الشيطان والإنسان

0
إن محاولة إعادة تفسير مسار التاريخ الإنساني مستندا هذه المرة على أسس عقيدة الإيمان بعالم الغيب قبل عالم الشهادة، ليتضح مع الزمن مدى خطرها وعظمها كمشروع؛ حيث أن مثل هذه المحاولة، ستجلي كثيرا من الغوامض، مثلما ستطرح الكثير أيضا من الإشكالات. لكن بوصفها خطوة حضارية مستشرفة أضحت وفي الزمن الأخير أكثر من ضرورة.  لأن إعادة النظر إلى المجتمع البشري كمجتمع مكرم مربوط الصلة بالسماء، بدلا من الانكفاء على الملاحظة المادية الصرفة لتطور الحضارة والتاريخ، واختزال جميع التفاعلات الحياتية في إطارها، سيغير مفهومي التاريخ والحضارة الإنسانية على الأرض تغييرا جذريا.  فكون الإنسان خير الخلائق جميعا وسيدها، سند متين لهذا الفعل البشري العظيم على الأرض من إعمار وسعي رهيب وحتى فساد وتخريب يعجز عن مقاربته غير ه من الخلق.  وكون الإنسان خلق للجنة ونعيمها وأنما سعيه على الأرض محض مرحلة اختبار، أصل هو الآخر لغريزة طلب الخلد والبقاء مع رغبة جمة في الملك والتسلط وإشباع نهم النفس، فمثل هذه الجذور تمكننا من فهم وتفسير المتاهات والمطبّات التي كابدها البشر عبر العصور؛ وأنما استزلوا من ها هنا، هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى.   ثم إن توجيه الله الخالق العظيم لهذا المد الإنساني وتعهده له عبر الأعصر والأزمان، متما لإرادته في قدر حكيم، يدفعك إلى تتبع هذه التقلبات التاريخية لا كحضارات مشتتة هنا وهناك، وإنما كقيادة لهذا الفعل الإبداعي عبر الدهور بدفعات دقيقة متراتبة واعية وحكيمة، تتعهد هذا المسار من حين إلى حين لتوصله إلى نهايته المحتومة المقدرة تقديرا. كأنها تعرجات رهيبة لنهر عظيم يخط مساره الأزلي إلى ساحل لابد واصله.  هذا التصور التاريخي في أصله ليس جديدا، وإنما كان من سمات التفسير الديني للحياة عند كل من اليهود والمسيحيين والمسلمين صدر الزمان. ذاك المنحى الذي تنكرت له مدارس الفكر اللاحقة بعد النهضة العلمية والثقافية في أوروبا. وجعلت تتلمس لها تفاسير أخر من وحي الثيموس الذي تأرجح بين المعنوي من جهة والمادي من أوجه أخرى؛ لعله بذلك يحل لغز معترك التاريخ ومآلاته. لكن وبعد كل هذه القرون لم تزدد التفاسير إلا اضطرابا وتضاربا، وشاب نظرة الإنسان المعاصر لتاريخ إنسانيته المديد، قلق عميق عبر عنه فوكوياما بجدلية كتابه نهاية التاريخ وخاتم البشر.  ذاك أن التاريخ أوسع من أن تشمله نظرة إنسان قاصرة. وأبعد من أن تسبر غوره تيلسكوبات الفكر المعاصرة؛ لأن أبعاده ليست بآلاف السنين فحسب، ولكنه بأيام الله المديدة يعد. وما لم ينبئك الخالق العظيم بخبر الغيب البعيد ذاك، فلا جرم أن تقول:   مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلَىٰ إِذْ يَخْتَصِمُونَ.   هذا وبعد أن استفرغت تفاسير التاريخ المادية جهدها فكرا وتطبيقا، لم يعد بد أمام الإنسانية جمعاء من الإنصات إلى روحها تسرد لها تفسير الحياة من نفخة الخلود، لأن إليه سعيها وإليه يقينا مآلها.  ولأن الروح، والروح وحدها، هي التي تتيح للإنسانية أن تنهض وتتقدم، فحيثما فقدت الروح سقطت الحضارة وانحطت، كون من يفقد القدرة على الصعود لا يملك إلا أن يهوي بتأثير جاذبية الأرض، وتلك حكمة نطق بها فكر مالك بنبي مظلوم عصره. وزاد عليها يعاتب توينبي على قصور بصيرته عندما حد (مجال الدراسة) للحضارة والتاريخ في حدود الجغرافيا والزمان؛ حيث أن المجال عند مالك يمتد إلى ما وراء السببية التاريخية، لكي يلم بالظواهر في غاياتها حتى ليصبح التاريخ ضربا من الميتافيزيقا، لكنها هنا من سند الحق والحقيقة لا من أسبال الخرافة.  إذا فلابد من محاولة جديدة للإجابة عن الأسئلة الأزلية لأصل الشر والخير، وحرية الإرادة والتسيير، وعن العناية الإلهية ومدى تدخلها فعليا في تحديد مسارات الزمن ومآلات التاريخ.  وهذه محاولة تستتبع أخريات، القصد منها استفزاز العقل الإنساني، ليعيد ترتيب رحال فكره وينفض عنها غبار عصر خلفه وراءه، وهو يستفتح المسير إلى عصر جديد.  فكانت لذلك حزمة أسئلة تستحث الجواب عن الأسباب الكامنة تحت الظواهر، وعن الغايات المستترة خلف الأحداث. واستلزم العمل، لشساعة مجال بحثه، أن يقسم، بحسب المراحل التاريخية التي ارتأيناها، إلى أربع جدليات عامة:  - الشيطان والإنسان  - الإنسان والإيمان  - الإيمان والقرآن  - القرآن والشيطان  تُحيك معا في فصولها ما اسطلحنا عليه ملحمة الحياة الكبرى. والتي نعتقد جازمين أنها أسطورة حقيقية صادقة صدق الوحي الناطق بين أيدينا من كلام الخالق العظيم.  فالحقيقة دائما أغرب من الخيال؛ من أجلها كم نعت المرسلون من عند الله بالجنون ...  ولأن الإبحار في خضم الجدل الفلسفي لا تسعفه دائما حقيقة جاهزة، كان الخيال الخصب وقود آلية تَفكر لا غنى عنها لحلحلة العقد والإشكالات ... في سلسلة للخيال الفكري، هذه المرة، مثلما غذت أطروحات الخيال العلمي في كتابات كل من ألديس براين، أنديرسون بول، بليش جايمس وآخرين روح التطلع إلى المستقبل وأعطت دفعة في الحياة العلمية والعملية للمجتمع الغربي طوال ما يقارب قرنا من الزمن. تستشرف الغد وتبعث فيه الأمل تارة والشك والخوف أحايين أخر.   لأن التطلع إلى المستقبل فطرة إنسانية. والأجيال الحاضرة تهفوا دائما إلى الأمل المستتر خلف حجاب الغيب الرقيق فيه. تنتظر في لهفة من يلهمها سره ويجسد في لباس الخيال روحه. وذاك دأب العظماء عبر العصور والأزمان .. أولم يُبعث الأنبياء مبشرين ومنذرين ..؟ .
       
مقدمة الكتاب:

إن محاولة إعادة تفسير مسار التاريخ الإنساني مستندا هذه المرة على أسس عقيدة الإيمان بعالم الغيب قبل عالم الشهادة، ليتضح مع الزمن مدى خطرها وعظمها كمشروع؛ حيث أن مثل هذه المحاولة، ستجلي كثيرا من الغوامض، مثلما ستطرح الكثير أيضا من الإشكالات. لكن بوصفها خطوة حضارية مستشرفة أضحت وفي الزمن الأخير أكثر من ضرورة.

لأن إعادة النظر إلى المجتمع البشري كمجتمع مكرم مربوط الصلة بالسماء، بدلا من الانكفاء على الملاحظة المادية الصرفة لتطور الحضارة والتاريخ، واختزال جميع التفاعلات الحياتية في إطارها، سيغير مفهومي التاريخ والحضارة الإنسانية على الأرض تغييرا جذريا.

فكون الإنسان خير الخلائق جميعا وسيدها، سند متين لهذا الفعل البشري العظيم على الأرض من إعمار وسعي رهيب وحتى فساد وتخريب يعجز عن مقاربته غير ه من الخلق.

وكون الإنسان خلق للجنة ونعيمها وأنما سعيه على الأرض محض مرحلة اختبار، أصل هو الآخر لغريزة طلب الخلد والبقاء مع رغبة جمة في الملك والتسلط وإشباع نهم النفس، فمثل هذه الجذور تمكننا من فهم وتفسير المتاهات والمطبّات التي كابدها البشر عبر العصور؛ وأنما استزلوا من ها هنا، هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى. 

ثم إن توجيه الله الخالق العظيم لهذا المد الإنساني وتعهده له عبر الأعصر والأزمان، متما لإرادته في قدر حكيم، يدفعك إلى تتبع هذه التقلبات التاريخية لا كحضارات مشتتة هنا وهناك، وإنما كقيادة لهذا الفعل الإبداعي عبر الدهور بدفعات دقيقة متراتبة واعية وحكيمة، تتعهد هذا المسار من حين إلى حين لتوصله إلى نهايته المحتومة المقدرة تقديرا. كأنها تعرجات رهيبة لنهر عظيم يخط مساره الأزلي إلى ساحل لابد واصله.

هذا التصور التاريخي في أصله ليس جديدا، وإنما كان من سمات التفسير الديني للحياة عند كل من اليهود والمسيحيين والمسلمين صدر الزمان. ذاك المنحى الذي تنكرت له مدارس الفكر اللاحقة بعد النهضة العلمية والثقافية في أوروبا. وجعلت تتلمس لها تفاسير أخر من وحي الثيموس الذي تأرجح بين المعنوي من جهة والمادي من أوجه أخرى؛ لعله بذلك يحل لغز معترك التاريخ ومآلاته. لكن وبعد كل هذه القرون لم تزدد التفاسير إلا اضطرابا وتضاربا، وشاب نظرة الإنسان المعاصر لتاريخ إنسانيته المديد، قلق عميق عبر عنه فوكوياما بجدلية كتابه نهاية التاريخ وخاتم البشر.

ذاك أن التاريخ أوسع من أن تشمله نظرة إنسان قاصرة. وأبعد من أن تسبر غوره تيلسكوبات الفكر المعاصرة؛ لأن أبعاده ليست بآلاف السنين فحسب، ولكنه بأيام الله المديدة يعد. وما لم ينبئك الخالق العظيم بخبر الغيب البعيد ذاك، فلا جرم أن تقول: 

مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلَىٰ إِذْ يَخْتَصِمُونَ. 

هذا وبعد أن استفرغت تفاسير التاريخ المادية جهدها فكرا وتطبيقا، لم يعد بد أمام الإنسانية جمعاء من الإنصات إلى روحها تسرد لها تفسير الحياة من نفخة الخلود، لأن إليه سعيها وإليه يقينا مآلها.

ولأن الروح، والروح وحدها، هي التي تتيح للإنسانية أن تنهض وتتقدم، فحيثما فقدت الروح سقطت الحضارة وانحطت، كون من يفقد القدرة على الصعود لا يملك إلا أن يهوي بتأثير جاذبية الأرض، وتلك حكمة نطق بها فكر مالك بنبي مظلوم عصره. وزاد عليها يعاتب توينبي على قصور بصيرته عندما حد (مجال الدراسة) للحضارة والتاريخ في حدود الجغرافيا والزمان؛ حيث أن المجال عند مالك يمتد إلى ما وراء السببية التاريخية، لكي يلم بالظواهر في غاياتها حتى ليصبح التاريخ ضربا من الميتافيزيقا، لكنها هنا من سند الحق والحقيقة لا من أسبال الخرافة.

إذا فلابد من محاولة جديدة للإجابة عن الأسئلة الأزلية لأصل الشر والخير، وحرية الإرادة والتسيير، وعن العناية الإلهية ومدى تدخلها فعليا في تحديد مسارات الزمن ومآلات التاريخ.

وهذه محاولة تستتبع أخريات، القصد منها استفزاز العقل الإنساني، ليعيد ترتيب رحال فكره وينفض عنها غبار عصر خلفه وراءه، وهو يستفتح المسير إلى عصر جديد.

فكانت لذلك حزمة أسئلة تستحث الجواب عن الأسباب الكامنة تحت الظواهر، وعن الغايات المستترة خلف الأحداث. واستلزم العمل، لشساعة مجال بحثه، أن يقسم، بحسب المراحل التاريخية التي ارتأيناها، إلى أربع جدليات عامة:

- الشيطان والإنسان

- الإنسان والإيمان

- الإيمان والقرآن

- القرآن والشيطان

تُحيك معا في فصولها ما اسطلحنا عليه ملحمة الحياة الكبرى. والتي نعتقد جازمين أنها أسطورة حقيقية صادقة صدق الوحي الناطق بين أيدينا من كلام الخالق العظيم.

فالحقيقة دائما أغرب من الخيال؛ من أجلها كم نعت المرسلون من عند الله بالجنون ...

ولأن الإبحار في خضم الجدل الفلسفي لا تسعفه دائما حقيقة جاهزة، كان الخيال الخصب وقود آلية تَفكر لا غنى عنها لحلحلة العقد والإشكالات ... في سلسلة للخيال الفكري، هذه المرة، مثلما غذت أطروحات الخيال العلمي في كتابات كل من ألديس براين، أنديرسون بول، بليش جايمس وآخرين روح التطلع إلى المستقبل وأعطت دفعة في الحياة العلمية والعملية للمجتمع الغربي طوال ما يقارب قرنا من الزمن. تستشرف الغد وتبعث فيه الأمل تارة والشك والخوف أحايين أخر. 

لأن التطلع إلى المستقبل فطرة إنسانية. والأجيال الحاضرة تهفوا دائما إلى الأمل المستتر خلف حجاب الغيب الرقيق فيه. تنتظر في لهفة من يلهمها سره ويجسد في لباس الخيال روحه.
وذاك دأب العظماء عبر العصور والأزمان ..
أولم يُبعث الأنبياء مبشرين ومنذرين ..؟ . 

مصطفى محاوي 

ماي 2011 * الجزائر

#الشيطان #والإنسان

الشيطان والإنسان: القصة -4- شهاب مظلم

0

الفصل الرابع  شيطان مريد يخطط .. وآدم وزوجته عبر أدغال الجنة ، في عيش رغيد وسعادة لا توصف ... تهتز السماوات على وقع معصية آدم وزوجته .. والشيطان يعوي ضاحكا من فرط نشوته ...  يخر الثلاثة جميعا من أعلى عليين إلى أسفل سافلين .. من الجنة إلى الأرض ...  على الأرض .. لا أحد يصدق ..!! .. الجن والخلائق تتابع في دهشة وفضول .. كوكبة الملائكة تنزل ومعها هذان الكائنان الغريبان ... مشهد مهيب ... شيء ما يخر من السماء ..!! .. شهاب مظلم .. ويرتطم بالأرض .. تفر المخلوقات في هلع ... .. تتسارع الجن نحو الموقع ... أي هول هذا ...؟؟ .. ينتصب مخلوق مخيف .. يفتح اجنحته السوداء الضخمة .. أسبال مهترأة .. ورائحة الجحيم ... يرمق السماء بنظرة تتقد .. يفغر فاه بأنياب بشعة ، ويجأر صارخا صراخا ذو عواء وزئير فظيع ..!!... تنفض الجن من حوله في ذعر شديد ... جن خلف الأشجار ترقب .. آدم وحواء ينصتان في ندم إلى جبريل ،ملَك الروح الأمين، ... -إنهما سيدا الأرض ..!!؟ -قيل أن الملائكة سجدت له ..!! -ما الذي سيحل بالأرض ياترى ..؟؟؟ إبليس .. ذاك الشيطان المريد .. يخترق الوهاد وحيدا .. تفزغ بشاعته المخلوقات من حوله.. .. عفاريت جن تحاول الاقتراب منه .. . فيصرعها جميعا .. صرعا عنيفا ..!! .. ويجأر برعب .. .. تخر العفاريت عند قدميه ساجدة في خضوع وذلة .. يرفع رأسه نحو السماء .. ويعوي ضاحكا .. تردد الوهاد والجبال ذلك الصراخ ، تلك القهقهات ... آدم يرتقي صخرة عظيمة .. يتأمل هذه الأرض .. موطنه الجديد .. حمل ثقيل ، عليه أن يكون خليفة لله .. ستملأ ذريته يوما ما سكون هذه السهول ضجيجا .. وستجري المقادير بأحداث جسام .. يدرك ذلك تماما الإدراك .. تتغير ملامح آدم .. العدو اللدود .. يختفي خلف هذه الوهاد .. لا يعلم متى سيعود ولا كيف ، ولكنه حتما سيعاود الهجوم .. إنه يتوجس لحظات الغفلة .. حقير ..!!  قبائل الجن في لغط كبير .. - هذا الذي خر من السماء ، يجمع صعاليك العفاريت من حوله .. ويعيث بهم فسادا في الأرض ..!! -ولقد أغاروا على مساكن الجن الآمنة .. أكثر من مرة .. -هذا الذي خر .. نصب نفسه إله من دون الله يعبد ..!! .. والويل لم أبى الخضوع له .. -ما العمل إذا ..؟؟ -نقاتله .. أجل .. فنحن أكثر منه نفيرا ... هكذا قالت الجن . رغم انشغاله بالغارات ، لم ينسى غريمه الأبدي .. الشيطان يترك معسكره من حين إلى حين ، ويعتلي قمة الجبل في دجى ظلمة اليل .. ومن خلفه القمر .. يمد جناحيه تتقلب عيناه في أقاصي الأرض .. يقلع محلقا في الجو وله هدير ... آدم لم ينم .. يجلس على ركبتيه وهو يناجي ربه ... و للدموع تألق بهي على خديه ... إحساس غريب ..!! يتفطن .. يستوي قائما .. يلتفت من حوله في وقار .. إنه ليس وحده .. يستهل لسانه بذكر الله الملك الجبار .. يتراجع الشيطان من بين الأشجار .. تواريه غياهب الغابة ، ولأسنانه صرير غيض .. -آدم تبدل ..!! صار أمتن ... وحواء أيضا ..!!  -لم يعد يجدي معهما شيء ..!! ينزوي غير بعيد .. لكنه لن ينثني وعزمه لن يلين .. إن عز عليه إغواءهما  -فالأيام ستأتي بمن هم أسهل وقوعا في الشرك ... ينصرف مخذولا .. تغيبه الظلمة .

الفصل الرابع

شيطان مريد يخطط .. وآدم وزوجته عبر أدغال الجنة ، في عيش رغيد وسعادة لا توصف ...
تهتز السماوات على وقع معصية آدم وزوجته .. والشيطان يعوي ضاحكا من فرط نشوته ... 
يخر الثلاثة جميعا من أعلى عليين إلى أسفل سافلين .. من الجنة إلى الأرض ... 
على الأرض .. لا أحد يصدق ..!! .. الجن والخلائق تتابع في دهشة وفضول .. كوكبة الملائكة تنزل ومعها هذان الكائنان الغريبان ... مشهد مهيب ...
شيء ما يخر من السماء ..!! .. شهاب مظلم .. ويرتطم بالأرض .. تفر المخلوقات في هلع ...
.. تتسارع الجن نحو الموقع ...
أي هول هذا ...؟؟ .. ينتصب مخلوق مخيف .. يفتح اجنحته السوداء الضخمة .. أسبال مهترأة .. ورائحة الجحيم ... يرمق السماء بنظرة تتقد .. يفغر فاه بأنياب بشعة ، ويجأر صارخا صراخا ذو عواء وزئير فظيع ..!!... تنفض الجن من حوله في ذعر شديد ...
جن خلف الأشجار ترقب .. آدم وحواء ينصتان في ندم إلى جبريل ،ملَك الروح الأمين، ...
-إنهما سيدا الأرض ..!!؟
-قيل أن الملائكة سجدت له ..!!
-ما الذي سيحل بالأرض ياترى ..؟؟؟
إبليس .. ذاك الشيطان المريد .. يخترق الوهاد وحيدا .. تفزغ بشاعته المخلوقات من حوله..
.. عفاريت جن تحاول الاقتراب منه .. .
فيصرعها جميعا .. صرعا عنيفا ..!! .. ويجأر برعب ..
.. تخر العفاريت عند قدميه ساجدة في خضوع وذلة ..
يرفع رأسه نحو السماء .. ويعوي ضاحكا .. تردد الوهاد والجبال ذلك الصراخ ، تلك القهقهات ...
آدم يرتقي صخرة عظيمة .. يتأمل هذه الأرض .. موطنه الجديد .. حمل ثقيل ، عليه أن يكون خليفة لله .. ستملأ ذريته يوما ما سكون هذه السهول ضجيجا .. وستجري المقادير بأحداث جسام .. يدرك ذلك تماما الإدراك ..
تتغير ملامح آدم ..
العدو اللدود .. يختفي خلف هذه الوهاد .. لا يعلم متى سيعود ولا كيف ، ولكنه حتما سيعاود الهجوم .. إنه يتوجس لحظات الغفلة .. حقير ..!!

قبائل الجن في لغط كبير ..
- هذا الذي خر من السماء ، يجمع صعاليك العفاريت من حوله .. ويعيث بهم فسادا في الأرض ..!!
-ولقد أغاروا على مساكن الجن الآمنة .. أكثر من مرة ..
-هذا الذي خر .. نصب نفسه إله من دون الله يعبد ..!! .. والويل لم أبى الخضوع له ..
-ما العمل إذا ..؟؟
-نقاتله .. أجل .. فنحن أكثر منه نفيرا ...
هكذا قالت الجن .
رغم انشغاله بالغارات ، لم ينسى غريمه الأبدي .. الشيطان يترك معسكره من حين إلى حين ، ويعتلي قمة الجبل في دجى ظلمة اليل .. ومن خلفه القمر .. يمد جناحيه تتقلب عيناه في أقاصي الأرض .. يقلع محلقا في الجو وله هدير ...
آدم لم ينم .. يجلس على ركبتيه وهو يناجي ربه ... و للدموع تألق بهي على خديه ...
إحساس غريب ..!! يتفطن .. يستوي قائما .. يلتفت من حوله في وقار ..
إنه ليس وحده .. يستهل لسانه بذكر الله الملك الجبار ..
يتراجع الشيطان من بين الأشجار .. تواريه غياهب الغابة ، ولأسنانه صرير غيض ..
-آدم تبدل ..!! صار أمتن ... وحواء أيضا ..!! 
-لم يعد يجدي معهما شيء ..!!
ينزوي غير بعيد .. لكنه لن ينثني وعزمه لن يلين .. إن عز عليه إغواءهما 
-فالأيام ستأتي بمن هم أسهل وقوعا في الشرك ...
ينصرف مخذولا .. تغيبه الظلمة .   


*** 
مصطفى محاوي - أوت 2004

إستمع إلى البودكاست الإذاعي للحلقة من هنا :


#قصة #رواية # #الشيطان #والإنسان: #القصة #-4- # #شهاب #مظلم # # #

الشيطان والإنسان: القصة -5- قطعان عفاريت

0
الفصل الخامس  تخترق قطعان عفاريت أحجبة الضباب على سطح البحر الهائج ..  تسرع في صخب نحو قطر مظلم يترآءى في الأفق .. كلما اقترب .. تنزاح كتل الضباب الأسود عنه .. كلما اقترب .. بدت من حوله أشلاء تطير .. تطوف .. لا تكاد تميز ... .. وكأنما هو صرح عظيم على الماء .. وأسراب كالذباب .. منطلقة منه وإليه .. مكان مظلم .. عاتم ... مقرف ..!! يكسر السكون المهيب .. صوت الأمواج الرهيب .. وصراخ .. وعواء .. وقهقهات ... تنبعث من القلعة المظلمة..!! .. من حين إلى حين .. الشيطان اللعين .. منتشي ، يعتلي عرشه الأسود .. وحوله جموع الشياطين والعفاريت في سجود ذليل ... .. تنبجس أنيابه المصفرة ، عن ضحكة حقيرة .. وقد طال أمد السجود ... لقد دانت له أغلب قبائل الجن ، وصار إلهها المعبود ..!! وهاهي ذي القرابين الفاخرة تحت قدميه .. وهاهم عبيده يتسابقون في خدمته ونيل رضاه .. فيستفرغ ما وسعه ضحكا كالتجشأ ، من على عرشه .. ثم يرمق الجميع بنظرات .. تتسارع عند قدميه العفاريت ، تطلب حظوته ... نشوة النصر لم تكتمل بعد ..!! مازالت بقية من الجن ، تأبى الخضوع ... هي تحتمي بذلك المخلوق '' آدم '' .. هو وأهله يذكرون الله العظيم كثيرا .. والملائكة لاتتركهم .. هي معهم أينما ذهبوا .. الملائكة قوية جدا ، ترهبها العفاريت ... إذا رأتها من مكان بعيد ، ولت فرارا ..!! تلك القلة من الجن ،تجد في معية آدم الأمن والسكينة ... حيث لا تطالها يده المتسلطة ... تتراقص عينا اللعين في اضطراب ..، كلما لحظت العفاريت ذلك منه ، توجست منه خيفة ... ومنها من يترك المكان هربا .. هي نذائر غضبه .. قد يفعل أي شيء..!! .. أي شيء..!! .. لقد ذكر آدم ... . آدم مع بنيه في السهل الأخضر .. لقد بدأ العمل .. على ذريته أن تملأ هذه الأرض العذراء .. أن تبني '' حضارة '' .. أساسها .. الحق والعدل والخير .. حضارة وفق منهج الله الحكيم ، الذي يدلها عليه .. البشر ، هم أوصياء الله الخالق على هذه الأرض .. يحفظون توازنها .. وحقوق مخلوقاتها .. ويزيدون جمالها جمالا ... حلم جميل ..!! .. كان يسير المنال لو لم يكن معهم في رحلة الحياة هذه شخص كهذا الشيطان الملعون ..  آدم يلقن بنيه هذا... لكن ثمة خطب جديد ... أبناءه ... ومنذ وعوا .. أبصروا الأرض موطنا و السماء سقفا .. لا يبصرون ملائكة ولا جنا .. ولا شياطين إبليس ولا عفاريته ..!! إذا رفعوا رؤسهم ، أبصروا كتلا من السحاب الأبيض وزرقة لطيفة .. وآدم يشير نحوها ويقول ، ثمة خلفها عالما آخر .. أوسع وأجمل ،هو موطنهم ،إليه يعودون يوما ما .. ويلقون الله خالقهم فيه..!!  .. وتبدأ الإشكالات ..!! الشيطان يرقب الوضع الجديد ، لحظة بلحظة .. تارة من على عرشه عبر رسله .. ويفضل في الأخرى الوقوف بنفسه على أحوال هذه العائلة .. إنها نقطة ضعف .. لن تفلت من بين مخالبه هذه المرة .. يأمر شياطينه بالانقضاض على هؤلاء الصغار ، بكل قوة وتركيز.. مهما كثر الضحايا في جنده .. يستميت : -أهجموا .. في اليل ،في النهار .. متى بدى لكم الوقت مناسبا .. متى لاحت الفرصة ..  ولمن نجح منكم ، عندي جزاء عظيم ... هكذا يذكي في جنده جذوة الحماس .. والمعركة محتدمة ... العفاريت من خلفها الشياطين ، تغير ... والملائكة يساندها الجن المؤمنون ، تدافع .. آدم عليه السلام ، لائذ بربه في تضرعات مشفقة ... وحواء إلى جنبه لاتكاد تفارقه ... لقد اشتد الحال ..!! .. ترمقه بنظرات رحمة وحنان .. وبها مما يؤرقه هم عظيم ... آدم يلحظ في بنيه ملامح لايطمئن إليها قلبه .. الحياة غريبة وصعبة .. هذا خطب جديد لم يجربه آدم ولا حواء من قبل ..  إنه صراع جديد .. صراع رهيب .. هو معركة '' الإيمان '' . الإيمان بالغيب .. بما لاتحيط به حواسك ولا إدراكك .. معركة ساحتها شعاب الفؤاد .. وتحتضنها ثنيا الضلوع .. آدم وحواء يلمحان صخب هذه المعارك وهي تحتدم خلال صدور الأبناء وقد شبّوا .. آدم يشعر بعدم السيطرة على الوضع .. هؤلاء الأبناء ، كل مستقل بذاته .. إن شاء آمن وإن شاء أراد غير ذلك ..!! .. لا يملك عليه السلام ، ولا الأم حواء، أي سلطة على أفكارهم .. -لقد خلقوا هكذا أحرارا .. حرية توجها الله هامات البشر .. من شاء آمن ومن شاء كفر.. -ليس من حقك إرغام غيرك على اعتناق إيمانك .. ولو كان ابنك القريب ..!! واقع صعب .. بدأ مذاقه يزداد مرارة ، مع الزمن الزاحف نحو المجهول ..!! ذاك الملعون .. قل استقراره في مملكته .. أضحى كثير التردد على الجوار .. يتتبع منازل عائلة تكاد تصير قبيلة من البشر.. شديد الاهتمام بحالها .. لديه حاسة خبيثة تنبؤه بمواقع الخلل في النفس البشرية .. إنه يتفحص هؤلاء الجدد واحدا واحدا .. ثم يصدر تعليماته لجنده ... إنه حريص على سلامة خطواته من الفشل هذه المرة .. هناك في بعض الأحايين ، من بني آدم هؤلاء ، من يتقاعس في أذكاره ، وفي طاهرته .. من تتغلب عليه نفسه وهواه فيضعف حصنه المنيع .. وربما قد تنفض عنه الملائكة ... عندها ودونما تردد تنقض عليه الشياطين من كل صوب .. تنفخ في روعه .. تثير أحاسيسه .. تربك تفكيره .. فيتعالى في زحمة الموقف من حوله حسيس الوسوسة .. معركة ..!!

الفصل الخامس

تخترق قطعان عفاريت أحجبة الضباب على سطح البحر الهائج .. 
تسرع في صخب نحو قطر مظلم يترآءى في الأفق ..
كلما اقترب .. تنزاح كتل الضباب الأسود عنه ..
كلما اقترب .. بدت من حوله أشلاء تطير .. تطوف .. لا تكاد تميز ...
.. وكأنما هو صرح عظيم على الماء ..
وأسراب كالذباب .. منطلقة منه وإليه .. مكان مظلم .. عاتم ... مقرف ..!!
يكسر السكون المهيب .. صوت الأمواج الرهيب .. وصراخ .. وعواء .. وقهقهات ... تنبعث من القلعة المظلمة..!! .. من حين إلى حين ..
الشيطان اللعين .. منتشي ، يعتلي عرشه الأسود .. وحوله جموع الشياطين والعفاريت في سجود ذليل ...
.. تنبجس أنيابه المصفرة ، عن ضحكة حقيرة .. وقد طال أمد السجود ...
لقد دانت له أغلب قبائل الجن ، وصار إلهها المعبود ..!! وهاهي ذي القرابين الفاخرة تحت قدميه .. وهاهم عبيده يتسابقون في خدمته ونيل رضاه ..
فيستفرغ ما وسعه ضحكا كالتجشأ ، من على عرشه .. ثم يرمق الجميع بنظرات ..
تتسارع عند قدميه العفاريت ، تطلب حظوته ...
نشوة النصر لم تكتمل بعد ..!!
مازالت بقية من الجن ، تأبى الخضوع ... هي تحتمي بذلك المخلوق '' آدم '' .. هو وأهله يذكرون الله العظيم كثيرا .. والملائكة لاتتركهم .. هي معهم أينما ذهبوا ..
الملائكة قوية جدا ، ترهبها العفاريت ... إذا رأتها من مكان بعيد ، ولت فرارا ..!!
تلك القلة من الجن ،تجد في معية آدم الأمن والسكينة ... حيث لا تطالها يده المتسلطة ...
تتراقص عينا اللعين في اضطراب ..، كلما لحظت العفاريت ذلك منه ، توجست منه خيفة ...
ومنها من يترك المكان هربا .. هي نذائر غضبه .. قد يفعل أي شيء..!! .. أي شيء..!!
.. لقد ذكر آدم ... .
آدم مع بنيه في السهل الأخضر .. لقد بدأ العمل .. على ذريته أن تملأ هذه الأرض العذراء .. أن تبني '' حضارة '' .. أساسها .. الحق والعدل والخير ..
حضارة وفق منهج الله الحكيم ، الذي يدلها عليه ..
البشر ، هم أوصياء الله الخالق على هذه الأرض .. يحفظون توازنها .. وحقوق مخلوقاتها .. ويزيدون جمالها جمالا ... حلم جميل ..!! .. كان يسير المنال لو لم يكن معهم في رحلة الحياة هذه شخص كهذا الشيطان الملعون .. 
آدم يلقن بنيه هذا... لكن ثمة خطب جديد ...
أبناءه ... ومنذ وعوا .. أبصروا الأرض موطنا و السماء سقفا .. لا يبصرون ملائكة ولا جنا .. ولا شياطين إبليس ولا عفاريته ..!!
إذا رفعوا رؤسهم ، أبصروا كتلا من السحاب الأبيض وزرقة لطيفة .. وآدم يشير نحوها ويقول ، ثمة خلفها عالما آخر .. أوسع وأجمل ،هو موطنهم ،إليه يعودون يوما ما .. ويلقون الله خالقهم فيه..!! 
.. وتبدأ الإشكالات ..!!
الشيطان يرقب الوضع الجديد ، لحظة بلحظة .. تارة من على عرشه عبر رسله .. ويفضل في الأخرى الوقوف بنفسه على أحوال هذه العائلة ..
إنها نقطة ضعف .. لن تفلت من بين مخالبه هذه المرة ..
يأمر شياطينه بالانقضاض على هؤلاء الصغار ، بكل قوة وتركيز..
مهما كثر الضحايا في جنده .. يستميت :
-أهجموا .. في اليل ،في النهار .. متى بدى لكم الوقت مناسبا .. متى لاحت الفرصة .. 
ولمن نجح منكم ، عندي جزاء عظيم ...
هكذا يذكي في جنده جذوة الحماس .. والمعركة محتدمة ...
العفاريت من خلفها الشياطين ، تغير ...
والملائكة يساندها الجن المؤمنون ، تدافع ..
آدم عليه السلام ، لائذ بربه في تضرعات مشفقة ... وحواء إلى جنبه لاتكاد تفارقه ... لقد اشتد الحال ..!! .. ترمقه بنظرات رحمة وحنان .. وبها مما يؤرقه هم عظيم ...
آدم يلحظ في بنيه ملامح لايطمئن إليها قلبه .. الحياة غريبة وصعبة .. هذا خطب جديد لم يجربه آدم ولا حواء من قبل .. 
إنه صراع جديد .. صراع رهيب .. هو معركة '' الإيمان '' .
الإيمان بالغيب .. بما لاتحيط به حواسك ولا إدراكك ..
معركة ساحتها شعاب الفؤاد .. وتحتضنها ثنيا الضلوع ..
آدم وحواء يلمحان صخب هذه المعارك وهي تحتدم خلال صدور الأبناء وقد شبّوا ..
آدم يشعر بعدم السيطرة على الوضع .. هؤلاء الأبناء ، كل مستقل بذاته .. إن شاء آمن وإن شاء أراد غير ذلك ..!! .. لا يملك عليه السلام ، ولا الأم حواء، أي سلطة على أفكارهم ..
-لقد خلقوا هكذا أحرارا ..
حرية توجها الله هامات البشر .. من شاء آمن ومن شاء كفر..
-ليس من حقك إرغام غيرك على اعتناق إيمانك .. ولو كان ابنك القريب ..!!
واقع صعب .. بدأ مذاقه يزداد مرارة ، مع الزمن الزاحف نحو المجهول ..!!
ذاك الملعون .. قل استقراره في مملكته .. أضحى كثير التردد على الجوار .. يتتبع منازل عائلة تكاد تصير قبيلة من البشر.. شديد الاهتمام بحالها .. لديه حاسة خبيثة تنبؤه بمواقع الخلل في النفس البشرية .. إنه يتفحص هؤلاء الجدد واحدا واحدا ..
ثم يصدر تعليماته لجنده ...
إنه حريص على سلامة خطواته من الفشل هذه المرة ..
هناك في بعض الأحايين ، من بني آدم هؤلاء ، من يتقاعس في أذكاره ، وفي طاهرته .. من تتغلب عليه نفسه وهواه فيضعف حصنه المنيع .. وربما قد تنفض عنه الملائكة ... عندها ودونما تردد تنقض عليه الشياطين من كل صوب .. تنفخ في روعه .. تثير أحاسيسه .. تربك تفكيره .. فيتعالى في زحمة الموقف من حوله حسيس الوسوسة .. معركة ..!! 

*** 

مصطفى محاوي - أوت 2004

إستمع إلى البودكاست الإذاعي للحلقة من هنا :


#قصة #رواية # #الشيطان #والإنسان: #القصة #-5- # #قطعان #عفاريت # #

الشيطان والإنسان: القصة -3- محاولة ثانية

0
الفصل الثالث  اللعنة العظيمة .. إبليس المقرب أضحى شيطانا رجيما .. والغريم مخلوق جديد من طين .. كرمه الله الملك وسجدت له الملائكة .. يدعى آدم . الشيطان يقف أمام الجميع مبهوتا بهيأة بشعة ، وقد ازداد غيضا .. واشتد كرها وشرا.. عيناه الملتهبتان تفترس الجميع من حوله في حقد .. ولصرير أسنانه صدى يسمع ، ينم عن تميز بالغيض دفين .. كشفت اللعبة .. إنتهى عصر الخداع ذاك كله ... ماعساه يفعل الآن ..؟؟  أبعد كل هذه الآماد وكل هذا الجهد الجهيد ... بعد أن وصل إلى ما وصل إليه ... يستسلم ويستغني عن طموحه المثير .. ؟؟  -لالالالالالالالالالالالا ..!!!! .. يصرخ في أعماقه .. لن يتنازل عن طموحه ..  هكذا استقر في روعه .. لكن ثمة مشكلة ... لقد كتب الله لكل حي نهاية .. وشبح الموت يخيم في تفكيره لا يدع أمامه من سبيل إلا قطعه ... إنه الموت لا محالة غاصبه قبل اختمار تخطيطه ..  .. وهو قلق .. هل يطيق بناء خطة أخرى ..؟ .. محاولة ثانية ..؟ .. هل يكفيه ما بقي من عمره ..؟ .. تتفطن سريرته الخبيثة ..!!!! .. يتوجه إلى الله خالقه .. ويبادره بالسؤال طالبا : ربي .. فأنظرني إلى يوم يبعثون .. فأجابه الله الخالق الكريم : فإنك من المنظرين * إلى يوم الوقت المعلوم .. عندها .. وكأنما ذي الأيام تطاولت أمامه .. هي ذي الفرصة قد سنحت واتسع الوقت لخطة ثانية .. لمحاولة أخرى وتكيف جديد مع الظروف المستجدة .. لابد أن يعيد حساباته كلها من جديد .. أمامه اليوم هذا الغريم .. تضطرم نار الكره في جوفه كلما فكر في أمره .. بسببه حصل ما حصل .. ولولاه لما انثنى عن مطلبه ..  -هذه الطينة يجب أن تدمر .. علي أن أبيدها من الوجود ...  -لا..!!! عليه أن يصبح ذليلا مهانا .. وما أسعد يوما تستطيع فيه قهر هذا الآدمي .. -بل .. ليتني بيوم يأتي .. يسجد لي فيه هذا الإنسان ذلا وخضوعا ..  -أجل .. ليعيد لك كرامتك التي انتزعها منك بغير وجه حق ... -خلق ليكون خليفة في الأرض ..!!! .. لن ينعم بهذا أبدا ما حييت ..  -بل .. لن ينعم بلحظة من الأمان والدعة .. ما دام يتنسم الحياة -لن يكون في الأرض خليفة غيري ... -بل لن يكون لها .. كلها .. إله غيري .. أنااااااااااااااااااااااااااا  إنه في سكرته يعمه .. أنى له الاستفاقة .. تتبختر نفسه متهالكة بين جوانحه .. تنشر فيه الخراب ألم يتضح أمامه .. أن لا غنى بدهاء .. ولا بدقة تدبير .. ولا غير ذلك من الله الملك العظيم ، إن أراد فضيحته .. أو أراد به هلاكا..؟؟؟ وأنه سبحانه خالقه عالم به أكثر من نفسه ..؟؟ لكنه ، وبعدما افتك عمرا ثقيلا .. يرى الطريق أمامه طويلا سانحا لخطة جديدة .. لن تثنيه عنها أكدار الزمن .. ولا تناوب الأجيال .. سوف يبني لنفسه صرح عز ، بصبر وأناة هذه المرة .. هكذا يرى .. -إن كنتَ قد خسرت معركتك الأولى .. فالحرب لا تزال مديدة .. حافلة بالجديد .. -لن تفتر لي عزيمة هذه المرة .. وضلاله البعيد يقذف في روعه ، أنه هذه المرة .. لا محالة واصل إلى مطلبه ..

الفصل الثالث

اللعنة العظيمة .. إبليس المقرب أضحى شيطانا رجيما .. والغريم مخلوق جديد من طين .. كرمه الله الملك وسجدت له الملائكة .. يدعى آدم .
الشيطان يقف أمام الجميع مبهوتا بهيأة بشعة ، وقد ازداد غيضا .. واشتد كرها وشرا..
عيناه الملتهبتان تفترس الجميع من حوله في حقد .. ولصرير أسنانه صدى يسمع ، ينم عن تميز بالغيض دفين ..
كشفت اللعبة .. إنتهى عصر الخداع ذاك كله ... ماعساه يفعل الآن ..؟؟ 
أبعد كل هذه الآماد وكل هذا الجهد الجهيد ... بعد أن وصل إلى ما وصل إليه ... يستسلم ويستغني عن طموحه المثير .. ؟؟ 
-لالالالالالالالالالالالا ..!!!! .. يصرخ في أعماقه .. لن يتنازل عن طموحه .. 
هكذا استقر في روعه .. لكن ثمة مشكلة ... لقد كتب الله لكل حي نهاية .. وشبح الموت يخيم في تفكيره لا يدع أمامه من سبيل إلا قطعه ... إنه الموت لا محالة غاصبه قبل اختمار تخطيطه .. 
.. وهو قلق .. هل يطيق بناء خطة أخرى ..؟ .. محاولة ثانية ..؟ .. هل يكفيه ما بقي من عمره ..؟ .. تتفطن سريرته الخبيثة ..!!!! .. يتوجه إلى الله خالقه .. ويبادره بالسؤال طالبا :
ربي .. فأنظرني إلى يوم يبعثون ..
فأجابه الله الخالق الكريم :
فإنك من المنظرين * إلى يوم الوقت المعلوم ..
عندها .. وكأنما ذي الأيام تطاولت أمامه .. هي ذي الفرصة قد سنحت واتسع الوقت لخطة ثانية .. لمحاولة أخرى وتكيف جديد مع الظروف المستجدة .. لابد أن يعيد حساباته كلها من جديد ..
أمامه اليوم هذا الغريم .. تضطرم نار الكره في جوفه كلما فكر في أمره .. بسببه حصل ما حصل .. ولولاه لما انثنى عن مطلبه .. 
-هذه الطينة يجب أن تدمر .. علي أن أبيدها من الوجود ... 
-لا..!!! عليه أن يصبح ذليلا مهانا .. وما أسعد يوما تستطيع فيه قهر هذا الآدمي ..
-بل .. ليتني بيوم يأتي .. يسجد لي فيه هذا الإنسان ذلا وخضوعا .. 
-أجل .. ليعيد لك كرامتك التي انتزعها منك بغير وجه حق ...
-خلق ليكون خليفة في الأرض ..!!! .. لن ينعم بهذا أبدا ما حييت .. 
-بل .. لن ينعم بلحظة من الأمان والدعة .. ما دام يتنسم الحياة
-لن يكون في الأرض خليفة غيري ...
-بل لن يكون لها .. كلها .. إله غيري .. أنااااااااااااااااااااااااااا 
إنه في سكرته يعمه .. أنى له الاستفاقة ..
تتبختر نفسه متهالكة بين جوانحه .. تنشر فيه الخراب
ألم يتضح أمامه .. أن لا غنى بدهاء .. ولا بدقة تدبير .. ولا غير ذلك من الله الملك العظيم ، إن أراد فضيحته .. أو أراد به هلاكا..؟؟؟ وأنه سبحانه خالقه عالم به أكثر من نفسه ..؟؟
لكنه ، وبعدما افتك عمرا ثقيلا .. يرى الطريق أمامه طويلا سانحا لخطة جديدة .. لن تثنيه عنها أكدار الزمن .. ولا تناوب الأجيال .. سوف يبني لنفسه صرح عز ، بصبر وأناة هذه المرة .. هكذا يرى ..
-إن كنتَ قد خسرت معركتك الأولى .. فالحرب لا تزال مديدة .. حافلة بالجديد ..
-لن تفتر لي عزيمة هذه المرة ..
وضلاله البعيد يقذف في روعه ، أنه هذه المرة .. لا محالة واصل إلى مطلبه ...

*** 
مصطفى محاوي - أوت 2004

إستمع إلى البودكاست الإذاعي للحلقة من هنا :


#قصة #رواية # #الشيطان #والإنسان: #القصة #-3- # #محاولة #ثانية # # # # #

الشيطان والإنسان: القصة -7- الصالحون

0
الفصل السابع  تنساب بضع قطرات عرق نتنه ،عبر تجاعيد ناصيته الخبيثة، لتغور بعدها في أخاديد وجهه المظلم القبيح .. عيناه تحدقان بحدة .. ويضغط بكلتا يديه على مقابض عرشه .. ليست ترضيه وتيرة العمل .. الجهد كبير والنتائج ضئيلة .. ليس هذا ما قطع العهد به على نفسه .. هل هذا كل تهديده ووعيده الذي قابل به الله الخالق يوم الفضيحة .. تبًا .. إنه لا يريد أن يتذكرها .. ليته كان قادرا على أن يمحيها من ذاكرته وذاكرة كل من حضرها ... .. لكن .. بإمكانه أن يمحيها من ذاكرة هؤلاء ''الصغار'' ..  لم يشهدوها .. سمعوا عنها فقط .. ومنهم من تراوده الشكوك ..!!  آدم عليه السلام .. وقد أرهقته السنين الطوال ، لا يزال يتعهد هذا العدد المتزايد من بنيه .. والمشاكل لا تنتهي .. الدنيا دار الشقاء .. يبذل عليه السلام جهده في حل النزاعات ولأم الصدوع .. مرشدا بذلك من صلح من أبنائه إلى سبل العمل وطرق التطبيب والعلاج ... مجتمع كهذا لابد له من أقطاب تشد أركانه .. أقطاب يستند إليها ، وإذا ما مادت الأرض من تحته ، كان لثباتها عونا عظيما له على تجاوز المحنة.. هؤلاء الأقطاب هم قلة قليلة .. لكنها تكفي مجتمعا بأكمله ،إذا ما أدت دورها ... يُعَول عليه السلام كثيرا على من يتوسم فيهم ذلك من بنيه .. فتراه يتعهدهم محاولا السمو بهم نحو آفاق الكمال ... هم مصابيح الهدى في دياجير الظلام .. وإذا أدلج الليل .. فهم أهل الحق والخير يشعون بنوره على المجتمع فيقتبس منهم المقتبسون .. ويهتدي بهم المهتدون .. إنها لأمانة على أعتاقهم عظيمة .. لأنهم يمثلون الحق والخير والهدى .. وهم بهذا مسؤولون على كيفية إيصاله إلى الناس من حولهم .. والمعركة ضارية .. إذا ما تلون الباطل وتزين ،فعليهم هم أن يفضحو زيفه .. وأي تقصير في إيصال الحق على وجهه الأكمل النقي إلى هذه النفوس ، سيؤدي إلى خسران الحرب أمام الباطل المزكرش .. وخسران إخوانهم من حولهم وضياع المجتمع ككل .. لا سمح الله ... تخشع أنفس الصالحين من حوله عليه السلام وهو يعظهم ... قلوبهم وجلة .. إنهم يدركون أن الأمانة ثقيلة .. أمانة مجتمع قد يضيع من جراء تقصيرهم .. وأعظم من هذا ... إرادة الله الخالق في خلافة الإنسان له ، قد يحال دونها لو خسروا معركتهم الشرسة ... تُذرف الدموع الطاهرة ... ماذا لو فعلوا ما أمكنهم ، غير أن إخوانهم لم يسعفوهم وتمادوا في غيهم ..!! ماذا لو آثر إخوانهم غير سبيل الهدى ..!!؟ هل يكونون حينها مذنبين، إذا ما تركوهم يعيثون في المجتمع فسادا ..؟؟ هل ثمة من حل حينها غير المواجهة ..؟ .. غير الضرب على يد المخطئ ..؟؟ .. غير الصدام ...؟؟ .. صدام الحق بالباطل .. والغلبة للأقوى ..!!؟؟ إنها الحال الأكمل لنمو الحقد والبغض في الصدور .. كالنمو السريع للفطر السام الخبيث ... سيول الدمع على الخدود تتألق ... هل يكونون مذنبين يومها إذ يشجون أواصر المجتمع الذي كلفوا بحفظه ..!!!  أم ما العمل حينا ..؟ .. ما العمل ..؟؟؟ ولا تمهلهم الأيام حتى تتكاثر الخصومات ويتوسع الاضطراب .. هاهم يحاولون ما وسعهم ، إخمادا لنار الفتنة .. وآدم عليه السلام بين ظهرانيهم يتابع كل هذا بقلب يتحصر .. كيف لا وهو يرى كيف هتك حصنه الذي بناه .. وهو يرى الشياطين تغزوا ساحته .. وتستبيحها مثلما لم تفعل من قبل .. بل لعلها لم تكن تحلم بيوم كهذا .. هاهي وقد احتوشت عددا من بنيه .. هي توحي إليهم ... بل هي تأز بعضهم أزا ..!! إبليس اللعين رأسا هنا ..!! .. هاهو على رأس المغيرين .. إنه يومه الذي وعده آدم وبنيه .. ليحتنكن ذريته إلا قليلا .. هاهو يستنفر أتباعه .. يقذف بجنده نحو كل ركن هش ليهتكوه .. تجاه كل خلل بالأمس البعيد أوجدوه .. فاليوم موعده ليسوى بالأرض .. .. هذا يومه .. فهاهو صراخه يحتد في صخب المعركة ..!! راقبه .. هاهو ذا يختلف من مكان إلى آخر وعيناه على واحد من بني آدم .. وكأنما يتتبع خطاه بكل حرص .. وابن آدم هذا تتقد النار في صدره كأحسن ما يحب اللعين أن يرى من اللهب .. فيتسارع نبضه في غبطة قذرة ... وتتعاقب الأيام ولا يرى الشيطان إلا ملاسقا لهذا الآدمي ، أينما حل وارتحل ، كظله ... سعي حثيث .. شبيه بإرهاصات المعصية الأولى في الجنة .. ولعلها إرهاصات معصية أخرى ..!!

الفصل السابع

تنساب بضع قطرات عرق نتنه ،عبر تجاعيد ناصيته الخبيثة، لتغور بعدها في أخاديد وجهه المظلم القبيح .. عيناه تحدقان بحدة .. ويضغط بكلتا يديه على مقابض عرشه .. ليست ترضيه وتيرة العمل .. الجهد كبير والنتائج ضئيلة .. ليس هذا ما قطع العهد به على نفسه .. هل هذا كل تهديده ووعيده الذي قابل به الله الخالق يوم الفضيحة .. تبًا .. إنه لا يريد أن يتذكرها .. ليته كان قادرا على أن يمحيها من ذاكرته هوو كل من حضرها ...
.. لكن .. بإمكانه أن يمحيها من مخيلة هؤلاء ''الصغار'' .. 
لم يشهدوها .. سمعوا عنها فقط .. ومنهم من تراوده الشكوك ..!!

آدم عليه السلام .. وقد أرهقته السنين الطوال ، لا يزال يتعهد هذا العدد المتزايد من بنيه .. والمشاكل لا تنتهي .. الدنيا دار الشقاء .. يبذل عليه السلام جهده في حل النزاعات ولأم الصدوع .. مرشدا بذلك من صلح من أبنائه إلى سبل العمل وطرق التطبيب والعلاج ...
مجتمع كهذا لابد له من أقطاب تشد أركانه .. أقطاب يستند إليها ، وإذا ما مادت الأرض من تحته ، كان لثباتها عونا عظيما له على تجاوز المحنة..
هؤلاء الأقطاب هم قلة قليلة .. لكنها تكفي مجتمعا بأكمله ،إذا ما أدت دورها ...
يُعَول عليه السلام كثيرا على من يتوسم فيهم ذلك من بنيه .. فتراه يتعهدهم محاولا السمو بهم نحو آفاق الكمال ...
هم مصابيح الهدى في دياجير الظلام .. وإذا أدلج الليل .. فهم أهل الحق والخير يشعون بنوره على المجتمع فيقتبس منهم المقتبسون .. ويهتدي بهم المهتدون ..
إنها لأمانة على أعتاقهم عظيمة .. لأنهم يمثلون الحق والخير والهدى .. وهم بهذا مسؤولون على كيفية إيصاله إلى الناس من حولهم .. والمعركة ضارية .. إذا ما تلون الباطل وتزين ،فعليهم هم أن يفضحو زيفه .. وأي تقصير في إيصال الحق على وجهه الأكمل النقي إلى هذه النفوس ، سيؤدي إلى خسران الحرب أمام الباطل المزكرش .. وخسران إخوانهم من حولهم وضياع المجتمع ككل .. لا سمح الله ...
تخشع أنفس الصالحين من حوله عليه السلام وهو يعظهم ...
قلوبهم وجلة .. إنهم يدركون أن الأمانة ثقيلة .. أمانة مجتمع قد يضيع من جراء تقصيرهم .. وأعظم من هذا ... إرادة الله الخالق في خلافة الإنسان له ، قد يحال دونها لو خسروا معركتهم الشرسة ...
تُذرف الدموع الطاهرة ...
ماذا لو فعلوا ما أمكنهم ، غير أن إخوانهم لم يسعفوهم وتمادوا في غيهم ..!!
ماذا لو آثر إخوانهم غير سبيل الهدى ..!!؟
هل يكونون حينها مذنبين، إذا ما تركوهم يعيثون في المجتمع فسادا ..؟؟
هل ثمة من حل حينها غير المواجهة ..؟ .. غير الضرب على يد المخطئ ..؟؟
.. غير الصدام ...؟؟ .. صدام الحق بالباطل .. والغلبة للأقوى ..!!؟؟
إنها الحال الأكمل لنمو الحقد والبغض في الصدور .. كالنمو السريع للفطر السام الخبيث ...
سيول الدمع على الخدود تتألق ...
هل يكونون مذنبين يومها إذ يشجون أواصر المجتمع الذي كلفوا بحفظه ..!!! 
أم ما العمل حينا ..؟ .. ما العمل ..؟؟؟
ولا تمهلهم الأيام حتى تتكاثر الخصومات ويتوسع الاضطراب .. هاهم يحاولون ما وسعهم ، إخمادا لنار الفتنة .. وآدم عليه السلام بين ظهرانيهم يتابع كل هذا بقلب يتحصر .. كيف لا وهو يرى كيف هتك حصنه الذي بناه ..
وهو يرى الشياطين تغزوا ساحته .. وتستبيحها مثلما لم تفعل من قبل .. بل لعلها لم تكن تحلم بيوم كهذا .. هاهي وقد احتوشت عددا من بنيه .. هي توحي إليهم ...
بل هي تأز بعضهم أزا ..!!
إبليس اللعين رأسا هنا ..!! .. هاهو على رأس المغيرين .. إنه يومه الذي وعده آدم وبنيه .. ليحتنكن ذريته إلا قليلا .. هاهو يستنفر أتباعه .. يقذف بجنده نحو كل ركن هش ليهتكوه .. تجاه كل خلل بالأمس البعيد أوجدوه .. فاليوم موعده ليسوى بالأرض ..
.. هذا يومه .. فهاهو صراخه يحتد في صخب المعركة ..!!
راقبه .. هاهو ذا يختلف من مكان إلى آخر وعيناه على واحد من بني آدم .. وكأنما يتتبع خطاه بكل حرص .. وابن آدم هذا تتقد النار في صدره كأحسن ما يحب اللعين أن يرى من اللهب .. فيتسارع نبضه في غبطة قذرة ...
وتتعاقب الأيام ولا يرى الشيطان إلا ملاسقا لهذا الآدمي ، أينما حل وارتحل ، كظله ...
سعي حثيث .. شبيه بإرهاصات المعصية الأولى في الجنة ..
ولعلها إرهاصات معصية أخرى ..!!

*** 

مصطفى محاوي - أوت 2004

إستمع إلى البودكاست الإذاعي للحلقة من هنا :


#قصة #رواية # #الشيطان #والإنسان: #القصة #-7- #الصالحون #

الشيطان والإنسان: القصة -8- تشوهت الحياة

0
الفصل الثامن  تدوي الأرض .. تردد الجبال .. تهتز السماوات ..!! .. تفر المخلوقات في ذعر شديد ..!! .. تتصايح الشياطين والعفاريت معربدة من كل صوب ..!! .. ينطلق من الغابة مقلعا في الجو ذلك الشبح الأسود .. يخترق السحب قاصدا قمة شاهقة ، وهو لا يكف عن الصياح والزئير في نشوة ..!! يعتلي القمة .. باسطا جناحيه ماوسعه .. ينتفخ .. يرفع هامته الخبيثة نحو السماء .. تتقد عيناه .. ويطلق ضحكاته الصاخبة .. قهقهاته الماجنة ، مفرغا ما أضمر في داخله العاتم .. وهو يعوي ...... ..!! آدم عليه السلام .. أنفاسه مضطربة .. وندى الدموع يبلل أهدابه .. يضغط على حلقه وقد إلتزم الصمت .. والصالحين من حوله حُبست أنفاسهم .. ولا أحد ينبس .. لقد أزهقت نفس ..!! نفس بريئة .. طيبة .. بغير حق .. وساد الصمت الحزين ... -بكل هذه العجلة ..؟؟  -بكل هذه السرعة انحرف المسار ..؟ -تشوهت الحياة ..؟؟ -وآدم لا يزال حيا ..؟؟؟ -أيعقل هذا ..؟ - أيعقل أن تستهل الحياة أنفاسها الأولى بهذا الاضطراب ..؟  -بهذا الحزن والأسى ..؟ .. بهذا الخلاف ..؟ بهذا الحقد والبغض ..؟؟ -أيعقل ..؟؟؟ وترتدي البشرية ثياب الحزن والحداد وتخشع الأنفس .. كل الأنفس من هول الصدمة ... .. وتستمر الحياة متعثرة ثقيلة على عير ما اعتادت .. ولا تتقلب الأيام كثيرا حتى تعيد للبشرية وشاح الحداد والحزن .. واليوم مسافر ليس كغيره .. سافر القلب الرحيم .. تسافر اليد الحليمة .. تسافر البصيرة النافذة و العقل الراجح .. يسافر الأب العطوف إلى غير رجعة ... ويقضي آدم عليه السلام أجله ، لينتهي دوره على هذه الدنيا .. عائدا إلى ربه وقد أدى ما عليه .. عائدا إلى الجنة حيث سينتظر فيها بنيه ليريهم الحقيقة التي طالما حدثهم عنها ووعدهم بها .. كل بنيه سيعودن يوما ما .. وسيرون الحقيقة بأم أعينهم .. لكن ليسوا جميعا سيلتقونه في الجنة..!!  تاركا خلفه ملحمة شرسة .. ومشروعا متعثرا .. لم ينعم يرؤيته يتحقق على الأرض ..لا ولا الذين تركهم من خلفه سينعمون ..!! هكذا شاء قدر الله الحكيم ، إلى حين يقدر له الخالق عز وجل من ينتشله ويعيد الأمل فيه فيحققه ... سوف لن يكون قريبا .. لكنه سيكون يوما .. سيكون .. من ذا الذي سيقهر هذا الباطل ..؟؟ من سيعيد للبشرية حقيقتها ..؟ ..!!  ويعيد حشرها نحو الصراط الستقيم .. من هو المبارك الذي سيفلح فيما عجز عنه الأبرار.. كل الأبرار ..؟؟؟ إنه المبارك الذي بشر به الأب قبل رحيله ... وأوصاهم بأن يتبعوه إذا أرسله الله لهم .. أي زمن سعيد ستشرق فيه يا رسول الله على هذه الدنيا ..؟! العرش المظلم يشهد صخبا غير معتاد .. إنها أهازيج النصر .. ومجون الفرح .. وضوضاء .. لكن صاحب الأمر ليس من بين الحضور .. يبدوا أنه قد غادر العرش .. وهاهو ذا تتبعه أسراب العفاريت .. إنه يحط غير بعيد عن ذلك الضريح الطاهر .. مثوى النبي آدم عليه السلام .. يتقدم تاركا جمهرة العفاريت من خلفه .. هاهو يقف على شفيره .. ويظل صامتا ردحا من الوقت .. غير أن لملامح وجهه الدنيئة أكثر من إيحاء .. هاهي ذي بسمة حقيرة تبين عن بعض أنيابه .. وبريق عينيه ينم عن تعابير مزدحمة .. لأنفاسه هدوء، وكأنما اطمأن على حاله هذه .. فجاة .. يرفع رأسه نحو السماء وقد اكتظ وجهه بالدناءة والخبث .. يعض على انيابه .. يئن .. يئن بشدة والزبد يتطاير من ثغره ..  وكأنما يخاطب آدم .. ويتوعده بالمزيد ..!! ويصرخ .. صرخات طوال ..!! يخترق الوهاد وحيدا يجر أسباله .. ذاك القاتل المنبوذ .. لفظه المجتمع .. رفضته البشرية في مقت .. يمشي وحيدا .. لا يلوي على شيء .. مشتت التفكير .. مضطرب الأنفاس .. حيران وكعادته في الفلات يستهويه رهط من الشياطين ... يطل على الفلات من على جرف شاهق زعيمهم الكبير .. يطل الشيطان وعيناه تتبعان القاتل المنبوذ .. تنفض الشياطين في مذلة وقد لاحظت اقتراب اللعين نحو هذا المنبوذ ... .. وهاهما الآن في الفلات معا .. إذ يوحي إلى قرينه ما يوحي .. .

الفصل الثامن

تدوي الأرض .. تردد الجبال .. تهتز السماوات ..!! .. تفر المخلوقات في ذعر شديد ..!! .. تتصايح الشياطين والعفاريت معربدة من كل صوب ..!! ..
ينطلق من الغابة مقلعا في الجو ذلك الشبح الأسود .. يخترق السحب قاصدا قمة شاهقة ، وهو لا يكف عن الصياح والزئير في نشوة ..!!
يعتلي القمة .. باسطا جناحيه ماوسعه .. ينتفخ .. يرفع هامته الخبيثة نحو السماء .. تتقد عيناه .. ويطلق ضحكاته الصاخبة .. قهقهاته الماجنة ، مفرغا ما أضمر في داخله العاتم .. وهو يعوي ...... ..!!
آدم عليه السلام .. أنفاسه مضطربة .. وندى الدموع يبلل أهدابه .. يضغط على حلقه وقد إلتزم الصمت .. والصالحين من حوله حُبست أنفاسهم .. ولا أحد ينبس ..
لقد أزهقت نفس ..!!
نفس بريئة .. طيبة .. بغير حق .. وساد الصمت الحزين ...
-بكل هذه العجلة ..؟؟ 
-بكل هذه السرعة انحرف المسار ..؟
-تشوهت الحياة ..؟؟
-وآدم لا يزال حيا ..؟؟؟
-أيعقل هذا ..؟
- أيعقل أن تستهل الحياة أنفاسها الأولى بهذا الاضطراب ..؟ 
-بهذا الحزن والأسى ..؟ .. بهذا الخلاف ..؟ بهذا الحقد والبغض ..؟؟
-أيعقل ..؟؟؟
وترتدي البشرية ثياب الحزن والحداد وتخشع الأنفس .. كل الأنفس من هول الصدمة ...
.. وتستمر الحياة متعثرة ثقيلة على عير ما اعتادت ..
ولا تتقلب الأيام كثيرا حتى تعيد للبشرية وشاح الحداد والحزن .. واليوم مسافر ليس كغيره .. سافر القلب الرحيم .. تسافر اليد الحليمة .. تسافر البصيرة النافذة و العقل الراجح .. يسافر الأب العطوف إلى غير رجعة ...
ويقضي آدم عليه السلام أجله ، لينتهي دوره على هذه الدنيا .. عائدا إلى ربه وقد أدى ما عليه .. عائدا إلى الجنة حيث سينتظر فيها بنيه ليريهم الحقيقة التي طالما حدثهم عنها ووعدهم بها .. كل بنيه سيعودن يوما ما .. وسيرون الحقيقة بأم أعينهم .. لكن ليسوا جميعا سيلتقونه في الجنة..!! 
تاركا خلفه ملحمة شرسة .. ومشروعا متعثرا .. لم ينعم يرؤيته يتحقق على الأرض ..لا ولا الذين تركهم من خلفه سينعمون ..!!
هكذا شاء قدر الله الحكيم ، إلى حين يقدر له الخالق عز وجل من ينتشله ويعيد الأمل فيه فيحققه ... سوف لن يكون قريبا .. لكنه سيكون يوما .. سيكون ..
من ذا الذي سيقهر هذا الباطل ..؟؟
من سيعيد للبشرية حقيقتها ..؟ ..!! 
ويعيد حشرها نحو الصراط الستقيم .. من هو المبارك الذي سيفلح فيما عجز عنه الأبرار.. كل الأبرار ..؟؟؟
إنه المبارك الذي بشر به الأب قبل رحيله ... وأوصاهم بأن يتبعوه إذا أرسله الله لهم ..
أي زمن سعيد ستشرق فيه يا رسول الله على هذه الدنيا ..؟!
العرش المظلم يشهد صخبا غير معتاد .. إنها أهازيج النصر .. ومجون الفرح .. وضوضاء .. لكن صاحب الأمر ليس من بين الحضور .. يبدوا أنه قد غادر العرش .. وهاهو ذا تتبعه أسراب العفاريت ..
إنه يحط غير بعيد عن ذلك الضريح الطاهر .. مثوى النبي آدم عليه السلام .. يتقدم تاركا جمهرة العفاريت من خلفه ..
هاهو يقف على شفيره .. ويظل صامتا ردحا من الوقت .. غير أن لملامح وجهه الدنيئة أكثر من إيحاء ..
هاهي ذي بسمة حقيرة تبين عن بعض أنيابه .. وبريق عينيه ينم عن تعابير مزدحمة ..
لأنفاسه هدوء، وكأنما اطمأن على حاله هذه ..
فجاة .. يرفع رأسه نحو السماء وقد اكتظ وجهه بالدناءة والخبث .. يعض على انيابه .. يئن .. يئن بشدة والزبد يتطاير من ثغره .. 
وكأنما يخاطب آدم .. ويتوعده بالمزيد ..!!
ويصرخ .. صرخات طوال ..!!
يخترق الوهاد وحيدا يجر أسباله .. ذاك القاتل المنبوذ .. لفظه المجتمع .. رفضته البشرية في مقت .. يمشي وحيدا .. لا يلوي على شيء .. مشتت التفكير .. مضطرب الأنفاس .. حيران وكعادته في الفلات يستهويه رهط من الشياطين ...
يطل على الفلات من على جرف شاهق زعيمهم الكبير .. يطل الشيطان وعيناه تتبعان القاتل المنبوذ ..
تنفض الشياطين في مذلة وقد لاحظت اقتراب اللعين نحو هذا المنبوذ ...
.. وهاهما الآن في الفلات معا .. إذ يوحي إلى قرينه ما يوحي .. . 

***
تمت بحمد الله 
مصطفى محاوي
الثلاثاء 18 أوت 2004

إستمع إلى البودكاست الإذاعي للحلقة من هنا :


#قصة #رواية # # #الشيطان #والإنسان: #القصة #-8- #تشوهت #الحياة #

الشيطان والإنسان: القصة -6- بيت الله

0
الفصل السادس  آدم النبي .. يتلقى شريعة الحياة من ربه .. الشريعة الضابطة لعيشه وعيش بنيه على الأرض .. منهاج البشرية وطريقها الذي رسمه الخالق العظيم لها .. الطريق الوحيد الذي يضمن لها حياة سليمة في تناغم وتكامل مع محيطها .. ولتعيش بسلام وطمئنان مع مخلوقات الله ..  شريعة للبشر .. مثلما لكل مخلوق شريعة يتبعها في الحياة ...  مثلما أسلمت المخلوقات نواصيها لله طوعا أو كرها .. يهديها سبل العيش في توازن وانطباط .. لا يبغي بعضها على بعض ، إلا بالقدر الذي تتزن فيه الحياة ويحفظ عذرية الأرض .. يسلم الإنسان إرادته الحرة بكل رضا لخاقه الحكيم .. وكله ثقة وإيمان بأن الله سيهديه سبل السلام على أرض ..  هي شريعة السلام .. شريعة الإسلام لله الخالق الحكيم ... آدم مع بنيه يبني بيتا لله على الأرض .. بيتٌ يعبد فيه الخالق العظيم وتحفظ به شريعته .. بيت يربط قلوب البشر جميعا .. تجذب قلوبهم إليه قوة الإيمان بأن الله وحده هو الخالق لكل هذا الجمال .. فتطوف من حوله كتل أجسادهم في تناغم مع حركة الكون ورقصات أجرامه .. مثلما تطوف النجوم بمراكز مجراتها .. ليكونوا نجوما تشع في ظلمة الدنيا .. قناديلا تنير الحياة. آدم عليه السلام ، وقد عركته سنين الحياة و أشعل شقاء الدنيا رأسه شيبا ، يتتبع بنيه وهم يسعون على هذه الأرض .. يتتبع التزام هذا المجتمع بعهد الله و شريعته .. ويحرص على سلامة الصدور وصفائها بين الإخوة .. رغم كل مجهوداته ، ورغم بذل حواء وعطائها .. مازال يلحظ من تصرفات بنيه ما يقلقه .. خصومات .. نزاعات .. مظالم .. يشتَمُّ من ورائها رائحة اضطرام جمر الحقد والبغض في تلك الصدور .. رائحة تزداد يوما بعد يوم .. تزكم الأنف .. وتتصاعد أعمدة دخان في الأفق القادم ، مؤذنة بنشوب نار الخلاف بين الإخوة ..!!  تنقبض نفس آدم وهو يرسل بصيرته إلى بعيد .. تضطرب أنفاسه وتبدو لعينيه حمرة .. إنه يخشى أن يخصر المعركة .. كل جهود البناء التي بذلها في إقامة هذا المجتمع ، يحسها تنهار ، ويد اللعين تلعب في الخفاء مخربة .. إنها تنبش في الأسس ..في القواعد ليخر السقف على الجميع .. آدم يدرك أن عظم البلوى أن تؤتى من داخلك .. بأن ينهار تماسكك .. وتنفك أواسر التلاحم والترابط بين الأحباب .. عندها يسهل على اللعين وجنده التفرد بكل على حدة .. وثمة عين الهزيمة .. ما أسهل الصراع لو كان وجها لوجه .. ندا لند.. إذا لاصطفّ البشر صفا واحدا مرصوصا ، وبادروا اللعين وجنده بالهجوم .. ولكانت بشاعة الشيطان وحدها كفيلة بأن تزيدهم كرها له وإقداما على حربه ... لكن الواقع أصعب ، والمعركة أعقد بكثير .. والعدو أضعف من أن يواجهك ..!!  لكنه خبيث ..!! خبيث ولا تنقصه الخسة ..!!   لغط من حول العرش المظلم .. ورشة عمل صاخبة .. تتوافد الأخبار من كل أقطار الأرض .. غير أنه لا اهتمام للشيطان بغير شأن هؤلاء البشر .. مستفرغا كل جهده وكل وقته في دراسة أحوالهم وتتبعها .. لا يغفر لنفسه ولا لجنده لحظات الفشل والإنتكاس في المعارك الدائرة .. يجزر وينهر جمع العفاريت المقربين من حوله .. ويفض شملهم طالبا خلوة كما تعود إذا ما لاح له خطب عسير ......  يحيره هذا الجنس البشري .. إنهم يمتلكون قدرات لا يفهمها ..!! صحيح أن بنيتهم الجسدية تبدو ضعيفة .. وأن قواهم الحسية لا تقارن بما يملكه وما لدى أتباعه .. إلا أنه ثمة لديهم قوة خفية ..!!  .. لا يدري .. لكنه يدرك جيدا ، أنها سلاح رهيب .. ورهيب جدا ..!!  آدم عليه السلام في مجلسه ، وقد أدنى إليه الصالحين من أبنائه .. يستفرغ ما وسعه الجهد والوقت نصحا وإرشادا لهم .. إنه يضع كل آماله فيهم لإنجاح المهمة الملقاة على عاتق الإنسانية ... هو يدرك أن دوره لم يتبقى منه الكثير في هذه الحياة .. وهو لا يريد أن يدع من علمه وخبرته شيئا إلا أورثهم إياه .. فالمعركة صعبة وعصيبة .. حرب صامتة و لا تكاد تبين .. غير أن لها صخبا عنيفا بين جوانح الأنفس .. .. عليه السلام .. يعلم أنها لو استمرت على هذه الحال دونما علاج .. فإنها قد تستحيل معارك ضارية بين الإخوة .. تبدأ مناوشات بالألسنة ، فلا يُكبح جماحها حتى تصير إلى الأسنة ..!! .. فحقد يتفجر ، فدم يراق ، وأسى يسيل .. خطب وبيل ..!!  تستعصي الأحرف في حلقه عليه السلام وهو يستحضر هذه الصورة .. والصالحين من حوله مطرقين .. هل في الإمكان حدوث مثل مذا ..؟؟ - أجل .. وقريبا جدا ..!!  كيف والحق واضح والخير جميل ..؟ .. كيف يخطئ الإنسان هذا النور الرباني وينحدر إلى هاوية الظلام ..؟ أليس الباطل قاتما والشر كريه ..؟  قد يقتبس الباطل شيئا من نور الحق ، وقد يتلون الشر بشيء من جمال الخير فيتأنق ويتزين بألوان ومساحيق تخفي قبحه .. قد يأسر القلب والهوى .. وقد يخدع العقل أو يخذره .. غير أنه لن يستطيع مهما فعل حبس نتنه المنبعث من وراء كل ذلك التزييف .. غير أن نفسا تديم استهلاك مثل هذه السموم .. إلى أي شيء قد تصير ..؟!! .

الفصل السادس

آدم النبي .. يتلقى شريعة الحياة من ربه .. الشريعة الضابطة لعيشه وعيش بنيه على الأرض .. منهاج البشرية وطريقها الذي رسمه الخالق العظيم لها .. الطريق الوحيد الذي يضمن لها حياة سليمة في تناغم وتكامل مع محيطها .. ولتعيش بسلام وطمئنان مع مخلوقات الله .. 
شريعة للبشر .. مثلما لكل مخلوق شريعة يتبعها في الحياة ... 
مثلما أسلمت المخلوقات نواصيها لله طوعا أو كرها .. يهديها سبل العيش في توازن وانطباط .. لا يبغي بعضها على بعض ، إلا بالقدر الذي تتزن فيه الحياة ويحفظ عذرية الأرض ..
يسلم الإنسان إرادته الحرة بكل رضا لخاقه الحكيم .. وكله ثقة وإيمان بأن الله سيهديه سبل السلام على أرض .. 
هي شريعة السلام .. شريعة الإسلام لله الخالق الحكيم ...
آدم مع بنيه يبني بيتا لله على الأرض .. بيتٌ يعبد فيه الخالق العظيم وتحفظ به شريعته .. بيت يربط قلوب البشر جميعا .. تجذب قلوبهم إليه قوة الإيمان بأن الله وحده هو الخالق لكل هذا الجمال .. فتطوف من حوله كتل أجسادهم في تناغم مع حركة الكون ورقصات أجرامه .. مثلما تطوف النجوم بمراكز مجراتها .. ليكونوا نجوما تشع في ظلمة الدنيا .. قناديلا تنير الحياة.
آدم عليه السلام ، وقد عركته سنين الحياة و أشعل شقاء الدنيا رأسه شيبا ، يتتبع بنيه وهم يسعون على هذه الأرض .. يتتبع التزام هذا المجتمع بعهد الله و شريعته .. ويحرص على سلامة الصدور وصفائها بين الإخوة ..
رغم كل مجهوداته ، ورغم بذل حواء وعطائها .. مازال يلحظ من تصرفات بنيه ما يقلقه .. خصومات .. نزاعات .. مظالم .. يشتَمُّ من ورائها رائحة اضطرام جمر الحقد والبغض في تلك الصدور ..
رائحة تزداد يوما بعد يوم .. تزكم الأنف .. وتتصاعد أعمدة دخان في الأفق القادم ، مؤذنة بنشوب نار الخلاف بين الإخوة ..!! 
تنقبض نفس آدم وهو يرسل بصيرته إلى بعيد .. تضطرب أنفاسه وتبدو لعينيه حمرة .. إنه يخشى أن يخصر المعركة .. كل جهود البناء التي بذلها في إقامة هذا المجتمع ، يحسها تنهار ، ويد اللعين تلعب في الخفاء مخربة .. إنها تنبش في الأسس ..في القواعد ليخر السقف على الجميع ..
آدم يدرك أن عظم البلوى أن تؤتى من داخلك .. بأن ينهار تماسكك .. وتنفك أواسر التلاحم والترابط بين الأحباب .. عندها يسهل على اللعين وجنده التفرد بكل على حدة .. وثمة عين الهزيمة .. ما أسهل الصراع لو كان وجها لوجه .. ندا لند.. إذا لاصطفّ البشر صفا واحدا مرصوصا ، وبادروا اللعين وجنده بالهجوم .. ولكانت بشاعة الشيطان وحدها كفيلة بأن تزيدهم كرها له وإقداما على حربه ...
لكن الواقع أصعب ، والمعركة أعقد بكثير .. والعدو أضعف من أن يواجهك ..!! 
لكنه خبيث ..!! خبيث ولا تنقصه الخسة ..!! 

لغط من حول العرش المظلم .. ورشة عمل صاخبة .. تتوافد الأخبار من كل أقطار الأرض .. غير أنه لا اهتمام للشيطان بغير شأن هؤلاء البشر .. مستفرغا كل جهده وكل وقته في دراسة أحوالهم وتتبعها ..
لا يغفر لنفسه ولا لجنده لحظات الفشل والإنتكاس في المعارك الدائرة ..
يجزر وينهر جمع العفاريت المقربين من حوله .. ويفض شملهم طالبا خلوة كما تعود إذا ما لاح له خطب عسير ...... 
يحيره هذا الجنس البشري .. إنهم يمتلكون قدرات لا يفهمها ..!!
صحيح أن بنيتهم الجسدية تبدو ضعيفة .. وأن قواهم الحسية لا تقارن بما يملكه وما لدى أتباعه .. إلا أنه ثمة لديهم قوة خفية ..!! 
.. لا يدري .. لكنه يدرك جيدا ، أنها سلاح رهيب .. ورهيب جدا ..!!

آدم عليه السلام في مجلسه ، وقد أدنى إليه الصالحين من أبنائه .. يستفرغ ما وسعه الجهد والوقت نصحا وإرشادا لهم .. إنه يضع كل آماله فيهم لإنجاح المهمة الملقاة على عاتق الإنسانية ...
هو يدرك أن دوره لم يتبقى منه الكثير في هذه الحياة .. وهو لا يريد أن يدع من علمه وخبرته شيئا إلا أورثهم إياه .. فالمعركة صعبة وعصيبة .. حرب صامتة و لا تكاد تبين .. غير أن لها صخبا عنيفا بين جوانح الأنفس ..
.. عليه السلام .. يعلم أنها لو استمرت على هذه الحال دونما علاج .. فإنها قد تستحيل معارك ضارية بين الإخوة .. تبدأ مناوشات بالألسنة ، فلا يُكبح جماحها حتى تصير إلى الأسنة ..!! .. فحقد يتفجر ، فدم يراق ، وأسى يسيل .. خطب وبيل ..!! 
تستعصي الأحرف في حلقه عليه السلام وهو يستحضر هذه الصورة .. والصالحين من حوله مطرقين .. هل في الإمكان حدوث مثل مذا ..؟؟
- أجل .. وقريبا جدا ..!! 
كيف والحق واضح والخير جميل ..؟ .. كيف يخطئ الإنسان هذا النور الرباني وينحدر إلى هاوية الظلام ..؟
أليس الباطل قاتما والشر كريه ..؟ 
قد يقتبس الباطل شيئا من نور الحق ، وقد يتلون الشر بشيء من جمال الخير فيتأنق ويتزين بألوان ومساحيق تخفي قبحه .. قد يأسر القلب والهوى .. وقد يخدع العقل أو يخذره .. غير أنه لن يستطيع مهما فعل حبس نتنه المنبعث من وراء كل ذلك التزييف ..
غير أن نفسا تديم استهلاك مثل هذه السموم .. إلى أي شيء قد تصير ..؟!! .

*** 

مصطفى محاوي - أوت 2004

إستمع إلى البودكاست الإذاعي للحلقة من هنا :


#قصة #رواية # #الشيطان #والإنسان: #القصة #-6- # #بيت #الله # #

الشيطان والإنسان: القصة -2- مخلوق ضعيف

0
الفصل الثاني  يتداول بين الملائكة اسم هذا الضيف الجديد الغريب وما له من شأن عن الله الملك .. وكيف اختاره خليفة له على الأرض .. يشتد الخلاف والجدل بعدما علم الجميع أن هذا المخلوق لن يفي الأمانة حقها وأن مسيرته على الأرض سيشوبها فساد وسفك دماء .. يشتد الجدل وقد سمعوا من راجع الله الخالق العظيم و ناقش أمر توليت هذا المفسد زمام خلافة الأرض ...  -كيف يتولى الأمانة التي أشفقت من حملها السماوات والجبال ، مخلوق ضعيف ..؟؟  -وظلوم جهول فوق ذلك ..؟؟  الجميع أدرك أن أمرا عظيما قد أقبل ، وأن الحياة لن تبقى على حالها ... اضطراب عظيم ..الكل يستفتي والكل مختلف .. وإبليس يذكي جذوة الخلاف . لايزال على حاله ظاهر الصلاح ، لكنه و في أعماق نفسه يدير الفكر في أمره وأمر هذا الجديد يحاول حل مشكلته ، كيف يمكنه استدراك الحالة وتجاوزها ..  إذا بالله الملك العظيم يجمع الملائكة ، كل الملائكة في الساحة العظيمة أين يرقد جسد الإنسان يابسا باردا .. وينضم إبليس في من انضم إلى الجمع الرهيب .. -إنها لحظة الخلق .. لحظة النفخ .. ويسود الصمت المهيب .. في حضرة صاحب الجلالة المطلقة والتقديس اللانهائي .. فلا تنبس شفة. ويتكلم الحق جل جلاله مخاطبا الملائكة: فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين  الجميع ينصت للأمر بإذعان شديد ، وإبليس لا يملك حينها غير الصمت والترقب .. وهاهي ذي النفخة تغرس الروح في آدم ، تسري في أوصاله، تنبت الحياة .. وإذا بالجم الغفير من الملائكة الأطهار ينحني ويخر ساجدا سجدة واحدة هائلة مهيبة .. إلا شخصا واحدا .. و واحدا فقط. تجمدت الدماء في عروقه .. عيناه جاحظتان يقدح منهما الشرر.. وأنفاسه مضطربة .. الخطب بدد حلمه .. هاهو ذاك الذي استضعفه واحتقر خلقته يسجد له الجميع .. الكل حتى المقربين منهم .. بل وقد أمر هو نفسه بالسجود له. لا يحتمل ... لايطيق كل هذا ... بلغ به الغيض أوج مبلغه .. تشنجت نفسه وتناثر تركيزه وتشوشت أفكاره ... لقد أصيب في الصميم .. في مقتله. يقف مرتبكا لا يقدر على شيء ... لأن الحالة أكبر منه .. عظم ما يخفيه استفحل وبلغ حد الإنفجار وهو الآن يضغط على حلقومه في آخر محاولات التمثيل والتظاهر .. ولا يملك غير الصمت .. لأنه لو تكلم لانفجر وفضح كل شيء .. لقد كشفت المعادلة .. ولأول مرة يوشك أن يخسر الإمتحان .. أمام كل من خدعهم .. لعمري إن الملائكة لأشد اندهاشا لصنيعه .. لهذا العصيان ..  ويستوي آدم قائما يتأمل الحياة والجميع سجدا له .. إلا شخص واحد يرمقه بنظرات حاقدة .. فلا يمهلهما الله الملك الحكيم غير قليل حتى يبدأ إبليس بالسؤال : يا إبليس .. ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي ..؟ وكان أشد شيء على نفسه سؤال كهذا ، أمام جمع كهذا ، وفي موقف مثل هذا ... لكم تمنى أن يعاقبه الله قبل أن يسأله .. لأنه يدرك تمام الإدراك أن الله سبحانه بهذا استوفى فيه العدل كل العدل وأنما جريرته تكون قد عولجت بكل قسط فلا يملك أمامها من سبيل ... أما وقد سؤل .. فبأي شيء يجيب ؟... ما عساه قول ؟؟.. هو يدرك أن الله يعلم ما يخفيه .. لكن ما عساه يقول أمام هؤلاء الملا ئكة ؟ أمام هؤلاء المندهشين الذين طالما رأو منه الصلاح والطاعة ..؟ بأي حق فعل هذا ..؟ .. بأي حق عصى الرب العظيم خالقه ..؟ كل هذا وكلكل من الغيظ عظيم يضغط على أنفاسه مجتمعا حول حلقه .. يمنع لسانه .. يخشى أن تندلق عبره أدران الغيض والحقد والكره .. تحامل على نفسه .. حاول ضبط لسانه .. وشدد التركيز ، فلم يجد أمامه من حجة إلا أن قال: أنا خير منه .. خلقتني من نار وخلقته من طين ... حينها وبعد أن انفلتت من ثنايا لسانه تعابير الطغيان والكبر ، وأبانت للجميع ماكان يخفيه .. إذا بالحقيقة الساطعة تقدح ، وإذا بالباطل المقنع يفضح ، وتصيبه اللعنة فتمسخه شيطانا رجيما..  عندها لم يطق النظر إليه غير قليل ...  -إلى أي حال بشعة صيرت نفسك يا إبليس ...؟ خاطب الجميع أنفسهم غير مصدقين .. -إلى أي قاع ألقى بك كبرياءك ..؟ هي الحقيقة لابد ظاهرة مهما طال أمد الخديعة والباطل ... فصبرا صبرا أهل الحق.

الفصل الثاني

يتداول بين الملائكة اسم هذا الضيف الجديد الغريب وما له من شأن عن الله الملك .. وكيف اختاره خليفة له على الأرض ..
يشتد الخلاف والجدل بعدما علم الجميع أن هذا المخلوق لن يفي الأمانة حقها وأن مسيرته على الأرض سيشوبها فساد وسفك دماء .. يشتد الجدل وقد سمعوا من راجع الله الخالق العظيم و ناقش أمر توليت هذا المفسد زمام خلافة الأرض ... 
-كيف يتولى الأمانة التي أشفقت من حملها السماوات والجبال ، مخلوق ضعيف ..؟؟ 
-وظلوم جهول فوق ذلك ..؟؟ 
الجميع أدرك أن أمرا عظيما قد أقبل ، وأن الحياة لن تبقى على حالها ... اضطراب عظيم ..الكل يستفتي والكل مختلف .. وإبليس يذكي جذوة الخلاف .
لايزال على حاله ظاهر الصلاح ، لكنه و في أعماق نفسه يدير الفكر في أمره وأمر هذا الجديد يحاول حل مشكلته ، كيف يمكنه استدراك الحالة وتجاوزها .. 
إذا بالله الملك العظيم يجمع الملائكة ، كل الملائكة في الساحة العظيمة أين يرقد جسد الإنسان يابسا باردا ..
وينضم إبليس في من انضم إلى الجمع الرهيب ..
-إنها لحظة الخلق .. لحظة النفخ ..
ويسود الصمت المهيب .. في حضرة صاحب الجلالة المطلقة والتقديس اللانهائي .. فلا تنبس شفة.
ويتكلم الحق جل جلاله مخاطبا الملائكة:
فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين 
الجميع ينصت للأمر بإذعان شديد ، وإبليس لا يملك حينها غير الصمت والترقب ..
وهاهي ذي النفخة تغرس الروح في آدم ، تسري في أوصاله، تنبت الحياة .. وإذا بالجم الغفير من الملائكة الأطهار ينحني ويخر ساجدا سجدة واحدة هائلة مهيبة .. إلا شخصا واحدا .. و واحدا فقط.
تجمدت الدماء في عروقه .. عيناه جاحظتان يقدح منهما الشرر.. وأنفاسه مضطربة ..
الخطب بدد حلمه .. هاهو ذاك الذي استضعفه واحتقر خلقته يسجد له الجميع .. الكل حتى المقربين منهم .. بل وقد أمر هو نفسه بالسجود له.
لا يحتمل ... لايطيق كل هذا ... بلغ به الغيض أوج مبلغه .. تشنجت نفسه وتناثر تركيزه وتشوشت أفكاره ... لقد أصيب في الصميم .. في مقتله.
يقف مرتبكا لا يقدر على شيء ... لأن الحالة أكبر منه .. عظم ما يخفيه استفحل وبلغ حد الإنفجار وهو الآن يضغط على حلقومه في آخر محاولات التمثيل والتظاهر .. ولا يملك غير الصمت .. لأنه لو تكلم لانفجر وفضح كل شيء .. لقد كشفت المعادلة .. ولأول مرة يوشك أن يخسر الإمتحان .. أمام كل من خدعهم ..
لعمري إن الملائكة لأشد اندهاشا لصنيعه .. لهذا العصيان .. 
ويستوي آدم قائما يتأمل الحياة والجميع سجدا له .. إلا شخص واحد يرمقه بنظرات حاقدة .. فلا يمهلهما الله الملك الحكيم غير قليل حتى يبدأ إبليس بالسؤال :
يا إبليس .. ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي ..؟
وكان أشد شيء على نفسه سؤال كهذا ، أمام جمع كهذا ، وفي موقف مثل هذا ... لكم تمنى أن يعاقبه الله قبل أن يسأله .. لأنه يدرك تمام الإدراك أن الله سبحانه بهذا استوفى فيه العدل كل العدل وأنما جريرته تكون قد عولجت بكل قسط فلا يملك أمامها من سبيل ...
أما وقد سؤل .. فبأي شيء يجيب ؟... ما عساه قول ؟؟.. هو يدرك أن الله يعلم ما يخفيه .. لكن ما عساه يقول أمام هؤلاء الملا ئكة ؟ أمام هؤلاء المندهشين الذين طالما رأو منه الصلاح والطاعة ..؟
بأي حق فعل هذا ..؟ .. بأي حق عصى الرب العظيم خالقه ..؟
كل هذا وكلكل من الغيظ عظيم يضغط على أنفاسه مجتمعا حول حلقه .. يمنع لسانه .. يخشى أن تندلق عبره أدران الغيض والحقد والكره ..
تحامل على نفسه .. حاول ضبط لسانه .. وشدد التركيز ، فلم يجد أمامه من حجة إلا أن قال:
أنا خير منه .. خلقتني من نار وخلقته من طين ...
حينها وبعد أن انفلتت من ثنايا لسانه تعابير الطغيان والكبر ، وأبانت للجميع ماكان يخفيه .. إذا بالحقيقة الساطعة تقدح ، وإذا بالباطل المقنع يفضح ، وتصيبه اللعنة فتمسخه شيطانا رجيما.. 
عندها لم يطق النظر إليه غير قليل ... 
-إلى أي حال بشعة صيرت نفسك يا إبليس ...؟ خاطب الجميع أنفسهم غير مصدقين ..
-إلى أي قاع ألقى بك كبرياءك ..؟
هي الحقيقة لابد ظاهرة مهما طال أمد الخديعة والباطل ... فصبرا صبرا أهل الحق.


*** 
مصطفى محاوي - أوت 2004

إستمع إلى البودكاست الإذاعي للحلقة من هنا :


#قصة #رواية # #الشيطان #والإنسان: #القصة #-2- # #مخلوق #ضعيف # # # # # #

الشيطان والإنسان: القصة -1- إبليس الصالح

0
الفصل الأول   سماء .. عبر سماء.. وجموع غفيرة من الملائكة ترنم في نغم ساحر تسابيح الحي القيوم ...  أرض جميلة .. كائنات ترعى في أمان .. وجن تترقب ...  في السماوات العلى وعبر ذلكم الجمال الخلاب .. تلفي أمامك أسراب الملائكة في نشاط وحركة .. والكل يسبح بحمد الله الملك ...  ثمة قبالتك في العلياء نفر من الملائكة الكرام يحيطون بالمقربين .. بؤلائك الملائكة الرائعين .. جبريل و ميكائيل ورفاقهما .. إنهم مقدسون وأنوارهم تتلألئ .. إنهم يتحدثون وجبريل الروح الأمين يخبرهم بجديد أوامر الله الملك العظيم ...  يتراىء لك من بينهم مخلوق ذو سنحة وسيمة .. يوزع بسماته بسخاء على من يلقاه ... إنه إبليس الصالح .. من سيدعى يوما .. ''الشيطان اللعين''.. ، هكذا يبدو للجميع من حوله غير أن لعينيه بريقا غريبا ... غامضا .. تتراقص من خلفه ومضات لهب في ضخيج من الأحاسيس .. في لغط من الأفكار ...  -الجن كل الجن تغبطك على منزلتك هذه التي وصلت إليها ...  -لا يهمني ما تقول الجن عني .. وليس هذا ما سعيت من أجله كل هذه القرون ..  -أتذكر يوم كنت على الأرض .. وكيف كان يستهزأ بك ..  -أجل .. لن أنسى ذلك أبدا ..  -لن تنسى كيف لم يعرك أحد اهتماما .. كيف احتقرت .. وكيف ظلمت  -لكنني ويوم أظفر بمنيتي .. سوف يجثون كلهم تحت قدمي في ذلة طلبا لرحمتي .. وطلبا لمغفرتي ..  -لكنهم الآن ليسوا أهلا لأن تعبأ بهم .. ولا لأن تضيع فيهم وقت تفكيرك الثمين ..  -عقلي هذا الذي لم يخيبني أبدا .. لطالما وثقت بقدراتي رغم احتقارات الجميع ..  -لم تشك يوما بأنك ستصل إلى ما وصلت إليه ..  -كم كان الطريق طويلا وصعبا .. عسيرا مليئا بالكمائن والتحديات ..  -لكن على غيري .. وليس علي أنااااااااااااااااااااااا  -( ألم تعد إلى رشدك بعد ..؟ )  -من ..؟؟ ... من هنا؟؟؟  -ضميرك الذي نفيته منذ دهور ..  -ألم أنهرك .. ألا تفهم ؟؟  -أخشى عليك .. من لعبتك التي تلعبها ...  -ألم أقل لك .. أن هذا ليس من شأنك .؟  -إصبر علي .. فلعل هذا آخر عهدي بك ..  -ليس عندي وقت لك ..!!!!  -ألا تعلم أنك وإن خدعت الخلق جميعا، فإنك لن تستطيع أن تخدع الله خالقك ..؟؟ ألا تعلم أنه هو من خلقك وهو مطلع على قلبك ،يسمع حديثنا هذا ..؟؟ .. كيف انطلت حيلتك عليك ..؟؟ كيف تتظاهر بالطاعة والعبادة والإخلاص له .. ؟؟ وقلبك يبغضه ..؟؟  هل سينفعك المعجبون من حولك ،لو أراد ربك إنزال العقاب بك ..؟؟  -لن يستطيع الله معاقبتي ..!!!!  -ويلك ..!!!!؟؟ .. ما تقول ..؟؟؟  -لن يستطيع الله معاقبتي .. فعدله سيمنعني منه ، وعدله سيعطيني منزلتي التي أستحقها...  -ويحك ..!!!! .. أي جرأة تتجرأ بها على ربك ..؟؟؟  -ألستُ بشهادة خلقه كلهم أحسنهم عبادة له ...؟؟  -و أنا وقلبك نشهد أنك شر عباده سريرة له ..  -إليك عني ..!!!!  -متى كان القرب من الله حركات جوفاء وتمتمات بلا روح ..؟ .. ويلك .. إني أحذرك مقام ربك .. أغرك عدله وطول حلمه ..؟ .. إن شاء عذبك بعلمه .. ولن يُسأل عن فعله، سبحانه عليم بخفايا عباده ..  -ألم أنهك أن تعود إلي ..؟ .. فلستَ إلا جنديا من جنده .. بعثك لتثنيني عن مطلبي .. فلقد أعجزته .. ولم يجد لي حلا إلا أن أتراجع بمحض إرادتي .. ولن أفعل ...  -ويحك استغفر ..!!!! .. استغفر ربك وإلا أخذك غضبه .. ونزل بك سخطه ..!!!!  -هل تهددني ..؟؟  -بل أحذرك .. أن تُهلك نفسك ثم تندم حيث لا ينفع الندم ..  -أندم ..؟؟ .. هههه .. سأندم يوم أضيع هذه الفرصة التي سنحت .. يوم أضيع هذا الجهد الذي بذلته طوال هذه الأحقاب .. يوم أترك هذا المجد وأعود إلى الأرض ليسخر مني الجميع .. أجل .. يومها سأندم ..  -إلى أي جحيم تقود نفسك ..؟ .. ما أغباك ..!!!!  -بل إلى أي جحيم تردني أنت ..!!!! .. وأي نعيم تريد حرماني منه .. متى كنت تهتم بمصلحي ..؟ أين كنت يوم احتقرني الجميع ..؟ أين كان الله يوم داس علي سفهاء الأرض طغيانا وتكبرا ..؟ .. واليوم وقد صار المجد رهين خطوة أخطوها .. فجأة .. أصبحت مصلحتي تهمكم ..؟؟  -لم تتغير .. ليس ينفع معك نصح و لا تقريع ..  -لست أثق فيك ولا في أحد غيرك .. كلكم عبيد له .. تتملقونه وتخافون منه .. وفي خضوع أغمضتم أعينكم عن الحقيقة ..  -هههه .. أي حقيقة .. أرشدنا الله وإياك ..؟؟؟!!!!  -ألم يسأل فيكم أحد نفسه، من أين جاء الله ..؟؟؟  -أعوذ بالله منك ومن شرك ..!!!!  -بل أعوذ برجاحة عقلي منك ومن خذلانك .. فلا تقربني بعد الآن .. انصرف عني ..!!!!  -اللهم فاشهد ،أني قد أنذرته وأخلصت له النصيحة ..  -.........................................  -سلام من الله عليك ، عسى أن يرحمك برحمته .   هو هو لم يتغير بعد مرور الزمن الطويل .. وهاهو قد أضحى في زمرة الملائكة المقربين كثير التسبيح ظاهر الصلاح مهاب المقام .. لم يبقى في مخططه إلا أن يكون على رأس هرم المخلوقات .. أن يكون هو أكرم الخلق عند الله من الملائكة أنفسهم .. حتى المقربين منهم .. بذلك يكون في نظره قد اجتمعت تحت قبضته من الأسباب ما لم يجتمع لمخلوق يوما ... ويومها يضرب ضربته وينفرد بالملك ليفعل ما يشاء .. ويكون له من سلطة الألوهية ما تمنى ..  وعند الله قد استوفى الفرصة كل الفرصة التي أتيحت له .. بعدما أراد لنفسه مصيرها المحتوم ..  عندها وهاذ المخلوق في غمرة نشوته ، يعتقد أنه قد انتصر على الله الذي كان يريد إسقاطه وإخراج أضغانه .. وهاهو على أعتاب المجد والملك ليس بينه وبين مناه إلا خطوة يخطوها .. يراها يسيرة..  حان عند الله تبارك اسمه أن يفضحه أمام الخلائق كلها .. أمام كل من خدعهم .. ليُعَلم الجميع أن ليس ثمة للظاهر سلطان على ما يخفيه الباطن .. أن ثمة حاجة تحيك بين الضلوع والجوانح هي ما يقاس عليها .. وأنك أمام الله بها مهما أظهرت لغيره .. وأن إلى الله المرد فتنخلع عنده عن نفسك ما كانت تتستر به من أقنعة .. تفتضح حينها وقلبك أمام ربك وأمامك يشهد بما أسررت وينضح بما ينضح ، ويومها ينفع الصادقين صدقهم ..  وأن ثمة فيه رحيق الحب يغذي أزهار الإيمان فيبعث عطرها الأوار .. لا مناظر فحسب تخدع الأبصار .. وأن ثمة الأنوار .. تشع متدفقة تسري من بين يديك ، تنير لك الطريق ، تعصمك من الضلال والهلاك .. هي ذي الحقيقة فلتعلم ..  هاهو الله الخالق العظيم يبشر الملائكة الكرام بما خبأء لهذه الحياة .. بمخلوق جديد إسمه آدم الإنسان ، ليكون عند الله خير الخلق وأقربهم إليه منزلة ..  أجل وفي غمرة عزه المزعوم وطموحة الجائر ، وبعد أن جهز نفسه لاعتلاء هذه المنزلة ... إذا به يرى بأم عينيه مخلوقا آخر ينتزعها من بين يديه ... أليس هو الذي عمل الزمن الطويل منذ الدهر السحيق وتعب التعب العظيم وتكبد المشاق وغامر وراوغ ليصل إلى هنا .. أبعد كل هذا مخلوق آخر لم تسري الروح في أوصاله بعد .. لم تلمسه نسمة الحياة بعد .. لا يزال بعد طينا لازبا .. طين مجندل أجوف ؟؟؟  لكنه لن يستسلم وسيستمر في تنكره متما لخطته ..إن أمكنه ذلك ..  الملا ئكة المقربون في نشاط غير مسبوق يتفقدون جموع الخلائق .. أمر من عند الرحمان أم سر جديد سيكشفه تعالى ؟  -مخلوق جديد ... مخلوق جديد...  هذا ما أضحى تردده الألسنة في أقطار السماوات ..  -مخلوق من طين ..  والكل يترقب ...

الفصل الأول 

سماء .. عبر سماء.. وجموع غفيرة من الملائكة ترنم في نغم ساحر تسابيح الحي القيوم ... 
أرض جميلة .. كائنات ترعى في أمان .. وجن تترقب ... 
في السماوات العلى وعبر ذلكم الجمال الخلاب .. تلفي أمامك أسراب الملائكة في نشاط وحركة .. والكل يسبح بحمد الله الملك ... 
ثمة قبالتك في العلياء نفر من الملائكة الكرام يحيطون بالمقربين .. بؤلائك الملائكة الرائعين .. جبريل و ميكائيل ورفاقهما .. إنهم مقدسون وأنوارهم تتلألئ .. إنهم يتحدثون وجبريل الروح الأمين يخبرهم بجديد أوامر الله الملك العظيم ... 
يتراىء لك من بينهم مخلوق ذو سنحة وسيمة .. يوزع بسماته بسخاء على من يلقاه ... إنه إبليس الصالح .. من سيدعى يوما .. ''الشيطان اللعين''.. ، هكذا يبدو للجميع من حوله غير أن لعينيه بريقا غريبا ... غامضا .. تتراقص من خلفه ومضات لهب في ضخيج من الأحاسيس .. في لغط من الأفكار ... 
-الجن كل الجن تغبطك على منزلتك هذه التي وصلت إليها ... 
-لا يهمني ما تقول الجن عني .. وليس هذا ما سعيت من أجله كل هذه القرون .. 
-أتذكر يوم كنت على الأرض .. وكيف كان يستهزأ بك .. 
-أجل .. لن أنسى ذلك أبدا .. 
-لن تنسى كيف لم يعرك أحد اهتماما .. كيف احتقرت .. وكيف ظلمت 
-لكنني ويوم أظفر بمنيتي .. سوف يجثون كلهم تحت قدمي في ذلة طلبا لرحمتي .. وطلبا لمغفرتي .. 
-لكنهم الآن ليسوا أهلا لأن تعبأ بهم .. ولا لأن تضيع فيهم وقت تفكيرك الثمين .. 
-عقلي هذا الذي لم يخيبني أبدا .. لطالما وثقت بقدراتي رغم احتقارات الجميع .. 
-لم تشك يوما بأنك ستصل إلى ما وصلت إليه .. 
-كم كان الطريق طويلا وصعبا .. عسيرا مليئا بالكمائن والتحديات .. 
-لكن على غيري .. وليس علي أنااااااااااااااااااااااا 
-( ألم تعد إلى رشدك بعد ..؟ ) 
-من ..؟؟ ... من هنا؟؟؟ 
-ضميرك الذي نفيته منذ دهور .. 
-ألم أنهرك .. ألا تفهم ؟؟ 
-أخشى عليك .. من لعبتك التي تلعبها ... 
-ألم أقل لك .. أن هذا ليس من شأنك .؟ 
-إصبر علي .. فلعل هذا آخر عهدي بك .. 
-ليس عندي وقت لك ..!!!! 
-ألا تعلم أنك وإن خدعت الخلق جميعا، فإنك لن تستطيع أن تخدع الله خالقك ..؟؟ ألا تعلم أنه هو من خلقك وهو مطلع على قلبك ،يسمع حديثنا هذا ..؟؟ .. كيف انطلت حيلتك عليك ..؟؟ كيف تتظاهر بالطاعة والعبادة والإخلاص له .. ؟؟ وقلبك يبغضه ..؟؟ 
هل سينفعك المعجبون من حولك ،لو أراد ربك إنزال العقاب بك ..؟؟ 
-لن يستطيع الله معاقبتي ..!!!! 
-ويلك ..!!!!؟؟ .. ما تقول ..؟؟؟ 
-لن يستطيع الله معاقبتي .. فعدله سيمنعني منه ، وعدله سيعطيني منزلتي التي أستحقها... 
-ويحك ..!!!! .. أي جرأة تتجرأ بها على ربك ..؟؟؟ 
-ألستُ بشهادة خلقه كلهم أحسنهم عبادة له ...؟؟ 
-و أنا وقلبك نشهد أنك شر عباده سريرة له .. 
-إليك عني ..!!!! 
-متى كان القرب من الله حركات جوفاء وتمتمات بلا روح ..؟ .. ويلك .. إني أحذرك مقام ربك .. أغرك عدله وطول حلمه ..؟ .. إن شاء عذبك بعلمه .. ولن يُسأل عن فعله، سبحانه عليم بخفايا عباده .. 
-ألم أنهك أن تعود إلي ..؟ .. فلستَ إلا جنديا من جنده .. بعثك لتثنيني عن مطلبي .. فلقد أعجزته .. ولم يجد لي حلا إلا أن أتراجع بمحض إرادتي .. ولن أفعل ... 
-ويحك استغفر ..!!!! .. استغفر ربك وإلا أخذك غضبه .. ونزل بك سخطه ..!!!! 
-هل تهددني ..؟؟ 
-بل أحذرك .. أن تُهلك نفسك ثم تندم حيث لا ينفع الندم .. 
-أندم ..؟؟ .. هههه .. سأندم يوم أضيع هذه الفرصة التي سنحت .. يوم أضيع هذا الجهد الذي بذلته طوال هذه الأحقاب .. يوم أترك هذا المجد وأعود إلى الأرض ليسخر مني الجميع .. أجل .. يومها سأندم .. 
-إلى أي جحيم تقود نفسك ..؟ .. ما أغباك ..!!!! 
-بل إلى أي جحيم تردني أنت ..!!!! .. وأي نعيم تريد حرماني منه .. متى كنت تهتم بمصلحي ..؟ أين كنت يوم احتقرني الجميع ..؟ أين كان الله يوم داس علي سفهاء الأرض طغيانا وتكبرا ..؟ .. واليوم وقد صار المجد رهين خطوة أخطوها .. فجأة .. أصبحت مصلحتي تهمكم ..؟؟ 
-لم تتغير .. ليس ينفع معك نصح و لا تقريع .. 
-لست أثق فيك ولا في أحد غيرك .. كلكم عبيد له .. تتملقونه وتخافون منه .. وفي خضوع أغمضتم أعينكم عن الحقيقة .. 
-هههه .. أي حقيقة .. أرشدنا الله وإياك ..؟؟؟!!!! 
-ألم يسأل فيكم أحد نفسه، من أين جاء الله ..؟؟؟ 
-أعوذ بالله منك ومن شرك ..!!!! 
-بل أعوذ برجاحة عقلي منك ومن خذلانك .. فلا تقربني بعد الآن .. انصرف عني ..!!!! 
-اللهم فاشهد ،أني قد أنذرته وأخلصت له النصيحة .. 
-......................................... 
-سلام من الله عليك ، عسى أن يرحمك برحمته . 

هو هو لم يتغير بعد مرور الزمن الطويل .. وهاهو قد أضحى في زمرة الملائكة المقربين كثير التسبيح ظاهر الصلاح مهاب المقام .. لم يبقى في مخططه إلا أن يكون على رأس هرم المخلوقات .. أن يكون هو أكرم الخلق عند الله من الملائكة أنفسهم .. حتى المقربين منهم .. بذلك يكون في نظره قد اجتمعت تحت قبضته من الأسباب ما لم يجتمع لمخلوق يوما ... ويومها يضرب ضربته وينفرد بالملك ليفعل ما يشاء .. ويكون له من سلطة الألوهية ما تمنى .. 
وعند الله قد استوفى الفرصة كل الفرصة التي أتيحت له .. بعدما أراد لنفسه مصيرها المحتوم .. 
عندها وهاذ المخلوق في غمرة نشوته ، يعتقد أنه قد انتصر على الله الذي كان يريد إسقاطه وإخراج أضغانه .. وهاهو على أعتاب المجد والملك ليس بينه وبين مناه إلا خطوة يخطوها .. يراها يسيرة.. 
حان عند الله تبارك اسمه أن يفضحه أمام الخلائق كلها .. أمام كل من خدعهم .. ليُعَلم الجميع أن ليس ثمة للظاهر سلطان على ما يخفيه الباطن .. أن ثمة حاجة تحيك بين الضلوع والجوانح هي ما يقاس عليها .. وأنك أمام الله بها مهما أظهرت لغيره .. وأن إلى الله المرد فتنخلع عنده عن نفسك ما كانت تتستر به من أقنعة .. تفتضح حينها وقلبك أمام ربك وأمامك يشهد بما أسررت وينضح بما ينضح ، ويومها ينفع الصادقين صدقهم .. 
وأن ثمة فيه رحيق الحب يغذي أزهار الإيمان فيبعث عطرها الأوار .. لا مناظر فحسب تخدع الأبصار .. وأن ثمة الأنوار .. تشع متدفقة تسري من بين يديك ، تنير لك الطريق ، تعصمك من الضلال والهلاك .. هي ذي الحقيقة فلتعلم .. 
هاهو الله الخالق العظيم يبشر الملائكة الكرام بما خبأء لهذه الحياة .. بمخلوق جديد إسمه آدم الإنسان ، ليكون عند الله خير الخلق وأقربهم إليه منزلة .. 
أجل وفي غمرة عزه المزعوم وطموحة الجائر ، وبعد أن جهز نفسه لاعتلاء هذه المنزلة ... إذا به يرى بأم عينيه مخلوقا آخر ينتزعها من بين يديه ... أليس هو الذي عمل الزمن الطويل منذ الدهر السحيق وتعب التعب العظيم وتكبد المشاق وغامر وراوغ ليصل إلى هنا .. أبعد كل هذا مخلوق آخر لم تسري الروح في أوصاله بعد .. لم تلمسه نسمة الحياة بعد .. لا يزال بعد طينا لازبا .. طين مجندل أجوف ؟؟؟ 
لكنه لن يستسلم وسيستمر في تنكره متما لخطته ..إن أمكنه ذلك .. 
الملا ئكة المقربون في نشاط غير مسبوق يتفقدون جموع الخلائق .. أمر من عند الرحمان أم سر جديد سيكشفه تعالى ؟ 
-مخلوق جديد ... مخلوق جديد... 
هذا ما أضحى تردده الألسنة في أقطار السماوات .. 
-مخلوق من طين .. 
والكل يترقب ... 

*** 
مصطفى محاوي - أوت 2004

إستمع إلى البودكاست الإذاعي للحلقة من هنا :


#قصة #رواية #الشيطان #والإنسان: #القصة #-1- # #إبليس #الصالح # # # # # # #
يتم التشغيل بواسطة Blogger.