كتبت يوم ما من أيام عام 2011 م
إلى وقت النهاية
إذن ... فعلى المؤمنين ترقب العلامات ... ولكن ماذا عن رجسة الخراب هذه ...؟
بني ... هي من كلام النبي دانيال الذي رأى في رُأياه نبأ آخر الزمان وأحداثه ... فيها كلام كثير لست أدري إن كنت تستطيع استيعابه ...؟
أبتي ... ما جئت من كاليفورنيا إلى هنا وتركت عملي .. إلا لأستوعب هذا الكلام
حسنا بني ... لعلك وحدك من يبحث عن مثل هذه الأخبار في زمننا هذا (وأخرج من درجه الكتاب المقدس ثم تناول نظاراته وهو يقول)... اسمع .. كان دانيال نبيا عظيما من انبياء اليهود عندما كانوا أسرى في مملكة بابل العظيمة ، قبل الميلاد زهاء السبعة قرون ... وبلغ من مجده أن صار وزيرا لملوك متعاقبين على الحكم هناك ... وكان يرى في منامه أحداثا سرعان ما تحققها الأيام ، وكان يكتم بعضها بأمر من ملاك الله ويكتبها سرا ،لأنها من خبر آخر الأيام ... يقول في واحدة منها :( أن الدجال يشتد غيضه على المتمسكين بالعهد المقدس .. فيتخذ له بطانة من الذين خانوا عهد الله .. فيحرك أذرعه الخفية لتُنجس المقدِسَ الحصين ... و تبني الرجس المخرب عليه ... فيغوي الناس على نكث عهد الله بزخارف الحياة ... أما المؤمنون الذين لم يرتابوا في ربهم فيثبتون ويجاهدونه ... وأصحاب الفهم من المؤمنين يُعلِمون كثيرا من الناس .. فينزل الدجال بهم ضربا بالسيف والنار والسبي والنهب أياما ... وكلما انهزم المؤمنون لا يجدون من العون إلا قليلا .. فتتصل بهم أطراف كثيرة تعرض عليهم عروضا لينكثوا عهد الله ... حتى أن بعض الفاهمين يتعثرون امتحانا لهم وتطهيرا من الله للمؤمنين ... وسمع دانيال في الرؤيا قديسا من قديسي الله يقول :" إلى متى تبقى معصية الخراب على القدس ويبقى جند الله مدوسين ..؟" فأجابه قديس آخر :" ماهي إلا ليالي وأيام حتي يتبرأ القدس من هذا الرجس ".... ثم إن كثيرين سوف يُغربَلون ويمحصون ويُطهرون ... فيتيه الأشرار غير مدركين لما يجري .. ووحدهم الفاهمون يفهمون ... فطوبى لمن انتظر ... وإذا على سحب السماء كأن ابن الإنسان أتى .. ونزل بين الأطهار، فقربوه قدامهم ... فأعطي سلطانا ومجدا وملكوتا وذلت له شعوب الأرض كلها ...) ولما أتم دانيال الرؤيا قال له ملاك الرب :« أَمَّا أَنْتَ يَا دَانِيآلُ فَأَخْفِ الْكَلاَمَ وَاخْتِمِ السِّفْرَ إِلَى وَقْتِ النِّهَايَةِ. فكَثِيرُونَ سيَتَصَفَّحُونَهُ وَالْمَعْرِفَةُ ستَزْدَادُ».
ثم أغلق الأب الكتاب وانتظر تعليقا من بيلي الذي أذهلته هذه الكلمات
أظن .. انه لا يزال أمامي الكثير لأبحث عنه ... كلما طلبتُ جوابا ، ظفرت بأسئلة جديدة ... (قال بيلي) .. لكن أبتي إن كان المسيح طالب المؤمنين بالصبر و بالوقوف شاهدين بالحق أمام الأمم ... و دانيال يصف أعداء الدجال بأنهم يُعلمون الناس ... فأين هم هؤلاء الصادعون بالحق والمعلمون ..؟
(فنظر إليه الأب ،ثم قال) إنهم موجودون .. لكنهم مختفون لأنهم مضطهدون ... ومهددون بالقتل يا بني ..
فكيف يجتمع الاختفاء والخوف مع الشهادة بالحق أمام جميع الأمم ..؟
بني ... لا تتعجل الفهم ... فلا تزال هنالك الكثير من الخفايا التي لا تعلمها و لا يعلمها حتى العجوز الجالس أمامك، الذي أمضى عمره كله في البحث عنها ... لأجل ذلك .. فالمسير في طريق الأسرار المقدسة يحتاج صبرا وطول نفس يا بني
وبعدما آنس الأب من بيلي الاكتفاء .. بادره بالكلام :
أما وقد حاولتُ أن أجيب عن أسئلتك الصعبة ، فاسمح لي أن أسألك سؤالا واحدا ... من أين لك بهذه المعلومات عن مسايا اليهود ..؟
من صفحات الإنترنت طبعا ..
إذا فهي فكرة سيئة .. بني ... كان الأجدر بك أن لا تقع كالفراشة الضعيفة في شبكة العنكبوت الرهيبة هذه ... كان الأجدى والأكثر أمانا لك أن تقصد المكتبات وتتصفح أوراق الكتب هناك ... فلتحترس أكثر بني
لكن بيلي لم يعقب على كلام الأب ولزم الصمت ،
ثم ودعه وقفل عائدا ... في المطار اتصلت به آنا جزعة وهي تقول له :
لقد جاءنا اليوم رجل ادعى أنه من الشرطة الفدرالية .. سأل عنك وعن عملك ، وطلب رؤية غرفتك لكننا تحججنا بغيابك ومنعناه ...
لا يحتاج الأمر إلى كل هذا الجزع .. فلا تقلقي .. أعتقد انها مخالفة إنترنت ، جاء الرجل ليستفسر عنها .. ليس أكثر
وفي الطائرة أخذ يفكر بيلي في كل ما يجري من حوله وفي كلام الأنبياء الذي سمعه من الأب .. هل تراها محاولات لإرهابه وثنيه عن مواصلة طريقه في البحث عن الحقيقة ... هل بعد كل الذي عرفه يتراجع ... هل يلقي بكل هذه النبوءات خلف ظهره ... كان يتساءل عن أطهار الله الذين لا يخافون الجهر بالحق .. فلم لا يكون واحدا منهم وقد لاحت الفرصة أمامه ليختبر عزمه ... فعزم على أمره .. ما الذي سيخسره ..؟ .. بعد أن خسر نصف جسده في الحادث .. كم بقي أمامه ليعيشه في هذه الدنيا ... فلم لا يجعل لأيامه الباقية معنى ... ويعيش لفكرة تستحق الحياة والموت لأجلها ... هكذا عزم بيلي وأضمر في قلبه .
في كاليفورنيا ... حاول بيلي طمأنة الجميع بأن الأمر ليس أكثر من مشكلة على الإنترنت .. ثم اختلى بآنا وقال لها :
ركزي معي جيدا .. فثمة أمر خطير يحدث من حولنا .. وأحتاج مساعدتك .. اسمعي جيدا ، سوف تصلك رسائل إلكترونية باسم مستعار هو "باسكال" حاولي أن ترسليها إلى أكبر عدد ممكن من الأصدقاء عندما أطلب منك ذلك ...
ما الأمر بيلي ... ما الذي يحدث ..؟
لا أستطيع أن أشرح لك كل شيء الآن ... لكنك إذا قرأت تلك الرسائل ، ستفهمين الموضوع ...
ثم اختلى ببيتر وديفد كل على حدى وطلب منهما نفس الشيء ...
وفي المساء عمد بيلي إلى الدخول إلى الإنترنت هذه المرة باسمه المستعار "باسكال" وسارع بإنشاء مجموعة من المواقع المتفرقة ونظم معلوماته التي جمعها بشكل مقالات محددة ،قام بنشرها على دفعات ثم بدأ بإرسال رسائله إلى كل من تمكن من الظفر ببريده الإلكتروني ... واستمر يعمل طيلة الليل ...
في الصباح وعندما خرج من غرفته .. وجد رفاق سره ينظرون إليه نظرات كلها دهشة واستغراب لكن أحدا منهم لم ينبس بكلمة ... واستمر عملهم كعادته .. وفي المساء أقبل ديفد قلقا وقال لبيلي:
يجب أن نرحل فورا من هنا (فاعترضته آنا مستفسرة ، فقال لها)
هناك سيارتا شرطة معهما سيارة سوداء مصفحة في طريقها إلى هنا
ما العمل غذا قال بيتر ..؟
يجب ان اختفي مع بيلي .. وإن سأل أحد عنا .. قولا أننا ذهبنا إلى المتنزه العام
وفي غمرة العجلة حمل بيلي معه حاسوبه المحمول وشرائح الذاكرة ، ثم ركب مع ديفد في سيارته وأقلعا عبر طريق خلفي ملتوي ... ولم تمضي غير لحظات حتى حاصرت الشرطة المكان وأخذت تبحث عن بيلي وعندما لم تجده بدأت في التحقيق مع أفراد الفريق ...
ركن ديفد سيارته عند بيت أحد أصدقائه ... ثم طلب من صديقه السماح له باستعارة سيارته ، ولما قبل الصديق استبدل ديفد وبيلي سيارتهما وأقلعا :
إلى أين تعتقد أنه يمكننا الذهاب الآن بيلي ..؟ (قال ديفد)
إلى فانكوفر .. ليس هناك مكان آخر ..
فانكوفر ..؟ .. سيكون الطريق طويلا و يعج بنقاط التفتيش ..؟ (ثم التفت نحو بيلي) ليس هناك أفضل من هذا يا صاااااح ...
لم تفعل هذا ..؟
ماذا ..؟ لم أسمعك جيدا ..؟
أقصد .. لم تخاطر بنفسك من أجل شخص مجنون مثلي ..؟
هههههههههههههه .. انت مجنون حقا... تطاردك الشرطة الفدرالية .. ومطلوب لدى الأمن المركزي ... لا يحظى المرء دائما بفرصة رائعة كهاته ... سوف تظهر صورتك على شاشات التلفزة ، ألم أقل ذلك لك ..؟ أتمنى ان يختاروا لي صورة جميلة ... اسمع لا تخشى شيئا ... فقد تبادرت الآن لعقلي الداهية ،فكرة عبقرية ... أعرف كيف سنجتاز حقل الألغام هذا ... سوف نصل إلى فانكوفر عبر طرق فرعية من ابتكاري ...
أووه .. يا إلهي .. لقد نسيت دوائي ...
هذا خبر جميل ... والأجمل منه انني نسيت محفظة نقودي (قال ديفد وهو يبتسم).
و استمر مسيرهما متقطعا .. لكن ديفد عرف كيف يستفيد من بعض معارفه على الطريق ... وبدأت أعراض المرض تبدوا على بيلي من جراء عدم تناوله للدواء .. فكان يتحامل على نفسه ولا يريد أن يُظهر أي ضعف ...
في كاليفورنيا صادرت الشرطة كل حاجيات بيلي وانصرفت ... فساد الصمت والوجوم على المركز وأفراده الذين لم يستوعب بعضهم ما يجري .. وبقيت آنا مع بيتر في حيرة .. لا يدريان ما يعملان ... لا يستطيعان التواصل مع ديفد وبيلي فالخطوط مراقبة .. وآنا أكثر قلقا من أن يتسرب الأمر إلى أم بيلي ...
وبعد سفر طويل وصل الهاربان إلى ضواحي فانكوفرن وبيلي في حالة يرثى لها ... فأوصى ديفد بأن يتصل بالأب توماس ويخبره بالأمر بعد أن هداه إلى مكانه ... ولم يطل الامر حتى عاد ديفد مع الأب توماس في سيارته وهما يحملان معهما الدواء لبيلي ... ثم انطلق الثلاثة نحو دير الشهداء ...
ما الذي دعاك لتفعل ما فعلت يا بني ..؟
الداعي الذي دعا باسكال لكتابة رسائله الريفية .. يا أبتي
بني ... لقد سلكت طريقا لا يسلكها إلا قدوسوا الله وأطهاره ... وإني لأدعو الله لك بالحفظ والبركة ... فليباركك الرب الرحيم ... بني ... بعد هذا لم يعد لك مقام في هذه البلاد ... إن أخذت بمشورتي فسيؤامن لك العبور إلى كندا عبر أصدقائي من الهنود .. سوف تجد بمعيتهم الأمن من ملاحقة هؤلاء الذئاب ... وبعدها الله الرحيم يتخد لك سبلا ...
شكرا أبتي ... لكن قبل ذلك لا يزال علي فعل شيء ما دمت على هذه الأرض ... (ثم التفت نحو ديفد) إنها ساعت "الرسائل الانشطارية" هل أنت مستعد للمضي قدما معي في هذه المغامرة ..؟
أنت تعجبني يا صاااح.. لم تخيب ظني
إذن ولحظة عبورنا للحدود قل لآنا وبيتر أن يفجرا الرسائل عبر الشبكة.
ثم انطلق الجميع عبر الغابة والتقوا بالهنود مثلما خطط الأب توماس ... ولحظة الوداع .. وديفد يتصل بآنا ... اقترب الأب من بيلي و الدموع تسيل على خديه من شدة التأثر .. ثم حضن بيلي وقال :
بني سامحني ... لقد قصرت في حقك كثيرا ... أنت تستحق أكثر مما أخذت بكثير ... أذكرني بدعائك فإن قلبك نقي وطاهر ... (ثم أخرج كتابا من جيبه) .. سامحني بني .. فلم املك الجرأة لأقول لك الحقيقة كاملة ... الحقيقة التي تبحث عنها ستجدها في هذا الكتاب (ثم دسه في ملا بس بلي)
ثم أقبل ديفد مستبشرا كعادته:
تهانينا أيها القائد المحترم ... لقد تمت العملية بنجاح
وتم الوداع سريعا ... واخترق الهاربان الحدود مع الهنود ... وفي طريقه أخرج بيلي الكتاب ليقرأ على غلافه "إنجيل برنابا".