ظاهرة التكلس

0
مثلما يتبخر الماء تاركا من خلفه كتلا صخرية من الكلس .. كذلك تتبخر القيم والأفكار الصالحة من الضمير الفردي والجماعي لتترك خلفها كتلا من الأشخاص والأشياء . إن التحول من الإيمان إلى الشرك، ومن الإسلام إلى كفر.. يتخذ مسارا متشعبا ومركبا عبر مراحل زمنية ليست بالقصيرة ؛ هناك مساران متوازيان يضمنان هذه الإنقلابة: - التغير النفسي الداخلي - التغير الاجتماعي الخارجي  التغير النفسي الداخلي: هو عملية التحول من حالة الإيمان الأولى وصولا إلى حالة الشرك النهائية،  ضمان هذا التحول، هو تقهقر الحالة الوجدانية للإنسان من التعلق بالأفكار المطلقة إلى التعلق بالأشخاص، ومن ثمة تتعلق في النهاية بالأشياء البحتة. هذه المعركة الوجدانية ، هي معركة تحولية ، يحاول فيها الشيطان استدراج الإنسان فكريا إلى منطقة المحظور ايمانيا ، وذلك بتغطية المقاصد الكبرى للإيمان بغايات أقل بعدا : كأن يركز على تعظيم الداعية أو النبي كشخص ، لتغيب خلف هذا التعظيم حقيقة رسالته ، وأن تعظم الشعائر والأحكام وتغيب المقاصد والغايات ..

كتبت يوما ما من أيام عام 2012

(طرحت هذه الموضوعات ببعد تاريخي لاستخلاص قاعدة تفسر تقهقر الحالة الإيمانية للأمم عبر القرون من صفاء الإيمان إلى درك الشرك ومقاومة الأنبياء والدعاة)

مثلما يتبخر الماء تاركا من خلفه كتلا صخرية من الكلس ..
كذلك تتبخر القيم والأفكار الصالحة من الضمير الفردي والجماعي لتترك خلفها كتلا من الأشخاص والأشياء .
إن التحول من الإيمان إلى الشرك، ومن الإسلام إلى كفر.. يتخذ مسارا متشعبا ومركبا عبر مراحل زمنية ليست بالقصيرة ؛
هناك مساران متوازيان يضمنان هذه الإنقلابة:
- التغير النفسي الداخلي
- التغير الاجتماعي الخارجي

التغير النفسي الداخلي: هو عملية التحول من حالة الإيمان الأولى وصولا إلى حالة الشرك النهائية، 
ضمان هذا التحول، هو تقهقر الحالة الوجدانية للإنسان من التعلق بالأفكار المطلقة إلى التعلق بالأشخاص، ومن ثمة تتعلق في النهاية بالأشياء البحتة.
هذه المعركة الوجدانية ، هي معركة تحولية ، يحاول فيها الشيطان استدراج الإنسان فكريا إلى منطقة المحظور ايمانيا ، وذلك بتغطية المقاصد الكبرى للإيمان بغايات أقل بعدا :
كأن يركز على تعظيم الداعية أو النبي كشخص ، لتغيب خلف هذا التعظيم حقيقة رسالته ، وأن تعظم الشعائر والأحكام وتغيب المقاصد والغايات .. 
فإذا ما وصل الوجدان الإنساني إلى هذه الحال ، سهل الانتقال به إلى المرحلة التي تليها ، بالانتقال من الشخصانية إلى الشيئية البحثة ، عندها تغدوا الكتابات والحروف ذاتها مقدسة لا معانيها ، ويغدوا لباس الشخص وأشياءه مقدسة لا حقيقته ، وتغدوا جدران المعابد وصخورها جليلة مهابة تبخر وتعطر وتطلى لذاتها لا لمعنى خلفها ...
عندها تصير لهذه الأشياء قوة وقدرة في وجدان الإنسان يخشاها ويرجوها، وهذا عين الشرك بالله تعالى.
(أذكر هنا اعتقادا ساد في مجتمعاتنا المغاربية غداة الغزو الفرنسي مفاده أن فرسان الزوايا المقاومون يمتلكون تعاويذ تجعل من رصاص العدو ينزل بردا وسلاما على صدورهم، كذلك ظاهرة تقديس قبور الأولياء التي تفطن لأهميتها دهاة المعمرين حتى أضحى بناء "قبة" في كل حقل ومزرعة يغني هؤلاء الأوربيين عن مراقبة عبيدهم العرب، وهي أثقال في جملة من أساطير الإرث "ما بعد الموحدين" بحسب وصف الأستاذ مالك بن نبي)
لكن الحفاظ على هذه الحالة، ببقاء العقل الإنساني مكبلا بالحواس الشيئية من حوله، يحتاج لحالة اجتماعية من حول الفرد تدعم مسار التقهقر وترفض كل دعوة للاستيقاظ.

- التغير الاجتماعي الخارجي: هو عملية التحول من حالة الإسلام الأولى إلى حالة الكفر النهائية،
ضمان هذا التحول، هو انقلاب المؤسسة الدينية في المجتمع من الولاء للحق، إلى الولاء للقوة ...
بداية وتماهيا مع التحول النفسي الداخلي نحو الشخصانية، يتحول الولاء داخل المؤسسة الدينية من التوجه نحو الأفكار، إلى التمحور حول الأشخاص بشيوع ثقافة الشخصانية وقبولها وعدم مقاومتها، شيوع هذه الثقافة في حد ذاته منكر يحتاج إلى نهي، لأنها تنافي التوحيد العقائدي والتوحيد الاجتماعي:
- بأن لا عصمة إلا لله وحده
- و أن جميع البشر متساوون أمام أحكامه
لأن المؤسسة الدينية هي الأمينة على سلامة المناخ العام والثقافة العامة من الانحراف نحو الباطل، فهي أمينة على بقاء الضمير الجماعي حيا بممارستها الحرة من كل قيد لفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر...
فإذا ما شاعت ثقافة الشخصانية في المؤسسة الدينية، وقاومت هي ذاتها أي محاولة للنهي عنها، كان نتيجة لذلك شيوع المظالم وظهور الفساد انطلاقا من المؤسسة ليعم المجتمع ككل أو العكس بأن يعم المجتمع ثم يجتاح المؤسسة المتقاعسة في مقاومته، ومن نتائج هذه الثقافة ، شيوع الصراع على المناصب والسلطة داخل المؤسسة ، مما يدفع العناصر الصالحة التي لا تحبذ هذا الشكل من التهالك على أعراض الدنيا .. إلى الانسحاب، وبالمقابل تجتذب هذه الفراغات الطامحين لهذه الأغراض ولو كانوا من غير أهل الدين وأمانته ..
في النهاية يتم إفراغ المؤسسة من محتواها الفكري ومن طاقتها البشرية، لتُعبأ بالأشخاص والأشياء،
ختاما، وبعد ضياع الدور الحقيقي للمؤسسة وانحراف مسارها، يتم التحالف بينها وبين السلطة السياسية للمجتمع من أجل ضمان بقاء كليهما ..
عندها تتم مواجهة أي دعوة للإصلاح بقوة وعنف، لأنها تعني لكلا الحليفين، دعوة إلى الفناء.

(أسجل هنا تحفظي على إطلاق مصطلح الشرك والكفر، وانما حاولت توضيح سلسلة من الأفكار، فلست بأي حال من الأحوال في مقام التبديع والتكفير ولا يحق ذلك لي)

الفن و الرسالة

0





سيبقى ذالك العمل الفني, الرائع, الشيق, المذهل.. والجميل خالدا وشامخا في عالم الفن والسينما ..ذالك الفيلم الدرامي المميز من كل النواحي والجوانب الذي لخص سيرة المصطفى عليه أفضل الصلاة والتسليم..من تمثيل تصوير سيناريو إخراج موسيقى تصويرية كان بمثابة المرجعية الدينية لنا ونحن صغرا لسرد وقص تفاصيل السيرة العطرة فلولاه لما اكتشفنا الصحابي الجليل *حمزة* بشخصيته القوية وشجاعته *بلال* ذالك الصوت الجميل *عمار* رمز الصبر والوفاء ..* أبا طالب ..جعفر..زيد..خالد ..* والكثير من الأحداث التي صورت وأخرجت في حدث دراماتيكي وفني أقل ما يقال عنه تحفة بكل المقاييس...
كان ذالك العمل الثري والغني الوحيد واليتيم في نظري في العالم العربي والإسلامي من كل النواحي وبمختلف معايير النجاح السينمائي وفي مختلف العصور والذي وجد ترحيبا وقبولا لمختلف شرائح وطوائف العالم الإسلامي ..بخلاف بعضهم الذين لم يعجبهم أصلا كونه يعتمد على بعض المشاهد التي أخذت من أحاديث ضعيفة على غرار الحمامة في الغار وغيرها..هاؤلاء لا يؤخذ عنهم لأنهم ببساطة يفتقرون للحس الجمالي والإبداعي والفني 
.. كان كشمعة أضاءت عتمة ليل مظلم ..أنارت عقول وأفكار جيلا كاملا وأجيالا توالت في مجتمع يفتقر إلى المطالعة والقراءة كان كالمرجع والدليل لأطفال وشيوخ عندما يحاولون فهم واكتشاف وحكاية ذالك الزمن الجميل .. هو نفسه الفيلم الذي لا تمل من مشاهدته كم من مرة .. في رمضان و عيد الأضحى و الفاتح من محرم بمناسبة الهجرة وعاشوراء والمولد النبوي ..كلها مناسبات كانت بمثابة الفرجة لتعيد مشاهدة فيلمك المفضل على شاشة التلفاز.
بخلفية موسيقية تصويرية رائعة ومؤثرة وبأداء أكثر من مبهر للممثلين الذين اختيروا بعناية ..ومناظر وخلفيات تعكس لك تلك المرحلة من الزمن توقن أن العمل كان عظيما وبفريق عمل غربي كان له الأثر الكبير في جمالياته كما أنه كان في كل لقطة تصور مرتان واحدة للنسخة العربية والأخرى للإنكليزية مع اختلاف بعض الممثلين أخرج لنا فيلم الرسالة الذي أحدث ضجة كبير في شباك التذاكر الأمريكي في وقته من معارضين ومتشددين ..لاقى إقبال كبير وكان بمثابة سفير لصورة الإسلام الحسنة والجميلة.
- لم يكن بذالك العمل السهل والهين للمخرج الكبير مصطفى العقاد *رحمه الله* إذ تعرض إلى ضغوطات ومشاكل وعراقيل لإنتاجه الفيلم فبعد السعودية والمغرب استقر به الحال في ليبيا ليخرج لنا الرسالة سيخلدها التاريخ وستبقى له صدقة جارية يكتب له بها أجر كبير..
رغم التطور الكبير في مجال الفن والسينما إلى أنه لا ولم تستطيع أية من المحاولات للوصول الى جودة وفخامة الرسالة حقيقة - فجوهر الفن هو أصلا رسالة-

2م.
يتم التشغيل بواسطة Blogger.