الشيطان والإنسان: القصة -8- تشوهت الحياة

0
الفصل الثامن  تدوي الأرض .. تردد الجبال .. تهتز السماوات ..!! .. تفر المخلوقات في ذعر شديد ..!! .. تتصايح الشياطين والعفاريت معربدة من كل صوب ..!! .. ينطلق من الغابة مقلعا في الجو ذلك الشبح الأسود .. يخترق السحب قاصدا قمة شاهقة ، وهو لا يكف عن الصياح والزئير في نشوة ..!! يعتلي القمة .. باسطا جناحيه ماوسعه .. ينتفخ .. يرفع هامته الخبيثة نحو السماء .. تتقد عيناه .. ويطلق ضحكاته الصاخبة .. قهقهاته الماجنة ، مفرغا ما أضمر في داخله العاتم .. وهو يعوي ...... ..!! آدم عليه السلام .. أنفاسه مضطربة .. وندى الدموع يبلل أهدابه .. يضغط على حلقه وقد إلتزم الصمت .. والصالحين من حوله حُبست أنفاسهم .. ولا أحد ينبس .. لقد أزهقت نفس ..!! نفس بريئة .. طيبة .. بغير حق .. وساد الصمت الحزين ... -بكل هذه العجلة ..؟؟  -بكل هذه السرعة انحرف المسار ..؟ -تشوهت الحياة ..؟؟ -وآدم لا يزال حيا ..؟؟؟ -أيعقل هذا ..؟ - أيعقل أن تستهل الحياة أنفاسها الأولى بهذا الاضطراب ..؟  -بهذا الحزن والأسى ..؟ .. بهذا الخلاف ..؟ بهذا الحقد والبغض ..؟؟ -أيعقل ..؟؟؟ وترتدي البشرية ثياب الحزن والحداد وتخشع الأنفس .. كل الأنفس من هول الصدمة ... .. وتستمر الحياة متعثرة ثقيلة على عير ما اعتادت .. ولا تتقلب الأيام كثيرا حتى تعيد للبشرية وشاح الحداد والحزن .. واليوم مسافر ليس كغيره .. سافر القلب الرحيم .. تسافر اليد الحليمة .. تسافر البصيرة النافذة و العقل الراجح .. يسافر الأب العطوف إلى غير رجعة ... ويقضي آدم عليه السلام أجله ، لينتهي دوره على هذه الدنيا .. عائدا إلى ربه وقد أدى ما عليه .. عائدا إلى الجنة حيث سينتظر فيها بنيه ليريهم الحقيقة التي طالما حدثهم عنها ووعدهم بها .. كل بنيه سيعودن يوما ما .. وسيرون الحقيقة بأم أعينهم .. لكن ليسوا جميعا سيلتقونه في الجنة..!!  تاركا خلفه ملحمة شرسة .. ومشروعا متعثرا .. لم ينعم يرؤيته يتحقق على الأرض ..لا ولا الذين تركهم من خلفه سينعمون ..!! هكذا شاء قدر الله الحكيم ، إلى حين يقدر له الخالق عز وجل من ينتشله ويعيد الأمل فيه فيحققه ... سوف لن يكون قريبا .. لكنه سيكون يوما .. سيكون .. من ذا الذي سيقهر هذا الباطل ..؟؟ من سيعيد للبشرية حقيقتها ..؟ ..!!  ويعيد حشرها نحو الصراط الستقيم .. من هو المبارك الذي سيفلح فيما عجز عنه الأبرار.. كل الأبرار ..؟؟؟ إنه المبارك الذي بشر به الأب قبل رحيله ... وأوصاهم بأن يتبعوه إذا أرسله الله لهم .. أي زمن سعيد ستشرق فيه يا رسول الله على هذه الدنيا ..؟! العرش المظلم يشهد صخبا غير معتاد .. إنها أهازيج النصر .. ومجون الفرح .. وضوضاء .. لكن صاحب الأمر ليس من بين الحضور .. يبدوا أنه قد غادر العرش .. وهاهو ذا تتبعه أسراب العفاريت .. إنه يحط غير بعيد عن ذلك الضريح الطاهر .. مثوى النبي آدم عليه السلام .. يتقدم تاركا جمهرة العفاريت من خلفه .. هاهو يقف على شفيره .. ويظل صامتا ردحا من الوقت .. غير أن لملامح وجهه الدنيئة أكثر من إيحاء .. هاهي ذي بسمة حقيرة تبين عن بعض أنيابه .. وبريق عينيه ينم عن تعابير مزدحمة .. لأنفاسه هدوء، وكأنما اطمأن على حاله هذه .. فجاة .. يرفع رأسه نحو السماء وقد اكتظ وجهه بالدناءة والخبث .. يعض على انيابه .. يئن .. يئن بشدة والزبد يتطاير من ثغره ..  وكأنما يخاطب آدم .. ويتوعده بالمزيد ..!! ويصرخ .. صرخات طوال ..!! يخترق الوهاد وحيدا يجر أسباله .. ذاك القاتل المنبوذ .. لفظه المجتمع .. رفضته البشرية في مقت .. يمشي وحيدا .. لا يلوي على شيء .. مشتت التفكير .. مضطرب الأنفاس .. حيران وكعادته في الفلات يستهويه رهط من الشياطين ... يطل على الفلات من على جرف شاهق زعيمهم الكبير .. يطل الشيطان وعيناه تتبعان القاتل المنبوذ .. تنفض الشياطين في مذلة وقد لاحظت اقتراب اللعين نحو هذا المنبوذ ... .. وهاهما الآن في الفلات معا .. إذ يوحي إلى قرينه ما يوحي .. .

الفصل الثامن

تدوي الأرض .. تردد الجبال .. تهتز السماوات ..!! .. تفر المخلوقات في ذعر شديد ..!! .. تتصايح الشياطين والعفاريت معربدة من كل صوب ..!! ..
ينطلق من الغابة مقلعا في الجو ذلك الشبح الأسود .. يخترق السحب قاصدا قمة شاهقة ، وهو لا يكف عن الصياح والزئير في نشوة ..!!
يعتلي القمة .. باسطا جناحيه ماوسعه .. ينتفخ .. يرفع هامته الخبيثة نحو السماء .. تتقد عيناه .. ويطلق ضحكاته الصاخبة .. قهقهاته الماجنة ، مفرغا ما أضمر في داخله العاتم .. وهو يعوي ...... ..!!
آدم عليه السلام .. أنفاسه مضطربة .. وندى الدموع يبلل أهدابه .. يضغط على حلقه وقد إلتزم الصمت .. والصالحين من حوله حُبست أنفاسهم .. ولا أحد ينبس ..
لقد أزهقت نفس ..!!
نفس بريئة .. طيبة .. بغير حق .. وساد الصمت الحزين ...
-بكل هذه العجلة ..؟؟ 
-بكل هذه السرعة انحرف المسار ..؟
-تشوهت الحياة ..؟؟
-وآدم لا يزال حيا ..؟؟؟
-أيعقل هذا ..؟
- أيعقل أن تستهل الحياة أنفاسها الأولى بهذا الاضطراب ..؟ 
-بهذا الحزن والأسى ..؟ .. بهذا الخلاف ..؟ بهذا الحقد والبغض ..؟؟
-أيعقل ..؟؟؟
وترتدي البشرية ثياب الحزن والحداد وتخشع الأنفس .. كل الأنفس من هول الصدمة ...
.. وتستمر الحياة متعثرة ثقيلة على عير ما اعتادت ..
ولا تتقلب الأيام كثيرا حتى تعيد للبشرية وشاح الحداد والحزن .. واليوم مسافر ليس كغيره .. سافر القلب الرحيم .. تسافر اليد الحليمة .. تسافر البصيرة النافذة و العقل الراجح .. يسافر الأب العطوف إلى غير رجعة ...
ويقضي آدم عليه السلام أجله ، لينتهي دوره على هذه الدنيا .. عائدا إلى ربه وقد أدى ما عليه .. عائدا إلى الجنة حيث سينتظر فيها بنيه ليريهم الحقيقة التي طالما حدثهم عنها ووعدهم بها .. كل بنيه سيعودن يوما ما .. وسيرون الحقيقة بأم أعينهم .. لكن ليسوا جميعا سيلتقونه في الجنة..!! 
تاركا خلفه ملحمة شرسة .. ومشروعا متعثرا .. لم ينعم يرؤيته يتحقق على الأرض ..لا ولا الذين تركهم من خلفه سينعمون ..!!
هكذا شاء قدر الله الحكيم ، إلى حين يقدر له الخالق عز وجل من ينتشله ويعيد الأمل فيه فيحققه ... سوف لن يكون قريبا .. لكنه سيكون يوما .. سيكون ..
من ذا الذي سيقهر هذا الباطل ..؟؟
من سيعيد للبشرية حقيقتها ..؟ ..!! 
ويعيد حشرها نحو الصراط الستقيم .. من هو المبارك الذي سيفلح فيما عجز عنه الأبرار.. كل الأبرار ..؟؟؟
إنه المبارك الذي بشر به الأب قبل رحيله ... وأوصاهم بأن يتبعوه إذا أرسله الله لهم ..
أي زمن سعيد ستشرق فيه يا رسول الله على هذه الدنيا ..؟!
العرش المظلم يشهد صخبا غير معتاد .. إنها أهازيج النصر .. ومجون الفرح .. وضوضاء .. لكن صاحب الأمر ليس من بين الحضور .. يبدوا أنه قد غادر العرش .. وهاهو ذا تتبعه أسراب العفاريت ..
إنه يحط غير بعيد عن ذلك الضريح الطاهر .. مثوى النبي آدم عليه السلام .. يتقدم تاركا جمهرة العفاريت من خلفه ..
هاهو يقف على شفيره .. ويظل صامتا ردحا من الوقت .. غير أن لملامح وجهه الدنيئة أكثر من إيحاء ..
هاهي ذي بسمة حقيرة تبين عن بعض أنيابه .. وبريق عينيه ينم عن تعابير مزدحمة ..
لأنفاسه هدوء، وكأنما اطمأن على حاله هذه ..
فجاة .. يرفع رأسه نحو السماء وقد اكتظ وجهه بالدناءة والخبث .. يعض على انيابه .. يئن .. يئن بشدة والزبد يتطاير من ثغره .. 
وكأنما يخاطب آدم .. ويتوعده بالمزيد ..!!
ويصرخ .. صرخات طوال ..!!
يخترق الوهاد وحيدا يجر أسباله .. ذاك القاتل المنبوذ .. لفظه المجتمع .. رفضته البشرية في مقت .. يمشي وحيدا .. لا يلوي على شيء .. مشتت التفكير .. مضطرب الأنفاس .. حيران وكعادته في الفلات يستهويه رهط من الشياطين ...
يطل على الفلات من على جرف شاهق زعيمهم الكبير .. يطل الشيطان وعيناه تتبعان القاتل المنبوذ ..
تنفض الشياطين في مذلة وقد لاحظت اقتراب اللعين نحو هذا المنبوذ ...
.. وهاهما الآن في الفلات معا .. إذ يوحي إلى قرينه ما يوحي .. . 

***
تمت بحمد الله 
مصطفى محاوي
الثلاثاء 18 أوت 2004

إستمع إلى البودكاست الإذاعي للحلقة من هنا :


#قصة #رواية # # #الشيطان #والإنسان: #القصة #-8- #تشوهت #الحياة #
يتم التشغيل بواسطة Blogger.