ركام أشجان -4- الفجر

0
عند بوزغ الفجر تتنفس الأرواح بعد ليل طويل جثم على صدورها وحبس الأنفاس ، فرصة أخرى و يوم آخر .. مازال في العمر والأجل بقية .. وتستمر الحياة ... الفلاح في الحقل يغرس .. هو أكيد من أنه لن يجني ثمره ، غير أنه يحتسب ذلك عند من لا تضيع عنده الودائع ، يهوي وقبضته تمسك بالفأس على الأرض .. يزداد تمسكا بفأسه مع مرور الوقت .. هو يدرك أن ليس له غيره اليوم .. علم أخيرا أن هذا الفأس الذي قضى معه العمر قد يرد له الجميل .. عاجلا .. ويمضي النهار كسابقيه ومعه لحظات الأمن القليلة .. وتحمر السماء كأنها وجنتا عفريت غاضب ... تلكم الأغوال مازالت تعيث في الغابة غير أنها تقترب .. ها هي خطاها تدوس الأرض، الأعشاب، الصخور .. وكل المخلوقات تسخط وتلعن وتدعوا الله عليها .. لم تمقت الدنيا يوما كما مقتت هذه الأغوال ... وتضيق الأرض بمن عليها .. وأشباح الأغوال تخترق الغابة ، تنشر الفزع .. لم تعد للطبيعة تلكم البسمة الرقيقة .. ذهبت روح الغابة العطرة وسكنت بدلا عنها أشباح الرعب في الشعاب بين الجذوع والأغصان .. والوحوش تقترب ... الفلاح في البيت لم ينم وأم الأولاد كذلك و الأولاد يكادون ... يرمق الفلاح الأولاد وهم نيام ثم يتصفح الجدار ، وكأنه يتأمله لبنة لبنة .. يدقق النظر في حواشيه .. أخاله عاد بذاكرته إلى أيام كان يبنيه هو وشمل من عائلته .. كيف كانت تلك الأيام .. كيف اختار الأرض وجمع العتاد ، واستدعى الأحبة .. كيف مرت تلكم اللحظات السعيدة ، كم كان خياله بعيدا ... لم يتصور أن بيته هذا سوف يهجر إلا ممن كتب عليهم البقاء فيه .. أهو سجن بناه بيديه وهو فرح بذلك يومها ؟؟ .. يا للقدر ...، ويستغفر. ثم تميل حدقتاه نحو نافذة صغيرة أعلى الجدار ، يرمق من خلالها نجما يلمع في السماء .. السماء ... أين الأمن والأمان .. لا خوف ، لا فزع ، لا رعب ، لا قلق ... هل ثمة هنالك الأمل الوحيد .. بعد أن أعرضت الدنيا عنه بوجهها ؟؟... ربما سوف تبتسم له الأقدار هناك ... كم الدنيا قصيرة .. وكم هي متقلبة لا تستقر على حال ، ارتسمت بسمة أسى وسخرية على وجهه العابس الذي لم يعرفها منذ زمن ... وحدقت عيناه في أمل نحو النجوم .

كتبت يوم ما من أيام أبريل من عام 2002 م

عند بوزغ الفجر
تتنفس الأرواح بعد ليل طويل جثم على صدورها وحبس الأنفاس ، فرصة أخرى و يوم آخر .. مازال في العمر والأجل بقية .. وتستمر الحياة ...
الفلاح في الحقل يغرس .. هو أكيد من أنه لن يجني ثمره ، غير أنه يحتسب ذلك عند من لا تضيع عنده الودائع ، يهوي وقبضته تمسك بالفأس على الأرض .. يزداد تمسكا بفأسه مع مرور الوقت .. هو يدرك أن ليس له غيره اليوم .. علم أخيرا أن هذا الفأس الذي قضى معه العمر قد يرد له الجميل .. عاجلا ..
ويمضي النهار كسابقيه ومعه لحظات الأمن القليلة .. وتحمر السماء كأنها وجنتا عفريت غاضب ...
تلكم الأغوال مازالت تعيث في الغابة غير أنها تقترب .. ها هي خطاها تدوس الأرض، الأعشاب، الصخور .. وكل المخلوقات تسخط وتلعن وتدعوا الله عليها .. لم تمقت الدنيا يوما كما مقتت هذه الأغوال ...
وتضيق الأرض بمن عليها .. وأشباح الأغوال تخترق الغابة ، تنشر الفزع .. لم تعد للطبيعة تلكم البسمة الرقيقة .. ذهبت روح الغابة العطرة وسكنت بدلا عنها أشباح الرعب في الشعاب بين الجذوع والأغصان .. والوحوش تقترب ...
الفلاح في البيت لم ينم وأم الأولاد كذلك و الأولاد يكادون ...
يرمق الفلاح الأولاد وهم نيام ثم يتصفح الجدار ، وكأنه يتأمله لبنة لبنة .. يدقق النظر في حواشيه .. أخاله عاد بذاكرته إلى أيام كان يبنيه هو وشمل من عائلته .. كيف كانت تلك الأيام .. كيف اختار الأرض وجمع العتاد ، واستدعى الأحبة .. كيف مرت تلكم اللحظات السعيدة ، كم كان خياله بعيدا ... لم يتصور أن بيته هذا سوف يهجر إلا ممن كتب عليهم البقاء فيه .. أهو سجن بناه بيديه وهو فرح بذلك يومها ؟؟ .. يا للقدر ...، ويستغفر.
ثم تميل حدقتاه نحو نافذة صغيرة أعلى الجدار ، يرمق من خلالها نجما يلمع في السماء ..
السماء ... أين الأمن والأمان .. لا خوف ، لا فزع ، لا رعب ، لا قلق ...
هل ثمة هنالك الأمل الوحيد .. بعد أن أعرضت الدنيا عنه بوجهها ؟؟...
ربما سوف تبتسم له الأقدار هناك ...
كم الدنيا قصيرة .. وكم هي متقلبة لا تستقر على حال ، ارتسمت بسمة أسى وسخرية على وجهه العابس الذي لم يعرفها منذ زمن ... وحدقت عيناه في أمل نحو النجوم .

#ركام #أشجان #-4- #الفجر   #قصة #رواية
يتم التشغيل بواسطة Blogger.