باسكال في كاليفورنيا -5- دعاء المرضى

0
دعاء المرضى  في غرفته ليلا ،بيلي يفتح حاسوبه النقال، يشغله، ويعمد إلى الاتصال بآنا وهي في مركز الهوائي بمعهد الاستماع الفضائي ، وما هي إلا لحظات حتى كانت جالست قبالة الشاشة وهي تبعث له بتحيات الأصدقاء: كيف حالك بيلي ... بخير، أحسن بكثير .. لقد خرجت وتفسحت لوحدي اليوم.. هذا شيء رائع .. لابد أن تعتمد على نفسك .. أجل .. انت تعرفين بيلي .. لا يستسلم أبدا ... ماذا عن ديفد وبيتر .. ديفد أصر على اللحاق بي ... لن يتأخر ... إنه متشوق لرؤيتك .. وبيتر منهمك كعادته في معالجة التحاليل .. بالكاد يأخذ قسطا من الراحة .. ما أخبار الإشارة الجديدة .. لا أخفيك بيلي الجميع متحمس هنا .. الإشارة لم تنقطع بعد، إنها طويلة .. إننا نحاول تسجيلها بأدق التفاصيل ... ماذا عن نوعيتها ... أليست مألوفة بالمرة ..؟ هناك نقاش دائر حاليا .. لكنهم مجمعون على أنها نوعية جديدة ... (ثم يظهر ديفد على الشاشة وهو يرتشف عصيرا، فيقاطع آنا متحدثا إلى بيلي) ..  بيلي الصغير هنا .. ألم تنم بعد..؟ ليس قبل أن يعتصرك النعاس يا ديفد هههههه كيف هي الأجواء عندكم في شيكاغو .. لابد و أن الليل قد أظلم ... هل تحتاج حكاية للنوم ...؟ نعم .. حاولت آنا أن تسرد لي واحدة منذ قليل .. لكنها لم تفلح ..(تضحك آنا( إذا فإليك هذه (يقول ديفد)، بيتر هذا الصباح كان منهمكا أمام الحاسوب، فعمدت خلسة واستبدلت كوب القهوة خاصته بكوب عصير تفاح قديم ، فاستمر يرتشفه من غير أن يعبأ بشيء ، فلما نبهته آنا كاد يتقيأ وأصابه مغص واسهال أدخله إلى الحمام ، ولا يزال حتى اللحظة فيه ههههههههههه ، لكن آنا أخبرتني بأنه مازال يعالج الإشارات ..؟ كذبت عليك .. لا يزال يعالج أمعائه من آثار العصير هههههههههههههههههههه (وانفجر الجميع بالضحك( وبعد أن تمت المحادثة المرحة وقطع الاتصال ، لم يملك بيلي فضوله حتى كتب على محرك البحث "مخلوقات الفضاء والحضارات القديمة"، فخلص إلى كم من العناوين يقول بعضها : كيف ساعد الفضائيون المصريين في بناء الأهرامات ... رسومات شعب الماية تثبت زيارة كائنات فضائية للأرض ... هل كان الفضائيون وراء الرسومات الغريبة في سهول الإنكة ... فتصفح بعض هذه المواقع ، ليقف على جدل العلماء بشأن الأهرامات وتعقيدات بنائها ودقة مواقعها الفلكية بما يتجاوز المعرفة الإنسانية لتلك العهود ... وشاهد صورة لجدار قديم لشعب الماية به رسم يبدوا كأنه لمركبة فضائية بقربها شخص رُسم وكأنما يرتدي خوذة .. وصورا أخرى لأشكال عظيمة على أراض جرداء لا يمكن ان ترى إلى من السماء لكبر حجمها وغرابة اشكالها ، وكيف اختلف العلماء في تفسير دواعي شعب الإنكة إلى الإقدام على نحتها ... في الغد أصر بيلي على والدته أن تصطحبه إلى قبر بول لزيارته، فأخذته تجر كرسيه المتحرك حتى ولجوا إلى المقبرة ووقفا على شاهد قبره فوضعا عليه زهورا وبقيا هناك في صمت خاشع وبيلي يتأمل ذكرياته الغابرة منذ أيام الطفولة .. لا يمكن لروح حية وثّابة أن تخمد هكذا بلا حراك ، وأن تدس في التراب ويطويها النسيان (تكلم بيلي في نفسه) ... أن تعود إلى كوكب علوي فترقبنا منه مبتسمة .. هو أرحم لقلبي وعقلي من هذا الفناء البهيم ... ما معنى الحياة إن كانت لا تؤدي إلا إلى فناء سرمدي ... إن هذا لشيء قاصي .. قاصي فعلا ، يصعب الركون إليه .. بول ... بول .. هل تستطيع سماع همسي ؟ ... إن كنت تسمعني ، فأرجوك أجبني .. وأرح بالي ... أجبني إن كان هنالك حقا عالم آخر يجب أن نؤمن به ... (لكنه لم يسمع في قلبه شيئا ، فذرفت عيناه( وعاد بيلي إلى البيت خاشعا مطرقا ، وولج إلى غرفته ، اقترب من سريره ، تحامل وألقى بجذعه عليه ثم تناول أطرافه السفلى الذابلة ومددها بلطف واستلقى يسند ظهره إلى الجدار... ولبث مليا يتأمل السقف ، لكن مقلتاه تهفوان إلى ما هو أبعد من هذه الجدران و هذه الحواجز ... ثم تلمس الكتاب الثاني الذي أهداه إليه العجوز ريتشارد .. فإذا عنوانه "خواطر ، بليز باسكال" ففتح وإذا به يقع على صفحة عنوانها "دعاء المرضى" فقرأ ، وإذا بباسكال يدعوا بهذه الكلمات : اللهم يامن وسع حلمك وبرك كل شيء ، وتعاظمت رحمتك حتى شملت عبادك المصطفين في السراء والضراء ، تلطف علي بأن لا يكون تصرفي كتصرف الجاهل وأنا في هذه الحالة التي أرادتها عدالتك . ولتكن مشيئتك أن أتمثل فيك ككل مؤمن حقيقي الرب الرحيم والأب العطوف، مهما يكن حالي ، لأن تغير وضعي لا يبدل من وضعك ، ولأنك إله حينما تنزل العقاب والاحزان ، وحينما ترسل السلوى والغفران. لقد وهبتني الصحة لأعبدك فتهالكت على نعيم الدنيا ، وها أنت ذا تنزل بي المرض لتؤدبني . فلتكن مشيئتك أن لا أسخطك بجزعي . لقد أسأت استعمال صحتي فجازيتني بحق ، فلتكن مشيئتك أن لا أسيء استعمال عقابك . إن فساد طبيعتي بلغ مبلغا صير نعمك مؤذية لي ، فلتكن مشيئتك اللهم ، إن يجعل حلمك الواسع هذا العقاب وسيلة لخلاصي ، إن كان قلبي مترعا بحب الدنيا أيام بأسه، فاقض على هذه القوة في سبيل خلاصي ، واجعلني عاجزا عن التنعم بمباهج الدنيا لضعف الجسم أو لفرط المحبة ، كي لا تكون مسرتي إلا بك وحدك.  اللهم يامن سأقدم أمامه الحساب عن أفعالي في ختام حياتي ونهاية العالم ... اللهم يامن لا يدع العالم وما فيه إلا ليختبر عباده الصالحين وليجازي الآثمين ... اللهم يامن يمهل المذنبين ليستسلموا لمتع الدنيا الآثمة ... اللهم يامن يفصل روحنا في ساعة الموت عن كل ما كانت تحبه في هذا العالم ... اللهم يامن ينتزعني في اللحظة الأخيرة من حياتي عن كل ما شغف قلبي ... اللهم يامن سيهلك الأرض والسماء وما عليهما ليبقى وجهك ذو الجلال و الإكرام . إنك أنت الجدير بالمحبة ، لأنك منفرد بالبقاء . أحمدك اللهم وأشكرك طيلة حياتي لأنك جنبتني عذاب يوم عظيم بما كتبت علي من وهن مقيم . أحمدك يا ربي وأشكرك طيلة حياتي لأنك جعلتني عاجزا عن التمتع بمباهج الصحة واللذة في هذا العالم . وكما أنني سأكون ساعة مماتي منعزلا عن العالم محروما من الأشياء كلها منفردا بحضرتك ، لأجيب عن كل خفقات قلبي ، كذلك فلتكن مشيئتك أن اعتبر نفسي في هذا المرض كميت منعزل عن العالم منفرد بحضرتك لأسألك توبة قلبي يا أرحم الراحمين . ثم أفاق بيلي ليجد الدموع سيالة على خديه ، ولقلبه خفقانا يكاد يسمعه ، إنها روحه تتكلم بهذه المشاعر ... لم يكن يفهمها من قبل وهي التي ظلت تشكو بلغة أخرى ... ها هو باسكال يترجم عنها كلامها ... يفك شيفرا ظلت ولزمن طويل مبهمة في صدره .. ولفرط الدموع المنهمرة .. لم يستطع مواصلة القراءة فأغلق الكتاب وأخلد للنوم ولصدره أزيز يسمع ... ثم دارت الأرض به دورانا عنيفا ... وخيل إليه انه يرى أشياء متداخلة .. متراكبة .. وكأنما انحدر من ناطحة سحاب ... ثم اخترق زحمة المرور ... ليقف آخر المطاف وحيدا على شفى وادي سحيق العمق وكأنما هو نهر الكلورادو العظيم ... وإذا على ضفته الأخرى .. في الطرف السحيق ذاك على الجرف .. يجلس بول وحيدا كئيبا ... فينادي عليه بيلي بأعلى صوته .. لكن بول وكأنه لا يسمعه ... حتى بح صوته .. وإذا به يرى رجلا قادما من خلف بول .. يرتدي بياضا وكأنه يشع من نور .. حتى وقف بجنب بول .. فرمق بيلي بنظرة ثم ابتسم ... ثم انحنى على بول يكلمه ... ثم قاما معا وغادرا حتى اختفيا ...... ثم أفاق بيلي .. فإذا به على سريره والجو معتم ... تفقد المنبه وإذا به يشير إلى الساعة الثالثة صباحا .. فبقي مستيقظا يقلب ما رآه من عجب في منامه ...

كتبت يوم ما من أيام عام 2011 م

دعاء المرضى

في غرفته ليلا ،بيلي يفتح حاسوبه النقال، يشغله، ويعمد إلى الاتصال بآنا وهي في مركز الهوائي بمعهد الاستماع الفضائي ، وما هي إلا لحظات حتى كانت جالست قبالة الشاشة وهي تبعث له بتحيات الأصدقاء:
كيف حالك بيلي ...
بخير، أحسن بكثير .. لقد خرجت وتفسحت لوحدي اليوم..
هذا شيء رائع .. لابد أن تعتمد على نفسك ..
أجل .. انت تعرفين بيلي .. لا يستسلم أبدا ... ماذا عن ديفد وبيتر ..
ديفد أصر على اللحاق بي ... لن يتأخر ... إنه متشوق لرؤيتك .. وبيتر منهمك كعادته في معالجة التحاليل .. بالكاد يأخذ قسطا من الراحة ..
ما أخبار الإشارة الجديدة ..
لا أخفيك بيلي الجميع متحمس هنا .. الإشارة لم تنقطع بعد، إنها طويلة .. إننا نحاول تسجيلها بأدق التفاصيل ...
ماذا عن نوعيتها ... أليست مألوفة بالمرة ..؟
هناك نقاش دائر حاليا .. لكنهم مجمعون على أنها نوعية جديدة ... (ثم يظهر ديفد على الشاشة وهو يرتشف عصيرا، فيقاطع آنا متحدثا إلى بيلي) .. 
بيلي الصغير هنا .. ألم تنم بعد..؟
ليس قبل أن يعتصرك النعاس يا ديفد هههههه
كيف هي الأجواء عندكم في شيكاغو .. لابد و أن الليل قد أظلم ... هل تحتاج حكاية للنوم ...؟
نعم .. حاولت آنا أن تسرد لي واحدة منذ قليل .. لكنها لم تفلح ..(تضحك آنا(
إذا فإليك هذه (يقول ديفد)، بيتر هذا الصباح كان منهمكا أمام الحاسوب، فعمدت خلسة واستبدلت كوب القهوة خاصته بكوب عصير تفاح قديم ، فاستمر يرتشفه من غير أن يعبأ بشيء ، فلما نبهته آنا كاد يتقيأ وأصابه مغص واسهال أدخله إلى الحمام ، ولا يزال حتى اللحظة فيه ههههههههههه ،
لكن آنا أخبرتني بأنه مازال يعالج الإشارات ..؟
كذبت عليك .. لا يزال يعالج أمعائه من آثار العصير هههههههههههههههههههه (وانفجر الجميع بالضحك(
وبعد أن تمت المحادثة المرحة وقطع الاتصال ، لم يملك بيلي فضوله حتى كتب على محرك البحث "مخلوقات الفضاء والحضارات القديمة"، فخلص إلى كم من العناوين يقول بعضها :
كيف ساعد الفضائيون المصريين في بناء الأهرامات ...
رسومات شعب الماية تثبت زيارة كائنات فضائية للأرض ...
هل كان الفضائيون وراء الرسومات الغريبة في سهول الإنكة ...
فتصفح بعض هذه المواقع ، ليقف على جدل العلماء بشأن الأهرامات وتعقيدات بنائها ودقة مواقعها الفلكية بما يتجاوز المعرفة الإنسانية لتلك العهود ... وشاهد صورة لجدار قديم لشعب الماية به رسم يبدوا كأنه لمركبة فضائية بقربها شخص رُسم وكأنما يرتدي خوذة .. وصورا أخرى لأشكال عظيمة على أراض جرداء لا يمكن ان ترى إلى من السماء لكبر حجمها وغرابة اشكالها ، وكيف اختلف العلماء في تفسير دواعي شعب الإنكة إلى الإقدام على نحتها ...
في الغد أصر بيلي على والدته أن تصطحبه إلى قبر بول لزيارته، فأخذته تجر كرسيه المتحرك حتى ولجوا إلى المقبرة ووقفا على شاهد قبره فوضعا عليه زهورا وبقيا هناك في صمت خاشع وبيلي يتأمل ذكرياته الغابرة منذ أيام الطفولة ..
لا يمكن لروح حية وثّابة أن تخمد هكذا بلا حراك ، وأن تدس في التراب ويطويها النسيان (تكلم بيلي في نفسه) ... أن تعود إلى كوكب علوي فترقبنا منه مبتسمة .. هو أرحم لقلبي وعقلي من هذا الفناء البهيم ... ما معنى الحياة إن كانت لا تؤدي إلا إلى فناء سرمدي ... إن هذا لشيء قاصي .. قاصي فعلا ، يصعب الركون إليه ..
بول ... بول .. هل تستطيع سماع همسي ؟ ... إن كنت تسمعني ، فأرجوك أجبني .. وأرح بالي ... أجبني إن كان هنالك حقا عالم آخر يجب أن نؤمن به ... (لكنه لم يسمع في قلبه شيئا ، فذرفت عيناه(
وعاد بيلي إلى البيت خاشعا مطرقا ، وولج إلى غرفته ، اقترب من سريره ، تحامل وألقى بجذعه عليه ثم تناول أطرافه السفلى الذابلة ومددها بلطف واستلقى يسند ظهره إلى الجدار... ولبث مليا يتأمل السقف ، لكن مقلتاه تهفوان إلى ما هو أبعد من هذه الجدران و هذه الحواجز ... ثم تلمس الكتاب الثاني الذي أهداه إليه العجوز ريتشارد .. فإذا عنوانه "خواطر ، بليز باسكال" ففتح وإذا به يقع على صفحة عنوانها "دعاء المرضى" فقرأ ، وإذا بباسكال يدعوا بهذه الكلمات :
اللهم يامن وسع حلمك وبرك كل شيء ، وتعاظمت رحمتك حتى شملت عبادك المصطفين في السراء والضراء ، تلطف علي بأن لا يكون تصرفي كتصرف الجاهل وأنا في هذه الحالة التي أرادتها عدالتك . ولتكن مشيئتك أن أتمثل فيك ككل مؤمن حقيقي الرب الرحيم والأب العطوف، مهما يكن حالي ، لأن تغير وضعي لا يبدل من وضعك ، ولأنك إله حينما تنزل العقاب والاحزان ، وحينما ترسل السلوى والغفران.
لقد وهبتني الصحة لأعبدك فتهالكت على نعيم الدنيا ، وها أنت ذا تنزل بي المرض لتؤدبني . فلتكن مشيئتك أن لا أسخطك بجزعي . لقد أسأت استعمال صحتي فجازيتني بحق ، فلتكن مشيئتك أن لا أسيء استعمال عقابك . إن فساد طبيعتي بلغ مبلغا صير نعمك مؤذية لي ، فلتكن مشيئتك اللهم ، إن يجعل حلمك الواسع هذا العقاب وسيلة لخلاصي ، إن كان قلبي مترعا بحب الدنيا أيام بأسه، فاقض على هذه القوة في سبيل خلاصي ، واجعلني عاجزا عن التنعم بمباهج الدنيا لضعف الجسم أو لفرط المحبة ، كي لا تكون مسرتي إلا بك وحدك. 
اللهم يامن سأقدم أمامه الحساب عن أفعالي في ختام حياتي ونهاية العالم ...
اللهم يامن لا يدع العالم وما فيه إلا ليختبر عباده الصالحين وليجازي الآثمين ...
اللهم يامن يمهل المذنبين ليستسلموا لمتع الدنيا الآثمة ...
اللهم يامن يفصل روحنا في ساعة الموت عن كل ما كانت تحبه في هذا العالم ...
اللهم يامن ينتزعني في اللحظة الأخيرة من حياتي عن كل ما شغف قلبي ...
اللهم يامن سيهلك الأرض والسماء وما عليهما ليبقى وجهك ذو الجلال و الإكرام . إنك أنت الجدير بالمحبة ، لأنك منفرد بالبقاء .
أحمدك اللهم وأشكرك طيلة حياتي لأنك جنبتني عذاب يوم عظيم بما كتبت علي من وهن مقيم .
أحمدك يا ربي وأشكرك طيلة حياتي لأنك جعلتني عاجزا عن التمتع بمباهج الصحة واللذة في هذا العالم .
وكما أنني سأكون ساعة مماتي منعزلا عن العالم محروما من الأشياء كلها منفردا بحضرتك ، لأجيب عن كل خفقات قلبي ، كذلك فلتكن مشيئتك أن اعتبر نفسي في هذا المرض كميت منعزل عن العالم منفرد بحضرتك لأسألك توبة قلبي يا أرحم الراحمين .
ثم أفاق بيلي ليجد الدموع سيالة على خديه ، ولقلبه خفقانا يكاد يسمعه ، إنها روحه تتكلم بهذه المشاعر ... لم يكن يفهمها من قبل وهي التي ظلت تشكو بلغة أخرى ... ها هو باسكال يترجم عنها كلامها ... يفك شيفرا ظلت ولزمن طويل مبهمة في صدره .. ولفرط الدموع المنهمرة .. لم يستطع مواصلة القراءة فأغلق الكتاب وأخلد للنوم ولصدره أزيز يسمع ...
ثم دارت الأرض به دورانا عنيفا ... وخيل إليه انه يرى أشياء متداخلة .. متراكبة .. وكأنما انحدر من ناطحة سحاب ... ثم اخترق زحمة المرور ... ليقف آخر المطاف وحيدا على شفى وادي سحيق العمق وكأنما هو نهر الكلورادو العظيم ... وإذا على ضفته الأخرى .. في الطرف السحيق ذاك على الجرف .. يجلس بول وحيدا كئيبا ... فينادي عليه بيلي بأعلى صوته .. لكن بول وكأنه لا يسمعه ... حتى بح صوته .. وإذا به يرى رجلا قادما من خلف بول .. يرتدي بياضا وكأنه يشع من نور .. حتى وقف بجنب بول .. فرمق بيلي بنظرة ثم ابتسم ... ثم انحنى على بول يكلمه ... ثم قاما معا وغادرا حتى اختفيا ...... ثم أفاق بيلي ..
فإذا به على سريره والجو معتم ... تفقد المنبه وإذا به يشير إلى الساعة الثالثة صباحا .. فبقي مستيقظا يقلب ما رآه من عجب في منامه ...  

استمع إلى البودكاست الإذاعي للحلقة من هنا :


  #قصة #رواية # #باسكال #في #كاليفورنيا #-5- #دعاء #المرضى #
يتم التشغيل بواسطة Blogger.