ركـــــــــام أشجـــــــان

0
كتبت يوم ما من أيام أبريل من عام 2002 م  ركام أشجان  قصة قصيرة   ( كتبتها بعد أن زرت جبال الشريعة المطلة على البليدة  غداة افتتاحها لأول مرة أمام الزوار بعد سنوات من الغلق الأمني،  وراعني ما انتابني من حزن وشجون فيها ...  فكانت كأنها تبوح لي بأساها حيث ما التفت،  فعزمت على تدوين تلك المشاعر من يومها )


يمكنك تصفح الكتاب وتحميله من هنا أيضا
كتبت يوم ما من أيام أبريل من عام 2002 م
ركام أشجان
قصة قصيرة


( كتبتها بعد أن زرت جبال الشريعة المطلة على البليدة 
غداة افتتاحها لأول مرة أمام الزوار بعد سنوات من الغلق الأمني، 
وراعني ما انتابني من حزن وشجون فيها ... 
فكانت كأنها تبوح لي بأساها حيث ما التفت، 
فعزمت على تدوين تلك المشاعر من يومها )

أبريل 2002م

#ركـــــــــام #أشجـــــــان #قصة

ركام أشجان -1- عند التل

0
عندالتل .. وبعد أن طويت خلفك الهضاب بعد أن واريت خلفك الجبل تلو الجبل .. بعد أن أصبحت تخترق الغابة تلو الغابة ...  أمامك وحواليك ركام الحجارة .. كان يوما مرتعا للحياة .. وأي حياة  شد ذلك المنظر تفكيري وكأنما ملك مجامع نفسي فأجلسني هناك عند التل أرمق الجدار بنظرات .. أتفحصه ، أجول ببصري هناك .. أغوص فيه .. أتفحص كل زواياه وكأنما هو كتاب فتح على مصراعيه .. تهب رياح الزمن فتطوي صفحاته ، فتتطاير تلكم العبارات والكلمات التي سالت يوما دما غزيرا .. هنا وهناك ...  أجل هناك عند زاوية الجدار أين تراكم القرميد المفحم ، وقد نبتت من حوله الأعشاب وبعض الزهور تتمايل بلونها الآسي .. وكأنما كساها الربيع حدادا بعد أن كان يكسوها سعادة .. وحق له ذلك.  أعدت بصري وأنا جالس على التل هناك وحيدا .. أعدته ولم يكن قد سافر بل كنت انا المسافر .. أعدته إلى حث كان ، عند زاوية الجدار .. عطفته قليلا ليرتسم لي باب قد توسط جدارا ، علا الفحم سقفه وتآكلت أطرافه وانسدلت من خلفه ظلمة غارت خلالها أسرار .. كأنني أراها تهيم داخل البيت ، سابحة في الظلمة ...  تلكم الأسرار ، لم تعد أسرارا .. هي تبوح بسرها دونما كلام .. الجدار .. الباب .. القرميد كلها تشترك في البوح بالذي حدث ... أجل يد الموت مرت يوما من هنا.  لعبت أياديه السوداء بملامح البيت فأحالتها أشباحا .. انتشرت داخل الغابة فأحالت جوها الهادئ اللطيف إلى فيض من الأحاسيس تجتاح كل عابر للمكان فلا تدعه إلا وقد ملأ الأسى فؤاده وقلبه

كتبت يوم ما من أيام أبريل من عام 2002 م

عندالتل .. وبعد أن طويت خلفك الهضاب
بعد أن واريت خلفك الجبل تلو الجبل .. بعد أن أصبحت تخترق الغابة تلو الغابة ... 
أمامك وحواليك ركام الحجارة .. كان يوما مرتعا للحياة .. وأي حياة 
شد ذلك المنظر تفكيري وكأنما ملك مجامع نفسي فأجلسني هناك عند التل أرمق الجدار بنظرات .. أتفحصه ، أجول ببصري هناك .. أغوص فيه .. أتفحص كل زواياه وكأنما هو كتاب فتح على مصراعيه .. تهب رياح الزمن فتطوي صفحاته ، فتتطاير تلكم العبارات والكلمات التي سالت يوما دما غزيرا .. هنا وهناك ... 
أجل هناك عند زاوية الجدار أين تراكم القرميد المفحم ، وقد نبتت من حوله الأعشاب وبعض الزهور تتمايل بلونها الآسي .. وكأنما كساها الربيع حدادا بعد أن كان يكسوها سعادة .. وحق له ذلك. 
أعدت بصري وأنا جالس على التل هناك وحيدا .. أعدته ولم يكن قد سافر بل كنت انا المسافر .. أعدته إلى حث كان ، عند زاوية الجدار .. عطفته قليلا ليرتسم لي باب قد توسط جدارا ، علا الفحم سقفه وتآكلت أطرافه وانسدلت من خلفه ظلمة غارت خلالها أسرار .. كأنني أراها تهيم داخل البيت ، سابحة في الظلمة ... 
تلكم الأسرار ، لم تعد أسرارا .. هي تبوح بسرها دونما كلام .. الجدار .. الباب .. القرميد كلها تشترك في البوح بالذي حدث ... أجل يد الموت مرت يوما من هنا. 
لعبت أياديه السوداء بملامح البيت فأحالتها أشباحا .. انتشرت داخل الغابة فأحالت جوها الهادئ اللطيف إلى فيض من الأحاسيس تجتاح كل عابر للمكان فلا تدعه إلا وقد ملأ الأسى فؤاده وقلبه

#ركام #أشجان #-1- #عند #التل #   #قصة #رواية

ركام أشجان -3- الليل

0
في ذلك الليل .. اشتدت الظلمة وركام من سحاب الرعب غطى الأفق .. كل الأفق .. يوما بعد يوم يقترب .. يوما بعد يوم تغص به السماء .. وضبابه الرمادي الكريه جثم على شعاب الجبــــال ... ها هو ذا يزحف من كل الأودية إلى هنا ... والفلاح يرمق الجو .. أبصر كل هذا ... غير بعيد عن الفلاح وبيته، هناك عند قمة الجبل قرية ليست للفلاحين فأصحابها أغنياء عن الفلاحة .. دورهم باهية و من حولها السيارات الباهظة رابضة .. قد كان الجو جميلا أخاذا هنا من قبل .. لطالما أقام المترفون فيها أيام العطل ، ونعيق لهوهم كان يعلوا بين الحين والحين يقلق سلام الغابة ... تلك الدور غدت خالية ، خاوية على عروشها .. سادها الصمت والوجوم .. أهلها رحلوا ولم يبقى منهم أحد ، لما رأوا ركام السحاب مقبلا أدركوا هول ما سيحدث فلم يمهلوه الوقت وشدوا الرحال بعيدا ، لكل منهم يوم إذن شأن يغنيه . أزقتهم خاوية ودورهم خالية ... أبصر ذلك الفلاح وهو يقف متفحصا المكان خلف سور من الشباك قد تناوله بيديه الخشنتين ... أجل شباك قد أحاط بالقرية يحميها ممن ليس يحق لهم دخولها من بسطاء الحال .. لم يكن الفلاح يتوقع أن أصحاب هذه الجنة سوف يتركونها يوما .. ثم أطرق مفكرا ، لن تغني عنهم جنتهم هذه شيئا وسحاب الرعب قادم .. لا يجدي معه إلا الهرب  والفلاح أليس في مهب الريح أيضا ...؟ فما باله جاثم هنا عند كوخه القديم ..؟؟ أطرق المسكين مرة أخرى وسال الأسى على جبينه ... لكل من القوم ملجأ يأوي إليه ... أما التعيس فليس له اليوم ها هنا حميم .. أين يذهب ..؟ بل من أين له مؤنة السفر ..؟ ليس له إلا البقاء والاحتساب ..لعل العاصفة تنجلي .. لعل الضباب يسلك غير هذه الطريق .. كلها أماني .. وهل ستغني من الواقع المر من شيء ...؟ أم الأولاد عند زاوية البيت تتجرع المرارة وهي ترمق الغد القاتم في حسرة ، والأولاد لم يعودوا يلعبون .. تفرقوا في الحقل .. أدركوا ما يدور حولهم ، نغص عليهم الأمر براءتهم وطفقوا تصور لهم عقولهم الصغيرة هول ما سيحدث ... وعند "الكانون" جلست الفتاة تصونه وتعد ما أمكنها أن تعد من طعام ، ليست في منأى عما يحدث ، غير أنها و ككل واحد منهم تحاول أن تتجاهل .. لتستمر الحياة .. وأي حياة.؟ ما تكاد الشمس تتوارى خلف الأشجار .. خلف الجبل ، حتى تضيق الصدور بمكنوناتها وتتطاير أشباح الرعب في كل مكان وكأنها من كل حدب تنزل .. وتضيق الأرض بما رحبت ، وتتحول الغابة إلى شيطان أسود يتحين وقت الانقضاض .. إلى وحش جاثم على صدر الوادي لا يؤمن شره ... وتضطجع تلك الأجساد الصغيرة صفا بجانب الجدار ، فتسدل الـأم عليها غطاء خشنا استعدادا للنوم إن أمكنه أن يتسلل إلى تلك الأعين .. قد كانت يوما تسهر على وقع أحداث "حاجيتك ماجيتك" في سمر بهيج ، يوم كان الأولاد يترجون الأم أن تحكي لهم قصص "الغول" ، وتستمع الآذان للقصة في وجل جميل ... لم يكن أحد يتصور أن هذه الخرافات سوف تغدو واقعا معاشا ... جحظت عينا الأم وهي تسترجع الماضي .. فعلا أصبحت الحكايات حقيقة .. تلك "الأغوال" تعيث الآن في الغابة .. وهي تقترب ...

كتبت يوم ما من أيام أبريل من عام 2002 م

في ذلك الليل ..
اشتدت الظلمة وركام من سحاب الرعب غطى الأفق .. كل الأفق .. يوما بعد يوم يقترب .. يوما بعد يوم تغص به السماء .. وضبابه الرمادي الكريه جثم على شعاب الجبــــال ... ها هو ذا يزحف من كل الأودية إلى هنا ...
والفلاح يرمق الجو .. أبصر كل هذا ... غير بعيد عن الفلاح وبيته، هناك عند قمة الجبل قرية ليست للفلاحين فأصحابها أغنياء عن الفلاحة .. دورهم باهية و من حولها السيارات الباهظة رابضة .. قد كان الجو جميلا أخاذا هنا من قبل .. لطالما أقام المترفون فيها أيام العطل ، ونعيق لهوهم كان يعلوا بين الحين والحين يقلق سلام الغابة ...
تلك الدور غدت خالية ، خاوية على عروشها .. سادها الصمت والوجوم .. أهلها رحلوا ولم يبقى منهم أحد ، لما رأوا ركام السحاب مقبلا أدركوا هول ما سيحدث فلم يمهلوه الوقت وشدوا الرحال بعيدا ، لكل منهم يوم إذن شأن يغنيه .
أزقتهم خاوية ودورهم خالية ... أبصر ذلك الفلاح وهو يقف متفحصا المكان خلف سور من الشباك قد تناوله بيديه الخشنتين ...
أجل شباك قد أحاط بالقرية يحميها ممن ليس يحق لهم دخولها من بسطاء الحال ..
لم يكن الفلاح يتوقع أن أصحاب هذه الجنة سوف يتركونها يوما .. ثم أطرق مفكرا ، لن تغني عنهم جنتهم هذه شيئا وسحاب الرعب قادم .. لا يجدي معه إلا الهرب 
والفلاح أليس في مهب الريح أيضا ...؟
فما باله جاثم هنا عند كوخه القديم ..؟؟ أطرق المسكين مرة أخرى وسال الأسى على جبينه ... لكل من القوم ملجأ يأوي إليه ... أما التعيس فليس له اليوم ها هنا حميم .. أين يذهب ..؟ بل من أين له مؤنة السفر ..؟ ليس له إلا البقاء والاحتساب ..لعل العاصفة تنجلي .. لعل الضباب يسلك غير هذه الطريق .. كلها أماني .. وهل ستغني من الواقع المر من شيء ...؟
أم الأولاد عند زاوية البيت تتجرع المرارة وهي ترمق الغد القاتم في حسرة ، والأولاد لم يعودوا يلعبون .. تفرقوا في الحقل .. أدركوا ما يدور حولهم ، نغص عليهم الأمر براءتهم وطفقوا تصور لهم عقولهم الصغيرة هول ما سيحدث ...
وعند "الكانون" جلست الفتاة تصونه وتعد ما أمكنها أن تعد من طعام ، ليست في منأى عما يحدث ، غير أنها و ككل واحد منهم تحاول أن تتجاهل .. لتستمر الحياة .. وأي حياة.؟
ما تكاد الشمس تتوارى خلف الأشجار .. خلف الجبل ، حتى تضيق الصدور بمكنوناتها وتتطاير أشباح الرعب في كل مكان وكأنها من كل حدب تنزل .. وتضيق الأرض بما رحبت ، وتتحول الغابة إلى شيطان أسود يتحين وقت الانقضاض .. إلى وحش جاثم على صدر الوادي لا يؤمن شره ...
وتضطجع تلك الأجساد الصغيرة صفا بجانب الجدار ، فتسدل الـأم عليها غطاء خشنا استعدادا للنوم إن أمكنه أن يتسلل إلى تلك الأعين ..
قد كانت يوما تسهر على وقع أحداث "حاجيتك ماجيتك" في سمر بهيج ، يوم كان الأولاد يترجون الأم أن تحكي لهم قصص "الغول" ، وتستمع الآذان للقصة في وجل جميل ... لم يكن أحد يتصور أن هذه الخرافات سوف تغدو واقعا معاشا ...
جحظت عينا الأم وهي تسترجع الماضي .. فعلا أصبحت الحكايات حقيقة .. تلك "الأغوال" تعيث الآن في الغابة .. وهي تقترب ... 

#ركام #أشجان #-3- #الليل #  #قصة #رواية

ركام أشجان -4- الفجر

0
عند بوزغ الفجر تتنفس الأرواح بعد ليل طويل جثم على صدورها وحبس الأنفاس ، فرصة أخرى و يوم آخر .. مازال في العمر والأجل بقية .. وتستمر الحياة ... الفلاح في الحقل يغرس .. هو أكيد من أنه لن يجني ثمره ، غير أنه يحتسب ذلك عند من لا تضيع عنده الودائع ، يهوي وقبضته تمسك بالفأس على الأرض .. يزداد تمسكا بفأسه مع مرور الوقت .. هو يدرك أن ليس له غيره اليوم .. علم أخيرا أن هذا الفأس الذي قضى معه العمر قد يرد له الجميل .. عاجلا .. ويمضي النهار كسابقيه ومعه لحظات الأمن القليلة .. وتحمر السماء كأنها وجنتا عفريت غاضب ... تلكم الأغوال مازالت تعيث في الغابة غير أنها تقترب .. ها هي خطاها تدوس الأرض، الأعشاب، الصخور .. وكل المخلوقات تسخط وتلعن وتدعوا الله عليها .. لم تمقت الدنيا يوما كما مقتت هذه الأغوال ... وتضيق الأرض بمن عليها .. وأشباح الأغوال تخترق الغابة ، تنشر الفزع .. لم تعد للطبيعة تلكم البسمة الرقيقة .. ذهبت روح الغابة العطرة وسكنت بدلا عنها أشباح الرعب في الشعاب بين الجذوع والأغصان .. والوحوش تقترب ... الفلاح في البيت لم ينم وأم الأولاد كذلك و الأولاد يكادون ... يرمق الفلاح الأولاد وهم نيام ثم يتصفح الجدار ، وكأنه يتأمله لبنة لبنة .. يدقق النظر في حواشيه .. أخاله عاد بذاكرته إلى أيام كان يبنيه هو وشمل من عائلته .. كيف كانت تلك الأيام .. كيف اختار الأرض وجمع العتاد ، واستدعى الأحبة .. كيف مرت تلكم اللحظات السعيدة ، كم كان خياله بعيدا ... لم يتصور أن بيته هذا سوف يهجر إلا ممن كتب عليهم البقاء فيه .. أهو سجن بناه بيديه وهو فرح بذلك يومها ؟؟ .. يا للقدر ...، ويستغفر. ثم تميل حدقتاه نحو نافذة صغيرة أعلى الجدار ، يرمق من خلالها نجما يلمع في السماء .. السماء ... أين الأمن والأمان .. لا خوف ، لا فزع ، لا رعب ، لا قلق ... هل ثمة هنالك الأمل الوحيد .. بعد أن أعرضت الدنيا عنه بوجهها ؟؟... ربما سوف تبتسم له الأقدار هناك ... كم الدنيا قصيرة .. وكم هي متقلبة لا تستقر على حال ، ارتسمت بسمة أسى وسخرية على وجهه العابس الذي لم يعرفها منذ زمن ... وحدقت عيناه في أمل نحو النجوم .

كتبت يوم ما من أيام أبريل من عام 2002 م

عند بوزغ الفجر
تتنفس الأرواح بعد ليل طويل جثم على صدورها وحبس الأنفاس ، فرصة أخرى و يوم آخر .. مازال في العمر والأجل بقية .. وتستمر الحياة ...
الفلاح في الحقل يغرس .. هو أكيد من أنه لن يجني ثمره ، غير أنه يحتسب ذلك عند من لا تضيع عنده الودائع ، يهوي وقبضته تمسك بالفأس على الأرض .. يزداد تمسكا بفأسه مع مرور الوقت .. هو يدرك أن ليس له غيره اليوم .. علم أخيرا أن هذا الفأس الذي قضى معه العمر قد يرد له الجميل .. عاجلا ..
ويمضي النهار كسابقيه ومعه لحظات الأمن القليلة .. وتحمر السماء كأنها وجنتا عفريت غاضب ...
تلكم الأغوال مازالت تعيث في الغابة غير أنها تقترب .. ها هي خطاها تدوس الأرض، الأعشاب، الصخور .. وكل المخلوقات تسخط وتلعن وتدعوا الله عليها .. لم تمقت الدنيا يوما كما مقتت هذه الأغوال ...
وتضيق الأرض بمن عليها .. وأشباح الأغوال تخترق الغابة ، تنشر الفزع .. لم تعد للطبيعة تلكم البسمة الرقيقة .. ذهبت روح الغابة العطرة وسكنت بدلا عنها أشباح الرعب في الشعاب بين الجذوع والأغصان .. والوحوش تقترب ...
الفلاح في البيت لم ينم وأم الأولاد كذلك و الأولاد يكادون ...
يرمق الفلاح الأولاد وهم نيام ثم يتصفح الجدار ، وكأنه يتأمله لبنة لبنة .. يدقق النظر في حواشيه .. أخاله عاد بذاكرته إلى أيام كان يبنيه هو وشمل من عائلته .. كيف كانت تلك الأيام .. كيف اختار الأرض وجمع العتاد ، واستدعى الأحبة .. كيف مرت تلكم اللحظات السعيدة ، كم كان خياله بعيدا ... لم يتصور أن بيته هذا سوف يهجر إلا ممن كتب عليهم البقاء فيه .. أهو سجن بناه بيديه وهو فرح بذلك يومها ؟؟ .. يا للقدر ...، ويستغفر.
ثم تميل حدقتاه نحو نافذة صغيرة أعلى الجدار ، يرمق من خلالها نجما يلمع في السماء ..
السماء ... أين الأمن والأمان .. لا خوف ، لا فزع ، لا رعب ، لا قلق ...
هل ثمة هنالك الأمل الوحيد .. بعد أن أعرضت الدنيا عنه بوجهها ؟؟...
ربما سوف تبتسم له الأقدار هناك ...
كم الدنيا قصيرة .. وكم هي متقلبة لا تستقر على حال ، ارتسمت بسمة أسى وسخرية على وجهه العابس الذي لم يعرفها منذ زمن ... وحدقت عيناه في أمل نحو النجوم .

#ركام #أشجان #-4- #الفجر   #قصة #رواية

ركام أشجان -6- الظلمة

0
لمع في الظلمة نصل سكين حاد لطّخ شفرته دم ساخن يقطر ... أغمده الوحش في لباسه ، ثم انعطف نحو الباب تاركا خلفه أجسادا مقطعة وبرك دم غطت الأرض والجدار .. بعض الأجساد لازال يخور ويرتجف .. بعضها يتخبط ..بعضها الآخر ساكن .. ارتاح .. نعم ارتاح من الدنيا ... وانحنى الوحش وأمسك بقبضته الخشنة ذراع البنت - مازالت حية - وهي جاثية على ركبتيها ودموعها سيول من عينيها قد بح صوتها وهي تنادي تلك الأشلاء المقطعة ... جذبها إليه بشدة ، فقامت وساقاها لا يحملانها ... خرج بها يجرها ... اجتمعت الوحوش ... ها هي تتسرب داخل الغابة ... ويسدل الليل ستاره على الكوخ وقد ساده الصمت والوجوم ...  وأنا عند التل أرقب ذلك البيت الذي خلا من أهله فذهبت عنه الروح واستحال هيكلا ... أرقب الغابة وقد غادرتها رقتها وغدت مناظر بلا طعم ...  أرقب العشب .. الأزهار .. الصخور .. كل شيء أضحى لا معنى له ... كل سيّان .. الأبيض والأسود .. والألوان ... وضعت رأسي بين ركبتي .. أغمضت عيناي بعد ان فقدت الرغبة في التأمل .. ليجتاحني الألم مع الأمل ... هل ستعود الرقة إلى الغابة يوما ..؟ هل سيحيى البيت ..؟

كتبت يوم ما من أيام أبريل من عام 2002 م

لمع في الظلمة نصل سكين حاد
لطّخ شفرته دم ساخن يقطر ... أغمده الوحش في لباسه ، ثم انعطف نحو الباب تاركا خلفه أجسادا مقطعة وبرك دم غطت الأرض والجدار .. بعض الأجساد لازال يخور ويرتجف .. بعضها يتخبط ..بعضها الآخر ساكن .. ارتاح .. نعم ارتاح من الدنيا ...
وانحنى الوحش وأمسك بقبضته الخشنة ذراع البنت - مازالت حية - وهي جاثية على ركبتيها ودموعها سيول من عينيها قد بح صوتها وهي تنادي تلك الأشلاء المقطعة ...
جذبها إليه بشدة ، فقامت وساقاها لا يحملانها ...
خرج بها يجرها ... اجتمعت الوحوش ... ها هي تتسرب داخل الغابة ...
ويسدل الليل ستاره على الكوخ وقد ساده الصمت والوجوم ...

وأنا عند التل أرقب ذلك البيت
الذي خلا من أهله فذهبت عنه الروح واستحال هيكلا ... أرقب الغابة وقد غادرتها رقتها وغدت مناظر بلا طعم ... 
أرقب العشب .. الأزهار .. الصخور .. كل شيء أضحى لا معنى له ...
كل سيّان .. الأبيض والأسود .. والألوان ...
وضعت رأسي بين ركبتي .. أغمضت عيناي بعد ان فقدت الرغبة في التأمل .. ليجتاحني الألم مع الأمل ...
هل ستعود الرقة إلى الغابة يوما ..؟
هل سيحيى البيت ..؟ 
هل ستغادرنا الوحوش والأشباح وليالي الظلام ..؟
هل سينجلي سحاب الرعب ..؟
أيها الغد القادم ... كيف أنت ..؟؟؟ .

(كتبتها بعد أن زرت جبال الشريعة المطلة على البليدة غداة افتتاحها لأول مرة أمام الزوار بعد سنوات من الغلق الأمني، وراعني ما انتابني من حزن وشجون فيها ... فكانت كأنها تبوح لي بأساها حيث ما التفت، فعزمت على تدوين تلك المشاعر من يومها)

مصطفى محاوي
أبريل 2002م

#ركام #أشجان #-6- # #الظلمة #  #قصة #رواية

ركام أشجان -2- الجلوس

0
ذلكم ما حملني على الجلوس .. المشاعر التي تجيش بداخلي  جناح الموت الأسود مسح الأرض هنا .. ترك بصمته على الجدار ، بل على الأشجار .. المنحدر يشهد .. تلك الحفر هناك كانت يوما ستغرس .. الفأس على قارعة الممر أكله الصدأ .. كان يهوي على تلك الحفر ، لكنه هوى آخر مرة على صدر صاحبه وأخذ التقاعد. عله لم يبرح مكانه ذاك منذ الذي حدث .. ربما وعدت إلى نفسي وأنا على التل أجلس القرفصاء .. ضممت ركبتي إلى صدري .. شددت على ذراعي .. ورمقت البيت بنظرة ... كانت يوما ما هنا حياة .. أجل .. الفلاح بالفأس يهوي على تلك الحفر .. البيت يعج بالحركة .. علهم كانوا يعدون طعاما .. والأطفال تحت الجدار .. هناك شيء ؟.. علب وصحون و قارورات ... أجل جمعها الأولاد .. كانوا يلعبون  الدجاج في حملة على الديدان والحشرات يسيح في الحقل ، والكلب الجاثم عند مربضه .. الفلاح يستوي قائما ، ينظر إلى الفتية وقد مسح بذراعه من على جبينه العرق .. العصافير تكاد تملأ المكان زقازيقها .. والسماء الزرقاء وتلك الغيوم البيضاء .. والغابة .. أجل الغابة بنسيمها الرطب العليل واخضرارها الفاتن ... .. كانت يوما هكذا ... وجاء الليل ... الفلاح داخل البيت جالس إلى مائدة العشاء ومن حوله الأهل .. يرمق الأبناء بنظرة وربة البيت بأخرى ... لم يكن الأمر هكذا من قبل ... كانت الجلسة ألطف وأسعد .. أما هذه .. فلا وجه الفلاح العابس والوجوم الذي اجتاح البيت نغص على الجميع العيش .. لا احد يمد يده إلى صحون الطعام البسيط .. إلا الأولاد .. هم وحدهم البعيدون عما يحدث .. لكنهم لن يكونوا كذلك بعد اليوم ... فهم ذلك الفلاح ... وأم الأولاد كذلك . راحت عينا الفلاح الغائرتان تتفحص الأولاد وهم يلهون بالطعام .. بكل أسى وحزن ، قرأت ذلك أم الأولاد من وجهه فازدادت نكدا و قامت إلى زاوية البيت فجلست وغطت وجهها .. علها كانت تبكي ... غير أن لا حسيس .

كتبت يوم ما من أيام أبريل من عام 2002 م

ذلكم ما حملني على الجلوس
.. المشاعر التي تجيش بداخلي 
جناح الموت الأسود مسح الأرض هنا .. ترك بصمته على الجدار ، بل على الأشجار .. المنحدر يشهد .. تلك الحفر هناك كانت يوما ستغرس .. الفأس على قارعة الممر أكله الصدأ .. كان يهوي على تلك الحفر ، لكنه هوى آخر مرة على صدر صاحبه وأخذ التقاعد.
عله لم يبرح مكانه ذاك منذ الذي حدث .. ربما
وعدت إلى نفسي وأنا على التل أجلس القرفصاء .. ضممت ركبتي إلى صدري .. شددت على ذراعي .. ورمقت البيت بنظرة ...
كانت يوما ما هنا حياة .. أجل .. الفلاح بالفأس يهوي على تلك الحفر .. البيت يعج بالحركة .. علهم كانوا يعدون طعاما .. والأطفال تحت الجدار .. هناك شيء ؟..
علب وصحون و قارورات ... أجل جمعها الأولاد .. كانوا يلعبون 
الدجاج في حملة على الديدان والحشرات يسيح في الحقل ، والكلب الجاثم عند مربضه .. الفلاح يستوي قائما ، ينظر إلى الفتية وقد مسح بذراعه من على جبينه العرق ..
العصافير تكاد تملأ المكان زقازيقها .. والسماء الزرقاء وتلك الغيوم البيضاء .. والغابة .. أجل الغابة بنسيمها الرطب العليل واخضرارها الفاتن ...
.. كانت يوما هكذا ... وجاء الليل ...
الفلاح داخل البيت جالس إلى مائدة العشاء ومن حوله الأهل .. يرمق الأبناء بنظرة وربة البيت بأخرى ... لم يكن الأمر هكذا من قبل ... كانت الجلسة ألطف وأسعد .. أما هذه .. فلا
وجه الفلاح العابس والوجوم الذي اجتاح البيت نغص على الجميع العيش .. لا احد يمد يده إلى صحون الطعام البسيط .. إلا الأولاد .. هم وحدهم البعيدون عما يحدث .. لكنهم لن يكونوا كذلك بعد اليوم ... فهم ذلك الفلاح ... وأم الأولاد كذلك .
راحت عينا الفلاح الغائرتان تتفحص الأولاد وهم يلهون بالطعام .. بكل أسى وحزن ، قرأت ذلك أم الأولاد من وجهه فازدادت نكدا و قامت إلى زاوية البيت فجلست وغطت وجهها .. علها كانت تبكي ... غير أن لا حسيس .

#ركام #أشجان #-2- # #الجلوس #قصة #رواية

ركام أشجان -5- أقدام ضخمة

0
اخترق أذناه خبط أقدام ضخمة قرب الباب وماهي إلا أن دق الباب دقا عنيفا أفزع الجميع فهبوا كالعصافير المذعورة من مضاجعهم والتفوا حول الفلاح وعيناه جاحظتان مسمرتان في الباب لا ينبز بشيء ..  ... يسود الصمت قليلا ...  يعاود الدق وتصاحبه نبرة خشنة تطالب بفتح الباب في سباب قبيح ... عندها اطمأن الفلاح إلى أن الأجل قد دنى وعلى الدنيا السلام .. وأي سلام ...؟ لم يمهل المسكين أن التفت نحو الأهل ورمقهم بنظرة رحمة وحزن وهم كالعصافير الفزعة ، طارت عقولهم وتناثرت قلوبهم وهم يواجهون يومهم الذي كانوا يوعدون ... ثم ما لبث أن قام وتناول الفأس واستعد لتنفيذ دوره الذي طالما انتظره ، وهم بالخروج .. لكنه عاود الالتفات ... علّه قال : "اصبروا .. سوف نلتقي" ، لكنه لم ينبز ببنت شفة .. تقطع قلبه .. تحامل على نفسه .. ثم اخترق الباب ... والتفت كومة الأجساد الصغيرة حول الأم عند زاوية البيت وهي تنصت إلى اللّغط خارجا في رعب لا يوصف ... وماهي إلا لحظات حتى داهم الباب "وحش" .."فالآخر" .."فالثالث" ..ثم ها هو الكوخ الصغير يعج بهم .. وتنفجر منه صرخات مؤلمة صدّعت أرجاء الغابة.. في استنجاد ... انتشر ذلك النواح ولم يعده غير صدى الوادي الذي أخذ يردده في أنحائه ..  وابتلعت الظلمة هول الفاجعة .. وأكل الليل الخبر.

كتبت يوم ما من أيام أبريل من عام 2002 م

اخترق أذناه خبط أقدام ضخمة قرب الباب
وماهي إلا أن دق الباب دقا عنيفا أفزع الجميع فهبوا كالعصافير المذعورة من مضاجعهم والتفوا حول الفلاح وعيناه جاحظتان مسمرتان في الباب لا ينبز بشيء ..

... يسود الصمت قليلا ...

يعاود الدق وتصاحبه نبرة خشنة تطالب بفتح الباب في سباب قبيح ...
عندها اطمأن الفلاح إلى أن الأجل قد دنى وعلى الدنيا السلام .. وأي سلام ...؟
لم يمهل المسكين أن التفت نحو الأهل ورمقهم بنظرة رحمة وحزن وهم كالعصافير الفزعة ، طارت عقولهم وتناثرت قلوبهم وهم يواجهون يومهم الذي كانوا يوعدون ...
ثم ما لبث أن قام وتناول الفأس واستعد لتنفيذ دوره الذي طالما انتظره ، وهم بالخروج .. لكنه عاود الالتفات ... علّه قال : "اصبروا .. سوف نلتقي" ، لكنه لم ينبز ببنت شفة .. تقطع قلبه .. تحامل على نفسه .. ثم اخترق الباب ...
والتفت كومة الأجساد الصغيرة حول الأم عند زاوية البيت وهي تنصت إلى اللّغط خارجا في رعب لا يوصف ...
وماهي إلا لحظات حتى داهم الباب "وحش" .."فالآخر" .."فالثالث" ..ثم ها هو الكوخ الصغير يعج بهم .. وتنفجر منه صرخات مؤلمة صدّعت أرجاء الغابة.. في استنجاد ...
انتشر ذلك النواح ولم يعده غير صدى الوادي الذي أخذ يردده في أنحائه .. 
وابتلعت الظلمة هول الفاجعة .. وأكل الليل الخبر.

#ركام #أشجان #-5- #أقدام #ضخمة #  #قصة #رواية
يتم التشغيل بواسطة Blogger.