لست ملاكا : أنا لست الذي تراني

0

 

أنت تنظر إلى وجهي ؛ ملامحي.. لكنك لا تغور إلى أعماقي حيث أتردد في اضطراب بين حقيقتي التي أتجنب مواجهتها و بين الإطلالة عليك من شرفات عيناي.  من أنا بينهما ؟  هل أنا الذي بينهما ؟  من هما إذاً ؟  من يدري ؟  على الأقل تذكرتني عندما بصرت بي ؛ يريحني هذا بعض الشيء في هذه المحطة  أنا لا أزال أتذكرك أكثر مما تظن ؛ ربما لم تغب عني يوما ؛ ربما أبالغ.. لكنني صدقا انتظرت طويلا هذه الفرصة  كان هنالك فجوة بين جدار الحقيقة القاسي وشرفاتي وجهي المرنة اعتدت لانكماش فيها ؛ صارت تضيق مؤخراً فلم تعد تسع سيول مشاعري إذا أمطرت  ولقد احرجتني أكثر من مرة عندما فاضت عبر مقلتاي  لم تكن هكذا من قبل ؛ كانت أوسع  هناك من تمتد فجوته أميالا طويلة يسري فيها ليالي ذات العدد.. يتلمس في ظلماتها.. يتخبط  أعلم.. لقد كنت كذلك  كنت أتيه فيها.. كان ثمة من يترصدني في ظلماتها.. وكنت أعرفه  كان وحشا.. تنينا يزحف خلف الظلال ؛ يتحاشاني وأتاحاشاه لكنه إذا واجهني ابتلعني  كنت أكرهه

أنت تنظر إلى وجهي ؛ ملامحي.. لكنك لا تغور إلى أعماقي حيث أتردد في اضطراب بين حقيقتي التي أتجنب مواجهتها و بين الإطلالة عليك من شرفات عيناي. 
من أنا بينهما ؟ 
هل أنا الذي بينهما ؟ 
من هما إذاً ؟ 
من يدري ؟ 
على الأقل تذكرتني عندما بصرت بي ؛ يريحني هذا بعض الشيء في هذه المحطة 
أنا لا أزال أتذكرك أكثر مما تظن ؛ ربما لم تغب عني يوما ؛ ربما أبالغ.. لكنني صدقا انتظرت طويلا هذه الفرصة 
كان هنالك فجوة بين جدار الحقيقة القاسي وشرفاتي وجهي المرنة اعتدت لانكماش فيها ؛ صارت تضيق مؤخراً فلم تعد تسع سيول مشاعري إذا أمطرت 
ولقد احرجتني أكثر من مرة عندما فاضت عبر مقلتاي 
لم تكن هكذا من قبل ؛ كانت أوسع 
هناك من تمتد فجوته أميالا طويلة يسري فيها ليالي ذات العدد.. يتلمس في ظلماتها.. يتخبط 
أعلم.. لقد كنت كذلك 
كنت أتيه فيها.. كان ثمة من يترصدني في ظلماتها.. وكنت أعرفه 
كان وحشا.. تنينا يزحف خلف الظلال ؛ يتحاشاني وأتاحاشاه لكنه إذا واجهني ابتلعني 
كنت أكرهه 
لأجل ذلك كنت أخشى الفجوة 
يفترض بي أنني أحدثك 
وافترض انك تفهمني رغم كوني ادري انك لست كذلك 
كيف يفترض ان تفهم كل هذا ولم تعشه 
لم تتح لك الفرصة ؛ لقد كنت محظوظا 
إنه شيء غريب.. أن افترض اني أفهم الأمر أفضل منك 
نحن كائنات غريبة حقا 
بعد كل الذي سلف ؛ اجد المكان هنا أرحب وأكثر سلاما من الفجوة التي كنت فيها 
هل لاحظت الفرق أنت كذلك ؟ 
كانت تمر علي أوقات انزوي فيها وحيدا وسط الفجوة والتنين غير بعيد في غياهب ظلماتها يحوم من حولي 
لطالما شعرت فيها بالكآبة باليأس بعدم الحيلة 
كما لو كنت في قاع بئر لا مخرج منه 
كنت أنظر في عينا التنين وأتساءل إن كنت حقا هو 
ولعله وهو يحدق في عيناي يتساءل إن كان أنا هو الآخر 
كنت أتأمل 
إذا كانت شرفات وجهي التي أطل منها من مادة هذه الأرض فلابد أن الفجوة التي أنزوي فيها هي القاع 
واذا كانت فعلا كذلك فلابد أنني على المستوى ذاته الذي تنبعث منه الجسيمات الأولية ما تحت الذرية 
أو ربما أعمق من ذلك 
من يدري .. في مثل هذه الأعماق تتلاشى الفروقات بين المادة والطاقة.. بين الشيء وروحه .. بين الخيال والوهم والحقيقة 
أنا لا أراني.. فما أكون بالضبط .. وما الحقيقة ؟ 
أنا أشعر.. أفكر.. وظلمات وفقط 
الأشياء كلها تركتها بعيدا خلف شرفات وجهي 
هل هناك ما هو أعمق ؟ 
نعم لقد دلفت.. خطوت نحو الأعماق بعد أن استبد بي الفضول ودافع هواجسي 
بخطوات حذرة بطيئة ؛ وحركة زحف التنين تخترق الظلمات من حولي 
لكنني اكتشفت انني ظلمته؛ فلم يكن وحده 
كانت الأعماق تعج بالضواري .. ذوات المخالب والأنياب 
كيف لم ألاحظ ذلك ؟ 
لقد كانت تقبع في غياهب القاع 
لقد استبد بي الهلع فاليأس.. ثم القنوط 
جثوت على ركبتي.. انكمشت ولفتني ظلمتي 
لقد كرهت نفسي. 
أبغضت ما أنا عليه 
ثم ابتلعني التنين.. 
صرت في جوفه أحوم من حول نفسي الجاثية ؛ أراقبها وهي تنوح 
لم ارثي لها .. بل اشمأززت من حالها.. لطالما كرهت ضعفها وسذاجتها .. انصرفت عنها داخل تنيني وغصت في الأعماق ؛ من حولي تحوم أسراب الضواري تتبع التنين 
قرابة القاع تكدست طبقات من الرواسب من كل نوع وفي كوماتها اتذكر بين الردهة والأخرى صوراً منها ولحظات 
ثم انقضت اسراب الضواري تقتات عليها في مشهد مفزع 
وهاهي ذي أشلاء الرواسب تتساقط من فوق كمثل الثلج المتناثر 
ادركت انها تتدفق من نوافذ الشرفات إلى القاع هنا فتترسب وتتخمر 
هل هذا هو آخر القاع ؟ .. لست أدري بعد 
عندما أخذ تنيني ينهش ذكرياتي تجمعت من حوله الضواري تنهشها معه ؛ كلما قلبتها ازدادت قطعان البغضاء والحقد انتفاخا أكثر.. كلما قلبتها اهتاجت عفاريت الغضب.. لقد سئمت تجاهل كل هذا ولم تعد هذه الرواسب البالية تسد جوعه.. يريد أن يلتهم لحما طريا 
فينطلق يمخر عباب الفجوة صاعدا نحو الشرفات 
كان حالا اعتدت عليه ردحا طويلا .. هل أفزعك ؟ 
أفترض أنك لم تتوقع هذا مني 
أعذرك .. فلم تدم صحبتنا طويلا 
كم تراها الصحبة تحتاج من الوقت حتى تتكشف أمامها هذه الأعماق ؟ 
لقد أخذت بيني وبين نفسي سنوات 
ربما انت الآن تراني بصورة لم أكن أراها في نفسي من قبل ؛ لكنني صرت اعتاد هذه التقلبات مؤخراً كما تعلم 
لماذا الحقد والغضب ؟ .. لست أفهم على وجه التحديد 
هل يراود الجميع ؟ ربما.. 
ربما كان إرثا غير محمود مثل خصال أخرى ضجرت بها 
لقد صحبتني وعندما بدأت أدرك أنها إرث لا مفر لي منه كرهتها أضعاف المرات 
ما ذنب نفسي ؟ ... لا ذنب لها 
ما ذنبي أنا ؟ ... لا ذنب لك 
الأمر يسري هكذا على الجميع 
كلما تبينت ملامح طبيعتي عبر منعطفات الزمان أزداد بها ضجرا ورغبة منها فكاكا 
وأنا أعلم أني كمن يريد الخروج من جلده 
خياران لا أكثر.. الرضى أعسرها.. والتظاهر باللامبالاة الذي فعلناه جميعا ؛ نصارع طباع الآخرين بطباعنا ونترك خلفنا جراحا نلعقها في خلواتنا لعلها تندمل وندمر الانتقام 
ما هو الشر ؟ 
بحق هذه الفرصة التي لقيتك فيها ؛ لقد كرهت نفسي .. بل كرهت الدنيا كلها.. ولما أردت الفكاك منها جميعا فزعت إلى الجبل

لست ملاكا : صرخات وداعك

0

 

تركت الجبل أجر خطواتي وقد أدركت أي قاع سحيق تغرق فيه نفسي وصدى كلمات السيد تتردد من حولي  السيد الذي تخيلوه في عشاءه الأخير على مائدة ملكية ومن حوله حاشيته المترفة هو الذي ربما كان يومها في الحقيقة يفترش التراب وقد كان يكابد الجوع أياما طويلة بصحبة المساكين  لقد اعتدنا تحوير الحقائق فهي في الغالب لا تناسبنا  قاسية فنلطفها.. صلبة فنلينها .. مستقيمة فنحنيها  لقد تخيلوه وهم ينظرون إلى أنفسهم على مرايا رغباتهم فكان لهم كواحد منهم فأحبوه كما يحبون أنفسهم ولو رأوه على الحقيقة المخالفة لكرهوه  كذلك نماهي الحقائق في الغالب لتناسب أهواءنا ثم بعد ذلك يلذ لنا الدافع عنها  في ذلك اليوم وجدتك.. ظننت أن صحبتنا سوف تطول.. لقد ضمن قلبي الغافل وجودك فسهيت عنك  ماذا أقول ؟ .. لقد كنت في ذهول .. لست أدري إن كانت قد صعقتني كلمات السيد .. أم أنني أبحث الآن أمامك عن مبرر مريح  صدقني لم يكن الأمر مريحا لي البتة وأنا أتذكر ما فعلت بك.. لقد بكيت عدد اللحظات التي تجاهلتك فيها  كنت تستحق مني أفضل من ذلك الذي حظيت به  ما الذي دهاني يومها ؟ .. لا أدري

تركت الجبل أجر خطواتي وقد أدركت أي قاع سحيق تغرق فيه نفسي وصدى كلمات السيد تتردد من حولي 
السيد الذي تخيلوه في عشاءه الأخير على مائدة ملكية ومن حوله حاشيته المترفة هو الذي ربما كان يومها في الحقيقة يفترش التراب وقد كان يكابد الجوع أياما طويلة بصحبة المساكين 
لقد اعتدنا تحوير الحقائق فهي في الغالب لا تناسبنا 
قاسية فنلطفها.. صلبة فنلينها .. مستقيمة فنحنيها 
لقد تخيلوه وهم ينظرون إلى أنفسهم على مرايا رغباتهم فكان لهم كواحد منهم فأحبوه كما يحبون أنفسهم ولو رأوه على الحقيقة المخالفة لكرهوه 
كذلك نماهي الحقائق في الغالب لتناسب أهواءنا ثم بعد ذلك يلذ لنا الدافع عنها 
في ذلك اليوم وجدتك.. ظننت أن صحبتنا سوف تطول.. لقد ضمن قلبي الغافل وجودك فسهيت عنك 
ماذا أقول ؟ .. لقد كنت في ذهول .. لست أدري إن كانت قد صعقتني كلمات السيد .. أم أنني أبحث الآن أمامك عن مبرر مريح 
صدقني لم يكن الأمر مريحا لي البتة وأنا أتذكر ما فعلت بك.. لقد بكيت عدد اللحظات التي تجاهلتك فيها 
كنت تستحق مني أفضل من ذلك الذي حظيت به 
ما الذي دهاني يومها ؟ .. لا أدري 
لقد ابتعدت عنك وانشغلت بنفسي ؛ لقد غرقت في دوامتي وصرت أسير بين الناس بوجه شاحب حتى لاحظوا ذلك 
كانت أول مرة أنعي فيها نفسي المشوهة.. أسجيها في نعشها وأبكيها.. وأقف على محراب الموت أرثيها 
لقد ذهلت عنك وأنا أصارع حقيقة نفسي و لم أنتبه من غفلتي إلا على صرخات وداعك 
حبييي هل يكفيني الحزن والأسف ؟ 
كان انتباهي متأخراً 
لعلك تذكر يوم أجهشت أمامك بالبكاء أرجو مسامحتك 
نظرت إلي بعينيك البريئتين.. لم أعلم إن كنت قد سامحتني.. لكنني على الأقل كنت صادقاً 
لقد فهمت أنها لحظات الوداع 
طلبت من أعماق قلبي فرصة ثانية لكنها لم تكن 
كم هي الحياة قاسية حين تذبل 
بكيتك بحسرة لم أبكيها أحدا قبلك 
وأنا على أعتاب مذلة نفسي لم أكن في حاجة لإدانة أخرى.. فكانت.. وأشد من أي شيء آخر 
قَهَرَتني فغرقت حيث كنت أجثو وتقطعت أنفاسي 
أحملك بين يدي ألفك بحزني.. 
"أجتاز بحذر المستنقع.. يعلوه عشب أخضر.. لكن قدمي إذا انزلقت أصابها الشوك المخفي تحت الوحل.. 
وله حارس من بعيد أتجنبه 
أتكئ على جداره بيميني وهو مبني بصخر ميال لزرقة كأنه مسقول.. أتحسس نهايته بحذر 
بلغت بداية درجه فقفزت بعجل من المستنقع 
صعدت الدرج 
دلفت فإذا داخله كمثل الشوارع الخالية والحوانيت إذا بنيت جميعا تحت الأرض 
وإذا أطفال ترجي في مرح وحدها .. تجتاز الشوارع الفارغة وتزور الحوانيت 
ثم صعدت درجا.. فإذا بي على سطح له شرفات كالأبراج لكل برج لون له درع وكفوف وثلاث أبواق بأعلام 
وإذا صوت يُذَكر بالليل والضحى" 
بعدما انقضى هرعت إليك حتى لا يسبقني أحد 
حضنتك.. قبلتك.. رافقتك إلى الباب فودعتك وأنا أرجو اللقاء 
صرت بعدك أتحين ستائر الليل أبكيك وحيدا 
أداري حزني عن الغير 
تخشع مقلتي كلما ذكرتك 
مثكول أنا وما رحمو يخفون الشماتة تحت اللسان حين يبدون النصح كأنهم يملكون القلوب والأقدار 
وثقلت علي نفسي بعدك حتى شاع بينهم ضعفي 
ورُميت على أعتابهم يدوسون علي فأنحني وهم يترَفعون 
ألف نفسي على جرحك لا تشفيني العبرات ولا النواح المكتوم 
فإذا ما عَتو عَتت نفسي عليهم أشدها وهي لا تسمعني تُقلب مواجعهم تَرد ألسنتهم المندلقة إلى نحورهم 
وقد علمت أنني بعد هذا لن أريح ولن أستريح ... وقد كان 
حتى وجدتني مثخنا أجر أشلائي إلى سفوح الجبل ... أريد الراحة 
تحاملت على نفسي حتى ألقيتها حيث كانت تُصيخ السمع

لست ملاكا : كنت صغيرا

0

إذا أردت أن أتذكر بداية رحلتي الطويلة عبر مجاهل التاريخ وكيف تناولت بين يدي أولى الكتب، كيف قرأت أولى الأسطر وطويت أولى الصفحات فلابد أن أتذكر الطفولة.  في البيت لم تكن لدى والدي كتب كثيرة، كانت دينية بامتياز وبالكاد تعد على الأصابع لم تكن الظروف المادية تسمح للوالد باقتناء سلاسل الكتب رغم كونه شغوفا بمطالعة الدينية منها فقد كان معلما بالصف الابتدائي كما كان يعتبر نفسه خريج زاوية صوفية  لكنني إذا اعتبرت ميولاتي الطفولية أولى دوافعي نحو عالم المطالعة فإني أسجل لحظة ذهابي مع أختي الكبرى إلى محل يبيع الكتب في إحدى المناسبات ونحن نحمل ما جمعناه من دنانير قليلة ليقتني كلانا كتابه المفضل، كان ذلك في بداية التسعينات لا أتذكر بالتحديد ربما بين 1992 و1994 وكان أول كتاب اشتريه في حياتي كتابا للأطفال يتحدث عن الطاقة الكهربائية وتاريخها، لم أكن أدري يومها أنني بعد عشرين عاما سوف أغدو مهندسا في الكهرباء التقنية وإطارا في الشركة الوطنية للكهرباء مما اتذكره من تلك الأيام أني كنت شغوفا بعالم الاختراعات وعالم التقنية والروبوتات على وجه التحديد لعل ذلك يرجع إلى تأثير برامج التلفزيون "الوطني" يومها كمسلسل "MacGyver" وأفلام الكرتون اليابانية من غرينديزر إلى جنغر وجومارو وغيرها، كما كنت شديد الولع بأفلام الخيال والمغامرات خصوصا فيلم "The Goonies[1985]"

إذا أردت أن أتذكر بداية رحلتي الطويلة عبر مجاهل التاريخ وكيف تناولت بين يدي أولى الكتب، كيف قرأت أولى الأسطر وطويت أولى الصفحات فلابد أن أتذكر الطفولة. 
في البيت لم تكن لدى والدي كتب كثيرة، كانت دينية بامتياز وبالكاد تعد على الأصابع لم تكن الظروف المادية تسمح للوالد باقتناء سلاسل الكتب رغم كونه شغوفا بمطالعة الدينية منها فقد كان معلما بالصف الابتدائي كما كان يعتبر نفسه خريج زاوية صوفية 
لكنني إذا اعتبرت ميولاتي الطفولية أولى دوافعي نحو عالم المطالعة فإني أسجل لحظة ذهابي مع أختي الكبرى إلى محل يبيع الكتب في إحدى المناسبات ونحن نحمل ما جمعناه من دنانير قليلة ليقتني كلانا كتابه المفضل، كان ذلك في بداية التسعينات لا أتذكر بالتحديد ربما بين 1992 و1994 وكان أول كتاب اشتريه في حياتي كتابا للأطفال يتحدث عن الطاقة الكهربائية وتاريخها، لم أكن أدري يومها أنني بعد عشرين عاما سوف أغدو مهندسا في الكهرباء التقنية وإطارا في الشركة الوطنية للكهرباء
مما اتذكره من تلك الأيام أني كنت شغوفا بعالم الاختراعات وعالم التقنية والروبوتات على وجه التحديد لعل ذلك يرجع إلى تأثير برامج التلفزيون "الوطني" يومها كمسلسل "MacGyver" وأفلام الكرتون اليابانية من غرينديزر إلى جنغر وجومارو وغيرها، كما كنت شديد الولع بأفلام الخيال والمغامرات خصوصا فيلم "The Goonies[1985]" 
ومما أقف عنده مندهشا رغبتي الشديدة في الرسم والكتابة منذ سن مبكرة ، أستطيع تذكر أول قصة رسمتها وكتبت حوارها وهي تتحدث عن مغامرة ثعلب في قصاصات ورق صغيرة جمعتها معا لتشكل كتيبا أو ما شابه ولعلها ذات القصة التي شكتني لأجلها أمي إلى معلمتي "وكانت جارتنا" حيث عبرت لها عن خشيتها من أن تأثر هذه الرغبة الجامحة في قضاء الوقت الطويل في الرسم ونسج القصص على اهتمامي بدراستي، فلم يكن من معلمتي الفاضلة التي ربتني طوال ست سنوات كاملة إلا أن طمأنتها ونبهتها بأن ابنها موهوب بل ويجب أن يشجع أكثر وتوفر له الوسائل، لكننا لم نكن في سعة العيش التي توفر لي فيها عائلتي هذه الوسائل، كم كنت أحب صفحات كراريسي البيضاء المتبقية في آخر الموسم الدراسي من كل سنة، كانت مشروع قصة جديدة في كل عطلة أرسمها وأكتب أحداثها ثم اعطيها لأمي حتى تخيط صفحاتها معا لتخرج قصتي في طبعتها الجديدة، كانت أمي دار النشر وكنت انا كاتبها الوحيد.
كانت كتب أبي الدينية صفراء الصحف عصية علي لغة ومضمونا بل وأتذكر يوم كنت أشاهد نشرة الاخبار مع والدي ولا أكاد أفهم شيئا مما تقوله المذيعة كانت تتكلم بلغة عربية غريبة غير تلك التي كنت أفهمها بسهولة في أفلام الكرتون 
ومما أتذكره مجلد سميك مليء بالصور والألوان عنوانه "عجائب وغرائب العالم" كانت أمي تخبئه في أعلى الخزانة وكنت أتحين غفلتها لأقوم بتصفحه خلسة 
لا زالت عالقة بذهني صور منه كذاك الرجل الصيني الذي يجر ابنه الغريق بحبل وسط الوحل بعد فيضان عظيم وأخرى لإفريقي نحيف مات من شدة الجوع وصور أطول رجل في العالم وأقصر امرأة وبرج بيزا المائل وأضخم أشجار العالم وغيرها
لم أكن اعرف شيئا عن الفضاء لكنني كنت أعرف نيل ارمسترونغ ورحلة أبولو من هذا الكتاب طبعا ومن قسم الحضانة الذي كنت فيه، فقد اعتادت مربيتنا أن تعرض علينا تمثيلية رحلة القمر بواسطة لعب صغيرة لرواد الفضاء بمركبتهم وعربتهم القمرية كانت ممتعة وملهمة، لا أكاد أذكر من لعب الحضانة إلا هذه اللعبة وأخرى كنا نجتمع فيها لنصطاد سمكات بلاستيكية في صندوق أزرق على شكل حوض بواسطة عود صغير يتدلى منه خيط ينتهي بصنارة صغيرة، كان علينا ادخال الصنارة في حلقة بفم السمكة وكنا نتبارى اينا يصطاد أكثر، كلما أتذكر تلك الأيام أحس بعبير من الثمانينات، إنه شعور لا أعرف له وصفا، كانه شيء من أحلام الطفولة أو لعلها أيام سلام وطيبة ...
أو ربما فقط لكونها سبقت أياما عصيبة وقاسية عرفناها من بعد باسم العشرية السوداء "التسعينات".

 

لست ملاكا : مجانين كلنا

0

 

مجانين كلنا نرتدي أقنعة  مجانيننا من ألقو الأقنعة  عندما كنت أرى أحدهم يمشي في الطريق وهو يجادل نفسه بصوت مسموع , يضحك ثم يغضب ... أتذكر على الحال نفسي وأنا الساكت إزاءه  أنا مثله أجادل نفسي, أضحك ثم أغضب لكنني أرتدي قناع الصمت  المجانين تحرروا منا, كُشطت شُرفاتهم  نحن المجانين المسجونون خلف شرفاتنا  نحن صاخبون لا نهدأ, نجتر ذكرياتنا كل حين ونخشى كل لحظة غَيب مقبلة  تزدحم مشاعرنا وأفكارنا على أعتاب ألسنتنا, تُغربل .. تُجز .. تُقَلم .. يتساقط منها الكثير قبل أن تعبر الحلق متبرجة على غير حقيقتها  كان لدي عم يجلس وحيداً في غرفة فإذا اشتعل غضبه فجأة أخد يجادل أشخاصا لا أراهم ويُذَكِرهم بأيام وسنين لم أكن فيها أنا حيا  كان يستبد بي العجب منه  وطالت الأيام حتى وجدتني بيني وبين نفسي أجتر ذكريات بالية فيستبد بي الغضب أكاد أفرغه على صور أصحابها وهم في خيالي .. فأتذكره  إننا درجات .. مُداراة ثم كذب ثم نفاق فخداع  مجانيننا وحدهم الصادقون

مجانين كلنا نرتدي أقنعة 
مجانيننا من ألقو الأقنعة 
عندما كنت أرى أحدهم يمشي في الطريق وهو يجادل نفسه بصوت مسموع , يضحك ثم يغضب ... أتذكر على الحال نفسي وأنا الساكت إزاءه 
أنا مثله أجادل نفسي, أضحك ثم أغضب لكنني أرتدي قناع الصمت 
المجانين تحرروا منا, كُشطت شُرفاتهم 
نحن المجانين المسجونون خلف شرفاتنا 
نحن صاخبون لا نهدأ, نجتر ذكرياتنا كل حين ونخشى كل لحظة غَيب مقبلة 
تزدحم مشاعرنا وأفكارنا على أعتاب ألسنتنا, تُغربل .. تُجز .. تُقَلم .. يتساقط منها الكثير قبل أن تعبر الحلق متبرجة على غير حقيقتها 
كان لدي عم يجلس وحيداً في غرفة فإذا اشتعل غضبه فجأة أخد يجادل أشخاصا لا أراهم ويُذَكِرهم بأيام وسنين لم أكن فيها أنا حيا 
كان يستبد بي العجب منه 
وطالت الأيام حتى وجدتني بيني وبين نفسي أجتر ذكريات بالية فيستبد بي الغضب أكاد أفرغه على صور أصحابها وهم في خيالي .. فأتذكره 
إننا درجات .. مُداراة ثم كذب ثم نفاق فخداع 
مجانيننا وحدهم الصادقون 

هل تصبر علي ان اخبرتك بأشياء فظيعة 
وأنا في سن صغيرة أخذ يجتاحني هلع على فجأة كل حين، فينبض قلبي بعنف أشعر به يكاد يخترق صدري فألقَى بين يدي أمي وأنا أصرخ : سوف أموت ... 
فيأخذها الذعر هي وأبي وجميع من في البيت 
لقد تيقنوا أنه قد مسني الجن بالصرع بعد ما أعياهم الطبيب دون أن يجد في قلبي وصدري ما يدعوه للقلق ... فلم يتركوا بعده من رُقى وأذكار وأحجب إلا وفعلوها من أجلي 
وسمعت والدي يوما يقول عني : لعله تخطى جيفة مسكونة ... 
فتذكرت كم كنا نتراكض حول المزابل حيث كانت ملاعبنا الساذجة ... فصدقته 
حتى مضت عشرات السنين والآن فقط أدركت أن حالتي يومها كانت صدمة نفسية لطفل كان يشاهد يوميا صور التفجيرات والقتلى و الأشلاء على شاشة الأخبار الوطنية 
في سنوات بشعة كنا نحن الأطفال ضحاياها غير المحسوبين 
وإني لا أزال أتذكر صور أطفال الكشافة الصغار الذين تم تفجير احتفالهم البريء في المقبرة وكيف أصابني الهلع وملامحهم الدامية لم تفارق خيالي لأيام ... 

كم تراها عدد الندبات التي أدمت طفولتنا البريئة ولا زالت تشوه نفوسنا المُعتلة حتى الآن ... 
كم من العُقد المتينة التي تعاقدت فوق بعضها وتشابكت في نسيج أفئدتنا منذ تلك الأيام ... 
هل تراها ردود أفعالنا .. نزعاتنا .. ملامح شخصياتنا حرة بعيدة عن نفوذ تلك التجارب ... 
صدقني ... وأنا أسير ... لطالما قابلتها في منعطفات الحياة وقد كنت أظن أنني نسيتها ... يفترض بالطفولة أن تكون بريئة                    
وأنت تنظر إلي والألم يعتصرك 
تريدني أن أحملك وأعيدك إلى حضني 
لا أستطيع حبيبي ... لا أقدر 
والألم يعتصرك صغيري ... ألمٌ يَهد الرجال البالغين 
لا أستطيع أن أحمله عنك يا حبيبي ... والله يشهد أني وددت ذلك 
يفترض بالأب أن يحمي ابنه 
كان مفترضا لطفولتك أن تكون بريئة ... لكنها لم تكتمل 
سامحني صغيري ... لقد خيبت أملك ... لم انتشلك مما كان قلبك الصغير يعانيه ... لقد تركتك وحيدا وسط تلك الأهوال ... حتى إذا فقدت أملك فيَ ... غدوت تُشيح بوجهك عني كلما أتيت إليك ... أكلمك فلا تجيب 
لم أكن أدري أن أحكام الحياة قاسية هكذا 
نُحِرتُ مرتين ... حين فَقدتك مرتين

لست ملاكا : غفوة

0

 

نحن نملك عيونا بلا أجفان.. لا ترمش. ولا تخلد لنوم ؛ أجفاننا المتحركة على صفحة الوجه الملموس مجرد ستائر عيوننا لا ترمش ولا تنام.. إذا ما أطبقتَ جفنيك وأسدلت ستائرك فأنت سريعا تَلتفتُ مُشرَعَ البصيرة نحو فجوتك تتفحص أفكارك وذكرياتك إننا لا ننام .. بل نحن نغوص في أعماقنا حتى إذا أوغلنا نسينا أنه كان لدينا شرفة نطل منها.. تتلاشى من حولنا تراكيب المعقول كما لو كانت دُخان وَهم يعترينا كلما أطللنا من شرفاتنا.. ثم نغوص فتتفكك سلاسل الزمن كما لو كان هو الآخر من أوهام الشرفة.. ثم نغوص فننسى من نكون .. هل ترانا وهم آخر ؟ أم أننا نواجه حقيقة أننا لسنا ما اعتدنا ... أننا لسنا من نظن لماذا تُرانا سريعا نُخدع ؟ .. لماذا نُداري طبائعنا عن غيرنا فَنَخدع ؟ .. نلبس أقنعة كي تخفينا فإذا الأقنعة ذاتها عن ذواتنا تعزلنا ثم تنفينا حتى إذا ما عُدتَ تبحث عن ذاتك طفقت تقلب أقنعتك بين يديك وأنت محتار.. هل كل هذا تزييف ؟ طبقات بعد طبقات تحفر باحثا عن وجهك الصادق مغامرٌ كالمقامر لا تدري أوجها بشوشا بالطيبة البريئة ينتظرك في القاع ، أم قطعة ليل مظلمة مكفهرة بالأحقاد ... من يدري منا حقا ما تخفيه أخاديد جوفه تِهنا بين المُداهنات ؛ نَتَملق الآخرين ثم نَتَملقنا نسير .. فنكبر .. فنظن أننا فهمنا ألغاز الحياة ونحن لغزها الأول... سريعا نقفز قفزة الشعور .. بين لم نكن شيئاً وبين الغرور أوهامنا تُغوينا.. الفهم.. القدرة.. ثم الإمتلاك

نحن نملك عيونا بلا أجفان.. لا ترمش. ولا تخلد لنوم ؛ أجفاننا المتحركة على صفحة الوجه الملموس مجرد ستائر
عيوننا لا ترمش ولا تنام.. إذا ما أطبقتَ جفنيك وأسدلت ستائرك فأنت سريعا تَلتفتُ مُشرَعَ البصيرة نحو فجوتك تتفحص أفكارك وذكرياتك
إننا لا ننام .. بل نحن نغوص في أعماقنا حتى إذا أوغلنا نسينا أنه كان لدينا شرفة نطل منها.. تتلاشى من حولنا تراكيب المعقول كما لو كانت دُخانَ وَهْم يعترينا كلما أطللنا من شرفاتنا.. ثم نغوص فتتفكك سلاسل الزمن كما لو كان هو الآخر من أوهام الشرفة.. ثم نغوص فننسى من نكون
.. هل ترانا وهم آخر ؟
أم أننا نواجه حقيقة أننا لسنا ما اعتدنا ... أننا لسنا من نظن
لماذا تُرانا سريعا نُخدع ؟ .. لماذا نُداري طبائعنا عن غيرنا فَنَخدع ؟ .. نلبس أقنعة كي تخفينا فإذا الأقنعة ذاتها عن ذواتنا تعزلنا ثم تنفينا
حتى إذا ما عُدتَ تبحث عن ذاتك طفقت تُقلّب أقنعتك بين يديك وأنت محتار.. هل كل هذا تزييف ؟
طبقات بعد طبقات تحفر باحثا عن وجهك الصادق
مغامرٌ كالمقامر لا تدري أوجها بشوشا بالطيبة البريئة ينتظرك في القاع ، أم قطعة ليل مظلمة مكفهرة بالأحقاد ...
من يدري منا حقا ما تخفيه أخاديد جوفه
تِهنا بين المُداهنات ؛ نَتَملق الآخرين ثم نَتَملقنا
نسير .. فنكبر .. فنظن أننا فهمنا ألغاز الحياة ونحن لغزها الأول...
سريعا نقفز قفزة الشعور .. بين لم نكن شيئاً وبين الغرور
أوهامنا تُغوينا.. الفهم.. القدرة.. ثم الإمتلاك
وغرورنا حين يزهو يُعمينا .. أننا أفلتنا في كل خطوة منها أكوانا من الأسرار وأننا على الحقيقة لم نفهم .. ولم نقدر.. ولم نملك.
وعندما نفقد شيئاً منها نجزع ونسخط .. لكنها لم تكن سوى لحظة صادقة تكشفت فيها الحياة أمامنا عارية عن أوهامنا
لحظة متعة سريعا ما تزول تكفي وحدها من تأمل حتى تبدو هذه الحياة أمامه غير جادة .. تتلاشى بين أصابع من يرجوها كالسراب
يريد اللحظة يريد الآن .. فلا يكاد يمسكه؛ يلهث خلف المجد فإذا أدركه أفلته
الحياة تراوغنا بذهاء يُضاهيها ، ترمقنا من خلف الأستار تغرينا بعبيرها بالكاد نتنسمه ، بلمحاتها الخاطفة تخطف أفئدتنا ، نتلمس في الظلمات نرجوها وهي تتستر كما لو كانت تتمنع عنا.. ليس الآن.. لم تحن اللحظة
لماذا هذا الشغف بالحياة ؟
لماذا هذا الضجر من الموت ؟
ألم نكن جميعا موتى ؟
إننا لا نعرف على وجه التحديد كيف نفكر .. وكيف ندرك وجودنا .. من أين ينطلق وعينا.. وهل نحن الوعي ذاته
ثم ندعي أننا فهمنا الحياة كلها.. ثم نقفز فنطلق أحكاما مطلقة على الغيب المبهم فنُثبت ونَنفي باستعلاء
الأجدر بنا أن نُلقى في الهوة الفارهة داخلنا علنا نسقط إلى قاع حضيضنا فلا نتطاول بعد ذلك
المدهش كيف تفتقنا من العدم وصرنا نشعر نسمع ونبصر.. نتطلع إلى الحياة فإذا أدركناها لبسناها كثوب أزلي مضمون.. ننكر على الدوام عدمنا الأول بل ونتناسى العدم الذي نغطس فيه كل ليلة
عجبا كيف نُخدع حيث نربط حلقات اليقظة المتقطعة لتغدو سلسة من الدهر المتصل فنعترف به وقد ألقينا بنصف عمرنا الآخر إلى غياهب النُكران
العجب أننا من حيث لا ندري يعترينا الشعور بالأزل كما لو كنا بلا بداية.. بل ونضجر من الموت نرجو البقاء بلا نهاية
والعجب هو من أي بُعد سحري تسلل إلى ذواتنا هذا الشعور في الأصل ونحن العدم المتجدد
والكائنات كأنها كلها ترجوه فتراها لا تستسلم للفناء إلا قليلا.. وكأن هذا الشعور السحري قد بث فيها جميعا .. أو لكأننا نحن وهي مجتمعين بعثنا من منبع واحد
يبدو كما لو كانت سلاسة ارتدائنا لأجسادنا في كل مرة نفيق فيها والشعور الحسي الفائق مع الخفة الساحرة التي يتجاوب بها الجسد مع كل رغبة؛ تعمل مجتمعة بوجه ما على تبليد شعورنا فنظن أننا أجسادنا وأننا قادرون عليها
فنجزم أننا أجسادنا وأن الحياة ما نرى من حولنا وما نسمع
بيد أنه ربما لا نعدو كوننا نطل عبر شرفات أجسادنا على هذا الشكل من الحياة ..
كيف يمكن لجسد خارج في مجمله عن سيطرتك أن يكون أنت ؟
إن أجسادنا كائنات غريبة مدهشة متقنة دقيقة ومتكاملة أقسمت على خدمتنا بكل تفان ، لا تعصي ما نأمرها فتسمع وتطيع ، هي مع ذلك على تسخيرها ويسرها مُعقدة في طُرقها فيَعسُر على الخبير المتخصص فهم أسرارها
ألا يدعو هذا لحيرة عميقة ...
أعني هذا التلازم بين اليسر في التسخير والعسر الشديد في التقدير الذي نراه في هذه الحياة من حولنا في كل شيء
ثم إني لاحظت أننا ونحن نستسلم لغيبوبة اللاشعور نغوص في بحر من الأحاسيس أو كأنها أحاسيسنا تستفيق و تنشط فالمشاعر تغدو حادة قوية تتضاعف في غمرتها الأذواق فإذا الفرح والسعادة أضعافا والخوف والحزن كذلك
فلست أدري إن كان ذلك مجرد عرض أم أنها حالتنا على أصلها البريء تخبو مشاعرها وتتبلد كلما أفاق وعينا واندمج بشكل الحياة البارد هذا
يعززه لدي ما أذكره من شذرات الطفولة الأولى حيث كانت المشاعر في الغالب تسبق الأفكار

 عجبت لمن يحذر الموت وهو يستسلم له مسترخيا كل ليلة؛ وعجبت لمن ينكر جازما الحياة بعده وهو يُبعث كل صباح

صغيري ... لقد جأرت إلى الله ذليلا أن يمن فيجعل شفاءك على يدي ... ولما لم يُجبني علمت أنه قد قضى أمره فأُسقط في يدي ... ثم لقيتك فإذا بي أرى مسحة الموت الرهيب تسكن جسدك الصغير المترنح ... ففُجعت فيك ... هكذا صار ابني ؟  ... ذابت غضاضة الحياة فيه وقد كان بالأمس القريب غُصنا طريا بهيجا
أيقنت ان موعد الفراق قد دنى
وبللت الدموع وجهي أمامك
ثم اعطاني ربي حضن الوداع وأنا غافل عنه ... أضع جسدك النحيف بين يدي ألاعبك وأنت بالكاد تشعر وتحس والألم أقرب إلى وجهك الصغير من البسمة
لم أعرف كيف أواسيك فساعة أُذكرك بما كان يَسُرك ولم يعد .. وأخرى أساعدك فترمق ما خلف النافذة بعينيك الضعيفتين كما لو كانت إطلالتك الأخيرة على حياتنا وأنا لا أدري أنها ساعات فقط ثم لا أحملك بعدها إلا مُكفنا نحو نعشك ... حبيبي.
يتم التشغيل بواسطة Blogger.