إن الله لا يقمع التفكير

0
إن الله لا يقمع التفكير ، بل يحث على سلامة التقدير ..   قال الله تعالى:  إنه فكر وقدر, فقتل كيف قدر, ثم قتل كيف قدر                     المدثر 18 * 19 * 20  ذاك أن التفكير مجال واسع و غير محدود ؛ لأنه نعمة من الله لا يكفيها شكر ، لكنه بذلك بحر متلاطم الأمواج ، يحتاج ميزان تقدير دقيقا وسليما ،لتخلص الأفكار عبره إلى نتائج سليمة ، ليتمخض عن ماكنة التفكير هذه :  حق لا باطل  خير لا شر  والخلل الذي يحيل الخير شرا والحق باطلا ، هو خلل في كيفية التقدير .. وذاك هو القياس الجائر بوصف الحسن البصري وابن سيرين ...  لأجل ذلك ،كان الشيطان ضحية لتقديرات تفكيره الخاطئة .  هنا مفصل أساسي في مشكلة الشيطان ؛ لأن خطيئة الشيطان تتجاوز حدود الذنب ، لتسقط في قاع الكفر ..  هناك شيء ما في داخل الشيطان ... طفرة فكر أو خاطر ، غيرت نظرته لخالقه سبحانه وتعالى ، غيرت مفهومه عن الإله ، طفرة في تركيبة نفسه جعلته يتعدى في طموحاته كل المراتب، ويعتقد أن ثمة أسبابا لو امتلكها يوما ،لاستطاع بها أن يصير إله ، ولعل من تلك الأسباب عنده الخلد والملك ..

كتبت يوما ما من أيام عام 2011 م

إن الله لا يقمع التفكير ، بل يحث على سلامة التقدير .. 

قال الله تعالى: 
إنه فكر وقدر, فقتل كيف قدر, ثم قتل كيف قدر                     المدثر 18 * 19 * 20 
ذاك أن التفكير مجال واسع و غير محدود ؛ لأنه نعمة من الله لا يكفيها شكر ، لكنه بذلك بحر متلاطم الأمواج ، يحتاج ميزان تقدير دقيقا وسليما ،لتخلص الأفكار عبره إلى نتائج سليمة ، ليتمخض عن ماكنة التفكير هذه : 
حق لا باطل 
خير لا شر 
والخلل الذي يحيل الخير شرا والحق باطلا ، هو خلل في كيفية التقدير .. وذاك هو القياس الجائر بوصف الحسن البصري وابن سيرين ... 
لأجل ذلك ،كان الشيطان ضحية لتقديرات تفكيره الخاطئة . 
هنا مفصل أساسي في مشكلة الشيطان ؛ لأن خطيئة الشيطان تتجاوز حدود الذنب ، لتسقط في قاع الكفر .. 
هناك شيء ما في داخل الشيطان ... طفرة فكر أو خاطر ، غيرت نظرته لخالقه سبحانه وتعالى ، غيرت مفهومه عن الإله ، طفرة في تركيبة نفسه جعلته يتعدى في طموحاته كل المراتب، ويعتقد أن ثمة أسبابا لو امتلكها يوما ،لاستطاع بها أن يصير إله ، ولعل من تلك الأسباب عنده الخلد والملك .. 
الشيطان الذي رأى حقيقة ملكوت الله ،وعظمته ومقدرته ... كيف يختار أن يعادي الإله العظيم في ملكه ؟؟؟ ... كيف يختار لنفسه هذا المصير ؟؟.. 
كيف سمح لنفسه بهذا الجور ..؟ وكيف سمح الله العظيم بهذا الشر ..؟ 
يجيبك (ابن عنابة) القديس أوغستين ، بأن الله تعالى رأى بحكمته أن الأفضل إخراج الخير من الشر، على عدم السماح للشر أصلا بالوجود ... 
لأن الله سبحانه يخلق ، لكنه لا يكره خلقه على حبه .. كما كان يقول بول أفدوكيموف ، فلا حب مع إكراه ، والحب ثمرة الحرية ،
 لأن : 
في الحرية حب وكره 
في الحرية طاعة ومعصية 
وفي الحرية توبة وكفر 
أقول: وجوهر الفصل بين معصية الإنسان ومعصية الشيطان ، أن في الإنسان حب لله أعاده إليه بالتوبة ، وفي الشيطان كره له تعالى أبعده عنه بالكفر . 
إن مجال الحرية في الحياة شديد الأهمية ؛ لأن الله العظيم سبحانه هو الذي سمح به ، الله هو من سمح للشيطان المتمرد بالحياة وأعطاه كامل الفرصة لتحقيق أفكاره ، بل واستجاب لمطالبه .. 
لأنه ملك عظيم قوي لا يضره شيء ، خلق خلقه وأعطاهم الحرية ، فإذا ما أراد الشيطان أن يسلب خلقه حريتهم ، ألزمه حده وصانها لهم .. 
قال الله تعالى للشيطان : 
إن عبادي ليس لك عليهم سلطان                              الحجر 42 – الإسراء 65

نور الصباح

0
كانت خيوط لطيفة لضوء الفجر الآتي تتخلل رحاب مكة في صمت راكد لا صوت إلا صوت الجمال الهيم تردد صداه جبال مكة ،  لكن ما إن بزغ الفجر وارتفعت الشمس قليلا حتى تخللت أشعتها إلى الخيم والبيوت فأيقظت النائمين ، لكنهم كانوا قليلا فالباقون أغلقوا الستائر والأبواب وعادوا للنوم ،  لكن ضوء الشمس تخلل في الثقوب التي على الجدران وحواف النوافذ والأبواب وأخذ يتصبب بلطافة على النائم حتى أفاق البعض والبعض الآخر لم يستفق بل غطى نفسه وأغلق الثقوب،  لكن الشمس لم تستلم فأخذت تعلوا وتعلوا حتى أطلت على المدينة من فوقها وأخذت تلقي قذائف الدفء والحر على سقوف البيوت وجدرانها ،  بعد حين شعر النائم بالدفء ثم بالحر ثم أخذ يتصبب منه العرق فرمى الغطاء ليشعر ببعض الرطوبة لكن هذا لم يدم طويلا فبعد لحظات أخذ يتصبب منه العرق فشكل وديانا وهكذا حتى لم يطق النائم البقاء مغمورا بأوحال النوم ووديان العرق ، فأفاق وخرج ليهب عليه نسيم الصباح.  مصطفى محاوي 1995م

كتبت يوما ما من أيام عام 1995م 

نور الصباح 

كانت خيوط لطيفة لضوء الفجر الآتي تتخلل رحاب مكة في صمت راكد لا صوت إلا صوت الجمال الهيم تردد صداه جبال مكة ، 
لكن ما إن بزغ الفجر وارتفعت الشمس قليلا حتى تخللت أشعتها إلى الخيم والبيوت فأيقظت النائمين ، لكنهم كانوا قليلا فالباقون أغلقوا الستائر والأبواب وعادوا للنوم ، 
لكن ضوء الشمس تخلل في الثقوب التي على الجدران وحواف النوافذ والأبواب وأخذ يتصبب بلطافة على النائم حتى أفاق البعض والبعض الآخر لم يستفق بل غطى نفسه وأغلق الثقوب، 
لكن الشمس لم تستلم فأخذت تعلوا وتعلوا حتى أطلت على المدينة من فوقها وأخذت تلقي قذائف الدفء والحر على سقوف البيوت وجدرانها ، 
بعد حين شعر النائم بالدفء ثم بالحر ثم أخذ يتصبب منه العرق فرمى الغطاء ليشعر ببعض الرطوبة لكن هذا لم يدم طويلا فبعد لحظات أخذ يتصبب منه العرق فشكل وديانا وهكذا حتى لم يطق النائم البقاء مغمورا بأوحال النوم ووديان العرق ، فأفاق وخرج ليهب عليه نسيم الصباح.

مصطفى محاوي 1995م 

شعائر أم مشاعر ؟

0
في ليلة من ليالي الزمن الغابر، في برية الأردن، جلس الحواريون من حول المسيح عليه السلام وهو يعلمهم معنى الإيمان، ويزكي قلوبهم حتى فاضت أعينهم من الدمع وخشعت أرواحهم فتاقت أنفسهم إلى الصلاة...  عندها بادر يوحنا بالقول: يا معلم ، فلنغتسل كما أمر الله على لسان موسى ...  فأجابه السيد المسيح قائلا: لا تظنوا أني قد أتيت لأبطل الشريعة وكلام الأنبياء من قبلي، لعمر الله إنما بعثت لأحفظها... والذي تقف نفسي بحضرته ، لن يرضى الله عمن يخالف وصية من وصاياه ... لكني أحب ان تفقهوا جيدا كلام الله على لسان النبي أشعيا حين قال(اغتسلوا وكونوا طاهرين ، أبعدوا أفكاركم عن عيني)  الحق أقول لكم، إن ماء البحر كله لن يغسل من كان قلبه يحب الآثام...1  للشعائر والمناسك مقصد في قلب الانسان إن بلغته فقد حققت ما فرضت من أجله ، فقلب الإنسان وضميره الخفي هو ما جاءت من أجله الرسالات وبعث في سبيله الأنبياء ، ذلك السر الباطن الذي لا يطلع عليه إلا اثنان ، العبد وربه ، ومن ثمة فلا رقيب عليه سواهما ...  ربما... من أثر العادة والاعتياد قد يظن العبد أن مبتغى الرب منه أن يتعب جسده الضعيف في طقوس غامضة لا يفهم كنهها، أو أن يقرب إليه قربانا يقتطعه من ماله وعرق جبينه ، كل ذلك لأن الرب يرجوا شقاءه في هذه الدنيا وأن شقاء الدنيا ونكدها لازم إن رغب العبد في نعيم الآخرة ..

كتبت يوما ما من أيام عام 2012م

شعائر أم مشاعر ؟.. 

في ليلة من ليالي الزمن الغابر، في برية الأردن، جلس الحواريون من حول المسيح عليه السلام وهو يعلمهم معنى الإيمان، ويزكي قلوبهم حتى فاضت أعينهم من الدمع وخشعت أرواحهم فتاقت أنفسهم إلى الصلاة... 
عندها بادر يوحنا بالقول: يا معلم ، فلنغتسل كما أمر الله على لسان موسى ... 
فأجابه السيد المسيح قائلا: لا تظنوا أني قد أتيت لأبطل الشريعة وكلام الأنبياء من قبلي، لعمر الله إنما بعثت لأحفظها... والذي تقف نفسي بحضرته ، لن يرضى الله عمن يخالف وصية من وصاياه ... لكني أحب ان تفقهوا جيدا كلام الله على لسان النبي أشعيا حين قال(اغتسلوا وكونوا طاهرين ، أبعدوا أفكاركم عن عيني) 
الحق أقول لكم، إن ماء البحر كله لن يغسل من كان قلبه يحب الآثام...1 
للشعائر والمناسك مقصد في قلب الانسان إن بلغته فقد حققت ما فرضت من أجله ، فقلب الإنسان وضميره الخفي هو ما جاءت من أجله الرسالات وبعث في سبيله الأنبياء ، ذلك السر الباطن الذي لا يطلع عليه إلا اثنان ، العبد وربه ، ومن ثمة فلا رقيب عليه سواهما ... 
ربما... من أثر العادة والاعتياد قد يظن العبد أن مبتغى الرب منه أن يتعب جسده الضعيف في طقوس غامضة لا يفهم كنهها، أو أن يقرب إليه قربانا يقتطعه من ماله وعرق جبينه ، كل ذلك لأن الرب يرجوا شقاءه في هذه الدنيا وأن شقاء الدنيا ونكدها لازم إن رغب العبد في نعيم الآخرة ... 
ثم إن صنفا آخر من الناس ، ممن كان منهم في درك الشيئية البحثة ، ليظن أن لله نصيبا مما ينفق في سبيله أو أن الله في حاجة إلى جهد عضلاته ، تعالى الله سبحانه عما يظنون علوا كبيرا 
كلا ، وألف كلا ... فلن ينال الله لحومها ولا دماؤها، ولكن يناله التقوى منكم 
إن مقصد الإنفاق هو الإيثار في النفس وتزكية ما بها عن النهم والطمع والتمسك بالأشياء 
ومقصد الجهد والمجاهدة تمحيص القلب من كل عوالق الأنا التي تشده إلى الأرض شدا 
فالشعائر بذلك رياضة تنطلق بفعلها من أعماق القلب تطهره من كل ما يشوه إنسانيته و يخون حبه المقدس لخالقه، لأن محور هذه التعاليم كلها هو امتحان مقدار هذا الحب وصدقه، فمن لم تتحقق لديه هذه الغاية في شعائر عبادته فقدت الشعائر معناها عنده بل وتفقد قيمتها حتى: 
" من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فلا صلاة له "2 محمد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) 
" رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش، "3 محمد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) 
------------------------------------------------
1 : إنجيل برنابا الفصل الثامن والثلاثون (بتصرف) 
2 : رواه ابن أبي حاتم عن عمران بن حصين (تفسير ابن كثير) 
3 : (أخرجه ابن ماجة : برقم 1690، و أحمد في المسند 2/373، 441).

باسكال في كاليفورنيا -12- إلى وقت النهاية

0
إذن ... فعلى المؤمنين ترقب العلامات ... ولكن ماذا عن رجسة الخراب هذه ...؟ بني ... هي من كلام النبي دانيال الذي رأى في رُأياه نبأ آخر الزمان وأحداثه ... فيها كلام كثير لست أدري إن كنت تستطيع استيعابه ...؟ أبتي ... ما جئت من كاليفورنيا إلى هنا وتركت عملي .. إلا لأستوعب هذا الكلام  حسنا بني ... لعلك وحدك من يبحث عن مثل هذه الأخبار في زمننا هذا (وأخرج من درجه الكتاب المقدس ثم تناول نظاراته وهو يقول)... اسمع .. كان دانيال نبيا عظيما من انبياء اليهود عندما كانوا أسرى في مملكة بابل العظيمة ، قبل الميلاد زهاء السبعة قرون ... وبلغ من مجده أن صار وزيرا لملوك متعاقبين على الحكم هناك ... وكان يرى في منامه أحداثا سرعان ما تحققها الأيام ، وكان يكتم بعضها بأمر من ملاك الله ويكتبها سرا ،لأنها من خبر آخر الأيام ... يقول في واحدة منها :( أن الدجال يشتد غيضه على المتمسكين بالعهد المقدس .. فيتخذ له بطانة من الذين خانوا عهد الله .. فيحرك أذرعه الخفية لتُنجس المقدِسَ الحصين ... و تبني الرجس المخرب عليه ... فيغوي الناس على نكث عهد الله بزخارف الحياة ... أما المؤمنون الذين لم يرتابوا في ربهم فيثبتون ويجاهدونه ... وأصحاب الفهم من المؤمنين يُعلِمون كثيرا من الناس .. فينزل الدجال بهم ضربا بالسيف والنار والسبي والنهب أياما ... وكلما انهزم المؤمنون لا يجدون من العون إلا قليلا .. فتتصل بهم أطراف كثيرة تعرض عليهم عروضا لينكثوا عهد الله ... حتى أن بعض الفاهمين يتعثرون امتحانا لهم وتطهيرا من الله للمؤمنين ... وسمع دانيال في الرؤيا قديسا من قديسي الله يقول :" إلى متى تبقى معصية الخراب على القدس ويبقى جند الله مدوسين ..؟" فأجابه قديس آخر :" ماهي إلا ليالي وأيام حتي يتبرأ القدس من هذا الرجس ".... ثم إن كثيرين سوف يُغربَلون ويمحصون ويُطهرون ... فيتيه الأشرار غير مدركين لما يجري .. ووحدهم الفاهمون يفهمون ... فطوبى لمن انتظر ... وإذا على سحب السماء كأن ابن الإنسان أتى .. ونزل بين الأطهار، فقربوه قدامهم ... فأعطي سلطانا ومجدا وملكوتا وذلت له شعوب الأرض كلها ...) ولما أتم دانيال الرؤيا قال له ملاك الرب :« أَمَّا أَنْتَ يَا دَانِيآلُ فَأَخْفِ الْكَلاَمَ وَاخْتِمِ السِّفْرَ إِلَى وَقْتِ النِّهَايَةِ. فكَثِيرُونَ سيَتَصَفَّحُونَهُ وَالْمَعْرِفَةُ ستَزْدَادُ». ثم أغلق الأب الكتاب وانتظر تعليقا من بيلي الذي أذهلته هذه الكلمات

كتبت يوم ما من أيام عام 2011 م

إلى وقت النهاية

إذن ... فعلى المؤمنين ترقب العلامات ... ولكن ماذا عن رجسة الخراب هذه ...؟
بني ... هي من كلام النبي دانيال الذي رأى في رُأياه نبأ آخر الزمان وأحداثه ... فيها كلام كثير لست أدري إن كنت تستطيع استيعابه ...؟
أبتي ... ما جئت من كاليفورنيا إلى هنا وتركت عملي .. إلا لأستوعب هذا الكلام 
حسنا بني ... لعلك وحدك من يبحث عن مثل هذه الأخبار في زمننا هذا (وأخرج من درجه الكتاب المقدس ثم تناول نظاراته وهو يقول)... اسمع .. كان دانيال نبيا عظيما من انبياء اليهود عندما كانوا أسرى في مملكة بابل العظيمة ، قبل الميلاد زهاء السبعة قرون ... وبلغ من مجده أن صار وزيرا لملوك متعاقبين على الحكم هناك ... وكان يرى في منامه أحداثا سرعان ما تحققها الأيام ، وكان يكتم بعضها بأمر من ملاك الله ويكتبها سرا ،لأنها من خبر آخر الأيام ... يقول في واحدة منها :( أن الدجال يشتد غيضه على المتمسكين بالعهد المقدس .. فيتخذ له بطانة من الذين خانوا عهد الله .. فيحرك أذرعه الخفية لتُنجس المقدِسَ الحصين ... و تبني الرجس المخرب عليه ... فيغوي الناس على نكث عهد الله بزخارف الحياة ... أما المؤمنون الذين لم يرتابوا في ربهم فيثبتون ويجاهدونه ... وأصحاب الفهم من المؤمنين يُعلِمون كثيرا من الناس .. فينزل الدجال بهم ضربا بالسيف والنار والسبي والنهب أياما ... وكلما انهزم المؤمنون لا يجدون من العون إلا قليلا .. فتتصل بهم أطراف كثيرة تعرض عليهم عروضا لينكثوا عهد الله ... حتى أن بعض الفاهمين يتعثرون امتحانا لهم وتطهيرا من الله للمؤمنين ... وسمع دانيال في الرؤيا قديسا من قديسي الله يقول :" إلى متى تبقى معصية الخراب على القدس ويبقى جند الله مدوسين ..؟" فأجابه قديس آخر :" ماهي إلا ليالي وأيام حتي يتبرأ القدس من هذا الرجس ".... ثم إن كثيرين سوف يُغربَلون ويمحصون ويُطهرون ... فيتيه الأشرار غير مدركين لما يجري .. ووحدهم الفاهمون يفهمون ... فطوبى لمن انتظر ... وإذا على سحب السماء كأن ابن الإنسان أتى .. ونزل بين الأطهار، فقربوه قدامهم ... فأعطي سلطانا ومجدا وملكوتا وذلت له شعوب الأرض كلها ...) ولما أتم دانيال الرؤيا قال له ملاك الرب :« أَمَّا أَنْتَ يَا دَانِيآلُ فَأَخْفِ الْكَلاَمَ وَاخْتِمِ السِّفْرَ إِلَى وَقْتِ النِّهَايَةِ. فكَثِيرُونَ سيَتَصَفَّحُونَهُ وَالْمَعْرِفَةُ ستَزْدَادُ».
ثم أغلق الأب الكتاب وانتظر تعليقا من بيلي الذي أذهلته هذه الكلمات 
أظن .. انه لا يزال أمامي الكثير لأبحث عنه ... كلما طلبتُ جوابا ، ظفرت بأسئلة جديدة ... (قال بيلي) .. لكن أبتي إن كان المسيح طالب المؤمنين بالصبر و بالوقوف شاهدين بالحق أمام الأمم ... و دانيال يصف أعداء الدجال بأنهم يُعلمون الناس ... فأين هم هؤلاء الصادعون بالحق والمعلمون ..؟ 
(فنظر إليه الأب ،ثم قال) إنهم موجودون .. لكنهم مختفون لأنهم مضطهدون ... ومهددون بالقتل يا بني ..
فكيف يجتمع الاختفاء والخوف مع الشهادة بالحق أمام جميع الأمم ..؟
بني ... لا تتعجل الفهم ... فلا تزال هنالك الكثير من الخفايا التي لا تعلمها و لا يعلمها حتى العجوز الجالس أمامك، الذي أمضى عمره كله في البحث عنها ... لأجل ذلك .. فالمسير في طريق الأسرار المقدسة يحتاج صبرا وطول نفس يا بني
وبعدما آنس الأب من بيلي الاكتفاء .. بادره بالكلام :
أما وقد حاولتُ أن أجيب عن أسئلتك الصعبة ، فاسمح لي أن أسألك سؤالا واحدا ... من أين لك بهذه المعلومات عن مسايا اليهود ..؟
من صفحات الإنترنت طبعا ..
إذا فهي فكرة سيئة .. بني ... كان الأجدر بك أن لا تقع كالفراشة الضعيفة في شبكة العنكبوت الرهيبة هذه ... كان الأجدى والأكثر أمانا لك أن تقصد المكتبات وتتصفح أوراق الكتب هناك ... فلتحترس أكثر بني 
لكن بيلي لم يعقب على كلام الأب ولزم الصمت ، 
ثم ودعه وقفل عائدا ... في المطار اتصلت به آنا جزعة وهي تقول له :
لقد جاءنا اليوم رجل ادعى أنه من الشرطة الفدرالية .. سأل عنك وعن عملك ، وطلب رؤية غرفتك لكننا تحججنا بغيابك ومنعناه ...
لا يحتاج الأمر إلى كل هذا الجزع .. فلا تقلقي .. أعتقد انها مخالفة إنترنت ، جاء الرجل ليستفسر عنها .. ليس أكثر 
وفي الطائرة أخذ يفكر بيلي في كل ما يجري من حوله وفي كلام الأنبياء الذي سمعه من الأب .. هل تراها محاولات لإرهابه وثنيه عن مواصلة طريقه في البحث عن الحقيقة ... هل بعد كل الذي عرفه يتراجع ... هل يلقي بكل هذه النبوءات خلف ظهره ... كان يتساءل عن أطهار الله الذين لا يخافون الجهر بالحق .. فلم لا يكون واحدا منهم وقد لاحت الفرصة أمامه ليختبر عزمه ... فعزم على أمره .. ما الذي سيخسره ..؟ .. بعد أن خسر نصف جسده في الحادث .. كم بقي أمامه ليعيشه في هذه الدنيا ... فلم لا يجعل لأيامه الباقية معنى ... ويعيش لفكرة تستحق الحياة والموت لأجلها ... هكذا عزم بيلي وأضمر في قلبه . 
في كاليفورنيا ... حاول بيلي طمأنة الجميع بأن الأمر ليس أكثر من مشكلة على الإنترنت .. ثم اختلى بآنا وقال لها :
ركزي معي جيدا .. فثمة أمر خطير يحدث من حولنا .. وأحتاج مساعدتك .. اسمعي جيدا ، سوف تصلك رسائل إلكترونية باسم مستعار هو "باسكال" حاولي أن ترسليها إلى أكبر عدد ممكن من الأصدقاء عندما أطلب منك ذلك ...
ما الأمر بيلي ... ما الذي يحدث ..؟
لا أستطيع أن أشرح لك كل شيء الآن ... لكنك إذا قرأت تلك الرسائل ، ستفهمين الموضوع ...
ثم اختلى ببيتر وديفد كل على حدى وطلب منهما نفس الشيء ...
وفي المساء عمد بيلي إلى الدخول إلى الإنترنت هذه المرة باسمه المستعار "باسكال" وسارع بإنشاء مجموعة من المواقع المتفرقة ونظم معلوماته التي جمعها بشكل مقالات محددة ،قام بنشرها على دفعات ثم بدأ بإرسال رسائله إلى كل من تمكن من الظفر ببريده الإلكتروني ... واستمر يعمل طيلة الليل ... 
في الصباح وعندما خرج من غرفته .. وجد رفاق سره ينظرون إليه نظرات كلها دهشة واستغراب لكن أحدا منهم لم ينبس بكلمة ... واستمر عملهم كعادته .. وفي المساء أقبل ديفد قلقا وقال لبيلي:
يجب أن نرحل فورا من هنا (فاعترضته آنا مستفسرة ، فقال لها)
هناك سيارتا شرطة معهما سيارة سوداء مصفحة في طريقها إلى هنا 
ما العمل غذا قال بيتر ..؟
يجب ان اختفي مع بيلي .. وإن سأل أحد عنا .. قولا أننا ذهبنا إلى المتنزه العام 
وفي غمرة العجلة حمل بيلي معه حاسوبه المحمول وشرائح الذاكرة ، ثم ركب مع ديفد في سيارته وأقلعا عبر طريق خلفي ملتوي ... ولم تمضي غير لحظات حتى حاصرت الشرطة المكان وأخذت تبحث عن بيلي وعندما لم تجده بدأت في التحقيق مع أفراد الفريق ...
ركن ديفد سيارته عند بيت أحد أصدقائه ... ثم طلب من صديقه السماح له باستعارة سيارته ، ولما قبل الصديق استبدل ديفد وبيلي سيارتهما وأقلعا :
إلى أين تعتقد أنه يمكننا الذهاب الآن بيلي ..؟ (قال ديفد) 
إلى فانكوفر .. ليس هناك مكان آخر ..
فانكوفر ..؟ .. سيكون الطريق طويلا و يعج بنقاط التفتيش ..؟ (ثم التفت نحو بيلي) ليس هناك أفضل من هذا يا صاااااح ... 
لم تفعل هذا ..؟
ماذا ..؟ لم أسمعك جيدا ..؟
أقصد .. لم تخاطر بنفسك من أجل شخص مجنون مثلي ..؟
هههههههههههههه .. انت مجنون حقا... تطاردك الشرطة الفدرالية .. ومطلوب لدى الأمن المركزي ... لا يحظى المرء دائما بفرصة رائعة كهاته ... سوف تظهر صورتك على شاشات التلفزة ، ألم أقل ذلك لك ..؟ أتمنى ان يختاروا لي صورة جميلة ... اسمع لا تخشى شيئا ... فقد تبادرت الآن لعقلي الداهية ،فكرة عبقرية ... أعرف كيف سنجتاز حقل الألغام هذا ... سوف نصل إلى فانكوفر عبر طرق فرعية من ابتكاري ...
أووه .. يا إلهي .. لقد نسيت دوائي ...
هذا خبر جميل ... والأجمل منه انني نسيت محفظة نقودي (قال ديفد وهو يبتسم).
و استمر مسيرهما متقطعا .. لكن ديفد عرف كيف يستفيد من بعض معارفه على الطريق ... وبدأت أعراض المرض تبدوا على بيلي من جراء عدم تناوله للدواء .. فكان يتحامل على نفسه ولا يريد أن يُظهر أي ضعف ...
في كاليفورنيا صادرت الشرطة كل حاجيات بيلي وانصرفت ... فساد الصمت والوجوم على المركز وأفراده الذين لم يستوعب بعضهم ما يجري .. وبقيت آنا مع بيتر في حيرة .. لا يدريان ما يعملان ... لا يستطيعان التواصل مع ديفد وبيلي فالخطوط مراقبة .. وآنا أكثر قلقا من أن يتسرب الأمر إلى أم بيلي ...
وبعد سفر طويل وصل الهاربان إلى ضواحي فانكوفرن وبيلي في حالة يرثى لها ... فأوصى ديفد بأن يتصل بالأب توماس ويخبره بالأمر بعد أن هداه إلى مكانه ... ولم يطل الامر حتى عاد ديفد مع الأب توماس في سيارته وهما يحملان معهما الدواء لبيلي ... ثم انطلق الثلاثة نحو دير الشهداء ...
ما الذي دعاك لتفعل ما فعلت يا بني ..؟
الداعي الذي دعا باسكال لكتابة رسائله الريفية .. يا أبتي 
بني ... لقد سلكت طريقا لا يسلكها إلا قدوسوا الله وأطهاره ... وإني لأدعو الله لك بالحفظ والبركة ... فليباركك الرب الرحيم ... بني ... بعد هذا لم يعد لك مقام في هذه البلاد ... إن أخذت بمشورتي فسيؤامن لك العبور إلى كندا عبر أصدقائي من الهنود .. سوف تجد بمعيتهم الأمن من ملاحقة هؤلاء الذئاب ... وبعدها الله الرحيم يتخد لك سبلا ...
شكرا أبتي ... لكن قبل ذلك لا يزال علي فعل شيء ما دمت على هذه الأرض ... (ثم التفت نحو ديفد) إنها ساعت "الرسائل الانشطارية" هل أنت مستعد للمضي قدما معي في هذه المغامرة ..؟
أنت تعجبني يا صاااح.. لم تخيب ظني
إذن ولحظة عبورنا للحدود قل لآنا وبيتر أن يفجرا الرسائل عبر الشبكة.
ثم انطلق الجميع عبر الغابة والتقوا بالهنود مثلما خطط الأب توماس ... ولحظة الوداع .. وديفد يتصل بآنا ... اقترب الأب من بيلي و الدموع تسيل على خديه من شدة التأثر .. ثم حضن بيلي وقال :
بني سامحني ... لقد قصرت في حقك كثيرا ... أنت تستحق أكثر مما أخذت بكثير ... أذكرني بدعائك فإن قلبك نقي وطاهر ... (ثم أخرج كتابا من جيبه) .. سامحني بني .. فلم املك الجرأة لأقول لك الحقيقة كاملة ... الحقيقة التي تبحث عنها ستجدها في هذا الكتاب (ثم دسه في ملا بس بلي) 
ثم أقبل ديفد مستبشرا كعادته:
تهانينا أيها القائد المحترم ... لقد تمت العملية بنجاح 
وتم الوداع سريعا ... واخترق الهاربان الحدود مع الهنود ... وفي طريقه أخرج بيلي الكتاب ليقرأ على غلافه "إنجيل برنابا".

باسكال في كاليفورنيا -11- لم أهضم هذا الخلط

0
في الصباح والجميع منهمك في عمله ، إذا ببيتر ينادي عليهم جميعا ... فاجتمع الكل من حوله : معهد باسادينا يعلن أن الإشارة تعود إلى سوبرنوفا (وهو يشير إلى عناوين تتصدر صفحات بعض المواقع على الانترنت) هذا غير معقول ..!!! (قال البعض) هذا محبط للغاية ..!!! (قال بعض آخر) ربما تكون مجرد إشاعة (قال ديفد) لا يمكن ... هذا الموقع رسمي ولا يمكنه المجازفة بسمعته (رد بيتر) واختلط الامر في المركز ... لكن بيلي لم يكترث واستمر في تعديل برنامجه ... وآنا تراقب برودته من بعيد وتسترجع بعض ما دار بينهما من حديث ... ثم تكلم أحدهم : يا جماعة .. الخبر ليس أكيدا.. لقد اتصلت بصديق قديم يعمل معهم ، فقال لي انه مجرد افتراض ... وأنه لا يعرف كيف خرج الخبر إلى الإعلام .. فسكن روع الفريق قليلا ... لكن الشك بدأ يتسرب إلى القلوب ... واستمر النقاش ...  انسحبت آنا من حلقت النقاش وجلست بجانب بيلي : إذا مثلما قلتَ تماما ... عملنا من غير جدوى (وهي تنظر إليه ، تنتظر تعليقا منه) حتى وإن كان مجرد نجم متفجّر ، فهذا مفيد للعلم (وهو يبتسم) لكنها ليست الحياة التي نبحث عنها ... آنا يجب أن تفهمي اننا لا نبحث عن الحياة .. بل نبحث عن الحقيقة  حقيقة ماذا ؟؟ عن حقيقة هذه الحياة ..!!!  ألم تستوعب بعد حقيقة الحياة أيها الفيلسوف ..؟

كتبت يوم ما من أيام عام 2011 م

لم أهضم هذا الخلط

في الصباح والجميع منهمك في عمله ، إذا ببيتر ينادي عليهم جميعا ... فاجتمع الكل من حوله :
معهد باسادينا يعلن أن الإشارة تعود إلى سوبرنوفا (وهو يشير إلى عناوين تتصدر صفحات بعض المواقع على الانترنت)
هذا غير معقول ..!!! (قال البعض)
هذا محبط للغاية ..!!! (قال بعض آخر)
ربما تكون مجرد إشاعة (قال ديفد)
لا يمكن ... هذا الموقع رسمي ولا يمكنه المجازفة بسمعته (رد بيتر)
واختلط الامر في المركز ... لكن بيلي لم يكترث واستمر في تعديل برنامجه ... وآنا تراقب برودته من بعيد وتسترجع بعض ما دار بينهما من حديث ... ثم تكلم أحدهم :
يا جماعة .. الخبر ليس أكيدا.. لقد اتصلت بصديق قديم يعمل معهم ، فقال لي انه مجرد افتراض ... وأنه لا يعرف كيف خرج الخبر إلى الإعلام ..
فسكن روع الفريق قليلا ... لكن الشك بدأ يتسرب إلى القلوب ... واستمر النقاش ... 
انسحبت آنا من حلقت النقاش وجلست بجانب بيلي :
إذا مثلما قلتَ تماما ... عملنا من غير جدوى (وهي تنظر إليه ، تنتظر تعليقا منه)
حتى وإن كان مجرد نجم متفجّر ، فهذا مفيد للعلم (وهو يبتسم)
لكنها ليست الحياة التي نبحث عنها ...
آنا يجب أن تفهمي اننا لا نبحث عن الحياة .. بل نبحث عن الحقيقة 
حقيقة ماذا ؟؟
عن حقيقة هذه الحياة ..!!! 
ألم تستوعب بعد حقيقة الحياة أيها الفيلسوف ..؟
نعم آنا .. ليس بعد .. لأجل ذلك يجب أن أعود إلى فانكوفر غدا.. وعليك أن تغطي علي هذه المرة أيضا وقولي بأنني قد عدت إلى شيكاغو لموعد الطبيب 
ثانيةً !!!؟ متى سوف ينتهي فلمك وتريحني من هذا الحرج ؟
قريبا آنا.. قريبا فلا تقلقي 
وفي الغد امتطى بيلي الطائرة نحو فانكوفر .. ثم إلى الجمعية الخيرية حيث جلس في المكتب ينتظر عودة الأب توماس ... ولما عاد الأب اندهش لدى رؤيته بيلي :
بني لقد عدت سريعا
لا أبتي .. فقد كانت أيامي بعيدا عنك طويلة جدا 
(فابتسم الأب توماس) ربما سنعود إلى الدير إذا ..؟
لا أبتي .. ليس ذلك ضروريا ... تكفيني جلسة هنا إن اتسع الوقت لديك ... أريد أن أستوضح فيها من أبتي بعض الأمور التي أشكلت علي ... فمن غزير علمك نغترف ..
)ظل الأب مبتسما) أنا رهن إشارتك .. وفي خدمتك بني
أبتي .. إن سمحت .. أريد أن أعرف من هو المسايا الذي انتظره اليهود منذ آلاف السنين..؟
)نظر إليه الأب قليلا ثم قام وأغلق النافذة والباب بالمفتاح ثم عاد وجلس) .. بني ... هو المسيح يسوع الناصري ..
فكيف إذا رفضه اليهود و كانوا ينتظرونه على أحر من الجمر .. أليس هو من سيرد لهم ملكهم ..؟
لأن جيل اليهود ذاك، كان جيلا شريرا ... فاسقا .. لم يعرف حق المسيح وسعى لقتله مثلما قتل زكريا ويوحنا من قبل
إذا فقد فشل المسيح في تحقيق نبوءة المسايا ، بإعادة الملك لإسرائيل ..؟
لا.. ليس هكذا يا بني (وهو ينظر باستغراب إلى بيلي(
إذا لم يكن فشلا ، كان خطأً في التوقيت ... المسيح أخطأ الزمن المناسب لتحقيق نبوءته ... وإلا فلم أرسل لذلك الجيل بالضبط ..؟
بني ... (ثم صمت قليلا) ... ليس اعتباطا أن يُبعث المسيح لذلك الجيل ... ليس حسنا أن نقول هذا عن حكمة الله العظيمة التي لا نحيط بخفاياها وأسرارها مهما فعلنا لأن عقولنا قاصرة ... يبقى المسيح هو المسايا المنتظر برغم جحود اليهود به وتلك حكمة الله
أبتي ... إذا كان اليهود قد رفضوا المسيح وصلبوه يومها ، فكيف يتحمسون لعودته الآن ويبذلون كل هذه الجهود تحظيرا لتتويجه ملكا على العالم ..؟
أولا بني ... لست ممن يعتقد بصلب المسيح ، فالمسيح لم يصلب ولم يقتل ، رفع حيا مكرما مطهرا إلى السماء، وعندما يعود سيُدين اليهود الذين سعو لقتله مثلما سيدين الذين عبدو الصليب من أجله ، هذه الوثنية أُقحمت في الإنجيل إقحاما يتحمل وزره بولس الرسول الذي ابتدع قصة الخطيئة الأزلية والتضحية على الصليب ... انا لست من المخدوعين بزخرفة أقواله الفلسفية ، والمسيح بالنسبة لي بشر رسول أرسله الله مثلما أرسل موسى من قبله .. 
ثانيا.. من قال إن المسايا الذي يدعي اليهود اليوم أنهم ينتظرونه ، هو المسيح يسوع الناصري ..؟
إذا فمن هو الملك الخفي الذي يدير "حكومة الأربعمئة رئيس" التي ستحكم العالم من اورشليم ..؟
بني ... ذاك هو الكذاب الذي سيدعي دجلا انه المسيح المنتظر وهو في الحقيقة ضده تماما ... المسيح يا بني سينزل من السماء أمام مرأى الناس جميعا ولن يخرج من اعماق البحر خِفية ... ذاك الوحش البحري الذي حذر منه الانبياء، هو من سيخرج في زمننا هذا...
أبتي .. سامحني .. فلم أهضم هذا الخلط ... كيف ينكر اليهود المسيح الحقيقي ويصدقون شخصا آخر كذاب بهذه البساطة ... أليس هناك علامات يفرق بها الناس بين الحقيقي والكذاب ..؟
أجل هناك علامات تميز الصادق من المفتري تكلم بها الأنبياء من قبل ... لكن جلاء الخلط من عقلك ، هو أن اتِّباع اليهود لهذا الكذاب ليس سذاجة منهم .. ولكنها الخيانة التي خانوا بها مواثيقهم مع الرب ... إنه تحالفهم الأزلي مع الشيطان ... رفضهم للمسيح الحقيقي هو رفضهم لمسايا الرب إرضاء للشيطان ... وقبولهم اليوم بالمسيح المزيف هو أيضا إرضاء للشيطان وخدمة لمشروعه ... الشيطان يريد أن يحكم العالم بواسطة هذا المسيح المزيف ... لأجل ذلك ترى هذا السعي الرهيب في تحظير الأجواء عبر العالم كله لتُقبل فكرةُ مسيح منتظر يأتي ليحكم العالم باسم الرب ... لكن الحقيقة أن لا رب يقصده هؤلاء إلا الشيطان الجاثم في أعماق المحيط...
أبتي ... هل الله بهذا الضعف ليدع مسيحه يهان بهذه الطريقة ، ومسيح الشيطان ينجح عبر العالم كله هكذا ..؟
لا .. بني حاشا الله أن يوصف بالضعف ... لكنها حكمته التي تعطي الشيطان واتباعه كامل الفرصة في هذه الحياة ليحققوا أهدافهم .. بل هي القوة عينها في تركهم بكل حرية يسعون في الأرض ... وعندما يعود المسيح الحق سوف تتبخر كل احلام الشيطان هذه ... وسوف تنهار مملكته وسوف يندم اليهود .
و متى سيعود المسيح الحقيقي يا أبتي..؟ 

عندما يظن الشيطان ومسيحه الكذاب انهما خدعا كل البشر .. عندما يعتقد الشيطان أنه نجح في القضاء على المؤمنين بالله وانتصر على الله في الأرض ... عندها يعود المسيح الحقيقي .. لأنه هكذا قال يسوع المسيح لتلاميذه عندما سألوه متى ستعود ..؟ قال لهم : احترسوا .. فلا يخدعكم الدجال .. فإنه سيأتي بعدي كثيرون كل يدعي أنه المسيح وسوف يضلون خلقا كثيرا وسوف تقوم حروب عظيمة .. فلا ترتاعوا واثبتوا على الحق ... فإنها فتنة مكتوبة منذ الأزل .. لأنكم يومها ستكونون مكروهين من جميع الأمم لأجل اسمي .. وسوف تطاردون وتقتلون .. لكن الذي يصبر منكم ويقف شاهدا على الحق أمام الأمم .. فهو الذي ينال الخلاص ... ومتى شاهدتم "رجسة الخراب" قائمة ببيت المقدس ... والناس يهربون إلى الجبال .. وضيقا عظيما لم يشهده العالم منذ أول الدهر يكاد يهلك جميع الناس إلا المختارين .. فإن الله لأجلهم يقصر تلك الأيام ... يومها إن قيل لكم : هو ذا المسيح هنا أو هناك ،فلا تصدقوا .. فإنه سيقوم مسيح كذاب يأتي بآيات عظيمة وعجائب تكاد تخدع حتى المختارين من الناس ... فإني الآن أخبركم .. إن قيل لكم هو في البرية فلا تخرجوا إليه وإن قيل لكم هو في المدينة فلا تتبعوه .. لأنه مثلما البرق يومض من الشرق إلى الغرب ، كذلك يكون سعيه .. لأنه حيثما تكون جيفة تجتمع النسور .. في ضيق تلك الأيام تظهر علامة ابن الإنسان في السماء .. ويأتي ابن الإنسان من السماء على السحاب بالقوة والمجد وينصر المختارين ... كمثل شجرت التين التي إذا أصبح غصنها غضا وأخرجت أوراقها آذنت بفصل الصيف ... كذلك هذه علامات لكم متى رأيتموها علمتم بها قرب عودتي ...

باسكال في كاليفورنيا -10- الأمن القومي

0
في الغد لم يمهل الأب بيلي ، وقام يحزم متاعهما ثم ركبا معا في السيارة وانطلقا نحو فانكوفر ... ومن ثمة وبعد استراحة خفيفة توجها إلى المطار حيث ودع الأب بيلي وداعا حارا وهو يتمنى له النجاح في عمله ...  في الطائرة ، بيلي على مقعده الخاص لم يهضم جيدا تصرفات الأب توماس ... وكأنما يخفي أشياء كثيرة ... أو ربما لم يحز بيلي على ثقته التامة ... مهما كان الأمر فما قاله عن أبناء الشيطان وسيطرتهم على الحياة في الولايات المتحدة ، كان خبرا صدمه صدمة شديدة ... فعزم بيلي على التحقق من الامر بنفسه حالما يصل إلى كاليفورنيا ...  في المطار وجد بيلي آنا في انتظاره، فأقبلت نحوه وهي تقول :  أنا مدينة لك بعشاء فاخر أيها الشقي ... أمك لم تنقطع يوما عن الاتصال بي طيلة هذا الأسبوع ، وأنا مسترسلة في خداعها ، ... نعم لقد تناول دواءه .. اجل هو بخير ...  إن كان هذا كل ما تطلبينه مقابل هذه المغامرة .. فهو قليل  هل لديك عرض أفضل ..؟  أجل ... اخبرك بسر ذهابي إلى فانكوفر  أوه .. نعم .. هذا عرض جيد أقبل به  لكن ليس الآن ..  يا لك من مخادع ...

كتبت يوم ما من أيام عام 2011 م


الأمن القومي 

في الغد لم يمهل الأب بيلي ، وقام يحزم متاعهما ثم ركبا معا في السيارة وانطلقا نحو فانكوفر ... ومن ثمة وبعد استراحة خفيفة توجها إلى المطار حيث ودع الأب بيلي وداعا حارا وهو يتمنى له النجاح في عمله ... 
في الطائرة ، بيلي على مقعده الخاص لم يهضم جيدا تصرفات الأب توماس ... وكأنما يخفي أشياء كثيرة ... أو ربما لم يحز بيلي على ثقته التامة ... مهما كان الأمر فما قاله عن أبناء الشيطان وسيطرتهم على الحياة في الولايات المتحدة ، كان خبرا صدمه صدمة شديدة ... فعزم بيلي على التحقق من الامر بنفسه حالما يصل إلى كاليفورنيا ... 
في المطار وجد بيلي آنا في انتظاره، فأقبلت نحوه وهي تقول : 
أنا مدينة لك بعشاء فاخر أيها الشقي ... أمك لم تنقطع يوما عن الاتصال بي طيلة هذا الأسبوع ، وأنا مسترسلة في خداعها ، ... نعم لقد تناول دواءه .. اجل هو بخير ... 
إن كان هذا كل ما تطلبينه مقابل هذه المغامرة .. فهو قليل 
هل لديك عرض أفضل ..؟ 
أجل ... اخبرك بسر ذهابي إلى فانكوفر 
أوه .. نعم .. هذا عرض جيد أقبل به 
لكن ليس الآن .. 
يا لك من مخادع ... 
وعادا معا إلى مركز الأبحاث حيث لقي بيلي استقبالا حارا من فريق العمل ، ثم طلب ديفد من الجميع السكوت وقد جاء بهدية كبيرة مغلفة يجرها حتى قدمها إلى بيلي وطلب الجميع منه فتحها ... فإذا بها كرسيا متحركا آليا ذو دفع ذاتي وتحكم تقني عالي الجودة ... لم يخفي بيلي فرحته ، ولم يعرف كيف يشكر زملائه على هذه اللفتة الرائعة ... 
في المساء بعد الحفلة الجميلة التي أقيمة على شرفه ورغم التعب الذي تملكه بعد رحلاته الطويلة ، لم يخلد بيلي إلى النوم قبل أن يتصفح الإنترنت ، فقد عزم على تتبع المفاتيح التي ظفر بها من كلام الأب توماس، فأخد يجمع المعلومات عن محافل الماسون و تاريخ جمعية "بناي برث" ومقدار نفوذ قادتها وأعضائها في الحياة السياسية والاقتصادية للولايات المتحدة ... فاندهش لمدى ارتكاز الدوافع السياسية على البعد الديني ، ومدى حضور الخلفية الدينية في خطابات الزعماء السياسيين المؤثرين في البلد ... ثم تساءل .. كيف يعمد هؤلاء إلى إفراغ المحتوى العلمي من كل مدلول ديني ثم يقحمون التفسير الديني في أشد القضايا حساسية للأمة ... ثم استمر يجمع معلوماته عن الرموز الدينية والسرية في الطقوس الماسونية ... ليقف على دلالات رمزية معقدة ومتداخلة تجمع خليطا من المعتقدات والأديان لكنه استطاع ان يخلص منها إلى أن هؤلاء الناس يعملون على تمهيد الطريق أمام ملك سوف يظهر قريبا ، يملك العالم ويحكم باسم الرب، وبحسب التعبير اليهودي فهو "مسايا" ينتظره اليهود منذ آلاف السنين ، يعيد لليهود سيطرتهم على جميع الشعوب ويحكم العالم كله من أورشليم حيث هيكله المقدس ... 
ثم وقف على بعض الكلام عن وجوده فعلا في الوقت الحاضر ، وأنه يحكم العالم فعلا عبر حكومة خفية تسيطر على القرار في الأمم المتحدة ومجلس الأمن والبنك الدولي ... وكيف أن أغلبية الموظفين في هذه المؤسسات العالمية ينتمون إلى الماسونية ، وكيف ان هذه التنظيمات السرية هي أصلا من سعت إلى إنشاء هذه المؤسسات منذ عصبة الأمم ، وكيف لم يخفوا في خطبهم البعد الديني لمخططاتهم ... ثم قادته شبكة المعلومات هذه إلى تتبع شكل سيطرتهم على القرار في الولايات المتحدة ذاتها عبر لوبيات متعددة وحضور قوي في الكونغرس ومجلس الشيوخ ، وتحكمهم في المصالح الحيوية للبلاد من شركات الطاقة والبترول ، إلى شركات صناعة الأسلحة ... وكيف يتبجح بعضهم بالقول انهم من صنعوا أمريكا القوية ... ثم توالى ظهور نافذة في وجه بيلي تقول (عذرا .. ممنوع تصفح هذه الملفات .. خطر يهدد الأمن القومي) كلما أراد المضي قدما في بحثه ... لكن بيلي ابتسم ، لأنه يعرف جيدا كيف يتعامل مع مثل هذه الانظمة الأمنية ... 
في الصباح استيقظ بيلي متعبا من طول سهره في الليل ، قدمت له آنا فطوره الصباحي وساعدته على ركوب كريسه الآلي ، ثم أخذ جولة به في أرجاء المركز ... كان كرسيا رائعا ، سهل القيادة ، سلس الحركة ونظامه سريع الاستجابة لأوامر بيلي ، 
ثم التحق مع آنا بباقي أعضاء الفريق في مركز المعلومات حيث اطلع بيلي على آخر أخبار الإشارة .. وآخر أخبار برنامجه الذي كان يحتاج بعض التعديلات بحسب طلب المسؤولين .. فانهمك مع البقية في محاولة إعادة برمجته من جديد ... 
ومضت بضع أيام على تلك الحال ، في الصباح يعترك بيلي مع البرنامج والإشارة .. وفي المساء ينغمس في حل الشبكة المعقدة لأسرار أبناء الشيطان .. 
وذات مساء في وقت الراحة ، وأعضاء الفريق يتسلون خارجا بكرة السلة .. أخذت آنا تتجول مع بيلي : 
كنت قد وعدتني بكشف سر ذهابك إلى فانكوفر .. 
نعم ولازلت على وعدي .. 
إذا ..؟ 
ليس بهذه البساطة آنا .. الامر أشد تعقيدا من أن أكشفه هكذا في جلسة واحدة 
أوو .. يبدوا أمرا خطيرا .. فلتكشفه مجزأً إذا.. وهلم لي بجزئه الأول الآن .. بيلي.. 
هههه .. عنيدة كعادتك 
لست أكثر عنادا منك .. لكنني أطالب بحقي معك .. أم انك لا تثق بي ..؟ 
لا آنا .. لا تقولي هذا .. فليس هناك من أحد أقرب إلي منك .. ولن أنسى فضلك علي ما حييت .. الأمر وما فيه ليس شيئا شخصيا أريد أن أخفيه عنك .. الأمر وما فيه عبارة عن ... كيف يمكن أن أشرح لك ... 
إنه قلق عميق في داخلي تجاه ما نعمل الآن آنا .. هل لهذا الجهد من جدوى وراءه ..؟ 
أعنى هل نعرف جيدا ما نحن بصدد البحث عنه ..؟ 
أظن أنني لم أعد مقتنعا بجدوى البحث عن إشارة لفضائيين من السماء .. 
ما الذي دهاك بيلي.. أبعد كل هذا الجهد وهذه النتائج تقول هذا ..؟ 
إن أردت الصراحة آنا ... فإني أصبحت اكثر اقتناعا بأننا نبحث عن الله في السماء 
نبحث عن الله ..؟ 
أجل آنا ... ونحن لا ندري ... الله هو الحياة التي نبحث عنها في أقاصي الكون ... ليس هناك من حياة هناك .. في الآفاق إلا ملكوته .. حيث تختفي الأسرار ... هل تعتقدين أن بإمكاننا ، بهذه التكنلوجيا الأرضية، أن نخترق أسوار مملكته العظيمة ... كلا آنا ... لن نستطيع أبدا أن نطل على العالم الآخر من خلال عدسة تليسكوب . 
بيلي كلامك هذا بدأ يخيفني ... ما الذي وجدته في فانكوفر حتى غير تفكيرك هكذا.؟ 
لا آنا .. تفكيري هذا هو الذي اخذني إلى هناك .. ألم أقل انك لن تستطيعي فهمي .. 
لا بيلي اسمع ... أنا لا انكر وجود الله .. أنا مؤمنة وإن كنت لست مواظبة على الذهاب إلى الكنيسة ... لكن هذا شيء ذاتي لا أخلطه بأمور عملي وحياتي العلمية .. لكل مجاله ... الحياة الروحية لها مجالها الخاص بها 
هنا لب المشكلة آنا ... إن كان لكل مجاله الخاص حقا .. فلمَ يعمد ساستنا إلى الخلط بين السياسة الدين .. أليست خطبهم وكأنها آيات من التوراة والإنجيل ..؟ 
إنها بروباغاندا معهودة ... إنه اللعب على العواطف الدينية للشعب من أجل المكاسب الانتخابية 
لا آنا ... هذه خدعة ... الامر اكثر بعدا من هذا ... على كلٍ .. هذا هو الجزء الاول من الحقيقة .. ويبدوا انك لم تستطيعي استيعابه ... 
ليلا في مخدعه ، وجد بيلي رسالة تحذير في بريده الإلكتروني تقول: 
بيلي ميللر ، لقد خالفت القوانين بتعديك على خصوصية المواقع التالية ... مخالفتك هذه تقع تحت جنحة القرصنة وتهديد الامن القومي ... 
انت ممنوع من استعمال حساباتك الخاصة لمدة ... 
عليك دفع غرامة تعويضية للأضرار الناجمة عن تعديك ... 
بيلي كان يتوقع شيئا من هذا القبيل ، فعمد إلى إفراغ معلوماته التي جمعها وخزنها في شرائح للذاكرة ، وأخذ يفكر في خطوته التالية ، إنه يفكر اكثر في طبيعة تجاوب آنا مع كلامه .. وبدأ يحس بمقدار المسؤولية التي يتحملها تجاه أصدقائه الغافلين عن هذه الحقائق ، يجب ان لا يبقى مكتوف الأيدي ... يجب على أحدهم ان يتحمل مسؤولية كشف الحقائق للناس جميعا ... يجب أن لا يطمئن أبناء الشيطان هؤلاء إلى غفلة الناس وسذاجتهم بعد الآن ... يجب على أحدهم أن يضحي بحياته من أجل البسطاء من الناس ... وبيلي مستعد ليكون ذلك المغامر ... 
لكن قبل ذلك ، لا تزال بعض الغوامض تحتاج إلى إيضاح أكثر...

باسكال في كاليفورنيا -5- دعاء المرضى

0
دعاء المرضى  في غرفته ليلا ،بيلي يفتح حاسوبه النقال، يشغله، ويعمد إلى الاتصال بآنا وهي في مركز الهوائي بمعهد الاستماع الفضائي ، وما هي إلا لحظات حتى كانت جالست قبالة الشاشة وهي تبعث له بتحيات الأصدقاء: كيف حالك بيلي ... بخير، أحسن بكثير .. لقد خرجت وتفسحت لوحدي اليوم.. هذا شيء رائع .. لابد أن تعتمد على نفسك .. أجل .. انت تعرفين بيلي .. لا يستسلم أبدا ... ماذا عن ديفد وبيتر .. ديفد أصر على اللحاق بي ... لن يتأخر ... إنه متشوق لرؤيتك .. وبيتر منهمك كعادته في معالجة التحاليل .. بالكاد يأخذ قسطا من الراحة .. ما أخبار الإشارة الجديدة .. لا أخفيك بيلي الجميع متحمس هنا .. الإشارة لم تنقطع بعد، إنها طويلة .. إننا نحاول تسجيلها بأدق التفاصيل ... ماذا عن نوعيتها ... أليست مألوفة بالمرة ..؟ هناك نقاش دائر حاليا .. لكنهم مجمعون على أنها نوعية جديدة ... (ثم يظهر ديفد على الشاشة وهو يرتشف عصيرا، فيقاطع آنا متحدثا إلى بيلي) ..  بيلي الصغير هنا .. ألم تنم بعد..؟ ليس قبل أن يعتصرك النعاس يا ديفد هههههه كيف هي الأجواء عندكم في شيكاغو .. لابد و أن الليل قد أظلم ... هل تحتاج حكاية للنوم ...؟ نعم .. حاولت آنا أن تسرد لي واحدة منذ قليل .. لكنها لم تفلح ..(تضحك آنا( إذا فإليك هذه (يقول ديفد)، بيتر هذا الصباح كان منهمكا أمام الحاسوب، فعمدت خلسة واستبدلت كوب القهوة خاصته بكوب عصير تفاح قديم ، فاستمر يرتشفه من غير أن يعبأ بشيء ، فلما نبهته آنا كاد يتقيأ وأصابه مغص واسهال أدخله إلى الحمام ، ولا يزال حتى اللحظة فيه ههههههههههه ، لكن آنا أخبرتني بأنه مازال يعالج الإشارات ..؟ كذبت عليك .. لا يزال يعالج أمعائه من آثار العصير هههههههههههههههههههه (وانفجر الجميع بالضحك( وبعد أن تمت المحادثة المرحة وقطع الاتصال ، لم يملك بيلي فضوله حتى كتب على محرك البحث "مخلوقات الفضاء والحضارات القديمة"، فخلص إلى كم من العناوين يقول بعضها : كيف ساعد الفضائيون المصريين في بناء الأهرامات ... رسومات شعب الماية تثبت زيارة كائنات فضائية للأرض ... هل كان الفضائيون وراء الرسومات الغريبة في سهول الإنكة ... فتصفح بعض هذه المواقع ، ليقف على جدل العلماء بشأن الأهرامات وتعقيدات بنائها ودقة مواقعها الفلكية بما يتجاوز المعرفة الإنسانية لتلك العهود ... وشاهد صورة لجدار قديم لشعب الماية به رسم يبدوا كأنه لمركبة فضائية بقربها شخص رُسم وكأنما يرتدي خوذة .. وصورا أخرى لأشكال عظيمة على أراض جرداء لا يمكن ان ترى إلى من السماء لكبر حجمها وغرابة اشكالها ، وكيف اختلف العلماء في تفسير دواعي شعب الإنكة إلى الإقدام على نحتها ... في الغد أصر بيلي على والدته أن تصطحبه إلى قبر بول لزيارته، فأخذته تجر كرسيه المتحرك حتى ولجوا إلى المقبرة ووقفا على شاهد قبره فوضعا عليه زهورا وبقيا هناك في صمت خاشع وبيلي يتأمل ذكرياته الغابرة منذ أيام الطفولة .. لا يمكن لروح حية وثّابة أن تخمد هكذا بلا حراك ، وأن تدس في التراب ويطويها النسيان (تكلم بيلي في نفسه) ... أن تعود إلى كوكب علوي فترقبنا منه مبتسمة .. هو أرحم لقلبي وعقلي من هذا الفناء البهيم ... ما معنى الحياة إن كانت لا تؤدي إلا إلى فناء سرمدي ... إن هذا لشيء قاصي .. قاصي فعلا ، يصعب الركون إليه .. بول ... بول .. هل تستطيع سماع همسي ؟ ... إن كنت تسمعني ، فأرجوك أجبني .. وأرح بالي ... أجبني إن كان هنالك حقا عالم آخر يجب أن نؤمن به ... (لكنه لم يسمع في قلبه شيئا ، فذرفت عيناه( وعاد بيلي إلى البيت خاشعا مطرقا ، وولج إلى غرفته ، اقترب من سريره ، تحامل وألقى بجذعه عليه ثم تناول أطرافه السفلى الذابلة ومددها بلطف واستلقى يسند ظهره إلى الجدار... ولبث مليا يتأمل السقف ، لكن مقلتاه تهفوان إلى ما هو أبعد من هذه الجدران و هذه الحواجز ... ثم تلمس الكتاب الثاني الذي أهداه إليه العجوز ريتشارد .. فإذا عنوانه "خواطر ، بليز باسكال" ففتح وإذا به يقع على صفحة عنوانها "دعاء المرضى" فقرأ ، وإذا بباسكال يدعوا بهذه الكلمات : اللهم يامن وسع حلمك وبرك كل شيء ، وتعاظمت رحمتك حتى شملت عبادك المصطفين في السراء والضراء ، تلطف علي بأن لا يكون تصرفي كتصرف الجاهل وأنا في هذه الحالة التي أرادتها عدالتك . ولتكن مشيئتك أن أتمثل فيك ككل مؤمن حقيقي الرب الرحيم والأب العطوف، مهما يكن حالي ، لأن تغير وضعي لا يبدل من وضعك ، ولأنك إله حينما تنزل العقاب والاحزان ، وحينما ترسل السلوى والغفران. لقد وهبتني الصحة لأعبدك فتهالكت على نعيم الدنيا ، وها أنت ذا تنزل بي المرض لتؤدبني . فلتكن مشيئتك أن لا أسخطك بجزعي . لقد أسأت استعمال صحتي فجازيتني بحق ، فلتكن مشيئتك أن لا أسيء استعمال عقابك . إن فساد طبيعتي بلغ مبلغا صير نعمك مؤذية لي ، فلتكن مشيئتك اللهم ، إن يجعل حلمك الواسع هذا العقاب وسيلة لخلاصي ، إن كان قلبي مترعا بحب الدنيا أيام بأسه، فاقض على هذه القوة في سبيل خلاصي ، واجعلني عاجزا عن التنعم بمباهج الدنيا لضعف الجسم أو لفرط المحبة ، كي لا تكون مسرتي إلا بك وحدك.  اللهم يامن سأقدم أمامه الحساب عن أفعالي في ختام حياتي ونهاية العالم ... اللهم يامن لا يدع العالم وما فيه إلا ليختبر عباده الصالحين وليجازي الآثمين ... اللهم يامن يمهل المذنبين ليستسلموا لمتع الدنيا الآثمة ... اللهم يامن يفصل روحنا في ساعة الموت عن كل ما كانت تحبه في هذا العالم ... اللهم يامن ينتزعني في اللحظة الأخيرة من حياتي عن كل ما شغف قلبي ... اللهم يامن سيهلك الأرض والسماء وما عليهما ليبقى وجهك ذو الجلال و الإكرام . إنك أنت الجدير بالمحبة ، لأنك منفرد بالبقاء . أحمدك اللهم وأشكرك طيلة حياتي لأنك جنبتني عذاب يوم عظيم بما كتبت علي من وهن مقيم . أحمدك يا ربي وأشكرك طيلة حياتي لأنك جعلتني عاجزا عن التمتع بمباهج الصحة واللذة في هذا العالم . وكما أنني سأكون ساعة مماتي منعزلا عن العالم محروما من الأشياء كلها منفردا بحضرتك ، لأجيب عن كل خفقات قلبي ، كذلك فلتكن مشيئتك أن اعتبر نفسي في هذا المرض كميت منعزل عن العالم منفرد بحضرتك لأسألك توبة قلبي يا أرحم الراحمين . ثم أفاق بيلي ليجد الدموع سيالة على خديه ، ولقلبه خفقانا يكاد يسمعه ، إنها روحه تتكلم بهذه المشاعر ... لم يكن يفهمها من قبل وهي التي ظلت تشكو بلغة أخرى ... ها هو باسكال يترجم عنها كلامها ... يفك شيفرا ظلت ولزمن طويل مبهمة في صدره .. ولفرط الدموع المنهمرة .. لم يستطع مواصلة القراءة فأغلق الكتاب وأخلد للنوم ولصدره أزيز يسمع ... ثم دارت الأرض به دورانا عنيفا ... وخيل إليه انه يرى أشياء متداخلة .. متراكبة .. وكأنما انحدر من ناطحة سحاب ... ثم اخترق زحمة المرور ... ليقف آخر المطاف وحيدا على شفى وادي سحيق العمق وكأنما هو نهر الكلورادو العظيم ... وإذا على ضفته الأخرى .. في الطرف السحيق ذاك على الجرف .. يجلس بول وحيدا كئيبا ... فينادي عليه بيلي بأعلى صوته .. لكن بول وكأنه لا يسمعه ... حتى بح صوته .. وإذا به يرى رجلا قادما من خلف بول .. يرتدي بياضا وكأنه يشع من نور .. حتى وقف بجنب بول .. فرمق بيلي بنظرة ثم ابتسم ... ثم انحنى على بول يكلمه ... ثم قاما معا وغادرا حتى اختفيا ...... ثم أفاق بيلي .. فإذا به على سريره والجو معتم ... تفقد المنبه وإذا به يشير إلى الساعة الثالثة صباحا .. فبقي مستيقظا يقلب ما رآه من عجب في منامه ...

كتبت يوم ما من أيام عام 2011 م

دعاء المرضى

في غرفته ليلا ،بيلي يفتح حاسوبه النقال، يشغله، ويعمد إلى الاتصال بآنا وهي في مركز الهوائي بمعهد الاستماع الفضائي ، وما هي إلا لحظات حتى كانت جالست قبالة الشاشة وهي تبعث له بتحيات الأصدقاء:
كيف حالك بيلي ...
بخير، أحسن بكثير .. لقد خرجت وتفسحت لوحدي اليوم..
هذا شيء رائع .. لابد أن تعتمد على نفسك ..
أجل .. انت تعرفين بيلي .. لا يستسلم أبدا ... ماذا عن ديفد وبيتر ..
ديفد أصر على اللحاق بي ... لن يتأخر ... إنه متشوق لرؤيتك .. وبيتر منهمك كعادته في معالجة التحاليل .. بالكاد يأخذ قسطا من الراحة ..
ما أخبار الإشارة الجديدة ..
لا أخفيك بيلي الجميع متحمس هنا .. الإشارة لم تنقطع بعد، إنها طويلة .. إننا نحاول تسجيلها بأدق التفاصيل ...
ماذا عن نوعيتها ... أليست مألوفة بالمرة ..؟
هناك نقاش دائر حاليا .. لكنهم مجمعون على أنها نوعية جديدة ... (ثم يظهر ديفد على الشاشة وهو يرتشف عصيرا، فيقاطع آنا متحدثا إلى بيلي) .. 
بيلي الصغير هنا .. ألم تنم بعد..؟
ليس قبل أن يعتصرك النعاس يا ديفد هههههه
كيف هي الأجواء عندكم في شيكاغو .. لابد و أن الليل قد أظلم ... هل تحتاج حكاية للنوم ...؟
نعم .. حاولت آنا أن تسرد لي واحدة منذ قليل .. لكنها لم تفلح ..(تضحك آنا(
إذا فإليك هذه (يقول ديفد)، بيتر هذا الصباح كان منهمكا أمام الحاسوب، فعمدت خلسة واستبدلت كوب القهوة خاصته بكوب عصير تفاح قديم ، فاستمر يرتشفه من غير أن يعبأ بشيء ، فلما نبهته آنا كاد يتقيأ وأصابه مغص واسهال أدخله إلى الحمام ، ولا يزال حتى اللحظة فيه ههههههههههه ،
لكن آنا أخبرتني بأنه مازال يعالج الإشارات ..؟
كذبت عليك .. لا يزال يعالج أمعائه من آثار العصير هههههههههههههههههههه (وانفجر الجميع بالضحك(
وبعد أن تمت المحادثة المرحة وقطع الاتصال ، لم يملك بيلي فضوله حتى كتب على محرك البحث "مخلوقات الفضاء والحضارات القديمة"، فخلص إلى كم من العناوين يقول بعضها :
كيف ساعد الفضائيون المصريين في بناء الأهرامات ...
رسومات شعب الماية تثبت زيارة كائنات فضائية للأرض ...
هل كان الفضائيون وراء الرسومات الغريبة في سهول الإنكة ...
فتصفح بعض هذه المواقع ، ليقف على جدل العلماء بشأن الأهرامات وتعقيدات بنائها ودقة مواقعها الفلكية بما يتجاوز المعرفة الإنسانية لتلك العهود ... وشاهد صورة لجدار قديم لشعب الماية به رسم يبدوا كأنه لمركبة فضائية بقربها شخص رُسم وكأنما يرتدي خوذة .. وصورا أخرى لأشكال عظيمة على أراض جرداء لا يمكن ان ترى إلى من السماء لكبر حجمها وغرابة اشكالها ، وكيف اختلف العلماء في تفسير دواعي شعب الإنكة إلى الإقدام على نحتها ...
في الغد أصر بيلي على والدته أن تصطحبه إلى قبر بول لزيارته، فأخذته تجر كرسيه المتحرك حتى ولجوا إلى المقبرة ووقفا على شاهد قبره فوضعا عليه زهورا وبقيا هناك في صمت خاشع وبيلي يتأمل ذكرياته الغابرة منذ أيام الطفولة ..
لا يمكن لروح حية وثّابة أن تخمد هكذا بلا حراك ، وأن تدس في التراب ويطويها النسيان (تكلم بيلي في نفسه) ... أن تعود إلى كوكب علوي فترقبنا منه مبتسمة .. هو أرحم لقلبي وعقلي من هذا الفناء البهيم ... ما معنى الحياة إن كانت لا تؤدي إلا إلى فناء سرمدي ... إن هذا لشيء قاصي .. قاصي فعلا ، يصعب الركون إليه ..
بول ... بول .. هل تستطيع سماع همسي ؟ ... إن كنت تسمعني ، فأرجوك أجبني .. وأرح بالي ... أجبني إن كان هنالك حقا عالم آخر يجب أن نؤمن به ... (لكنه لم يسمع في قلبه شيئا ، فذرفت عيناه(
وعاد بيلي إلى البيت خاشعا مطرقا ، وولج إلى غرفته ، اقترب من سريره ، تحامل وألقى بجذعه عليه ثم تناول أطرافه السفلى الذابلة ومددها بلطف واستلقى يسند ظهره إلى الجدار... ولبث مليا يتأمل السقف ، لكن مقلتاه تهفوان إلى ما هو أبعد من هذه الجدران و هذه الحواجز ... ثم تلمس الكتاب الثاني الذي أهداه إليه العجوز ريتشارد .. فإذا عنوانه "خواطر ، بليز باسكال" ففتح وإذا به يقع على صفحة عنوانها "دعاء المرضى" فقرأ ، وإذا بباسكال يدعوا بهذه الكلمات :
اللهم يامن وسع حلمك وبرك كل شيء ، وتعاظمت رحمتك حتى شملت عبادك المصطفين في السراء والضراء ، تلطف علي بأن لا يكون تصرفي كتصرف الجاهل وأنا في هذه الحالة التي أرادتها عدالتك . ولتكن مشيئتك أن أتمثل فيك ككل مؤمن حقيقي الرب الرحيم والأب العطوف، مهما يكن حالي ، لأن تغير وضعي لا يبدل من وضعك ، ولأنك إله حينما تنزل العقاب والاحزان ، وحينما ترسل السلوى والغفران.
لقد وهبتني الصحة لأعبدك فتهالكت على نعيم الدنيا ، وها أنت ذا تنزل بي المرض لتؤدبني . فلتكن مشيئتك أن لا أسخطك بجزعي . لقد أسأت استعمال صحتي فجازيتني بحق ، فلتكن مشيئتك أن لا أسيء استعمال عقابك . إن فساد طبيعتي بلغ مبلغا صير نعمك مؤذية لي ، فلتكن مشيئتك اللهم ، إن يجعل حلمك الواسع هذا العقاب وسيلة لخلاصي ، إن كان قلبي مترعا بحب الدنيا أيام بأسه، فاقض على هذه القوة في سبيل خلاصي ، واجعلني عاجزا عن التنعم بمباهج الدنيا لضعف الجسم أو لفرط المحبة ، كي لا تكون مسرتي إلا بك وحدك. 
اللهم يامن سأقدم أمامه الحساب عن أفعالي في ختام حياتي ونهاية العالم ...
اللهم يامن لا يدع العالم وما فيه إلا ليختبر عباده الصالحين وليجازي الآثمين ...
اللهم يامن يمهل المذنبين ليستسلموا لمتع الدنيا الآثمة ...
اللهم يامن يفصل روحنا في ساعة الموت عن كل ما كانت تحبه في هذا العالم ...
اللهم يامن ينتزعني في اللحظة الأخيرة من حياتي عن كل ما شغف قلبي ...
اللهم يامن سيهلك الأرض والسماء وما عليهما ليبقى وجهك ذو الجلال و الإكرام . إنك أنت الجدير بالمحبة ، لأنك منفرد بالبقاء .
أحمدك اللهم وأشكرك طيلة حياتي لأنك جنبتني عذاب يوم عظيم بما كتبت علي من وهن مقيم .
أحمدك يا ربي وأشكرك طيلة حياتي لأنك جعلتني عاجزا عن التمتع بمباهج الصحة واللذة في هذا العالم .
وكما أنني سأكون ساعة مماتي منعزلا عن العالم محروما من الأشياء كلها منفردا بحضرتك ، لأجيب عن كل خفقات قلبي ، كذلك فلتكن مشيئتك أن اعتبر نفسي في هذا المرض كميت منعزل عن العالم منفرد بحضرتك لأسألك توبة قلبي يا أرحم الراحمين .
ثم أفاق بيلي ليجد الدموع سيالة على خديه ، ولقلبه خفقانا يكاد يسمعه ، إنها روحه تتكلم بهذه المشاعر ... لم يكن يفهمها من قبل وهي التي ظلت تشكو بلغة أخرى ... ها هو باسكال يترجم عنها كلامها ... يفك شيفرا ظلت ولزمن طويل مبهمة في صدره .. ولفرط الدموع المنهمرة .. لم يستطع مواصلة القراءة فأغلق الكتاب وأخلد للنوم ولصدره أزيز يسمع ...
ثم دارت الأرض به دورانا عنيفا ... وخيل إليه انه يرى أشياء متداخلة .. متراكبة .. وكأنما انحدر من ناطحة سحاب ... ثم اخترق زحمة المرور ... ليقف آخر المطاف وحيدا على شفى وادي سحيق العمق وكأنما هو نهر الكلورادو العظيم ... وإذا على ضفته الأخرى .. في الطرف السحيق ذاك على الجرف .. يجلس بول وحيدا كئيبا ... فينادي عليه بيلي بأعلى صوته .. لكن بول وكأنه لا يسمعه ... حتى بح صوته .. وإذا به يرى رجلا قادما من خلف بول .. يرتدي بياضا وكأنه يشع من نور .. حتى وقف بجنب بول .. فرمق بيلي بنظرة ثم ابتسم ... ثم انحنى على بول يكلمه ... ثم قاما معا وغادرا حتى اختفيا ...... ثم أفاق بيلي ..
فإذا به على سريره والجو معتم ... تفقد المنبه وإذا به يشير إلى الساعة الثالثة صباحا .. فبقي مستيقظا يقلب ما رآه من عجب في منامه ...  

استمع إلى البودكاست الإذاعي للحلقة من هنا :


  #قصة #رواية # #باسكال #في #كاليفورنيا #-5- #دعاء #المرضى #

باسكال في كاليفورنيا -2- Second life

0

Second life  في اليل وبعد أن غادرت آنا .. يتصفح بيلي موقعه على الإنترنت .. بريده الإلكتروني مملوء بالرسائل .. وصفحته على "الماي سبيس" و"الفيس بوك" لا تزال كما هي منذ آخر زيارة له .. وصفحة بول أيضا .. آخر تعليق له على أنثوني يقول فيه : صورتك مريعة .. شعرك الأصفر المنفوش مثل مكنسة الساحرات ههههههههههههههههه ... ويبتسم بيلي ثم يعاوده الوجوم وهو يتأمل صور بول وبعض مقاطع الفيديو التي يظهر فيها معه وهما في "الماتشو بكشو" مدينة الإنكا الساحرة أعلى جبال البيرو ... كم كان صيفا ممتعا .. مر كل ذلك كلمح البصر .. هل يعلم أصدقائهما على الإنترنت بالحادثة..؟ .. كيف سيعلم الجميع بأن بول قد مات .. وبأن صفحاته ستتجمد كما هي ومشاركاته ستنقطع ..؟.. إن هذا لشيء محزن حقا ... ثم يعرج على لعبتهما المفضلة "الساكند لايف" إنها الحياة الثانية .. الحياة الأخرى .. لقد اكتفى بيلي بشخصية واحدة .. لكن بول شارك بأكثر من وجه واستطاع ان يكسب اكثر منه بكثير .. لقد كان يساعده عندما يقع في المشاكل في الحياة الثانية .. واليوم يقف بيلي حائرا .. بول كان حذقا في العالم الافتراضي لكنه فقد الحياة الحقيقية .. ما معنى كل هذا .. إذا كان فتى بهذه الوسامة والصحة وبهذا النشاط وهذه الحيوية ينتهي في رمشة عين ويصبح كأن لم يكن .. كالخيال العابر للذاكرة ..  هل كان حقا معنا في هذه الحياة ؟ (يسأل بيلي نفسه ) لولا آثاره هذه .. لشككت حقا .. ألا يكون كل هذا حلما كبيرا .. ألا تكون الحياة لعبة حقيرة .. (وهو ممدد على السرير لا يحس بأطرافه السفلى) ثم يفقد الرغبة في المتابعة .. يطفئ الحاسب .. يضعه جانبا .. يحاول أن ينام والأرق يمنعه .. في الصباح جاءت آنا ومعها دَيفد و بيتر .. يحملون معهم زهورا .. آنا : أمك وصلت إلى دنفر أمس .. وغدا ستكون هنا معنا  بيلي : أليست قلقة بشأني  آنا : تبدوا بعض الشيء كذلك ، لكنني طمأنتها  بيتر : جميع أعضاء الفريق يسألون عنك وعن صحتك ، وينتظرون عودتك السريعة ديفد : في الحقيقة بيلي .. جئنا لنودعك .. لقد جد جديد في مركز الأبحاث ونحن مضطرون إلى العودة إلى الهوائي .. لست أدري إن أمكنني شرح المزيد (ويلتفت نحو بيتر) يومئ له بيتر موافقا ، فيكمل ديفد : يبدوا أننا التقطنا إشارة جديدة .. وهذه المرة يبدوا الأمر جديا .. يبتهج بيلي : هل صحيح هذا الأمر بيتر ..؟ بيتر : نعم بيلي .. هي إشارة مخالفة لكل ما رصدناه من قبل  ديفد : إننا في لحظات تاريخية بيلي ، وإذا نجح الأمر فسيكتب اسميكما أنت وبول على شاشات الأخبار وستنشر صورتك على غلاف مجلة التايم لهذا العام  بيتر : أجل .. لذلك يجب أن نعود إلى الهوائي ولا نضيع الوقت .. بول يستحق منا جهدا إضافيا في إتمام ما بدأه و أنت أيضا .. برنامجكما يبلي حسنا بيلي  بيلي : متى أستطيع اللحاق بكم ..؟ آنا : ليس قبل أن تتعافى نهائيا .. مازال أمامك وقت نقاهة  ثم انصرف الجميع ... مساءا وبول يحاول أن يتلهى ببعض ألعاب الفيديو، يصيبه فتور وكآبة .. يغلق الحاسب ويضعه جانبا .. يلتقط مجلة ، يقلب أوراقها : لو كان بول حيا ، لأقام الدنيا ولم يقعدها، كان ينتظر هذه اللحظة منذ بدئنا العمل، كنا نعلم أن برنامجنا كفيل بأن يساعد في التقاط الموجات العالية التي فشلوا في التقاطها من قبل ، منذ سنوات وهم يحاولون جاهدين التقاط إشارات حياة من أقاصي المجرة ولم يستطيعوا غير تلمس بعض الفوضى والتشويش ... سيكون فتحا كبيرا في العلم وحدثا فارقا في هذا القرن .. يستطيع بول أن ينام هانئ البال لأن العالم سيذكره وسيذكرني معه ... نعم لن آسى على صديقي ... وضع المجلة وحاول أن ينام .. لم يستطع .. فتح عيناه لتقعا على كتابيه .. هدية مستر ريتش .. تناول واحدا منهما، فإذا عنوانه "هكذا تكلم زرادشت" ،"كتاب لكل الناس وليس لأحد" ؟؟؟ بدى العجب على محيا بيلي وقال في نفسه من كاتب هذه الطلاسم ، فقرأ "الفيلسوف الألماني الشهير فريدريك نيتشه" .. قلّب أوراقه ، تناول فهرس موضوعاته فلفت نظره عنوان يقول "تخير لنفسك الموت" ؟؟؟ فقرأ .. وإذا بنيتشه يكلمه على لسان زرادشت قائلا : كثيرٌ من يتأخرون في موتهم ، وكثير من يبكرون. فاذا قال قائل للناس بالموت في الزمن المناسب ، رفعوا عقيرتهم مستغربين . وأنا أُعَلم الناس أن يموتوا في الوقت المناسب . ولكن أنى لمن يعرف الحياة أن يتخير الموت في أوانه ؟ ... أفما كان خيرا للدخلاء على الحياة لو أنهم لم يولدوا . ولكن هؤلاء الدخلاء يريدون أن يولي الناس أهمية كبرى لموتهم ، وكم من نواة تباهي بأنها كسرت وهي جوفاء .. من الناس من لا يتجاوزون بأعمارهم الحد اللائق بالحقائق والظفر بها... ومن الناس من يدب الهرم إلى قلوبهم أولا ، ومنهم من يدب الهرم إلى عقولهم ، ومنهم من يشيخون في ربيع الحياة ، غير أن من يبلغ الشباب متأخرا يحتفظ بشبابه أمدا طويلا .. ومن الناس من ضلوا السبيل في حياتهم ، فأضاعوا عمرهم ، فعلى هؤلاء أن يعملوا على بلوغ التوفيق في موتهم على الأقل .. وبيلي لا ينفك حريصا على تفكيك شيفرا هذه المعاني المركبة يقول في نفسه : إلى أين يريد أن يصل هذا المعتوه ؟ .. حتى بلغ قوله : والحق أن ذلك العبراني الذي يمجده المبشرون بالموت البطيء قد مات قبل أوانه ، ولم يزل جم غفير يعتقد بأن ميتته المبكرة كانت مقدورة عليه .. وما كان هذا المسيح العبراني قد عرف غير دموع قومه وأحزانهم وكيد أهل الصلاح والعدل ، لذلك راودته فجأة شهوة الفناء . ولو أنه بقي في الصحراء بعيدا عن أهل الصلاح والعدل لكان تعلم حب الحياة وحب الأرض ، ولكان تعلم الضحك أيضاً .  صدقوني، أيها الإخوة ، إن المسيح قد مات قبل أوانه ، ولو أنه بلغ العمر الذي بلغتُ ، لكان جحد تعاليمه ...  وبول أيضا مات قبل أوانه .. أردف بيلي وهو يقلب صفحات الأحجية متسائلا: هل هناك في الحياة حقيقة غير ما نرى وما نسمع ..؟ ماذا يريد منا هذا المخبول ..؟ لو عاش هو أيضا إلى زمننا هذا لجحد كتابه هذا .. حتى استوقفه عنوان يقول " المخدوعون بالعالم الثاني " فقرأ:

كتبت يوم ما من أيام عام 2011 م

Second life

في اليل وبعد أن غادرت آنا .. يتصفح بيلي موقعه على الإنترنت .. بريده الإلكتروني مملوء بالرسائل .. وصفحته على "الماي سبيس" و"الفيس بوك" لا تزال كما هي منذ آخر زيارة له .. وصفحة بول أيضا .. آخر تعليق له على أنثوني يقول فيه : صورتك مريعة .. شعرك الأصفر المنفوش مثل مكنسة الساحرات ههههههههههههههههه ... ويبتسم بيلي ثم يعاوده الوجوم وهو يتأمل صور بول وبعض مقاطع الفيديو التي يظهر فيها معه وهما في "الماتشو بكشو" مدينة الإنكا الساحرة أعلى جبال البيرو ... كم كان صيفا ممتعا .. مر كل ذلك كلمح البصر .. هل يعلم أصدقائهما على الإنترنت بالحادثة..؟ .. كيف سيعلم الجميع بأن بول قد مات .. وبأن صفحاته ستتجمد كما هي ومشاركاته ستنقطع ..؟.. إن هذا لشيء محزن حقا ... ثم يعرج على لعبتهما المفضلة "الساكند لايف" إنها الحياة الثانية .. الحياة الأخرى .. لقد اكتفى بيلي بشخصية واحدة .. لكن بول شارك بأكثر من وجه واستطاع ان يكسب اكثر منه بكثير .. لقد كان يساعده عندما يقع في المشاكل في الحياة الثانية .. واليوم يقف بيلي حائرا .. بول كان حذقا في العالم الافتراضي لكنه فقد الحياة الحقيقية .. ما معنى كل هذا .. إذا كان فتى بهذه الوسامة والصحة وبهذا النشاط وهذه الحيوية ينتهي في رمشة عين ويصبح كأن لم يكن .. كالخيال العابر للذاكرة .. 
هل كان حقا معنا في هذه الحياة ؟ (يسأل بيلي نفسه )
لولا آثاره هذه .. لشككت حقا .. ألا يكون كل هذا حلما كبيرا .. ألا تكون الحياة لعبة حقيرة .. (وهو ممدد على السرير لا يحس بأطرافه السفلى)
ثم يفقد الرغبة في المتابعة .. يطفئ الحاسب .. يضعه جانبا .. يحاول أن ينام والأرق يمنعه ..
في الصباح جاءت آنا ومعها دَيفد و بيتر .. يحملون معهم زهورا ..
آنا : أمك وصلت إلى دنفر أمس .. وغدا ستكون هنا معنا 
بيلي : أليست قلقة بشأني 
آنا : تبدوا بعض الشيء كذلك ، لكنني طمأنتها 
بيتر : جميع أعضاء الفريق يسألون عنك وعن صحتك ، وينتظرون عودتك السريعة
ديفد : في الحقيقة بيلي .. جئنا لنودعك .. لقد جد جديد في مركز الأبحاث ونحن مضطرون إلى العودة إلى الهوائي .. لست أدري إن أمكنني شرح المزيد (ويلتفت نحو بيتر)
يومئ له بيتر موافقا ، فيكمل ديفد : يبدوا أننا التقطنا إشارة جديدة .. وهذه المرة يبدوا الأمر جديا ..
يبتهج بيلي : هل صحيح هذا الأمر بيتر ..؟
بيتر : نعم بيلي .. هي إشارة مخالفة لكل ما رصدناه من قبل 
ديفد : إننا في لحظات تاريخية بيلي ، وإذا نجح الأمر فسيكتب اسميكما أنت وبول على شاشات الأخبار وستنشر صورتك على غلاف مجلة التايم لهذا العام 
بيتر : أجل .. لذلك يجب أن نعود إلى الهوائي ولا نضيع الوقت .. بول يستحق منا جهدا إضافيا في إتمام ما بدأه و أنت أيضا .. برنامجكما يبلي حسنا بيلي 
بيلي : متى أستطيع اللحاق بكم ..؟
آنا : ليس قبل أن تتعافى نهائيا .. مازال أمامك وقت نقاهة 
ثم انصرف الجميع ...
مساءا وبول يحاول أن يتلهى ببعض ألعاب الفيديو، يصيبه فتور وكآبة .. يغلق الحاسب ويضعه جانبا .. يلتقط مجلة ، يقلب أوراقها :
لو كان بول حيا ، لأقام الدنيا ولم يقعدها، كان ينتظر هذه اللحظة منذ بدئنا العمل، كنا نعلم أن برنامجنا كفيل بأن يساعد في التقاط الموجات العالية التي فشلوا في التقاطها من قبل ، منذ سنوات وهم يحاولون جاهدين التقاط إشارات حياة من أقاصي المجرة ولم يستطيعوا غير تلمس بعض الفوضى والتشويش ...
سيكون فتحا كبيرا في العلم وحدثا فارقا في هذا القرن .. يستطيع بول أن ينام هانئ البال لأن العالم سيذكره وسيذكرني معه ... نعم لن آسى على صديقي ...
وضع المجلة وحاول أن ينام .. لم يستطع .. فتح عيناه لتقعا على كتابيه .. هدية مستر ريتش .. تناول واحدا منهما، فإذا عنوانه "هكذا تكلم زرادشت" ،"كتاب لكل الناس وليس لأحد" ؟؟؟ بدى العجب على محيا بيلي وقال في نفسه من كاتب هذه الطلاسم ، فقرأ "الفيلسوف الألماني الشهير فريدريك نيتشه" .. قلّب أوراقه ، تناول فهرس موضوعاته فلفت نظره عنوان يقول "تخير لنفسك الموت" ؟؟؟ فقرأ .. وإذا بنيتشه يكلمه على لسان زرادشت قائلا :
كثيرٌ من يتأخرون في موتهم ، وكثير من يبكرون. فاذا قال قائل للناس بالموت في الزمن المناسب ، رفعوا عقيرتهم مستغربين . وأنا أُعَلم الناس أن يموتوا في الوقت المناسب . ولكن أنى لمن يعرف الحياة أن يتخير الموت في أوانه ؟ ...
أفما كان خيرا للدخلاء على الحياة لو أنهم لم يولدوا . ولكن هؤلاء الدخلاء يريدون أن يولي الناس أهمية كبرى لموتهم ، وكم من نواة تباهي بأنها كسرت وهي جوفاء ..
من الناس من لا يتجاوزون بأعمارهم الحد اللائق بالحقائق والظفر بها...
ومن الناس من يدب الهرم إلى قلوبهم أولا ، ومنهم من يدب الهرم إلى عقولهم ، ومنهم من يشيخون في ربيع الحياة ، غير أن من يبلغ الشباب متأخرا يحتفظ بشبابه أمدا طويلا ..
ومن الناس من ضلوا السبيل في حياتهم ، فأضاعوا عمرهم ، فعلى هؤلاء أن يعملوا على بلوغ التوفيق في موتهم على الأقل ..
وبيلي لا ينفك حريصا على تفكيك شيفرا هذه المعاني المركبة يقول في نفسه : إلى أين يريد أن يصل هذا المعتوه ؟ .. حتى بلغ قوله :
والحق أن ذلك العبراني الذي يمجده المبشرون بالموت البطيء قد مات قبل أوانه ، ولم يزل جم غفير يعتقد بأن ميتته المبكرة كانت مقدورة عليه ..
وما كان هذا المسيح العبراني قد عرف غير دموع قومه وأحزانهم وكيد أهل الصلاح والعدل ، لذلك راودته فجأة شهوة الفناء .
ولو أنه بقي في الصحراء بعيدا عن أهل الصلاح والعدل لكان تعلم حب الحياة وحب الأرض ، ولكان تعلم الضحك أيضاً . 
صدقوني، أيها الإخوة ، إن المسيح قد مات قبل أوانه ، ولو أنه بلغ العمر الذي بلغتُ ، لكان جحد تعاليمه ... 
وبول أيضا مات قبل أوانه .. أردف بيلي وهو يقلب صفحات الأحجية متسائلا: هل هناك في الحياة حقيقة غير ما نرى وما نسمع ..؟ ماذا يريد منا هذا المخبول ..؟ لو عاش هو أيضا إلى زمننا هذا لجحد كتابه هذا .. حتى استوقفه عنوان يقول " المخدوعون بالعالم الثاني " فقرأ:

استمع إلى البودكاست الإذاعي للحلقة من هنا :


#قصة #رواية # #باسكال #كاليفورنيا #Second #life

الشيطان والإنسان: القصة -8- تشوهت الحياة

0
الفصل الثامن  تدوي الأرض .. تردد الجبال .. تهتز السماوات ..!! .. تفر المخلوقات في ذعر شديد ..!! .. تتصايح الشياطين والعفاريت معربدة من كل صوب ..!! .. ينطلق من الغابة مقلعا في الجو ذلك الشبح الأسود .. يخترق السحب قاصدا قمة شاهقة ، وهو لا يكف عن الصياح والزئير في نشوة ..!! يعتلي القمة .. باسطا جناحيه ماوسعه .. ينتفخ .. يرفع هامته الخبيثة نحو السماء .. تتقد عيناه .. ويطلق ضحكاته الصاخبة .. قهقهاته الماجنة ، مفرغا ما أضمر في داخله العاتم .. وهو يعوي ...... ..!! آدم عليه السلام .. أنفاسه مضطربة .. وندى الدموع يبلل أهدابه .. يضغط على حلقه وقد إلتزم الصمت .. والصالحين من حوله حُبست أنفاسهم .. ولا أحد ينبس .. لقد أزهقت نفس ..!! نفس بريئة .. طيبة .. بغير حق .. وساد الصمت الحزين ... -بكل هذه العجلة ..؟؟  -بكل هذه السرعة انحرف المسار ..؟ -تشوهت الحياة ..؟؟ -وآدم لا يزال حيا ..؟؟؟ -أيعقل هذا ..؟ - أيعقل أن تستهل الحياة أنفاسها الأولى بهذا الاضطراب ..؟  -بهذا الحزن والأسى ..؟ .. بهذا الخلاف ..؟ بهذا الحقد والبغض ..؟؟ -أيعقل ..؟؟؟ وترتدي البشرية ثياب الحزن والحداد وتخشع الأنفس .. كل الأنفس من هول الصدمة ... .. وتستمر الحياة متعثرة ثقيلة على عير ما اعتادت .. ولا تتقلب الأيام كثيرا حتى تعيد للبشرية وشاح الحداد والحزن .. واليوم مسافر ليس كغيره .. سافر القلب الرحيم .. تسافر اليد الحليمة .. تسافر البصيرة النافذة و العقل الراجح .. يسافر الأب العطوف إلى غير رجعة ... ويقضي آدم عليه السلام أجله ، لينتهي دوره على هذه الدنيا .. عائدا إلى ربه وقد أدى ما عليه .. عائدا إلى الجنة حيث سينتظر فيها بنيه ليريهم الحقيقة التي طالما حدثهم عنها ووعدهم بها .. كل بنيه سيعودن يوما ما .. وسيرون الحقيقة بأم أعينهم .. لكن ليسوا جميعا سيلتقونه في الجنة..!!  تاركا خلفه ملحمة شرسة .. ومشروعا متعثرا .. لم ينعم يرؤيته يتحقق على الأرض ..لا ولا الذين تركهم من خلفه سينعمون ..!! هكذا شاء قدر الله الحكيم ، إلى حين يقدر له الخالق عز وجل من ينتشله ويعيد الأمل فيه فيحققه ... سوف لن يكون قريبا .. لكنه سيكون يوما .. سيكون .. من ذا الذي سيقهر هذا الباطل ..؟؟ من سيعيد للبشرية حقيقتها ..؟ ..!!  ويعيد حشرها نحو الصراط الستقيم .. من هو المبارك الذي سيفلح فيما عجز عنه الأبرار.. كل الأبرار ..؟؟؟ إنه المبارك الذي بشر به الأب قبل رحيله ... وأوصاهم بأن يتبعوه إذا أرسله الله لهم .. أي زمن سعيد ستشرق فيه يا رسول الله على هذه الدنيا ..؟! العرش المظلم يشهد صخبا غير معتاد .. إنها أهازيج النصر .. ومجون الفرح .. وضوضاء .. لكن صاحب الأمر ليس من بين الحضور .. يبدوا أنه قد غادر العرش .. وهاهو ذا تتبعه أسراب العفاريت .. إنه يحط غير بعيد عن ذلك الضريح الطاهر .. مثوى النبي آدم عليه السلام .. يتقدم تاركا جمهرة العفاريت من خلفه .. هاهو يقف على شفيره .. ويظل صامتا ردحا من الوقت .. غير أن لملامح وجهه الدنيئة أكثر من إيحاء .. هاهي ذي بسمة حقيرة تبين عن بعض أنيابه .. وبريق عينيه ينم عن تعابير مزدحمة .. لأنفاسه هدوء، وكأنما اطمأن على حاله هذه .. فجاة .. يرفع رأسه نحو السماء وقد اكتظ وجهه بالدناءة والخبث .. يعض على انيابه .. يئن .. يئن بشدة والزبد يتطاير من ثغره ..  وكأنما يخاطب آدم .. ويتوعده بالمزيد ..!! ويصرخ .. صرخات طوال ..!! يخترق الوهاد وحيدا يجر أسباله .. ذاك القاتل المنبوذ .. لفظه المجتمع .. رفضته البشرية في مقت .. يمشي وحيدا .. لا يلوي على شيء .. مشتت التفكير .. مضطرب الأنفاس .. حيران وكعادته في الفلات يستهويه رهط من الشياطين ... يطل على الفلات من على جرف شاهق زعيمهم الكبير .. يطل الشيطان وعيناه تتبعان القاتل المنبوذ .. تنفض الشياطين في مذلة وقد لاحظت اقتراب اللعين نحو هذا المنبوذ ... .. وهاهما الآن في الفلات معا .. إذ يوحي إلى قرينه ما يوحي .. .

الفصل الثامن

تدوي الأرض .. تردد الجبال .. تهتز السماوات ..!! .. تفر المخلوقات في ذعر شديد ..!! .. تتصايح الشياطين والعفاريت معربدة من كل صوب ..!! ..
ينطلق من الغابة مقلعا في الجو ذلك الشبح الأسود .. يخترق السحب قاصدا قمة شاهقة ، وهو لا يكف عن الصياح والزئير في نشوة ..!!
يعتلي القمة .. باسطا جناحيه ماوسعه .. ينتفخ .. يرفع هامته الخبيثة نحو السماء .. تتقد عيناه .. ويطلق ضحكاته الصاخبة .. قهقهاته الماجنة ، مفرغا ما أضمر في داخله العاتم .. وهو يعوي ...... ..!!
آدم عليه السلام .. أنفاسه مضطربة .. وندى الدموع يبلل أهدابه .. يضغط على حلقه وقد إلتزم الصمت .. والصالحين من حوله حُبست أنفاسهم .. ولا أحد ينبس ..
لقد أزهقت نفس ..!!
نفس بريئة .. طيبة .. بغير حق .. وساد الصمت الحزين ...
-بكل هذه العجلة ..؟؟ 
-بكل هذه السرعة انحرف المسار ..؟
-تشوهت الحياة ..؟؟
-وآدم لا يزال حيا ..؟؟؟
-أيعقل هذا ..؟
- أيعقل أن تستهل الحياة أنفاسها الأولى بهذا الاضطراب ..؟ 
-بهذا الحزن والأسى ..؟ .. بهذا الخلاف ..؟ بهذا الحقد والبغض ..؟؟
-أيعقل ..؟؟؟
وترتدي البشرية ثياب الحزن والحداد وتخشع الأنفس .. كل الأنفس من هول الصدمة ...
.. وتستمر الحياة متعثرة ثقيلة على عير ما اعتادت ..
ولا تتقلب الأيام كثيرا حتى تعيد للبشرية وشاح الحداد والحزن .. واليوم مسافر ليس كغيره .. سافر القلب الرحيم .. تسافر اليد الحليمة .. تسافر البصيرة النافذة و العقل الراجح .. يسافر الأب العطوف إلى غير رجعة ...
ويقضي آدم عليه السلام أجله ، لينتهي دوره على هذه الدنيا .. عائدا إلى ربه وقد أدى ما عليه .. عائدا إلى الجنة حيث سينتظر فيها بنيه ليريهم الحقيقة التي طالما حدثهم عنها ووعدهم بها .. كل بنيه سيعودن يوما ما .. وسيرون الحقيقة بأم أعينهم .. لكن ليسوا جميعا سيلتقونه في الجنة..!! 
تاركا خلفه ملحمة شرسة .. ومشروعا متعثرا .. لم ينعم يرؤيته يتحقق على الأرض ..لا ولا الذين تركهم من خلفه سينعمون ..!!
هكذا شاء قدر الله الحكيم ، إلى حين يقدر له الخالق عز وجل من ينتشله ويعيد الأمل فيه فيحققه ... سوف لن يكون قريبا .. لكنه سيكون يوما .. سيكون ..
من ذا الذي سيقهر هذا الباطل ..؟؟
من سيعيد للبشرية حقيقتها ..؟ ..!! 
ويعيد حشرها نحو الصراط الستقيم .. من هو المبارك الذي سيفلح فيما عجز عنه الأبرار.. كل الأبرار ..؟؟؟
إنه المبارك الذي بشر به الأب قبل رحيله ... وأوصاهم بأن يتبعوه إذا أرسله الله لهم ..
أي زمن سعيد ستشرق فيه يا رسول الله على هذه الدنيا ..؟!
العرش المظلم يشهد صخبا غير معتاد .. إنها أهازيج النصر .. ومجون الفرح .. وضوضاء .. لكن صاحب الأمر ليس من بين الحضور .. يبدوا أنه قد غادر العرش .. وهاهو ذا تتبعه أسراب العفاريت ..
إنه يحط غير بعيد عن ذلك الضريح الطاهر .. مثوى النبي آدم عليه السلام .. يتقدم تاركا جمهرة العفاريت من خلفه ..
هاهو يقف على شفيره .. ويظل صامتا ردحا من الوقت .. غير أن لملامح وجهه الدنيئة أكثر من إيحاء ..
هاهي ذي بسمة حقيرة تبين عن بعض أنيابه .. وبريق عينيه ينم عن تعابير مزدحمة ..
لأنفاسه هدوء، وكأنما اطمأن على حاله هذه ..
فجاة .. يرفع رأسه نحو السماء وقد اكتظ وجهه بالدناءة والخبث .. يعض على انيابه .. يئن .. يئن بشدة والزبد يتطاير من ثغره .. 
وكأنما يخاطب آدم .. ويتوعده بالمزيد ..!!
ويصرخ .. صرخات طوال ..!!
يخترق الوهاد وحيدا يجر أسباله .. ذاك القاتل المنبوذ .. لفظه المجتمع .. رفضته البشرية في مقت .. يمشي وحيدا .. لا يلوي على شيء .. مشتت التفكير .. مضطرب الأنفاس .. حيران وكعادته في الفلات يستهويه رهط من الشياطين ...
يطل على الفلات من على جرف شاهق زعيمهم الكبير .. يطل الشيطان وعيناه تتبعان القاتل المنبوذ ..
تنفض الشياطين في مذلة وقد لاحظت اقتراب اللعين نحو هذا المنبوذ ...
.. وهاهما الآن في الفلات معا .. إذ يوحي إلى قرينه ما يوحي .. . 

***
تمت بحمد الله 
مصطفى محاوي
الثلاثاء 18 أوت 2004

إستمع إلى البودكاست الإذاعي للحلقة من هنا :


#قصة #رواية # # #الشيطان #والإنسان: #القصة #-8- #تشوهت #الحياة #

الشيطان والإنسان: القصة -7- الصالحون

0
الفصل السابع  تنساب بضع قطرات عرق نتنه ،عبر تجاعيد ناصيته الخبيثة، لتغور بعدها في أخاديد وجهه المظلم القبيح .. عيناه تحدقان بحدة .. ويضغط بكلتا يديه على مقابض عرشه .. ليست ترضيه وتيرة العمل .. الجهد كبير والنتائج ضئيلة .. ليس هذا ما قطع العهد به على نفسه .. هل هذا كل تهديده ووعيده الذي قابل به الله الخالق يوم الفضيحة .. تبًا .. إنه لا يريد أن يتذكرها .. ليته كان قادرا على أن يمحيها من ذاكرته وذاكرة كل من حضرها ... .. لكن .. بإمكانه أن يمحيها من ذاكرة هؤلاء ''الصغار'' ..  لم يشهدوها .. سمعوا عنها فقط .. ومنهم من تراوده الشكوك ..!!  آدم عليه السلام .. وقد أرهقته السنين الطوال ، لا يزال يتعهد هذا العدد المتزايد من بنيه .. والمشاكل لا تنتهي .. الدنيا دار الشقاء .. يبذل عليه السلام جهده في حل النزاعات ولأم الصدوع .. مرشدا بذلك من صلح من أبنائه إلى سبل العمل وطرق التطبيب والعلاج ... مجتمع كهذا لابد له من أقطاب تشد أركانه .. أقطاب يستند إليها ، وإذا ما مادت الأرض من تحته ، كان لثباتها عونا عظيما له على تجاوز المحنة.. هؤلاء الأقطاب هم قلة قليلة .. لكنها تكفي مجتمعا بأكمله ،إذا ما أدت دورها ... يُعَول عليه السلام كثيرا على من يتوسم فيهم ذلك من بنيه .. فتراه يتعهدهم محاولا السمو بهم نحو آفاق الكمال ... هم مصابيح الهدى في دياجير الظلام .. وإذا أدلج الليل .. فهم أهل الحق والخير يشعون بنوره على المجتمع فيقتبس منهم المقتبسون .. ويهتدي بهم المهتدون .. إنها لأمانة على أعتاقهم عظيمة .. لأنهم يمثلون الحق والخير والهدى .. وهم بهذا مسؤولون على كيفية إيصاله إلى الناس من حولهم .. والمعركة ضارية .. إذا ما تلون الباطل وتزين ،فعليهم هم أن يفضحو زيفه .. وأي تقصير في إيصال الحق على وجهه الأكمل النقي إلى هذه النفوس ، سيؤدي إلى خسران الحرب أمام الباطل المزكرش .. وخسران إخوانهم من حولهم وضياع المجتمع ككل .. لا سمح الله ... تخشع أنفس الصالحين من حوله عليه السلام وهو يعظهم ... قلوبهم وجلة .. إنهم يدركون أن الأمانة ثقيلة .. أمانة مجتمع قد يضيع من جراء تقصيرهم .. وأعظم من هذا ... إرادة الله الخالق في خلافة الإنسان له ، قد يحال دونها لو خسروا معركتهم الشرسة ... تُذرف الدموع الطاهرة ... ماذا لو فعلوا ما أمكنهم ، غير أن إخوانهم لم يسعفوهم وتمادوا في غيهم ..!! ماذا لو آثر إخوانهم غير سبيل الهدى ..!!؟ هل يكونون حينها مذنبين، إذا ما تركوهم يعيثون في المجتمع فسادا ..؟؟ هل ثمة من حل حينها غير المواجهة ..؟ .. غير الضرب على يد المخطئ ..؟؟ .. غير الصدام ...؟؟ .. صدام الحق بالباطل .. والغلبة للأقوى ..!!؟؟ إنها الحال الأكمل لنمو الحقد والبغض في الصدور .. كالنمو السريع للفطر السام الخبيث ... سيول الدمع على الخدود تتألق ... هل يكونون مذنبين يومها إذ يشجون أواصر المجتمع الذي كلفوا بحفظه ..!!!  أم ما العمل حينا ..؟ .. ما العمل ..؟؟؟ ولا تمهلهم الأيام حتى تتكاثر الخصومات ويتوسع الاضطراب .. هاهم يحاولون ما وسعهم ، إخمادا لنار الفتنة .. وآدم عليه السلام بين ظهرانيهم يتابع كل هذا بقلب يتحصر .. كيف لا وهو يرى كيف هتك حصنه الذي بناه .. وهو يرى الشياطين تغزوا ساحته .. وتستبيحها مثلما لم تفعل من قبل .. بل لعلها لم تكن تحلم بيوم كهذا .. هاهي وقد احتوشت عددا من بنيه .. هي توحي إليهم ... بل هي تأز بعضهم أزا ..!! إبليس اللعين رأسا هنا ..!! .. هاهو على رأس المغيرين .. إنه يومه الذي وعده آدم وبنيه .. ليحتنكن ذريته إلا قليلا .. هاهو يستنفر أتباعه .. يقذف بجنده نحو كل ركن هش ليهتكوه .. تجاه كل خلل بالأمس البعيد أوجدوه .. فاليوم موعده ليسوى بالأرض .. .. هذا يومه .. فهاهو صراخه يحتد في صخب المعركة ..!! راقبه .. هاهو ذا يختلف من مكان إلى آخر وعيناه على واحد من بني آدم .. وكأنما يتتبع خطاه بكل حرص .. وابن آدم هذا تتقد النار في صدره كأحسن ما يحب اللعين أن يرى من اللهب .. فيتسارع نبضه في غبطة قذرة ... وتتعاقب الأيام ولا يرى الشيطان إلا ملاسقا لهذا الآدمي ، أينما حل وارتحل ، كظله ... سعي حثيث .. شبيه بإرهاصات المعصية الأولى في الجنة .. ولعلها إرهاصات معصية أخرى ..!!

الفصل السابع

تنساب بضع قطرات عرق نتنه ،عبر تجاعيد ناصيته الخبيثة، لتغور بعدها في أخاديد وجهه المظلم القبيح .. عيناه تحدقان بحدة .. ويضغط بكلتا يديه على مقابض عرشه .. ليست ترضيه وتيرة العمل .. الجهد كبير والنتائج ضئيلة .. ليس هذا ما قطع العهد به على نفسه .. هل هذا كل تهديده ووعيده الذي قابل به الله الخالق يوم الفضيحة .. تبًا .. إنه لا يريد أن يتذكرها .. ليته كان قادرا على أن يمحيها من ذاكرته هوو كل من حضرها ...
.. لكن .. بإمكانه أن يمحيها من مخيلة هؤلاء ''الصغار'' .. 
لم يشهدوها .. سمعوا عنها فقط .. ومنهم من تراوده الشكوك ..!!

آدم عليه السلام .. وقد أرهقته السنين الطوال ، لا يزال يتعهد هذا العدد المتزايد من بنيه .. والمشاكل لا تنتهي .. الدنيا دار الشقاء .. يبذل عليه السلام جهده في حل النزاعات ولأم الصدوع .. مرشدا بذلك من صلح من أبنائه إلى سبل العمل وطرق التطبيب والعلاج ...
مجتمع كهذا لابد له من أقطاب تشد أركانه .. أقطاب يستند إليها ، وإذا ما مادت الأرض من تحته ، كان لثباتها عونا عظيما له على تجاوز المحنة..
هؤلاء الأقطاب هم قلة قليلة .. لكنها تكفي مجتمعا بأكمله ،إذا ما أدت دورها ...
يُعَول عليه السلام كثيرا على من يتوسم فيهم ذلك من بنيه .. فتراه يتعهدهم محاولا السمو بهم نحو آفاق الكمال ...
هم مصابيح الهدى في دياجير الظلام .. وإذا أدلج الليل .. فهم أهل الحق والخير يشعون بنوره على المجتمع فيقتبس منهم المقتبسون .. ويهتدي بهم المهتدون ..
إنها لأمانة على أعتاقهم عظيمة .. لأنهم يمثلون الحق والخير والهدى .. وهم بهذا مسؤولون على كيفية إيصاله إلى الناس من حولهم .. والمعركة ضارية .. إذا ما تلون الباطل وتزين ،فعليهم هم أن يفضحو زيفه .. وأي تقصير في إيصال الحق على وجهه الأكمل النقي إلى هذه النفوس ، سيؤدي إلى خسران الحرب أمام الباطل المزكرش .. وخسران إخوانهم من حولهم وضياع المجتمع ككل .. لا سمح الله ...
تخشع أنفس الصالحين من حوله عليه السلام وهو يعظهم ...
قلوبهم وجلة .. إنهم يدركون أن الأمانة ثقيلة .. أمانة مجتمع قد يضيع من جراء تقصيرهم .. وأعظم من هذا ... إرادة الله الخالق في خلافة الإنسان له ، قد يحال دونها لو خسروا معركتهم الشرسة ...
تُذرف الدموع الطاهرة ...
ماذا لو فعلوا ما أمكنهم ، غير أن إخوانهم لم يسعفوهم وتمادوا في غيهم ..!!
ماذا لو آثر إخوانهم غير سبيل الهدى ..!!؟
هل يكونون حينها مذنبين، إذا ما تركوهم يعيثون في المجتمع فسادا ..؟؟
هل ثمة من حل حينها غير المواجهة ..؟ .. غير الضرب على يد المخطئ ..؟؟
.. غير الصدام ...؟؟ .. صدام الحق بالباطل .. والغلبة للأقوى ..!!؟؟
إنها الحال الأكمل لنمو الحقد والبغض في الصدور .. كالنمو السريع للفطر السام الخبيث ...
سيول الدمع على الخدود تتألق ...
هل يكونون مذنبين يومها إذ يشجون أواصر المجتمع الذي كلفوا بحفظه ..!!! 
أم ما العمل حينا ..؟ .. ما العمل ..؟؟؟
ولا تمهلهم الأيام حتى تتكاثر الخصومات ويتوسع الاضطراب .. هاهم يحاولون ما وسعهم ، إخمادا لنار الفتنة .. وآدم عليه السلام بين ظهرانيهم يتابع كل هذا بقلب يتحصر .. كيف لا وهو يرى كيف هتك حصنه الذي بناه ..
وهو يرى الشياطين تغزوا ساحته .. وتستبيحها مثلما لم تفعل من قبل .. بل لعلها لم تكن تحلم بيوم كهذا .. هاهي وقد احتوشت عددا من بنيه .. هي توحي إليهم ...
بل هي تأز بعضهم أزا ..!!
إبليس اللعين رأسا هنا ..!! .. هاهو على رأس المغيرين .. إنه يومه الذي وعده آدم وبنيه .. ليحتنكن ذريته إلا قليلا .. هاهو يستنفر أتباعه .. يقذف بجنده نحو كل ركن هش ليهتكوه .. تجاه كل خلل بالأمس البعيد أوجدوه .. فاليوم موعده ليسوى بالأرض ..
.. هذا يومه .. فهاهو صراخه يحتد في صخب المعركة ..!!
راقبه .. هاهو ذا يختلف من مكان إلى آخر وعيناه على واحد من بني آدم .. وكأنما يتتبع خطاه بكل حرص .. وابن آدم هذا تتقد النار في صدره كأحسن ما يحب اللعين أن يرى من اللهب .. فيتسارع نبضه في غبطة قذرة ...
وتتعاقب الأيام ولا يرى الشيطان إلا ملاسقا لهذا الآدمي ، أينما حل وارتحل ، كظله ...
سعي حثيث .. شبيه بإرهاصات المعصية الأولى في الجنة ..
ولعلها إرهاصات معصية أخرى ..!!

*** 

مصطفى محاوي - أوت 2004

إستمع إلى البودكاست الإذاعي للحلقة من هنا :


#قصة #رواية # #الشيطان #والإنسان: #القصة #-7- #الصالحون #

الشيطان والإنسان: القصة -5- قطعان عفاريت

0
الفصل الخامس  تخترق قطعان عفاريت أحجبة الضباب على سطح البحر الهائج ..  تسرع في صخب نحو قطر مظلم يترآءى في الأفق .. كلما اقترب .. تنزاح كتل الضباب الأسود عنه .. كلما اقترب .. بدت من حوله أشلاء تطير .. تطوف .. لا تكاد تميز ... .. وكأنما هو صرح عظيم على الماء .. وأسراب كالذباب .. منطلقة منه وإليه .. مكان مظلم .. عاتم ... مقرف ..!! يكسر السكون المهيب .. صوت الأمواج الرهيب .. وصراخ .. وعواء .. وقهقهات ... تنبعث من القلعة المظلمة..!! .. من حين إلى حين .. الشيطان اللعين .. منتشي ، يعتلي عرشه الأسود .. وحوله جموع الشياطين والعفاريت في سجود ذليل ... .. تنبجس أنيابه المصفرة ، عن ضحكة حقيرة .. وقد طال أمد السجود ... لقد دانت له أغلب قبائل الجن ، وصار إلهها المعبود ..!! وهاهي ذي القرابين الفاخرة تحت قدميه .. وهاهم عبيده يتسابقون في خدمته ونيل رضاه .. فيستفرغ ما وسعه ضحكا كالتجشأ ، من على عرشه .. ثم يرمق الجميع بنظرات .. تتسارع عند قدميه العفاريت ، تطلب حظوته ... نشوة النصر لم تكتمل بعد ..!! مازالت بقية من الجن ، تأبى الخضوع ... هي تحتمي بذلك المخلوق '' آدم '' .. هو وأهله يذكرون الله العظيم كثيرا .. والملائكة لاتتركهم .. هي معهم أينما ذهبوا .. الملائكة قوية جدا ، ترهبها العفاريت ... إذا رأتها من مكان بعيد ، ولت فرارا ..!! تلك القلة من الجن ،تجد في معية آدم الأمن والسكينة ... حيث لا تطالها يده المتسلطة ... تتراقص عينا اللعين في اضطراب ..، كلما لحظت العفاريت ذلك منه ، توجست منه خيفة ... ومنها من يترك المكان هربا .. هي نذائر غضبه .. قد يفعل أي شيء..!! .. أي شيء..!! .. لقد ذكر آدم ... . آدم مع بنيه في السهل الأخضر .. لقد بدأ العمل .. على ذريته أن تملأ هذه الأرض العذراء .. أن تبني '' حضارة '' .. أساسها .. الحق والعدل والخير .. حضارة وفق منهج الله الحكيم ، الذي يدلها عليه .. البشر ، هم أوصياء الله الخالق على هذه الأرض .. يحفظون توازنها .. وحقوق مخلوقاتها .. ويزيدون جمالها جمالا ... حلم جميل ..!! .. كان يسير المنال لو لم يكن معهم في رحلة الحياة هذه شخص كهذا الشيطان الملعون ..  آدم يلقن بنيه هذا... لكن ثمة خطب جديد ... أبناءه ... ومنذ وعوا .. أبصروا الأرض موطنا و السماء سقفا .. لا يبصرون ملائكة ولا جنا .. ولا شياطين إبليس ولا عفاريته ..!! إذا رفعوا رؤسهم ، أبصروا كتلا من السحاب الأبيض وزرقة لطيفة .. وآدم يشير نحوها ويقول ، ثمة خلفها عالما آخر .. أوسع وأجمل ،هو موطنهم ،إليه يعودون يوما ما .. ويلقون الله خالقهم فيه..!!  .. وتبدأ الإشكالات ..!! الشيطان يرقب الوضع الجديد ، لحظة بلحظة .. تارة من على عرشه عبر رسله .. ويفضل في الأخرى الوقوف بنفسه على أحوال هذه العائلة .. إنها نقطة ضعف .. لن تفلت من بين مخالبه هذه المرة .. يأمر شياطينه بالانقضاض على هؤلاء الصغار ، بكل قوة وتركيز.. مهما كثر الضحايا في جنده .. يستميت : -أهجموا .. في اليل ،في النهار .. متى بدى لكم الوقت مناسبا .. متى لاحت الفرصة ..  ولمن نجح منكم ، عندي جزاء عظيم ... هكذا يذكي في جنده جذوة الحماس .. والمعركة محتدمة ... العفاريت من خلفها الشياطين ، تغير ... والملائكة يساندها الجن المؤمنون ، تدافع .. آدم عليه السلام ، لائذ بربه في تضرعات مشفقة ... وحواء إلى جنبه لاتكاد تفارقه ... لقد اشتد الحال ..!! .. ترمقه بنظرات رحمة وحنان .. وبها مما يؤرقه هم عظيم ... آدم يلحظ في بنيه ملامح لايطمئن إليها قلبه .. الحياة غريبة وصعبة .. هذا خطب جديد لم يجربه آدم ولا حواء من قبل ..  إنه صراع جديد .. صراع رهيب .. هو معركة '' الإيمان '' . الإيمان بالغيب .. بما لاتحيط به حواسك ولا إدراكك .. معركة ساحتها شعاب الفؤاد .. وتحتضنها ثنيا الضلوع .. آدم وحواء يلمحان صخب هذه المعارك وهي تحتدم خلال صدور الأبناء وقد شبّوا .. آدم يشعر بعدم السيطرة على الوضع .. هؤلاء الأبناء ، كل مستقل بذاته .. إن شاء آمن وإن شاء أراد غير ذلك ..!! .. لا يملك عليه السلام ، ولا الأم حواء، أي سلطة على أفكارهم .. -لقد خلقوا هكذا أحرارا .. حرية توجها الله هامات البشر .. من شاء آمن ومن شاء كفر.. -ليس من حقك إرغام غيرك على اعتناق إيمانك .. ولو كان ابنك القريب ..!! واقع صعب .. بدأ مذاقه يزداد مرارة ، مع الزمن الزاحف نحو المجهول ..!! ذاك الملعون .. قل استقراره في مملكته .. أضحى كثير التردد على الجوار .. يتتبع منازل عائلة تكاد تصير قبيلة من البشر.. شديد الاهتمام بحالها .. لديه حاسة خبيثة تنبؤه بمواقع الخلل في النفس البشرية .. إنه يتفحص هؤلاء الجدد واحدا واحدا .. ثم يصدر تعليماته لجنده ... إنه حريص على سلامة خطواته من الفشل هذه المرة .. هناك في بعض الأحايين ، من بني آدم هؤلاء ، من يتقاعس في أذكاره ، وفي طاهرته .. من تتغلب عليه نفسه وهواه فيضعف حصنه المنيع .. وربما قد تنفض عنه الملائكة ... عندها ودونما تردد تنقض عليه الشياطين من كل صوب .. تنفخ في روعه .. تثير أحاسيسه .. تربك تفكيره .. فيتعالى في زحمة الموقف من حوله حسيس الوسوسة .. معركة ..!!

الفصل الخامس

تخترق قطعان عفاريت أحجبة الضباب على سطح البحر الهائج .. 
تسرع في صخب نحو قطر مظلم يترآءى في الأفق ..
كلما اقترب .. تنزاح كتل الضباب الأسود عنه ..
كلما اقترب .. بدت من حوله أشلاء تطير .. تطوف .. لا تكاد تميز ...
.. وكأنما هو صرح عظيم على الماء ..
وأسراب كالذباب .. منطلقة منه وإليه .. مكان مظلم .. عاتم ... مقرف ..!!
يكسر السكون المهيب .. صوت الأمواج الرهيب .. وصراخ .. وعواء .. وقهقهات ... تنبعث من القلعة المظلمة..!! .. من حين إلى حين ..
الشيطان اللعين .. منتشي ، يعتلي عرشه الأسود .. وحوله جموع الشياطين والعفاريت في سجود ذليل ...
.. تنبجس أنيابه المصفرة ، عن ضحكة حقيرة .. وقد طال أمد السجود ...
لقد دانت له أغلب قبائل الجن ، وصار إلهها المعبود ..!! وهاهي ذي القرابين الفاخرة تحت قدميه .. وهاهم عبيده يتسابقون في خدمته ونيل رضاه ..
فيستفرغ ما وسعه ضحكا كالتجشأ ، من على عرشه .. ثم يرمق الجميع بنظرات ..
تتسارع عند قدميه العفاريت ، تطلب حظوته ...
نشوة النصر لم تكتمل بعد ..!!
مازالت بقية من الجن ، تأبى الخضوع ... هي تحتمي بذلك المخلوق '' آدم '' .. هو وأهله يذكرون الله العظيم كثيرا .. والملائكة لاتتركهم .. هي معهم أينما ذهبوا ..
الملائكة قوية جدا ، ترهبها العفاريت ... إذا رأتها من مكان بعيد ، ولت فرارا ..!!
تلك القلة من الجن ،تجد في معية آدم الأمن والسكينة ... حيث لا تطالها يده المتسلطة ...
تتراقص عينا اللعين في اضطراب ..، كلما لحظت العفاريت ذلك منه ، توجست منه خيفة ...
ومنها من يترك المكان هربا .. هي نذائر غضبه .. قد يفعل أي شيء..!! .. أي شيء..!!
.. لقد ذكر آدم ... .
آدم مع بنيه في السهل الأخضر .. لقد بدأ العمل .. على ذريته أن تملأ هذه الأرض العذراء .. أن تبني '' حضارة '' .. أساسها .. الحق والعدل والخير ..
حضارة وفق منهج الله الحكيم ، الذي يدلها عليه ..
البشر ، هم أوصياء الله الخالق على هذه الأرض .. يحفظون توازنها .. وحقوق مخلوقاتها .. ويزيدون جمالها جمالا ... حلم جميل ..!! .. كان يسير المنال لو لم يكن معهم في رحلة الحياة هذه شخص كهذا الشيطان الملعون .. 
آدم يلقن بنيه هذا... لكن ثمة خطب جديد ...
أبناءه ... ومنذ وعوا .. أبصروا الأرض موطنا و السماء سقفا .. لا يبصرون ملائكة ولا جنا .. ولا شياطين إبليس ولا عفاريته ..!!
إذا رفعوا رؤسهم ، أبصروا كتلا من السحاب الأبيض وزرقة لطيفة .. وآدم يشير نحوها ويقول ، ثمة خلفها عالما آخر .. أوسع وأجمل ،هو موطنهم ،إليه يعودون يوما ما .. ويلقون الله خالقهم فيه..!! 
.. وتبدأ الإشكالات ..!!
الشيطان يرقب الوضع الجديد ، لحظة بلحظة .. تارة من على عرشه عبر رسله .. ويفضل في الأخرى الوقوف بنفسه على أحوال هذه العائلة ..
إنها نقطة ضعف .. لن تفلت من بين مخالبه هذه المرة ..
يأمر شياطينه بالانقضاض على هؤلاء الصغار ، بكل قوة وتركيز..
مهما كثر الضحايا في جنده .. يستميت :
-أهجموا .. في اليل ،في النهار .. متى بدى لكم الوقت مناسبا .. متى لاحت الفرصة .. 
ولمن نجح منكم ، عندي جزاء عظيم ...
هكذا يذكي في جنده جذوة الحماس .. والمعركة محتدمة ...
العفاريت من خلفها الشياطين ، تغير ...
والملائكة يساندها الجن المؤمنون ، تدافع ..
آدم عليه السلام ، لائذ بربه في تضرعات مشفقة ... وحواء إلى جنبه لاتكاد تفارقه ... لقد اشتد الحال ..!! .. ترمقه بنظرات رحمة وحنان .. وبها مما يؤرقه هم عظيم ...
آدم يلحظ في بنيه ملامح لايطمئن إليها قلبه .. الحياة غريبة وصعبة .. هذا خطب جديد لم يجربه آدم ولا حواء من قبل .. 
إنه صراع جديد .. صراع رهيب .. هو معركة '' الإيمان '' .
الإيمان بالغيب .. بما لاتحيط به حواسك ولا إدراكك ..
معركة ساحتها شعاب الفؤاد .. وتحتضنها ثنيا الضلوع ..
آدم وحواء يلمحان صخب هذه المعارك وهي تحتدم خلال صدور الأبناء وقد شبّوا ..
آدم يشعر بعدم السيطرة على الوضع .. هؤلاء الأبناء ، كل مستقل بذاته .. إن شاء آمن وإن شاء أراد غير ذلك ..!! .. لا يملك عليه السلام ، ولا الأم حواء، أي سلطة على أفكارهم ..
-لقد خلقوا هكذا أحرارا ..
حرية توجها الله هامات البشر .. من شاء آمن ومن شاء كفر..
-ليس من حقك إرغام غيرك على اعتناق إيمانك .. ولو كان ابنك القريب ..!!
واقع صعب .. بدأ مذاقه يزداد مرارة ، مع الزمن الزاحف نحو المجهول ..!!
ذاك الملعون .. قل استقراره في مملكته .. أضحى كثير التردد على الجوار .. يتتبع منازل عائلة تكاد تصير قبيلة من البشر.. شديد الاهتمام بحالها .. لديه حاسة خبيثة تنبؤه بمواقع الخلل في النفس البشرية .. إنه يتفحص هؤلاء الجدد واحدا واحدا ..
ثم يصدر تعليماته لجنده ...
إنه حريص على سلامة خطواته من الفشل هذه المرة ..
هناك في بعض الأحايين ، من بني آدم هؤلاء ، من يتقاعس في أذكاره ، وفي طاهرته .. من تتغلب عليه نفسه وهواه فيضعف حصنه المنيع .. وربما قد تنفض عنه الملائكة ... عندها ودونما تردد تنقض عليه الشياطين من كل صوب .. تنفخ في روعه .. تثير أحاسيسه .. تربك تفكيره .. فيتعالى في زحمة الموقف من حوله حسيس الوسوسة .. معركة ..!! 

*** 

مصطفى محاوي - أوت 2004

إستمع إلى البودكاست الإذاعي للحلقة من هنا :


#قصة #رواية # #الشيطان #والإنسان: #القصة #-5- # #قطعان #عفاريت # #
يتم التشغيل بواسطة Blogger.