟؟؟!!!!  -ألم يسأل فيكم أحد نفسه، من أين جاء الله ..؟؟؟  -أعوذ بالله منك ومن شرك ..!!!!  -بل أعوذ برجاحة عقلي منك ومن خذلانك .. فلا تقربني بعد الآن .. انصرف عني ..!!!!  -اللهم فاشهد ،أني قد أنذرته وأخلصت له النصيحة ..  -.........................................  -سلام من الله عليك ، عسى أن يرحمك برحمته .   هو هو لم يتغير بعد مرور الزمن الطويل .. وهاهو قد أضحى في زمرة الملائكة المقربين كثير التسبيح ظاهر الصلاح مهاب المقام .. لم يبقى في مخططه إلا أن يكون على رأس هرم المخلوقات .. أن يكون هو أكرم الخلق عند الله من الملائكة أنفسهم .. حتى المقربين منهم .. بذلك يكون في نظره قد اجتمعت تحت قبضته من الأسباب ما لم يجتمع لمخلوق يوما ... ويومها يضرب ضربته وينفرد بالملك ليفعل ما يشاء .. ويكون له من سلطة الألوهية ما تمنى ..  وعند الله قد استوفى الفرصة كل الفرصة التي أتيحت له .. بعدما أراد لنفسه مصيرها المحتوم ..  عندها وهاذ المخلوق في غمرة نشوته ، يعتقد أنه قد انتصر على الله الذي كان يريد إسقاطه وإخراج أضغانه .. وهاهو على أعتاب المجد والملك ليس بينه وبين مناه إلا خطوة يخطوها .. يراها يسيرة..  حان عند الله تبارك اسمه أن يفضحه أمام الخلائق كلها .. أمام كل من خدعهم .. ليُعَلم الجميع أن ليس ثمة للظاهر سلطان على ما يخفيه الباطن .. أن ثمة حاجة تحيك بين الضلوع والجوانح هي ما يقاس عليها .. وأنك أمام الله بها مهما أظهرت لغيره .. وأن إلى الله المرد فتنخلع عنده عن نفسك ما كانت تتستر به من أقنعة .. تفتضح حينها وقلبك أمام ربك وأمامك يشهد بما أسررت وينضح بما ينضح ، ويومها ينفع الصادقين صدقهم ..  وأن ثمة فيه رحيق الحب يغذي أزهار الإيمان فيبعث عطرها الأوار .. لا مناظر فحسب تخدع الأبصار .. وأن ثمة الأنوار .. تشع متدفقة تسري من بين يديك ، تنير لك الطريق ، تعصمك من الضلال والهلاك .. هي ذي الحقيقة فلتعلم ..  هاهو الله الخالق العظيم يبشر الملائكة الكرام بما خبأء لهذه الحياة .. بمخلوق جديد إسمه آدم الإنسان ، ليكون عند الله خير الخلق وأقربهم إليه منزلة ..  أجل وفي غمرة عزه المزعوم وطموحة الجائر ، وبعد أن جهز نفسه لاعتلاء هذه المنزلة ... إذا به يرى بأم عينيه مخلوقا آخر ينتزعها من بين يديه ... أليس هو الذي عمل الزمن الطويل منذ الدهر السحيق وتعب التعب العظيم وتكبد المشاق وغامر وراوغ ليصل إلى هنا .. أبعد كل هذا مخلوق آخر لم تسري الروح في أوصاله بعد .. لم تلمسه نسمة الحياة بعد .. لا يزال بعد طينا لازبا .. طين مجندل أجوف ؟؟؟  لكنه لن يستسلم وسيستمر في تنكره متما لخطته ..إن أمكنه ذلك ..  الملا ئكة المقربون في نشاط غير مسبوق يتفقدون جموع الخلائق .. أمر من عند الرحمان أم سر جديد سيكشفه تعالى ؟  -مخلوق جديد ... مخلوق جديد...  هذا ما أضحى تردده الألسنة في أقطار السماوات ..  -مخلوق من طين ..  والكل يترقب ...

الفصل الأول 

سماء .. عبر سماء.. وجموع غفيرة من الملائكة ترنم في نغم ساحر تسابيح الحي القيوم ... 
أرض جميلة .. كائنات ترعى في أمان .. وجن تترقب ... 
في السماوات العلى وعبر ذلكم الجمال الخلاب .. تلفي أمامك أسراب الملائكة في نشاط وحركة .. والكل يسبح بحمد الله الملك ... 
ثمة قبالتك في العلياء نفر من الملائكة الكرام يحيطون بالمقربين .. بؤلائك الملائكة الرائعين .. جبريل و ميكائيل ورفاقهما .. إنهم مقدسون وأنوارهم تتلألئ .. إنهم يتحدثون وجبريل الروح الأمين يخبرهم بجديد أوامر الله الملك العظيم ... 
يتراىء لك من بينهم مخلوق ذو سنحة وسيمة .. يوزع بسماته بسخاء على من يلقاه ... إنه إبليس الصالح .. من سيدعى يوما .. ''الشيطان اللعين''.. ، هكذا يبدو للجميع من حوله غير أن لعينيه بريقا غريبا ... غامضا .. تتراقص من خلفه ومضات لهب في ضخيج من الأحاسيس .. في لغط من الأفكار ... 
-الجن كل الجن تغبطك على منزلتك هذه التي وصلت إليها ... 
-لا يهمني ما تقول الجن عني .. وليس هذا ما سعيت من أجله كل هذه القرون .. 
-أتذكر يوم كنت على الأرض .. وكيف كان يستهزأ بك .. 
-أجل .. لن أنسى ذلك أبدا .. 
-لن تنسى كيف لم يعرك أحد اهتماما .. كيف احتقرت .. وكيف ظلمت 
-لكنني ويوم أظفر بمنيتي .. سوف يجثون كلهم تحت قدمي في ذلة طلبا لرحمتي .. وطلبا لمغفرتي .. 
-لكنهم الآن ليسوا أهلا لأن تعبأ بهم .. ولا لأن تضيع فيهم وقت تفكيرك الثمين .. 
-عقلي هذا الذي لم يخيبني أبدا .. لطالما وثقت بقدراتي رغم احتقارات الجميع .. 
-لم تشك يوما بأنك ستصل إلى ما وصلت إليه .. 
-كم كان الطريق طويلا وصعبا .. عسيرا مليئا بالكمائن والتحديات .. 
-لكن على غيري .. وليس علي أنااااااااااااااااااااااا 
-( ألم تعد إلى رشدك بعد ..؟ ) 
-من ..؟؟ ... من هنا؟؟؟ 
-ضميرك الذي نفيته منذ دهور .. 
-ألم أنهرك .. ألا تفهم ؟؟ 
-أخشى عليك .. من لعبتك التي تلعبها ... 
-ألم أقل لك .. أن هذا ليس من شأنك .؟ 
-إصبر علي .. فلعل هذا آخر عهدي بك .. 
-ليس عندي وقت لك ..!!!! 
-ألا تعلم أنك وإن خدعت الخلق جميعا، فإنك لن تستطيع أن تخدع الله خالقك ..؟؟ ألا تعلم أنه هو من خلقك وهو مطلع على قلبك ،يسمع حديثنا هذا ..؟؟ .. كيف انطلت حيلتك عليك ..؟؟ كيف تتظاهر بالطاعة والعبادة والإخلاص له .. ؟؟ وقلبك يبغضه ..؟؟ 
هل سينفعك المعجبون من حولك ،لو أراد ربك إنزال العقاب بك ..؟؟ 
-لن يستطيع الله معاقبتي ..!!!! 
-ويلك ..!!!!؟؟ .. ما تقول ..؟؟؟ 
-لن يستطيع الله معاقبتي .. فعدله سيمنعني منه ، وعدله سيعطيني منزلتي التي أستحقها... 
-ويحك ..!!!! .. أي جرأة تتجرأ بها على ربك ..؟؟؟ 
-ألستُ بشهادة خلقه كلهم أحسنهم عبادة له ...؟؟ 
-و أنا وقلبك نشهد أنك شر عباده سريرة له .. 
-إليك عني ..!!!! 
-متى كان القرب من الله حركات جوفاء وتمتمات بلا روح ..؟ .. ويلك .. إني أحذرك مقام ربك .. أغرك عدله وطول حلمه ..؟ .. إن شاء عذبك بعلمه .. ولن يُسأل عن فعله، سبحانه عليم بخفايا عباده .. 
-ألم أنهك أن تعود إلي ..؟ .. فلستَ إلا جنديا من جنده .. بعثك لتثنيني عن مطلبي .. فلقد أعجزته .. ولم يجد لي حلا إلا أن أتراجع بمحض إرادتي .. ولن أفعل ... 
-ويحك استغفر ..!!!! .. استغفر ربك وإلا أخذك غضبه .. ونزل بك سخطه ..!!!! 
-هل تهددني ..؟؟ 
-بل أحذرك .. أن تُهلك نفسك ثم تندم حيث لا ينفع الندم .. 
-أندم ..؟؟ .. هههه .. سأندم يوم أضيع هذه الفرصة التي سنحت .. يوم أضيع هذا الجهد الذي بذلته طوال هذه الأحقاب .. يوم أترك هذا المجد وأعود إلى الأرض ليسخر مني الجميع .. أجل .. يومها سأندم .. 
-إلى أي جحيم تقود نفسك ..؟ .. ما أغباك ..!!!! 
-بل إلى أي جحيم تردني أنت ..!!!! .. وأي نعيم تريد حرماني منه .. متى كنت تهتم بمصلحي ..؟ أين كنت يوم احتقرني الجميع ..؟ أين كان الله يوم داس علي سفهاء الأرض طغيانا وتكبرا ..؟ .. واليوم وقد صار المجد رهين خطوة أخطوها .. فجأة .. أصبحت مصلحتي تهمكم ..؟؟ 
-لم تتغير .. ليس ينفع معك نصح و لا تقريع .. 
-لست أثق فيك ولا في أحد غيرك .. كلكم عبيد له .. تتملقونه وتخافون منه .. وفي خضوع أغمضتم أعينكم عن الحقيقة .. 
-هههه .. أي حقيقة .. أرشدنا الله وإياك ..؟؟؟!!!! 
-ألم يسأل فيكم أحد نفسه، من أين جاء الله ..؟؟؟ 
-أعوذ بالله منك ومن شرك ..!!!! 
-بل أعوذ برجاحة عقلي منك ومن خذلانك .. فلا تقربني بعد الآن .. انصرف عني ..!!!! 
-اللهم فاشهد ،أني قد أنذرته وأخلصت له النصيحة .. 
-......................................... 
-سلام من الله عليك ، عسى أن يرحمك برحمته . 

هو هو لم يتغير بعد مرور الزمن الطويل .. وهاهو قد أضحى في زمرة الملائكة المقربين كثير التسبيح ظاهر الصلاح مهاب المقام .. لم يبقى في مخططه إلا أن يكون على رأس هرم المخلوقات .. أن يكون هو أكرم الخلق عند الله من الملائكة أنفسهم .. حتى المقربين منهم .. بذلك يكون في نظره قد اجتمعت تحت قبضته من الأسباب ما لم يجتمع لمخلوق يوما ... ويومها يضرب ضربته وينفرد بالملك ليفعل ما يشاء .. ويكون له من سلطة الألوهية ما تمنى .. 
وعند الله قد استوفى الفرصة كل الفرصة التي أتيحت له .. بعدما أراد لنفسه مصيرها المحتوم .. 
عندها وهاذ المخلوق في غمرة نشوته ، يعتقد أنه قد انتصر على الله الذي كان يريد إسقاطه وإخراج أضغانه .. وهاهو على أعتاب المجد والملك ليس بينه وبين مناه إلا خطوة يخطوها .. يراها يسيرة.. 
حان عند الله تبارك اسمه أن يفضحه أمام الخلائق كلها .. أمام كل من خدعهم .. ليُعَلم الجميع أن ليس ثمة للظاهر سلطان على ما يخفيه الباطن .. أن ثمة حاجة تحيك بين الضلوع والجوانح هي ما يقاس عليها .. وأنك أمام الله بها مهما أظهرت لغيره .. وأن إلى الله المرد فتنخلع عنده عن نفسك ما كانت تتستر به من أقنعة .. تفتضح حينها وقلبك أمام ربك وأمامك يشهد بما أسررت وينضح بما ينضح ، ويومها ينفع الصادقين صدقهم .. 
وأن ثمة فيه رحيق الحب يغذي أزهار الإيمان فيبعث عطرها الأوار .. لا مناظر فحسب تخدع الأبصار .. وأن ثمة الأنوار .. تشع متدفقة تسري من بين يديك ، تنير لك الطريق ، تعصمك من الضلال والهلاك .. هي ذي الحقيقة فلتعلم .. 
هاهو الله الخالق العظيم يبشر الملائكة الكرام بما خبأء لهذه الحياة .. بمخلوق جديد إسمه آدم الإنسان ، ليكون عند الله خير الخلق وأقربهم إليه منزلة .. 
أجل وفي غمرة عزه المزعوم وطموحة الجائر ، وبعد أن جهز نفسه لاعتلاء هذه المنزلة ... إذا به يرى بأم عينيه مخلوقا آخر ينتزعها من بين يديه ... أليس هو الذي عمل الزمن الطويل منذ الدهر السحيق وتعب التعب العظيم وتكبد المشاق وغامر وراوغ ليصل إلى هنا .. أبعد كل هذا مخلوق آخر لم تسري الروح في أوصاله بعد .. لم تلمسه نسمة الحياة بعد .. لا يزال بعد طينا لازبا .. طين مجندل أجوف ؟؟؟ 
لكنه لن يستسلم وسيستمر في تنكره متما لخطته ..إن أمكنه ذلك .. 
الملا ئكة المقربون في نشاط غير مسبوق يتفقدون جموع الخلائق .. أمر من عند الرحمان أم سر جديد سيكشفه تعالى ؟ 
-مخلوق جديد ... مخلوق جديد... 
هذا ما أضحى تردده الألسنة في أقطار السماوات .. 
-مخلوق من طين .. 
والكل يترقب ... 

*** 
مصطفى محاوي - أوت 2004

إستمع إلى البودكاست الإذاعي للحلقة من هنا :


#قصة #رواية #الشيطان #والإنسان: #القصة #-1- # #إبليس #الصالح # # # # # # #

لحديث قياس المقال 03

0
#quotestagram #text #line #font #paper #document #number #news #colorful #doc #affirmations #successquotes #liveyourbestlife #inspirationalquotes #wordsofwisdom #lettering #letteringart #typedesign #jaw #colorfulness #parallel #paralleluniverse #quotesandsayings #paperlove    عين على أحشاء حزب إسلامي جزائري  مصطفى محاوي  كنت مشوشا وأنا أجتر مسيرتي منذ بدايتها،  فحاولت الاسترخاء،  تساءلت وأنا انظر عبر النافذة عن هذا التعارض الصارخ بين الأولويات الهيكلية والتنظيمية من جهة وترجيح المبادئ والأهداف من جهة اخرى  وكيف وصل بنا الحال إلى القبول ببقاء هرمية غايتنا مقلوبة ... كيف اضحت الوسائل أهم من أهدافها ؟ كنت ولا زلت أتساءل عن الجدوى من وراء كل هذا ..  عن الثمار .. وعن المستقبل ..  كانت الفكرة الأولى أشمل من أن نبقى اليوم حبيسي قفس السياسة ...  كانت فكرتنا أكبر من الدولة ..  كانت خريطة أمة ومشروع مجتمع ... لكنني تركت رفاقي خلفي يُمنون النفس بمقعد أو اثنين في البرلمان ...  تركتهم يكيلون اللكمات لإخوة الفكرة ويسارعون للتحالف مع أعداء المشروع ...  تركتهم ينادون أعداء الأمس من وراء الحجرات أن تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم، وإذا خلو بأبناء التنظيم حذروهم من خطر الأخ المؤمن الحاسد ... ربما هناك من عذر ... لست أدري ... ثلاثون سنة أو أربعون من نكد الدعوة أضرت بأرزاق الكثيرين،  شابَ بعضهم الآن وهو يحاول تدارك ما فاته من نصيب الدنيا .. ذاك حقهم مادام في حلال الله ...  لكنني لست عن هؤلاء أتحدث ولا أحمل همهم حتى ..  ما يقض مضجعي همّ مشروع تبعثرت ملفاته في أروقة السياسة ... هل تراها الجزائر تستحق رجالا خيرا منا ...؟  "حبيبتي أنت .. متى تقفين شامخة غنية لا تتسولين الأغراب وإرثك ثروات مخزنة في بنوكهم ..؟  متى يتسع حضنك الدافئ ليجد كل شاب مأوى يأوي إليك فيه ..؟ حبيبتي ... تتزين شقيقاتك لتجلب إليهن قوافل المعجبين، وانت جمالك الباهر لا يحتاج إلى تزيين ... أمي الحبيبة انت، عقّك أبناءك ولطخوا وجهك الصّبح بأدران الإهمال ... سرقوا مهرك ... وباعوا ذهبك ... وانت بنت الأشراف ومهرك لا يقدر بالآلاف ...  وبذّروا حليبك .. وتركوا عيالك جوعى لا تجدين لهم قوتا ...  ثم ... ذبحوا أطفالك على صدرك وحذروك من البكاء عليهم ... لقد أذلوك يا حبيبتي ... فهل يكفينا الاعتذار ...؟" أستسمحكَ عذرا ... فنحن كلنا نرضع حب الجزائر مع حليب أمهاتنا ... فمنا من يصدق ومنا من يخون ...  على كل، لا أستطيع إلا أن أغازل بلدا بمثل هذا الجمال، ولا أستطيع إلا أن أرثيه على مثل هذه الحال ... هناك من يعتقد أن الإسلاميين بحكم أيديولوجيتهم ينفرون من البعد الوطني وينزعون دائما إلى مفهوم الأمة بحذف الحدود ... قد يكون هذا جانبا من الحقيقة، لكن خصوصية الجزائري، تجعل من ترسيخ عدم أولوية وطنه لديه عسيرا على أية فكرة ... عموما بدأ الحديث عن الأفكار والأيديولوجيا يخفت ويفقد مفعوله، ليس عند الإسلاميين فقط ...  أظن أن للأيديولوجيا حيوية وشبابا قد لا يتجاوز في بعض الأحيان عشر سنوات أو عشرين سنة على أقصى تقدير، تصير بعدها في حكم التخريف ... نعم ... لقد لمسنا هنا عصبا حساسا ...  هل تعلم ... نحن في الجزائر نعوم في شظايا أفكار بالية، بالية للغاية ... آسنة، تفوح منها رائحة العفن ... لأن أصحابها لم يفكروا يوما في تنظيفها من أوساخ أخطائهم ولا فكروا حتى في تجديدها بحلل تليق بجيل يطالع خفايا البيت الأبيض بكبسة زر، ويتابع مسلسلات السياسة العالمية على جوّاله ... فعلا ... نحن الآن وأكثر من أي وقت مضى، نحتاج في الجزائر إلى أفكار جديدة ...  هههه ...  لكن صدقني ممن ننتظر الأفكار الجديدة ...؟  من وزراء لا يحسنون قراءة خطاب مكتوب على ورقة في محفل دولي ...؟ أم من نواب لا نعرف متى طردوا من المدارس ...؟ أم من جنرالات لم يتعلموا في حياتهم إلا فنون القتل والتخابر في مدرسة ال KGB  ينتابني ضحك جنوني ... بكل أسى ... هذه هي النخبة التي سمح لها بالتناسل في جزائر اليوم ... واذهب أنت لتبحث عن أصحاب العقول والأفكار في سويسرا ومونتريال ..  لقد طاردوهم حتى طردوهم ...  لا يمكن لعقل صاحي أن يعيش في وسط مسموم ... لأجل ذلك وجدتني الآن في هذا القطار وفي ضميري سؤال كبير: كيف وصل بنا الحال إلى هنا ...؟
لحديث قياس : 03
عين على أحشاء حزب إسلامي جزائري 
مصطفى محاوي

كنت مشوشا وأنا أجتر مسيرتي منذ بدايتها،
فحاولت الاسترخاء،
تساءلت وأنا انظر عبر النافذة عن هذا التعارض الصارخ بين الأولويات الهيكلية والتنظيمية من جهة وترجيح المبادئ والأهداف من جهة اخرى
وكيف وصل بنا الحال إلى القبول ببقاء هرمية غايتنا مقلوبة ...
كيف اضحت الوسائل أهم من أهدافها ؟
كنت ولا زلت أتساءل عن الجدوى من وراء كل هذا ..
عن الثمار .. وعن المستقبل ..
كانت الفكرة الأولى أشمل من أن نبقى اليوم حبيسي قفس السياسة ...
كانت فكرتنا أكبر من الدولة ..
كانت خريطة أمة ومشروع مجتمع ...
لكنني تركت رفاقي خلفي يُمنون النفس بمقعد أو اثنين في البرلمان ...
تركتهم يكيلون اللكمات لإخوة الفكرة ويسارعون للتحالف مع أعداء المشروع ...
تركتهم ينادون أعداء الأمس من وراء الحجرات أن تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم، وإذا خلو بأبناء التنظيم حذروهم من خطر الأخ المؤمن الحاسد ...
ربما هناك من عذر ... لست أدري ... ثلاثون سنة أو أربعون من نكد الدعوة أضرت بأرزاق الكثيرين،
شابَ بعضهم الآن وهو يحاول تدارك ما فاته من نصيب الدنيا .. ذاك حقهم مادام في حلال الله ...
لكنني لست عن هؤلاء أتحدث ولا أحمل همهم حتى ..
ما يقض مضجعي همّ مشروع تبعثرت ملفاته في أروقة السياسة ...
هل تراها الجزائر تستحق رجالا خيرا منا ...؟
"حبيبتي أنت .. متى تقفين شامخة غنية لا تتسولين الأغراب وإرثك ثروات مخزنة في بنوكهم ..؟
متى يتسع حضنك الدافئ ليجد كل شاب مأوى يأوي إليك فيه ..؟
حبيبتي ... تتزين شقيقاتك لتجلب إليهن قوافل المعجبين، وانت جمالك الباهر لا يحتاج إلى تزيين ...
أمي الحبيبة انت، عقّك أبناءك ولطخوا وجهك الصّبح بأدران الإهمال ...
سرقوا مهرك ... وباعوا ذهبك ... وانت بنت الأشراف ومهرك لا يقدر بالآلاف ...
وبذّروا حليبك .. وتركوا عيالك جوعى لا تجدين لهم قوتا ...
ثم ... ذبحوا أطفالك على صدرك وحذروك من البكاء عليهم ...
لقد أذلوك يا حبيبتي ... فهل يكفينا الاعتذار ...؟"
أستسمحكَ عذرا ... فنحن كلنا نرضع حب الجزائر مع حليب أمهاتنا ... فمنا من يصدق ومنا من يخون ...
على كل، لا أستطيع إلا أن أغازل بلدا بمثل هذا الجمال، ولا أستطيع إلا أن أرثيه على مثل هذه الحال ...
هناك من يعتقد أن الإسلاميين بحكم أيديولوجيتهم ينفرون من البعد الوطني وينزعون دائما إلى مفهوم الأمة بحذف الحدود ... قد يكون هذا جانبا من الحقيقة، لكن خصوصية الجزائري، تجعل من ترسيخ عدم أولوية وطنه لديه عسيرا على أية فكرة ...
عموما بدأ الحديث عن الأفكار والأيديولوجيا يخفت ويفقد مفعوله، ليس عند الإسلاميين فقط ...
أظن أن للأيديولوجيا حيوية وشبابا قد لا يتجاوز في بعض الأحيان عشر سنوات أو عشرين سنة على أقصى تقدير، تصير بعدها في حكم التخريف ...
نعم ... لقد لمسنا هنا عصبا حساسا ...
هل تعلم ... نحن في الجزائر نعوم في شظايا أفكار بالية، بالية للغاية ... آسنة، تفوح منها رائحة العفن ... لأن أصحابها لم يفكروا يوما في تنظيفها من أوساخ أخطائهم ولا فكروا حتى في تجديدها بحلل تليق بجيل يطالع خفايا البيت الأبيض بكبسة زر، ويتابع مسلسلات السياسة العالمية على جوّاله ...
فعلا ... نحن الآن وأكثر من أي وقت مضى، نحتاج في الجزائر إلى أفكار جديدة ...
هههه ...
لكن صدقني ممن ننتظر الأفكار الجديدة ...؟
من وزراء لا يحسنون قراءة خطاب مكتوب على ورقة في محفل دولي ...؟ أم من نواب لا نعرف متى طردوا من المدارس ...؟ أم من جنرالات لم يتعلموا في حياتهم إلا فنون القتل والتخابر في مدرسة ال KGB
ينتابني ضحك جنوني ... بكل أسى ...
هذه هي النخبة التي سمح لها بالتناسل في جزائر اليوم ...
واذهب أنت لتبحث عن أصحاب العقول والأفكار في سويسرا ومونتريال ..
لقد طاردوهم حتى طردوهم ...
لا يمكن لعقل صاحي أن يعيش في وسط مسموم ...
لأجل ذلك وجدتني الآن في هذا القطار وفي ضميري سؤال كبير:
كيف وصل بنا الحال إلى هنا ...؟

مصطفى محاوي
الجمعة 06 سبتمبر 2013 م

#لحديـــــــــــث #قيــــــاس #المقال #

لحديـــــــــــث قيــــــاس المقال 02

0
#quotestagram #text #line #font #paper #document #number #news #colorful #doc #affirmations #successquotes #liveyourbestlife #inspirationalquotes #wordsofwisdom #lettering #letteringart #typedesign #jaw #colorfulness #parallel #paralleluniverse #quotesandsayings #paperlove   عين على أحشاء حزب إسلامي جزائري  مصطفى محاوي  لقد فكرت في الرحيل  وبعد التفكير عزمت ..  لكنني وأنا أوظب أمتعتي قررت أن أقوم بجولة أخيرة،  فالتقيت بأحدهم، وكان زعيما صغيرا،  حاولت أن أفتح معه موضوعا عن مدى جدوى هذا المنهج وهذه الطريقة،  لكن وبين طيات الحديث أدركت أن الرجل يدور في دوامة أخرى من عراك الإخوة الأعداء ..  ومن شدة انشغاله عن موضوعي أظهر موافقتي في كل ما خلصت إليه من سوء حال الجماعة،  بل زاد في مداهنتي بقوله أنه على استعداد لفراقها بعد تصفية حسابه مع أخ لدود ... فتركته ...  ثم وجدتني بعدها أمام منظر مزري لأحد ضباطنا الصغار وهو يتحين الفرصة للقاء رئيس الحزب، فلما خلا به أخذ يتوسل صِلاته ومعارفَه لقضاء حاجته ..  كان شابا يافعا طيب الخُلق، متزوجا وأبا، وكان يشكوا من بطالة مزمنة رغم شهادته الجامعية .. أعاد هذا المنظر أوجاعي الدفينة فلم أتمالك نفسي، تقدمت وشاركتهما الحوار ...  بادرت رئيس الحزب بالسؤال عن مدى اهتمام القيادة العليا بأوجاع القاعدة وحاجاتها اليومية وهل ثمة إحصاء لنسبة البطالة المتفشية بين شباب الحزب ..؟ فأجابني بكل برودة: .. لا..  كان في طياتها ضِمنا، أن هذا ليس من مسؤوليات الحزب وأن على الشباب الطاعة في المنشط والمكره وأن على الجميع التضحية في سبيل أهداف الجماعة وأن صالح الجماعة فوق صالح الفرد وأن الحزب مشغول حتى الدّجر بحَبك السياسة ولا يجد وقتا لهذه الأمور الشكلية، بلا بلا بلا ... على كل، كنت قد ألقيت بهذه المبررات خلف ظهري قبل أن ألقاه ...  لكنني علمت بعد ذلك أن الشاب البطّال قد أزعجه تدخلي وعكر عليه طلبيته،  في الحقيقة أرجوا أن يسامحني فقد شعرت فعلا بأنني أخطأت في التوقيت ...  أخيرا وبعد أن لاحت لي فرصة أخرى اجتمع فيها شمل من الضباط الشباب تحت رعاية ولي العهد وكان ثمة جدل كبير وخلاف ظاهر، بدى الأمر كأن عدوى الشقاق والفرقة قد تسربت عبر الطبقات حتى لطخت القاعدة ...  كان ولي العهد منفعلا وصرخ في وجه أحدهم بعد أن أظهر الأخير امتعاضه ورفضه ...  بعد الصراخ سكن الجميع .. هل ظن ولي العهد أنه أعاد إمساك زمام الأمر ..؟ ربما ..  لكنني شككت في ذلك ...  هذه المرة لم أكرر خطئي السابق،  سكنت مع الجميع ثم لما خلى الجو انفردت بولي العهد وحدثته عن مدى جدوى هذا التظاهر بأن كل شيء على ما يرام ثم حاولت أن أدخل في لب الموضوع فقلت له:  هل يجب أن ننظر دائما إلى من يختار غير سبيلنا نظرة المتساقط على الطريق ...؟  ثم عرجت على حقيقة الفروق بين كل هذه التنظيمات وعن الاختلاف الحقيقي بين أهدافها،  لم أكن يومها أستسيغ هذا التشرذم في التيار الإسلامي الجزائري حيث لا فرق على الإطلاق بينها في الفكر والممارسة ... هناك مفرّق واحد، هو الزعامة ...  حاولت أن أسترضيه حقا عندما قلت له: إن الساحة الجزائرية لم تعد تطيق مزيدا من التفرقة ... هي متعطشة اليوم لمن يجمع .. فلتكن أنت. فلما حشره كلامي في الزاوية أكد على انفتاحه ورغبته في التعاون مع كل طاقة خيرة في هذا البلد، لكنه عاد واعترف بأنه لا يستطيع التحلّل من انتمائه الحزبي والتنظيمي وأنه لايزال يرى حزبه أفضل الموجود ...  هل يكفيك هذا حتى تفهم لم حملت حقائبي ..؟  اسمع ... عند ذلك الحد كان استمراري يعني المجاملة والتصنّع .. لكنني لم احبذ فكرة ارتداء قناع النفاق، لأنني ممثل فاشل ... أنا واحد من الذين لا يقدِمون على العمل من غير رغبة وعلى غير اقتناع ...   دعنا من هذه العنتريات ... أين كنا ...؟  نعم .. لقد هاجرت، وهنا يجب أن أقول لك شيئا ... هههه،  كنت يومها متأكدا أنني سوف أترك خلفي فراغا كبيرا داخل الجماعة وأن هذه الحركة مني سوف تهز الكثير من الرفاق ...  لكنني سرعان ما اكتشفت حقيقة حجمي وكم كنت غارقا في خداع نفسي ... مرت الشهور الطوال ولم يسأل عني أحد ... لم يتحرك جفن ... ولم أرِد على خاطر ... استمرت القافلة في المسير، وكنت أنا كلبا منسيا في الفلاة بينما الكلاب الأخرى من حولهم تنبح ...  في الحقيقة ساعدت الصدمات الأولى على تخفيف هذه، وإن كانت بوجه آخر نعمة ...  فلأن تعاقر مرارة الحقيقة خير لك من معاشرة محاسن الخداع ...
لحديـــــــــــث قيــــــاس : 02
عين على أحشاء حزب إسلامي جزائري 
مصطفى محاوي

لقد فكرت في الرحيل
وبعد التفكير عزمت ..
لكنني وأنا أوظب أمتعتي قررت أن أقوم بجولة أخيرة،
فالتقيت بأحدهم، وكان زعيما صغيرا،
حاولت أن أفتح معه موضوعا عن مدى جدوى هذا المنهج وهذه الطريقة،
لكن وبين طيات الحديث أدركت أن الرجل يدور في دوامة أخرى من عراك الإخوة الأعداء ..
ومن شدة انشغاله عن موضوعي أظهر موافقتي في كل ما خلصت إليه من سوء حال الجماعة،
بل زاد في مداهنتي بقوله أنه على استعداد لفراقها بعد تصفية حسابه مع أخ لدود ... فتركته ...

ثم وجدتني بعدها أمام منظر مزري لأحد ضباطنا الصغار وهو يتحين الفرصة للقاء رئيس الحزب، فلما خلا به أخذ يتوسل صِلاته ومعارفَه لقضاء حاجته ..
كان شابا يافعا طيب الخُلق، متزوجا وأبا، وكان يشكوا من بطالة مزمنة رغم شهادته الجامعية .. أعاد هذا المنظر أوجاعي الدفينة فلم أتمالك نفسي، تقدمت وشاركتهما الحوار ...
بادرت رئيس الحزب بالسؤال عن مدى اهتمام القيادة العليا بأوجاع القاعدة وحاجاتها اليومية وهل ثمة إحصاء لنسبة البطالة المتفشية بين شباب الحزب ..؟ فأجابني بكل برودة: .. لا..

كان في طياتها ضِمنا، أن هذا ليس من مسؤوليات الحزب وأن على الشباب الطاعة في المنشط والمكره وأن على الجميع التضحية في سبيل أهداف الجماعة وأن صالح الجماعة فوق صالح الفرد وأن الحزب مشغول حتى الدّجر بحَبك السياسة ولا يجد وقتا لهذه الأمور الشكلية، بلا بلا بلا ...
على كل، كنت قد ألقيت بهذه المبررات خلف ظهري قبل أن ألقاه ...

لكنني علمت بعد ذلك أن الشاب البطّال قد أزعجه تدخلي وعكر عليه طلبيته،
في الحقيقة أرجوا أن يسامحني فقد شعرت فعلا بأنني أخطأت في التوقيت ...

أخيرا وبعد أن لاحت لي فرصة أخرى اجتمع فيها شمل من الضباط الشباب تحت رعاية ولي العهد وكان ثمة جدل كبير وخلاف ظاهر، بدى الأمر كأن عدوى الشقاق والفرقة قد تسربت عبر الطبقات حتى لطخت القاعدة ...
كان ولي العهد منفعلا وصرخ في وجه أحدهم بعد أن أظهر الأخير امتعاضه ورفضه ...
بعد الصراخ سكن الجميع .. هل ظن ولي العهد أنه أعاد إمساك زمام الأمر ..؟ ربما ..
لكنني شككت في ذلك ...
هذه المرة لم أكرر خطئي السابق،
سكنت مع الجميع ثم لما خلى الجو انفردت بولي العهد وحدثته عن مدى جدوى هذا التظاهر بأن كل شيء على ما يرام ثم حاولت أن أدخل في لب الموضوع فقلت له:
هل يجب أن ننظر دائما إلى من يختار غير سبيلنا نظرة المتساقط على الطريق ...؟
ثم عرجت على حقيقة الفروق بين كل هذه التنظيمات وعن الاختلاف الحقيقي بين أهدافها،
لم أكن يومها أستسيغ هذا التشرذم في التيار الإسلامي الجزائري حيث لا فرق على الإطلاق بينها في الفكر والممارسة ... هناك مفرّق واحد، هو الزعامة ...

حاولت أن أسترضيه حقا عندما قلت له: إن الساحة الجزائرية لم تعد تطيق مزيدا من التفرقة ... هي متعطشة اليوم لمن يجمع .. فلتكن أنت.
فلما حشره كلامي في الزاوية أكد على انفتاحه ورغبته في التعاون مع كل طاقة خيرة في هذا البلد، لكنه عاد واعترف بأنه لا يستطيع التحلّل من انتمائه الحزبي والتنظيمي وأنه لايزال يرى حزبه أفضل الموجود ...

هل يكفيك هذا حتى تفهم لم حملت حقائبي ..؟

اسمع ... عند ذلك الحد كان استمراري يعني المجاملة والتصنّع .. لكنني لم احبذ فكرة ارتداء قناع النفاق، لأنني ممثل فاشل ... أنا واحد من الذين لا يقدِمون على العمل من غير رغبة وعلى غير اقتناع ...

دعنا من هذه العنتريات ... أين كنا ...؟

نعم .. لقد هاجرت، وهنا يجب أن أقول لك شيئا ... هههه،
كنت يومها متأكدا أنني سوف أترك خلفي فراغا كبيرا داخل الجماعة وأن هذه الحركة مني سوف تهز الكثير من الرفاق ...
لكنني سرعان ما اكتشفت حقيقة حجمي وكم كنت غارقا في خداع نفسي ...
مرت الشهور الطوال ولم يسأل عني أحد ... لم يتحرك جفن ... ولم أرِد على خاطر ...
استمرت القافلة في المسير، وكنت أنا كلبا منسيا في الفلاة بينما الكلاب الأخرى من حولهم تنبح ...

في الحقيقة ساعدت الصدمات الأولى على تخفيف هذه، وإن كانت بوجه آخر نعمة ...

فلأن تعاقر مرارة الحقيقة خير لك من معاشرة محاسن الخداع ...

مصطفى محاوي
الجمعة 06 سبتمبر 2013 م

#لحديـــــــــــث #قيــــــاس #المقال #

لحديـــــــــــث قيــــــاس المقال 01

0
#quotestagram #text #line #font #paper #document #number #news #colorful #doc #affirmations #successquotes #liveyourbestlife #inspirationalquotes #wordsofwisdom #lettering #letteringart #typedesign #jaw #colorfulness #parallel #paralleluniverse #quotesandsayings #paperlove     عين على أحشاء حزب إسلامي جزائري  لحديث قياس مصطفى محاوي لحديـــــــــــث قيــــــاس : 01  من أين سأبدأ ...؟ بل أين انتهيت ..؟ هههه .. حتى مجرد توصيف الحال أضحى صعبا ... أجل .. إنها الحيرة والتيه .. إنه تشتت الأوراق وتبعثر الأفكار في يوم عاصف ...  آه كم أغبطني في تلك الأيام التي كنت فيها واثقا متأكدا مما أفعله ، لا ينتابني أدنى شك في قناعاتي وأفكاري .. ولا تتجرأ الريبة على الاقتراب من منهجي ... كم كنت ساذجا .. لكنني كنت مخلصا .. أو أظن أنني كنت فيها مخلصا .. ولقد تعلمت أخيرا أن الثقة إذا سافرت فسوف يهاجر معها الإخلاص .. عموما، في خضم مثل هذه الفوضى يجب على المرء أن يبتعد ثم يجلس ويستذكر شريط حياته، يقلب صفحات عمره علّه يجد مفاتيحه التي أضاعها في زاوية من زواياه ... عندما كنت غارقا في السياسة لم أكن أجد وقتا لألتقط فيه أنفاس أفكاري،  كنت أطارد الجميع بينما كان الجميع يطاردونني ..  وعندما تكون الفريسةُ تركُض فإنها تظن أن توقفها للحظة يوقعها بين مخالب العدو ...  أنا الآن أراقب رفاق الأمس وهم يمخرون الحلبة في عدوهم وأتعجب كيف لم يتعبوا بعد، ألا تنقطع أنفاس أفكارهم ..؟  كنت إسلاميا متحمسا .. أتذكر ذلك جيدا ..  وكل الجزائريين إسلاميون متحمسون في ظاهر الأمر ..  كنت أؤمن بأن ثورة التحرير ثورة إسلامية وبأن السلطة في الجزائر افتُكت من أيدي أبناء المشروع الإسلامي، لأجل ذلك كان مشروع حياتي أن أوظف هذه النفس في رأس مال التيار الذي سيعيد الحق المغتصب ... ولا أزال لحد الآن أحس بطعم من عتب الضمير وكأنني تخاذلت عن هذا المشروع العظيم،  لكنه إحساس يتناقص شيئا فشيئا كلما شدّدت العزلة وأمعنت التفكير، وكلما تذكرت ما حملني أصلا على العزلة والتفكير ... عجبا .. كنا بيادق فعّالة ..  سمع وطاعة، ثقة وثبات، وطاقة متدفقة بعطر الشباب .. ننجز العمل بروح التعبّد، ... سحقا .. لماذا ضيعونا..؟؟ لكنني أحيانا أحمد الله على ضياعي ... فهو أرحم من عبودية مقنعة بالمبادئ والقيم ...  على كل .. أعذرني فقد بدأت اعتكافي في عزلتي بسخط عميق ...  كنت محبطا، حزينا .. وغاضبا ... ولست أعرف كيف أمكنها كلها أن تمتزج في قاع صدري ... ولا كيف تحملتها ...؟  قبل ذلك كنت أسخر، داخليا طبعا، ممن كانا نسميهم حركيا (بالمتساقطين على الطريق)  كانت نظراتنا في الغالب تزدريهم و ضمائرنا تتهمهم،  كنا كتائب في ساحة حرب والمنسحب منا خائن جبان .. والاستبسال والطاعة العمياء شجاعة ... كان الأعداء كثرا من حولنا بعدد التنظيمات والأحزاب ..  والشك معششا في عقولنا يهاجم كل تحركاتهم ونواياهم ..  كان شكنا دقيقا في متابعتهم ويكتشف صغائر التناقضات ولمم السقطات، طبعا ممن كان على غير مذهبنا وطريقتنا المثلى ... لكنني أخطأت خطيئة عظمى يوم أطعتُ أحدهم ووجّهت عدسات هذه الآلة نحو صفوفنا الأولى ... كان خطأ فادحا ...  كنت أظن أننا في معركة، وبينما كنا نتساقط في خنادق الحملات، كان جنرالاتنا يرتشفون القهوة على موائد العدو ويستلمون الهدايا من تحت الطاولة مع كل تنازل ... الحقيقة مرة ... علقم ... يصعب بلعها  يومها علمت أن المبادئ قربان يضحى به عند أولى عتبات السياسة، وعلمت أن القيم سلعة لا يتعدى رواجها طبقة الجنود ...  نحن جيل الانفتاح السياسي في الجزائر، بكل آلامه وأوجاعه، وكل أسلابه وأطماعه ... تعبنا .. حقا لقد تعبنا ...  بعد عشرين سنة من الركض ما من شيء يروي الظمأ ... هل يجب أن أصف لك الإحباط ..؟ إنه خيبة أمل كبيرة يتبعها شعور بالعجز مريع ... إنه فشل رهيب يغلّفك ...  كان يجب أن ألقي سلاحي وكان يجب أن أنسحب،  وفي عودتي إلى شوارع المجتمع المسحوق لم أستطع أن أرفع عيناي في وجوه أولئك البسطاء الذين آمنوا بنا ولا يزالون، لكننا نحن الذين كفرنا بهم ... كانوا يعتقدون أننا لا نزال نحارب، فكانوا ينتزعون لقمة العيش من أفواه أطفالهم ويطعمون بها باروناتنا ...  انعقد لساني وضيّعت الكلام، وأشعل حال هؤلاء البؤساء وحالي نيران صدري فتحول الإحباط شيئا فشيئا إلى حزن عميق ثم انتهى إلى غضب صامت ...  ... يتبـــــــــــــــــع ...عين على أحشاء حزب إسلامي جزائري
لحديث قياس
مصطفى محاوي
لحديـــــــــــث قيــــــاس : 01

من أين سأبدأ ...؟
بل أين انتهيت ..؟ هههه .. حتى مجرد توصيف الحال أضحى صعبا ...
أجل .. إنها الحيرة والتيه .. إنه تشتت الأوراق وتبعثر الأفكار في يوم عاصف ...
آه كم أغبطني في تلك الأيام التي كنت فيها واثقا متأكدا مما أفعله ، لا ينتابني أدنى شك في قناعاتي وأفكاري .. ولا تتجرأ الريبة على الاقتراب من منهجي ...
كم كنت ساذجا ..
لكنني كنت مخلصا .. أو أظن أنني كنت فيها مخلصا ..
ولقد تعلمت أخيرا أن الثقة إذا سافرت فسوف يهاجر معها الإخلاص ..
عموما، في خضم مثل هذه الفوضى يجب على المرء أن يبتعد ثم يجلس ويستذكر شريط حياته، يقلب صفحات عمره علّه يجد مفاتيحه التي أضاعها في زاوية من زواياه ...
عندما كنت غارقا في السياسة لم أكن أجد وقتا لألتقط فيه أنفاس أفكاري،
كنت أطارد الجميع بينما كان الجميع يطاردونني ..
وعندما تكون الفريسةُ تركُض فإنها تظن أن توقفها للحظة يوقعها بين مخالب العدو ...

أنا الآن أراقب رفاق الأمس وهم يمخرون الحلبة في عدوهم وأتعجب كيف لم يتعبوا بعد، ألا تنقطع أنفاس أفكارهم ..؟

كنت إسلاميا متحمسا .. أتذكر ذلك جيدا ..
وكل الجزائريين إسلاميون متحمسون في ظاهر الأمر ..
كنت أؤمن بأن ثورة التحرير ثورة إسلامية وبأن السلطة في الجزائر افتُكت من أيدي أبناء المشروع الإسلامي، لأجل ذلك كان مشروع حياتي أن أوظف هذه النفس في رأس مال التيار الذي سيعيد الحق المغتصب ...
ولا أزال لحد الآن أحس بطعم من عتب الضمير وكأنني تخاذلت عن هذا المشروع العظيم،
لكنه إحساس يتناقص شيئا فشيئا كلما شدّدت العزلة وأمعنت التفكير، وكلما تذكرت ما حملني أصلا على العزلة والتفكير ...
عجبا .. كنا بيادق فعّالة ..
سمع وطاعة، ثقة وثبات، وطاقة متدفقة بعطر الشباب .. ننجز العمل بروح التعبّد، ...
سحقا .. لماذا ضيعونا..؟؟
لكنني أحيانا أحمد الله على ضياعي ... فهو أرحم من عبودية مقنعة بالمبادئ والقيم ...

على كل .. أعذرني فقد بدأت اعتكافي في عزلتي بسخط عميق ...
كنت محبطا، حزينا .. وغاضبا ... ولست أعرف كيف أمكنها كلها أن تمتزج في قاع صدري ... ولا كيف تحملتها ...؟

قبل ذلك كنت أسخر، داخليا طبعا، ممن كانا نسميهم حركيا (بالمتساقطين على الطريق)
كانت نظراتنا في الغالب تزدريهم و ضمائرنا تتهمهم،
كنا كتائب في ساحة حرب والمنسحب منا خائن جبان .. والاستبسال والطاعة العمياء شجاعة ...
كان الأعداء كثرا من حولنا بعدد التنظيمات والأحزاب ..
والشك معششا في عقولنا يهاجم كل تحركاتهم ونواياهم ..
كان شكنا دقيقا في متابعتهم ويكتشف صغائر التناقضات ولمم السقطات، طبعا ممن كان على غير مذهبنا وطريقتنا المثلى ...
لكنني أخطأت خطيئة عظمى يوم أطعتُ أحدهم ووجّهت عدسات هذه الآلة نحو صفوفنا الأولى ...
كان خطأ فادحا ...

كنت أظن أننا في معركة، وبينما كنا نتساقط في خنادق الحملات، كان جنرالاتنا يرتشفون القهوة على موائد العدو ويستلمون الهدايا من تحت الطاولة مع كل تنازل ...
الحقيقة مرة ... علقم ... يصعب بلعها

يومها علمت أن المبادئ قربان يضحى به عند أولى عتبات السياسة، وعلمت أن القيم سلعة لا يتعدى رواجها طبقة الجنود ...

نحن جيل الانفتاح السياسي في الجزائر، بكل آلامه وأوجاعه، وكل أسلابه وأطماعه ...
تعبنا .. حقا لقد تعبنا ...

بعد عشرين سنة من الركض ما من شيء يروي الظمأ ... هل يجب أن أصف لك الإحباط ..؟
إنه خيبة أمل كبيرة يتبعها شعور بالعجز مريع ... إنه فشل رهيب يغلّفك ...

كان يجب أن ألقي سلاحي وكان يجب أن أنسحب،

وفي عودتي إلى شوارع المجتمع المسحوق لم أستطع أن أرفع عيناي في وجوه أولئك البسطاء الذين آمنوا بنا ولا يزالون، لكننا نحن الذين كفرنا بهم ...
كانوا يعتقدون أننا لا نزال نحارب، فكانوا ينتزعون لقمة العيش من أفواه أطفالهم ويطعمون بها باروناتنا ...
انعقد لساني وضيّعت الكلام، وأشعل حال هؤلاء البؤساء وحالي نيران صدري فتحول الإحباط شيئا فشيئا إلى حزن عميق ثم انتهى إلى غضب صامت ...

... يتبـــــــــــــــــع ...

مصطفى محاوي
الجمعة 06 سبتمبر 2013 م

#لحديـــــــــــث #قيــــــاس #المقال #01

الإصلاح يهدد المصالح

0

#instaart #instamake #ear #hairstyle #eyebrow #font #portraitphotography #graphics #lovehair #hairstyling #eyelashes #goodhairday #quoteoftheday #lettering #portrait #forehead #jaw #blackhair #eyelash #hairstyles #wonderlocks #hairdressers #bebold #hairdo #makeuprevolution #tutorialmakeup #allmodernmakeup #makegirlz #makeupideas #makeupartistworldwide   لفت انتباهي وانا أطالع كتاب "التاريخ السياسي للجزائر" للدكتور عمار بوحوش ، تشابه الحالة التي كرسها المستوطنون في تعاطيهم مع الواقع السياسي (في معرض صراعهم مع المؤسسة العسكرية الفرنسية على السلطة الفعلية في الجزائر) مع الواقع الذي نشهده الآن في جزائر ما بعد الاستقلال، يقول الدكتور عمار بوحوش عن الأحداث التي تلت سنة 1897 م:  (بقيت الجزائر لا هي مقاطعة فرنسية ولا هي مستعمرة تتحكم فيها فرنسا وإنما دولة شبه مستقلة تتحكم فيها الجالية الاوربية المهاجرة إليها وتدفع الأغلبية الساحقة من أبناء البلد الأصليين الضرائب الباهظة لتمويل مشاريع الطبقة الأوربية التي استولت على السلطة وقررت توجيه عنايتها واهتمامها إلى الناحية الاقتصادية والتمثيل السياسي وذلك بخلق مجلس المندوبين الماليين في سنة 1900 م الذي يتكون من 48 أوروبي و 21 جزائري أي عندهم أغلبية الثلثين لاتخاذ أي قرار مالي أو قانون يخدم مصالحهم الضيقة .  ... (وبعد سنة 1946 م) أصروا على عدم إقرار نظام الاقتراع العام في الجزائر وإجراء انتخابات حرة بحيث يشارك فيها جميع السكان وينتخبون مجلسا نيابيا جزائريا بطريقة ديمقراطية.  وكما سنرى فيما بعد، فإن دعاة الاندماج في فرنسا أمثال بن جلول وفرحات عباس وعبد الرحمن فارس ، سيشعرون بالتذمر والمرارة من سياسة العناد والإصرار على عدم وجود تمثيل نيابي حقيقي للجزائر في المجلس الجزائري ، وينضموا في سنة 1956 م إلى قوافل الثوار ...)  يبدو أن هناك تعارضا أزليا بين الإصلاح والمصالح فرض قديما وحديثا على أصحاب السلطة رفض كل محاولات الاصلاح على احتشامها، لأنها ورغم بساطتها فهي تهدد بحرمانهم من جزء من المزايا والمصالح ، والنتيجة كانت دائما وصول أصحاب الحلول الوسطى إلى طريق مسدود ، وفي الأخير حمل الجميع شعار الثوار (الحقوق تنتزع ولا تعطى) .  والله أعلم

لفت انتباهي وانا أطالع كتاب "التاريخ السياسي للجزائر" للدكتور عمار بوحوش ، تشابه الحالة التي كرسها المستوطنون في تعاطيهم مع الواقع السياسي (في معرض صراعهم مع المؤسسة العسكرية الفرنسية على السلطة الفعلية في الجزائر) مع الواقع الذي نشهده الآن في جزائر ما بعد الاستقلال، يقول الدكتور عمار بوحوش عن الأحداث التي تلت سنة 1897 م:  (بقيت الجزائر لا هي مقاطعة فرنسية ولا هي مستعمرة تتحكم فيها فرنسا وإنما دولة شبه مستقلة تتحكم فيها الجالية الاوربية المهاجرة إليها وتدفع الأغلبية الساحقة من أبناء البلد الأصليين الضرائب الباهظة لتمويل مشاريع الطبقة الأوربية التي استولت على السلطة وقررت توجيه عنايتها واهتمامها إلى الناحية الاقتصادية والتمثيل السياسي وذلك بخلق مجلس المندوبين الماليين في سنة 1900 م الذي يتكون من 48 أوروبي و 21 جزائري أي عندهم أغلبية الثلثين لاتخاذ أي قرار مالي أو قانون يخدم مصالحهم الضيقة .  ... (وبعد سنة 1946 م) أصروا على عدم إقرار نظام الاقتراع العام في الجزائر وإجراء انتخابات حرة بحيث يشارك فيها جميع السكان وينتخبون مجلسا نيابيا جزائريا بطريقة ديمقراطية.  وكما سنرى فيما بعد، فإن دعاة الاندماج في فرنسا أمثال بن جلول وفرحات عباس وعبد الرحمن فارس ، سيشعرون بالتذمر والمرارة من سياسة العناد والإصرار على عدم وجود تمثيل نيابي حقيقي للجزائر في المجلس الجزائري ، وينضموا في سنة 1956 م إلى قوافل الثوار ...)  يبدو أن هناك تعارضا أزليا بين الإصلاح والمصالح فرض قديما وحديثا على أصحاب السلطة رفض كل محاولات الاصلاح على احتشامها، لأنها ورغم بساطتها فهي تهدد بحرمانهم من جزء من المزايا والمصالح ، والنتيجة كانت دائما وصول أصحاب الحلول الوسطى إلى طريق مسدود ، وفي الأخير حمل الجميع شعار الثوار (الحقوق تنتزع ولا تعطى) .  والله أعلم
كتبت يوم 19 ديسمبر من عام 2012 م

الإصلاح يهدد المصالح :

لفت انتباهي وانا أطالع كتاب "التاريخ السياسي للجزائر" للدكتور عمار بوحوش ، تشابه الحالة التي كرسها المستوطنون في تعاطيهم مع الواقع السياسي (في معرض صراعهم مع المؤسسة العسكرية الفرنسية على السلطة الفعلية في الجزائر) مع الواقع الذي نشهده الآن في جزائر ما بعد الاستقلال، يقول الدكتور عمار بوحوش عن الأحداث التي تلت سنة 1897 م:

(بقيت الجزائر لا هي مقاطعة فرنسية ولا هي مستعمرة تتحكم فيها فرنسا وإنما دولة شبه مستقلة تتحكم فيها الجالية الاوربية المهاجرة إليها وتدفع الأغلبية الساحقة من أبناء البلد الأصليين الضرائب الباهظة لتمويل مشاريع الطبقة الأوربية التي استولت على السلطة وقررت توجيه عنايتها واهتمامها إلى الناحية الاقتصادية والتمثيل السياسي وذلك بخلق مجلس المندوبين الماليين في سنة 1900 م الذي يتكون من 48 أوروبي و 21 جزائري أي عندهم أغلبية الثلثين لاتخاذ أي قرار مالي أو قانون يخدم مصالحهم الضيقة .

... (وبعد سنة 1946 م) أصروا على عدم إقرار نظام الاقتراع العام في الجزائر وإجراء انتخابات حرة بحيث يشارك فيها جميع السكان وينتخبون مجلسا نيابيا جزائريا بطريقة ديمقراطية.

وكما سنرى فيما بعد، فإن دعاة الاندماج في فرنسا أمثال بن جلول وفرحات عباس وعبد الرحمن فارس ، سيشعرون بالتذمر والمرارة من سياسة العناد والإصرار على عدم وجود تمثيل نيابي حقيقي للجزائر في المجلس الجزائري ، وينضموا في سنة 1956 م إلى قوافل الثوار ...)

يبدو أن هناك تعارضا أزليا بين الإصلاح والمصالح فرض قديما وحديثا على أصحاب السلطة رفض كل محاولات الاصلاح على احتشامها، لأنها ورغم بساطتها فهي تهدد بحرمانهم من جزء من المزايا والمصالح ، والنتيجة كانت دائما وصول أصحاب الحلول الوسطى إلى طريق مسدود ، وفي الأخير حمل الجميع شعار الثوار (الحقوق تنتزع ولا تعطى) .

والله أعلم 
 

التسجيل الإذاعي للمقال :

#الإصلاح #يهدد #المصالح
يتم التشغيل بواسطة Blogger.