ذاكرة : أخلاق فاضلة

0

 سنوات 1994 – 1995 

السن: 13 سنوات

أخلاق فاضلة

الفكرة:

في هذه الفترة بدا جليا طغيان صبغة التدين على حياتي وذلك نتيجة الظرف العام الذي مرت بها البلاد حينها، كيف لا وقد كان والدي حينها مناضلا متحمسا في حزب الجبهة الإسلامية للإنقاذ، حيث كان يأخذني معه إلى المساجد وتجمعات رفاقه فيها، وكنت أرتدي مثله عباءة بيضاء وقبعة على هيئة الإسلاميين يومها، كان شديد الحرص على مرافقتي له في نشاطه معهم، وأذكر زياراتنا المتكررة لمكتبهم السياسي البسيط وتصفحي لجرائدهم وكتبهم التي لم أكن أفهم منها الشيء الكثير، بل كان يحبطني في سري منها غياب الصور والألوان، مجرد أعمدة من الكتابة وعناوين فقط لا غير.

لكن الحس الإسلامي العام كان يغمرني فاستبدلت أحلام المغامرات الساذجة بحلم الدولة الإسلامية القريبة التي كنت أتخيلها ناطحات سحاب بيضاء وشوارع نقية خضراء وأناس جميعهم يرتدون الزي الإسلامي يعيشون في عدل وسلام.

كان والدي رجلا متدينا وكثير المحافظة، كان يعد نفسه خريج زاوية أدرار وتلميذا للمرحوم الشيخ سيدي أحمد بن لكبير، ورغم ذلك لا أزال أتذكر كم كنا نستمتع بمشاهدة التلفاز مجتمعين كعائلة حول برامج التلفزة الوطنية، من أفلام ومسلسلات ومباريات في جو حميمي ممتع، لكن ذلك كله تغير فجأة مع بداية التسعينيات حيث بدأ والدي يظهر تذمره من كل مظاهر الحياة المعاصرة رغم قلتها في بيتنا، وكان التلفاز ضحيته اليومية ينتقد مظاهر الفساد التي كان يراها مقصودة في برامجه، ويشتاط غضبا كلما يرى مذيعة متبرجة أو حتى رياضيا يرتدي شرطا قصيرا، ولكم صار بعدها يطفئ التلفاز في وجوهنا ويمنعنا من مشاهدة برامجنا المفضلة، فصرنا لذلك نتحين غيابه لنشاهدها خلسة.

كما يلاحظ اهتمامي الجديد بالخط العربي ولعله بضغط من فكرة تحريم الرسم بكل أشكاله. 

النص الأصلي مع الأخطاء:

الايمان بالله يجعلنا لا نخاف من أى شيء كان إلا الله ومن هذا نكون شجعان ...

ومن خلال هذه القصة المتواضعة نعرف قيمة الايمان وفائدته.

بطل هذه القصة سميته عليُ أبوا محمد بن إبراهيم

الإيمان بالله:

(يحكى أن حطاباً يحتطبُ من الغابة ويكسب منه رزقه.

ذات يوم ذهب كلعادة لعمله وقد نزل المطر في اليل وكانت التربة طينية أو وحلة وعندما هو مارٌ من الطريق إذى بدرهم ذهبي واقعٌ على الارض فحمله وأخذ يبحث عن مالكه فلم يجد أحداً فقال: ربما يكون لأحد من أصحاب المدينة، فحمله وأخذه معه وعندما احتطب ورجع إذى به يجد صندوقا مملوأً بالنقود الذهبية فحملها إلى بيته ثم ذهب إلى المدينة وسأل كل من في المدينة فلم يجد أي أحد له هذا الصندوق.

لم يجد ماذا يفعل بها المبلغ الكبير من المال للعله حرام فسأل القاضي ما يفعل به فقال له القاضي: يمكنك أن تصدقها على السائل والمحتاج وابن السبيل ...

فصدقها على كل من وجده فب المدينة

أخذ اللصوص يبحثون عن الصندوق في الغابة فوجدوا مكانه فارغاً عقربهُ آثار أقدام فتبعوها حتى وصلو إلى منزل الحطاب علي فسألوه عن الصندوق فقال لهم: قد سدقته على الفقراء ... أأنتم مالكوه؟

فقالوا: نعم نحن أصحاب الصندوق. قال: بحثت عنكم في الغابة فلم أجدكم! ... 

فأخذ اللصوص الحطب (الحطاب) علي معهم إلى مخبإهم وسألوه مجموعة من الأسئلة ليأخذوا منه كل الحقيقة وأن كان قد أبلغ الشرطة أم لا.

وعندما أجابهم بكل شيء وعرف حقيقتهم سجنوه في مخبئ آخر وتركوه.

مضت أسابيع وعلي فب المخبئ ولما يئس من الحياتي كما يئس الكفار من أصحاب القبورْ قال:

" للهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك مستطعت أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي فغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت" وأنقذني ربي من هذه الزنزانة.

في الليل مرَت عاصفة كسرة البيوت والأشجار وفي الصباح استيقط علي فوجد غصناً غليضاً يتدلى نت الجدار ويتصل بشجرة فتسلقهُ وقفز ثم فرّ إلى منزله وهو يقول: " الحمد لك يا رب كما ينبغي لجلال وجهك ولعظيم سلطانك"

وهكذا نعتبر أن الايمان مسلك للنجات في الدنيا والاخارة.)

الصدق:

إن كنت صادقاً يحبك كل الناس لانهم ألف فيك هذا السلوك فإن تكلمت يصدقوك وإن تشاورو يكلموك والعكس صحيح

(يحكى أن رجلاً كان مشهوراً بالصدق عند الناس وذات ليلة احس بحركة في مزرعته فخرج إذى برجل فهر الرجل ولحقهُ صاحب البيت فخذى يجريان حتى وصل اللص إلى بيت أحد الفلاحين ووصل إليه صاحب المزرعة قتل اللص معْزات الفلاح وهرب فأراد أن يلحقه لكن سرعان ما فتح الفلاح الباب ووجد صاحب المزرعة أمام المعزات وهي مقتولة فأمسكهُ وإعتقد أنه هو الفاعل وفي الصباح أخذهُ إلى لسلطان ...)

حياة الرسول صلى الله عليه وسلم:

(أشرقت شمس الإسلام في 12 ربيع الأول يوم الاثنين في عام الفيل حينها كان العرب يغوصون في عاصفة الجهل بين أمواج الظلام الدامس قاصدين لا شيء وهم يتلاهون كل الكلاب الضالة يظنون أنفسهم على صواب بل هم ******

كانت مساماتاً خيوطاً طفيفة لضوء الفجر الآتي تتخلل رحابة مكة في صمت راكد لا صوتا إلى صوت الجمال الهيم تردد صداه جبال مكة، 

لكن مإن بزغ الفجر وارتفعة الشمس قليلا تخللة أشعتها إلى الخيم والبيوت فأيقضة النائمين، لا كنهم كانو قليلا فالباقون أغلقو الستائر والابواب وعادو للنوم. 

لكن ضوع الشمس تخلل في الثقب التي على الجدران وحواف النوافذ وأبواب أخذ يتصبب بلطوفة على النائم حتى أفاق البعض والبعض الآخر لا م يفق بل غطى نفسه وأغلق الثقب، 

لكن الشمس لم تستسلم فأخذت تعلو وتعلو حتى أطلت على المدينة من فوقها وأخذة تلقي قذائف الدفإ والحر إلى سقوف البيوت وجدرانها، 

بعد حين شعر النائم البيف (بالدفء) ثم البلحر الثم أخذ يتصبب منه العرق فرمى الغطاء فشعر ببعض الرطوب لا كن هذا لم يدم فبعد لحضات أخذ يتصبب منه العرق فشكل وديانا وهكذا حتى لم يطق النائم البقاء مغمراً بأوحال النوم ووديان العرق، فأفاق وخرج فهبب عليه نسيم الصباح.) 


الملف بصيغة PDF

أخلاق فاضلة

ذاكرة : أولى الذكريات

0


في صورة حلم بريء جميل يعبق بأحاسيس لا تكاد توصف، أراني أقف على مقربة باب كما لو كان حديديا يميل إلى البياض لونه، في رفقة صغار معي ثم إذا بي أتذوق نكهة حليب شهي ومعه شكلاطة من ألذ ما أذكر، حتى أخبرتني أمي رحمها الله بعد ما كبرت أنني كنت حينها لا أتعدى الرابعة أو الخامسة من عمري يوم كنا نحن الأطفال نسرع نحو مدرسة قريبة ساعة الوجبات، حيث كان حارسها العجوز الطيب يكرمنا بما كان يجود به مطعم المدرسة، صدقني، لا تزال نكهة ذلك الحليب الدافئ تراود حلقي كلما تذكرتها.
وأذكر في الفترة ذاتها كيف حُشرنا في شاحنة، وكيف دخلنا بيتنا الجديد، كلها لمحات وومضات متقطعة للحظات أشبه بالحلم.
كما أذكر جو المستشفى وإناء واسعا لونه بين الخضرة والزرقة مليء بالحقن بعضها معدني، كان يثير فزعي وبكائي كلما رأيته، وتلك فترة مرض مررت بها وأنا صغير، وأذكر فيها لعبة مطاطية صفراء أهداها لي ابن عمي البشير.

و لا أزال أذكر رمضان، عبقه، رائحته، أجواءه و حتى مسلسلاته،   
هل تتذكر كيف تربينا معا على رائعة فيلم الرسالة لمخرجه مصطفى العقاد الذي كنت أحفظ اسمه دون أن أعرف وجهه أو لعلها رابطة الاسم بيننا هي التي جعلتني أشعر كما لو كنت أتقاسم الكثير من المواهب معه حتى أني إلى وقت قريب بقيت متمسكا بحلم أن أصير يوما مخرجا سينمائيا مثله.
فيلم الرسالة الذي كانت التلفزة الوطنية تعرضه ليلة كل مناسبة دينية، كنا نجتمع حوله ونتابع جميع فصوله في خشوع، كنت ساذجا لدرجة أني صدقت كل مشاهده كما لو كانت رحلة زمنية إلى ذلك العصر، ولم أعي إلا بعد مدة أنها مجرد تمثيليات وأبطالها أشخاص يعيشون في زمننا هذا، كانت تخيفني مشاهد القتال فيه تحديدا لحظة استشهاد حمزة، حيث كنت أختبئ خلف أمي أو جدتي رحمهما الله كلما حانة اللحظة، وكم كان سلوكي هذا يجلب علي الكثير من الضحك والتهكم من طرف العائلة جميعا.

ذاكرة : كتاب القصص

0


سنوات 1993 – 1994 

السن: 12 سنوات

كتاب القصص

الفكرة:

كنت مولعا فأفلام مغامرات الصبيان خصوصا " The Goonies - 1985"، الذي بدى تأثيره واضحا على قصة علي وامتزجت مشاهده ببعض فصولها، لم أستطيع أن أخفي شغفي بالحياة التي صورها الفلم، تلك الحياة الأمريكية من البيت الخشبي في أحياء الضواحي وسط الأشجار الكثيفة إلى ركوب الدراجة مع الرفاق و التجول عبر الطرقات الريفية وصولا إلى المنازل المهجورة والطرق السرية والمغارات وكل المجاهل والأسرار التي تخطف لب صبي مثلي لا يجد لها مثيلا في حياته البسيطة الرتيبة، وكنت على الدوام أسائل نفسي لماذا ليس لدينا منازل مثل منازلهم ولا طرقات مثل طرقاتهم ولا غابات ولا أرياف ولا نمط عيش يشبه الذي نراه عندهم في التلفاز، لم أكن أعرف أين تقع أمريكا، ولم أكن أفرق بين أمريكا وأوروبا، حيث كانت كل الأفلام مدبلجة بالفرنسية التي كنت أجهلها وأكرهها لعدة أسباب، كان ذلك العالم الأجنبي مثل كوكب خرافي بعيد عنا نحن الذين نسكن هنا في قاع الأرض، كان بالنسبة لي عالما مثالياً أقرب ما يكون إلى الجنة، لكن هذا الفلم تحديدا غرس في قلبي شغفاً آخر بكل مجلّد سميك عتيق وبالخرائط الجلدية القديمة، وكأنما نبّه عقلي الصغير بأن التراث القديم قد يحمل بين دفّاته كنوزاً وأسراراً مثيرة، ولعلّها بذرة غُرست فيه منذ ذلك الحين فأنبتت شغفاً بالتاريخ لا أزال أتتبعه إلى اليوم. 

الكتاب:

لطالما رغبت في أن يكون لي مجلد سميك من تأليفي واسمي مكتوب فوق غلافه الجلدي، تلك رغبة لم تتحقق إلى الآن على كل حال، لكنها تبدو جلية من الغلاف الكرتوني الذي اخترته لهذه القصة وطريقة زخرفته على بساطتها، لا أزل أتذكر خيبتي من قلة عدد صفحاته رغم حشري لثلاث قصص بين دفاته، فلا يزال حجم الكتاب هاجسا يرافقني في محاولاتي ولعل آخرها مذكرات والدي التي لم تتجاوز الخمسين صفحة، ربما مرجع ذلك إلى ميلي نحو الاختزال بدل الاسترسال وإلى الإيحاء بدل التفصيل في كتاباتي وإن لم تكن كلها على الحقيقة كذلك.

مغامرة علي:  محاولة اقتباس لفلم الجونيس وتكييفه ليناسب حياتي البسيطة، كيف انطلق من المدرسة والروتين الذي شكل أهم محاور حياتي آن ذاك، كيف شاركت العائلة من أم وأخت في الحدث، كيف تحول الكنز المادي إلى كتب عتيقة، كيف كان البطل وحيداً بلا أصدقاء، كلها ملاحظات تشد انتباهي الآن وأنا أتبين من خلالها ملامح شخصيتي في مراحل الصبا تلك، من الواضح أن الأحداث هنا يعوزها في الغالب المنطق والواقعية حيث تقفز بين الحين والآخر بلا أسباب ودون تفسير، تماما كالخيال الطفولي الخام، لكنني أذكر جيداً كيف استولت علي أحداثها وأنا أنسجها في عقلي قبل كتابتها حتى عشتها بتفاصيلها التي لم أستطع تدوين جميعها، كنت أكتب عن نفسي وكان علي يلعب دوري الخيالي الذي حلمت به،   

مغامرة سمير: دعني أسميها غفوة، فهي على الأرجح كذلك، ويبدو أنها أول تعبير عن تجربة الحالة بين اليقظة والنوم التي كنت أختبر فيها هذا التباين العجيب بين العالمين لا أكثر، ربما أسجل هنا أن فكرة تتبع النمل للعسل سمعتها من والدي أو من شخص آخر لا أذكره الآن.

اللصوص: هي فعليا محاولة يائسة لحشو الكتاب بقصة أخرى بعدما تبين لي أنه لن يتعدى بضع أوراق.      

  

النص الأصلي مع الأخطاء:

مغامرة علي:

(في يوم من الأيام الدراسية كان علي في المدرسة، إنتهى درس الرياضيات ودخلوا درس القراءة وبينما كانت المعلمة تقرأ النص فجأة قطعته وقالت: 

وفي مدينتنا هذه توجد اَحدى المخابأ التي تحتوي على كتب عن التحنيط للإنسان والمواد المستعملة والخريطة موجودة في كتاب القراءة

أخذت هذه النقطة تفكير علي إلى حين خروجه من المدرسة وليس إلى هذا الحد بل واصل إهتمامه إلى حين أخبر أخته بأنه سيغامر حتى ولو بحياته من اجل تلك الكتب وفي منتصف الليل أعدة الأخة والأم لعلي الطعام والشراب وإنارة وبينما كانت الاخة تملأ الحقيبة كان علي ينقل الخريطة. (ينسخ الخريطة)

إنطلق علي في طريقه مملوء بكل الشجاعة. ولما وصل دخل الكهف 2 وتعمق فيه إلى ان وصل إلى بقعة ماء، كان علي لا يعلم أن هذه البقعة عميقة فتقدم قليلا فغطس فيها وإن فتح عينيه حتى رأى وحش الأعماق قادم إلتفت علي يميناً وشمالاً فرأى غاراً، أسرع إليه فصعد ووجد هذا الغار يمتد الى الامام ويبعث منه النور ولما اخرج منه وجد نفسه في نصف الكهف الثاني

إذ أن بقعة الماء أصبحت وراأه وبقعة الطين أمامه إنزعج علي ثم تشجع وخطى خطوتان في الطين إذا به يغرق وصل الطين إلى عنق علي ولكنه أمسك بالحقيبة وعندما غطس جسم علي كله ظن أنه مات بل أنه تدلل ثم سقط في سجن وراء القضبان

ويوجد في دلك القفص هياكل عظمية وهذا يعني أن شيءً ما سيحدث. أحس علي أن أحداً ما قادم ووجد نفسه ملطخاً بالطين فالتسق في الجدار كي لا يرى ولما وصلى الضخم لم يجد شيء فقال لا يوجد أحد؟.. ربما كنت أتخيل الصوت ثم ذهب.

وبعدما اطمأن علي ولتفت أخد يبحث عن مخرج حتى لفت نظره فتحة صغيرة وبها طريق إلى الامام صعد علي الى تلك الفتحة ثم قدم حقيبته أمامه ليختبىء خلفها وبدأ يزحف إلى أن وصل الى

إلى آخر المسار فوجد الضخم جالساً أمام الباب، خطرة لعلي فكرة فرجع الى الفقص ونزع قبعته وقميصه ووضعهماَ فوق هيكل عظمي وصاح، ثم أسرع إلى الرجوع وبينما كان راجعاً كان الضخم قد سمع الصراخ وتأكد منه فإتجه إلى القفص وبعد أن غاب الضخم عن الأنظار نزل علي وبدأ بحث عن مفتاح الباب فلم يجده وكاد ييأس لسماع الضخم قادم فمدّ يده للباب ليجلس فدفعت يده صخرة كانت خارجة عن الباب 

فتح الباب فدخل علي و وانغلق فإذا بجهنم أمامه. بدأ علي يمشي بين العظام وينظر ذات يمين وذات شمال حتى وصل إلى واد عميق في وصطه نار. بدأ علي يعبر الواد بالحبل حتى وصل ثم تنفس صعداء 

. بدأ علي يمشي إلى أن وصل إلى الباب فدفع حجرة فإنفتح الباب ودخل علي وقال: وأخيراً وصلت، ملأ علي حقيبته وخرج فوجد الضخم يعبر الوادي فقطع علي الحبل وسقط الضخم والحبل معاً رمي علي حقيبته إلى الطرف الاخر تم قفز وأغمض عنيه وعندما أدرك أنه في أمان

فتح عينيه فوجد قيصه (قميصه) معلقاً في الجدع ويكاد يسقط تمكن علي أن يصعد إلى الجانب تم حمل حقيبته ورجع عل طريقه إلى أن وصل القفص نظر علي أمامه فوجد طريقاً ممتدّتاً إلى نور فأسرع إليه وإذا به المدخل الول (الأول) فخرج سعيداً بمغامرته.)

مغامرة سمير:

(كان في يوم من الأيام طفل إسمه سمير يسكن في الغابة وكان دائما يتجول فيها، وفي ذات يوم وكل عادة تسلق سميرٌ شجرة وأخذ ينظر إلى نسر يحوم وبينما هو هكذا فجأة أغمي عليه وحين استيقظ وجد نفسه في كهف أخذ سمير يمشي ويمشي إلى ان وصل الى منعطف سمع فيه أصواتً أطل فرأى مخلوقات غريبة ، بقى سمير في ذلك المكان وأصبح يتسلل إلى داخل مدينة المخلوقات ليلاً فيسرق ما يشتهي وينام وفي إحداها كان سمير نائماً ولماَّ فتح عيناهُ على صوت صراخ رأى تلك المخلوقات منزعجة هاربة من شيء ما وبينما هو هكذا سمع صوةً آخر ورأهُ إلتفت سمير وإذا بنملة عملاقة تلتهم الجدران وما أمامها إلتهاماً وقف سمير يصرخُ ويجري مثل تلك المخلوقات 

أخذ سمير يفكر في مهمة تبعدُ هذه المجموعة من النمل الضخم عن هذه المدينة فرأى مجموعة من القلال فيها عسل فحمل اثنتين منها، أخذ يقطرُ قطراً من العسل في إتجاه طريقه رأت النملات العسل فتبعته وصل سمير إلى وادٍ عميق فأفرغ فيه العسل وإختبأ

وصلت النملاتُ إلى الوادي وشمت رائحة العسل بدأت النملات تقفز في الوادي واحدة تلوى الأخرى 

إنتهى سمير من هذه المشكلة. وأخذ يسير في طريق العودة وصل إلى كهف يمتد إلى الأعلى فصعد ومائن خرج منها وجد نفسهُ على جذع الشجرة ورفع رأسهُ فوجدَ النسرَ مازال يحوم.)

الصوص:

(يحكى أنهُ في أحد الأريافِ كان يسكنُ رجلٌ بعائلتهِ سعيداً، وفي إحدى الليالي سمع الرجلُ ضجة في خمهِ الصغير فخرجَ إذا بشخصانِ صرقا دجاجةً وهربا دحوى (نحو) الجبل تكرت (تكررت) هذه الفعلة عدة ليالي فقرَّ (فقرر) الولدُ وأباهُ اللحاق باللصان فلحقاهما حتى وصلا إلى المخبإ في إحدى المنعطفات كان اللصوصُ يتشاورون على كيفية الإستلاء على المدينة. قال أحد اللصوص: لقد جمعنا دجاجاً كثيراً للأكل وما علينا اللا العمل. والثاني: أوافق ولكن ماهو الوقت المحدّد للبدإ. فقال قائدهم: الوقت في الأسبوع القادم.

أعدّ الأب وإبنهُ ووأهلُ المدينة خطة صارمة فحاصرو الجبلَ. واستطاعوا إمساك اللصوصْ.)


ذاكرة : قصة الأسرة المفقودة

0

الفكرة:  كنت على الأرجح في الصف الخامس ابتدائي، ولا بد أن أقر أن هذا العنوان تحديدا، وربما فكرة القصة العامة، قمت "باقتباسها" بتعبير لطيف والأصح بسرقتها من صديق يدعى مطراني محمد وكان وافدا جديدا على قسمنا في المدرسة اكتشفنا سريعا أنا إياه شغفنا بنسج القصص وتأليفها، فكنا نتحدث عن أفكارنا في ساحة المدرسة، ولعلي أعجبت بفكرته وظل عنوانها "الأسرة  المفقودة" يرن في عقلي، حتى انتهيت إلى نسج هذه القصة كاملة مع صياغتها بأسلوبي الخاص، طبعا وربما كان ذلك في عطلة قصيرة من عطل المدرسة، ساعدتني أمي رحمها الله في توضيبها وإخراجها على بساطتها، وأذكر أنني أخذتها معي إلى المدرسة، لست متأكدا إن كان التصحيح الإملائي بالأحمر عليها من معلمتي أم من أختي كريمة ، الأكيد والذي أذكره حقا سخط وانزعاج صديقي مطراني محمد وهو يرى فكرته وقد سرقت منه، وكيف أنني جنيت بدلا عنه الإعجاب والاهتمام بين الأصحاب، كانت بحق أول سرقة أدبية أقترفها رغم براءة السن ، أو لعلي أسميها الآن لحظة اقتباس، امتص فيها عقلي فكرة ثم أنتحلها في سلوك سوف يتكرر معي عبر السنوات، وإن بأشكال مختلفة.   المشاهد:  تحدثت عن مشاهد لم أكن قد رأيتها إلا على شاشة التلفاز:  شاطئ البحر، حيوان الفقمة، الغابة، الذئاب، كوخ، نهر جاري، مدينة مزدحمة، عمارات عالية.  العقل الطفولي:  -	العلاقة الإنسانية بين عائلة الفقمة (الحديث، البكاء)  -	وصف صغير الفقمة بالطفل   -	وجود ولد يعيش وحيدا في غابة دون تفسيرات  -	تكرار وصف الولد بالطفل  -	قدرة الحيوان على فهم عواطف الإنسان  -	قدرة صغير الفقمة على تعلم الكلام في وقت وجيز  -	ظهور المنقذ الفارس ذو اللباس الأسود  تأثير التلفاز:  بدا جليا أثر أفلام الكرتون وحتى أفلام المغامرة والعنف على الأفكار الصغيرة في القصة.

سنوات 1992 – 1993 

السن: 10 سنوات

أحلام اليقظة:

مما أذكره من هذه المرحلة، استغراقي في أحلام اليقظة لدرجة تصديقي لها، من ذلك مثلا كيف كنت أضطر أنا وأختي كريمة لاختلاق القصص المزيفة عن ذهابنا في الصيف للبحر وتمضية وقت رائع في العوم واللعب ونحن لم نره قط في حياتنا، لا لشيء إلا مجاراة لأبناء الجيران حين يعودون من عطلة الصيف، حتى لا نشعر نحن ولا نشعرهم أننا أقل منهم حظا، فكنا نتشارك أنا وهي في تأليف الذكريات وسردها بشغف، لدرجة كنت معها أعيشها في خيالي فأصدقها كما لو كانت حقيقة، ثم بعد مدة شعرت أختي بالسوء من كثرة كذبنا، وطلبت مني أن نتوقف عن هذه العادة فتوقفنا، لكنها مع ذلك بقيت عالقة في ذهني. 

كان الميل للاستغراق في الأحلام والخيال يرافق جل أوقاتي وأنا ألعب، وأنا مستلقي قبل النوم، وأحيانا في المدرسة، كانت أحلامي جسرا أمتطيه فينتشلني من واقع لم أكن أفهم بعد لما هو بهذا الشكل، ثم يلقي بي في جنة مُشكّلة من برامج التلفاز.

الخيال الجامح:

كان الفرق بين الخيال والواقع بسيطا للغاية في طفولتي، كنت أعيش خيالاتي بشكل يثير دهشتي حاليا، حينما أتابع التلفاز أعيش مشاهده وأرى عالم البحار العميقة عبره، فإذا ما أدخلتني أمي "الدوش" للاستحمام وأفرغت الماء فوق رأسي، أشعر في الحين أنني غريق في قاع المحيط فأتمسك بها، كانت في كل مرة تأمرني بإغماض عيناي فلا أغمضهما إلا وتطل مخيلتي على محيط عميق من حولي مليء بالأسماك والقروش، فإذا ما فتحت عيناي بعدها عُدت على الفور إلى البلاط المربع الأبيض "للدوش" وأمان حضن أمي، وما إن تُفرغ -رحمها الله- الماء فينساب فوق رأسي حتى تنقطع أنفاسي وأشعر مجددا كأني غريق في أعماق ذلك المحيط الخيالي، وأن ثمة أمواجا عالية متراكمة فوقي، وكلما طال قليلا زمن سكبها لذلك السطل من الماء إلا وخيل إلي أنني أغوص في الأعماق مكتوم الأنفاس وسطحُ المحيط الخيالي يبتعد من فوقي أميالا ثم أميالا، فأصاب بذعر شديد فأتمسك بها وأنا أطلب النجدة "شدوني .. شدوني"، فلا تنتهي مغامرة "الدوش" الخيالية حتى يحظى كل من فيه بحفلة من الماء والصراخ، في مشهد طريف لطالما أصبح بعدها ذكرى من بين المضحكات عني في العائلة.   

الأسرة المفقودة:

الفكرة:

كنت على الأرجح في الصف الخامس ابتدائي، ولا بد أن أقر أن هذا العنوان تحديدا، وربما فكرة القصة العامة، قمت "باقتباسها" بتعبير لطيف والأصح بسرقتها من صديق يدعى مطراني محمد وكان وافدا جديدا على قسمنا في المدرسة اكتشفنا سريعا أنا إياه شغفنا بنسج القصص وتأليفها، فكنا نتحدث عن أفكارنا في ساحة المدرسة، ولعلي أعجبت بفكرته وظل عنوانها "الأسرة  المفقودة" يرن في عقلي، حتى انتهيت إلى نسج هذه القصة كاملة مع صياغتها بأسلوبي الخاص، طبعا وربما كان ذلك في عطلة قصيرة من عطل المدرسة، ساعدتني أمي رحمها الله في توضيبها وإخراجها على بساطتها، وأذكر أنني أخذتها معي إلى المدرسة، لست متأكدا إن كان التصحيح الإملائي بالأحمر عليها من معلمتي أم من أختي كريمة ، الأكيد والذي أذكره حقا سخط وانزعاج صديقي مطراني محمد وهو يرى فكرته وقد سرقت منه، وكيف أنني جنيت بدلا عنه الإعجاب والاهتمام بين الأصحاب، كانت بحق أول سرقة أدبية أقترفها رغم براءة السن ، أو لعلي أسميها الآن لحظة اقتباس، امتص فيها عقلي فكرة ثم أنتحلها في سلوك سوف يتكرر معي عبر السنوات، وإن بأشكال مختلفة. 

المشاهد:

تحدثت عن مشاهد لم أكن قد رأيتها إلا على شاشة التلفاز:

شاطئ البحر، حيوان الفقمة، الغابة، الذئاب، كوخ، نهر جاري، مدينة مزدحمة، عمارات عالية.

العقل الطفولي:

- العلاقة الإنسانية بين عائلة الفقمة (الحديث، البكاء)

- وصف صغير الفقمة بالطفل 

- وجود ولد يعيش وحيدا في غابة دون تفسيرات

- تكرار وصف الولد بالطفل

- قدرة الحيوان على فهم عواطف الإنسان

- قدرة صغير الفقمة على تعلم الكلام في وقت وجيز

- ظهور المنقذ الفارس ذو اللباس الأسود

تأثير التلفاز:

بدا جليا أثر أفلام الكرتون وحتى أفلام المغامرة والعنف على الأفكار الصغيرة في القصة.

النص الأصلي مع الأخطاء:

(في ذات يوم على شاطئ البحر تجمعة أسراب من الفقم منها الكبير والصغير وكان اليوم حارا جدّ مناسبا لتجول السواح،

وكان الفقم يعرف أن الإنسان عدوه لذا لا يحبه وكانت من المجموعة عائلة لونها أبيض للأسف أن كل عائلة لونها أسود.

وفي ذلك اليوم خرج الصيادون للصيد وقد جاء بعضهم برا والبعض الآخر عل القوارب

وعندما وصلو فاق الفقم أن الصيادون حاصروهم فبدأ كل واحد منهم يصيح إلا العائلة البيضاء.

فقتل الصيادون تقريبا كل الفقم وعندم سمعة العائلة البيضاء الرصاص هربة إلى مكان آمن من الصيادون وللحض أن الصيادون لم يرو منهم أحد.

وقالة الأم لإبنها: إذهب يا بني لا تبقى هنا الأمر خطير.

وقال الأب: نعم يا بني إذهب لتنجو بنفسك

إستجاب الطفل لأبويه و إنطلق يعدوا وهو يبكي.

وعندما أظلم الليل ذهب الطفل يزحف نحو الحشائش في الغابة ونام هناك وبعد قليل سمع أصواتا غريبة فأطل فأذا هي حيوانات موحشة ومخيفة فإرتعش الطفل من الخوف ولم يصدر صوتا حتى الصباح،

وعندما تأكد من أن الوحوش ذهبو إندفع هاربا إلى مكان آمن أكثر فوجد كوخا صغيرا وبقربه واد صغير ورأى شخصا بقربه وعلى وجهه اللطوفة فذهب إليه وغذا هو إنسان صغير يصطد السمك،

رأى الطفل الفقم الصغير فأسرع إليه وأخذه إلى كوخه وأعطهُ سمكة مما إصطدا ورباه حتى صار كبيرا ودربه على إسطياد السمك من الواد 

وفي يوم من الأيام حزن الطفل حزنا حتى بدأ يبكي رآه الفقم وقال في نفسه «لو كنت أصتطيع التكلم لساعته»

وفكر في حيلة

إسطض سمكتا وشواها وأعطاها لأطفل فلم يأكلها،

فقال بالحركات «: علمني الكلام»

فهم الطفل قصد الفقم فدربه على الكلام،

وبدهشة تعلم مدة نصف شهر وقال لطفل «: لماذا أنت حزين»

أجاب الطفل «: لأن ليس لي والدين»

فصقطت دمعة من عين الفقم،

فقال الولد «: لماذا أنت تبكي هل أثر عليك كلام.»

فال الفقم «لا لم يؤثر بل فقدت والديا وأنا أبحث عنهم.»

بعد شهور بدأ أطفل والفقم بلبحث عن العاإلة المفقودة.

فصعدو الجبال وقطعوا البحار حتى وصلوا إلى المدينة فوجدواها مليأة بالناس والسيارات والعمارات الكبراى

فأعجب الطفلا ****** را في شوارعها فدهش الناس لغرابة الطفل والفقم وبدؤو ينذرون إليهم بلا توقف

وعندما وصلوا إلى شارع ضيق مقفر ومظلم دخلو إليه وسارُ قليلا

بعد قليل إقتحمهم مجموعة من اللصوص 

كان الطفل يعتقد أن موته حان لكن فجأتا ظ******* يرتدي لباسا أسودا لا يراى م********* إلا العينين وبدء معركته مع اللصوص.

فأبتعد الولد عن المجموعة مبد *** يتفرج

أخد الفارس الطفل إلى ************* لبسه ملابس جديدة ****** له

«لماذا أتيت إلى المدين و ما هو الهدف»

*** الولد «جأت باحثا أن أبوي الفقم ******** غير (خير) هل ترشدني إلى مكا الفقم»

قال الرجل «أعرفه سندهب غدا إليه»

في الصباح فطر الطفل وقال للرجل، «هل نذهب ***** أو حتى الغذاء» 

قال الرجل «نذهب بعد أن نجهز كل شيء»

جهز الرجل ما يلزم من المواد ثم إنطلق من والطفل ، وعندما دخلو الخابة ***** 

«لا تصدر صوتا يوجد حيوانات متوحشة»).  

#مذكرة #قصة #الأسرة #المفقودة

A-lost-family-story-memo

ذاكرة : كتاب غرائب وعجائب العالم - ميشال مراد

0
كانت كتب أبي الدينية صفراء الصحف عصية علي لغة ومضمونا بل وأتذكر يوم كنت أشاهد نشرة الاخبار مع والدي ولا أكاد أفهم شيئا مما تقوله المذيعة كانت تتكلم بلغة عربية غريبة غير تلك التي كنت أفهمها بسهولة في أفلام الكرتون   ومما أتذكره مجلد سميك مليء بالصور والألوان عنوانه "عجائب وغرائب العالم" كانت أمي تخبئه في أعلى الخزانة وكنت أتحين غفلتها لأقوم بتصفحه خلسة   لا زالت عالقة بذهني صور منه كذاك الرجل الصيني الذي يجر ابنه الغريق بحبل وسط الوحل بعد فيضان عظيم وأخرى لإفريقي نحيف مات من شدة الجوع وصور أطول رجل في العالم وأقصر امرأة وبرج بيزا المائل وأضخم أشجار العالم وغيرها   لم أكن اعرف شيئا عن الفضاء لكنني كنت أعرف نيل ارمسترونغ ورحلة أبولو من هذا الكتاب طبعا ومن قسم الحضانة الذي كنت فيه، فقد اعتادت مربيتنا أن تعرض علينا تمثيلية رحلة القمر بواسطة لعب صغيرة لرواد الفضاء بمركبتهم وعربتهم القمرية كانت ممتعة وملهمة، لا أكاد أذكر من لعب الحضانة إلا هذه اللعبة وأخرى كنا نجتمع فيها لنصطاد سمكات بلاستيكية في صندوق أزرق على شكل حوض بواسطة عود صغير يتدلى منه خيط ينتهي بصنارة صغيرة، كان علينا ادخال الصنارة في حلقة بفم السمكة وكنا نتبارى اينا يصطاد أكثر، كلما أتذكر تلك الأيام أحس بعبير من الثمانينات، إنه شعور لا أعرف له وصفا، كانه شيء من أحلام الطفولة أو لعلها أيام سلام وطيبة ...  أو ربما فقط لكونها سبقت أياما عصيبة وقاسية عرفناها من بعد باسم العشرية السوداء "التسعينات".


كانت كتب أبي الدينية صفراء الصحف عصية علي لغة ومضمونا، بل وأتذكر يوم كنت أشاهد نشرة الأخبار مع والدي ولا أكاد أفهم شيئا مما تقوله المذيعة، كانت تتكلم بلغة عربية غريبة غير تلك التي كنت أفهمها بسهولة في أفلام الكرتون 

ومما أتذكره مجلد سميك مليء بالصور والألوان عنوانه "عجائب وغرائب العالم"، كانت أمي تخبئه في أعلى الخزانة وكنت أتحين غفلتها لأقوم بتصفحه خلسة 

لا زالت عالقة بذهني صور منه، كذاك الرجل الصيني الذي يجر ابنه الغريق بحبل وسط الوحل بعد فيضان عظيم، وأخرى لإفريقي نحيف مات من شدة الجوع، وصور أطول رجل في العالم وأقصر امرأة وبرج بيزا المائل وأضخم أشجار العالم وغيرها

 لم أكن أعرف شيئا عن الفضاء، لكنني كنت أعرف نيل أرمسترونغ ورحلة أبولو من هذا الكتاب طبعا ومن قسم الحضانة الذي كنت فيه، فقد اعتادت مربيتنا أن تعرض علينا تمثيلية رحلة القمر بواسطة لعب صغيرة لرواد الفضاء بمركبتهم وعربتهم القمرية، كانت ممتعة وملهمة، لا أكاد أذكر من لعب الحضانة إلا هذه اللعبة وأخرى كنا نجتمع فيها لنصطاد سمكات بلاستيكية في صندوق أزرق على شكل حوض بواسطة عود صغير يتدلى منه خيط ينتهي بصنارة صغيرة، كان علينا إدخال الصنارة في حلقة بفم السمكة وكنا نتبارى أينا يصطاد أكثر، كلما أتذكر تلك الأيام أحس بعبير من الثمانينيات، إنه شعور لا أعرف له وصفا، كأنه شيء من أحلام الطفولة أو لعلها أيام سلام وطيبة ...

أو ربما فقط لكونها سبقت أياما عصيبة وقاسية عرفناها من بعد باسم العشرية السوداء "التسعينيات". 


بشار - جانفي - 2015

#مذكرة #كتاب #غرائب #وعجائب #العالم #ميشال #مراد

Memoir-of-the-book-Strange-and-Wonders-of-the-World-by-Michael-Murad


متـــــاهة ..اللاوعي.

0
حينما نمنح جسدنا بضع ساعات للنوم راجين بدالك راحة الجسد وسكونه لانفكر اننا بذالك العمل قد اطلقنا ..او فتحنا ابواب اللاشعور او اللاوعي ليتحكم في العقل لنشر صورا وافكارا قد لايكون لها معنا معين ..اوهدف محدد..فالحلام..مثلا هي المتنفس للاشعور اوالاوعي..اضافة الى زلات اللسان والهفوات ..فكل تلك العواطف.. والاحاسيس ..والتجارب السيئة.. التي قد لاتريد ان تتذكرها او التي تريد ان تكبتها يقوم العقل او بمعنى ادق الوعي الحقيقي بدفنه او بنفيه الي منطقة اللاشعور لتكون في اطمئنان وراحة في حياتك اليومية العادية ..لاكن حينما ينام الشخص يطلق العنان الي اللاوعي ليثير بذالك فوضى....فمتلا يقول علماء النفس ان اي شخص تراه في المنام لابد لك ان تكون رايته ولو مرة واحدة ....وكدا غياب المنطق قي بعض الحالات...كرؤيتنا..لاحبائنا الذين فارقو الحياة..وكانهم معنا نتحدث اليهم..ونتعامل معهم وكانهم احياء...ورؤيتنا ونحن في بلاد اخرى...او تعيش في مكان اخر بعيد لاكن في تلك اللحظة ..بذات.. لاتشعر بالدهشة او الاستغراب..فالاستغراب والدهشة تاتيك عند استيقاظك من النوم....حقيقة هنالك عالم اخر يستحود عليه العقل وكانه سله مهملات للحياة اليومية والتجارب الشخصية ..تقوم بببعثرت عقلك ليلا...والغريب في الامر ان بعض العلماء في الرياضيات والفيزياء وجدو حلولا لمعضلاتهم وهم نائمون (في حلم)...وقد مررنا بجارب متلها سابقا..لاكن الاغرب من ذالك كله وقد يكون معروفا بين الناس والذي لا اجد له اجابة ..هو كيف لي ان صديقا ما ..او قريبا من اقربائي ..تكون اخر مرة رايته فيها بالاشهر ان لم تكن بالسنوات..فور رايتي له بالمنام..اذا بيه التقيه او اراه صبيحة النهار التالي؟؟؟
...ليس تنجيما..بل قد يكون عالم الارواح والتقائهم ليلا حقيقة؟؟؟
ويبقى قزم وعينا وادراكنا للاشياء وعيشنا لها امام هدا المحيط الشاسع للاشعور الذي لايزال في توسع والتهام تلك التفاصيل التي لانعير لها اهتماما لترسخ وتتجذر في عقولنا ولتمرة مرة هنا في حلم ..ومرة هنالك في زلة لسان.
م.م
27-01-2017

الحلم الرهيب

0

في كل ليلة..
أضع رأسي على الوسادة أرى حلما غريبا ..
مزعج ورهيب.. والغريب في الأمر أنه كان نفس الحلم يتكرر معي كل ليلة .. حاولت إخبار أحدهم علي أجد له تفسيرا ولكن دون جدوى فالكل له تأويل ..
مرت الأيام وأنا على هذا الحال أخشى النوم خيفة من الحلم الرهيب .. لم أعد أنام ليلا وإستبدلت نهاري ليلا علي أستعيد بعضا من طاقتي التي أنهكها الأرق  ولكن سرعان ماعاد الحلم يطاردني ..
في أحد اليالي وأنا جالس وحدي كعادتي أنظر إلى نفسي وإلى الحال التي وصلت إليها ..فإذا بي أسمع صوت أنين يأتي من آخر ركن بالشارع الذي كنت أجلس فيه .. كان أشبه بصوت بكاء طفل صغير جائع ، يتألم وكان أنينه بالكاد يسمع .. ذهبت مسرعا أتفقد المكان وما إن وصلت كانت الصدمة ...
كان صبي في الرابعة أو الخامسة من العمر هزيل وعينآه مرهقتان يرتدي ملابس رثة ..إقتربت منه وحملته بين ذراعي .. نظر إلي نظرة شاردة..
وقال :" أنا الحلم الذي يطاردك كل ليلة ويقتل فيك الحياة  إن شئت أقتلني الآن وتعيد حياتك السابقة وإن شئت أتركني أجول في أرجاء مخيلتك وأستنزف منك الحياة " .. إرتعبت جدا بعد سماعي لما قاله..  ثم نظرت إليه نظرة شفقة  وضعته جانبا وقررت التخلي عنه والمضي في طريقي ...
رد علي قائلا : "أي درب أنت سالكه فأنا ملاقيك "
قلت : "لابأس .. إن كنت أنت الماضي الذي إجتزته فسأعتبرك مجرد ذكرى وإنقضت وإن كنت المستقبل فأنا مواجهه لا محالة .."
وأما الآن فأنا ما عدت أخشى الحلم الرهيب .

#قصة_قصيرة
#سلسلة_كن أنت
@Amina
#be yourself

باسكال في كاليفورنيا -12- إلى وقت النهاية

0
إذن ... فعلى المؤمنين ترقب العلامات ... ولكن ماذا عن رجسة الخراب هذه ...؟ بني ... هي من كلام النبي دانيال الذي رأى في رُأياه نبأ آخر الزمان وأحداثه ... فيها كلام كثير لست أدري إن كنت تستطيع استيعابه ...؟ أبتي ... ما جئت من كاليفورنيا إلى هنا وتركت عملي .. إلا لأستوعب هذا الكلام  حسنا بني ... لعلك وحدك من يبحث عن مثل هذه الأخبار في زمننا هذا (وأخرج من درجه الكتاب المقدس ثم تناول نظاراته وهو يقول)... اسمع .. كان دانيال نبيا عظيما من انبياء اليهود عندما كانوا أسرى في مملكة بابل العظيمة ، قبل الميلاد زهاء السبعة قرون ... وبلغ من مجده أن صار وزيرا لملوك متعاقبين على الحكم هناك ... وكان يرى في منامه أحداثا سرعان ما تحققها الأيام ، وكان يكتم بعضها بأمر من ملاك الله ويكتبها سرا ،لأنها من خبر آخر الأيام ... يقول في واحدة منها :( أن الدجال يشتد غيضه على المتمسكين بالعهد المقدس .. فيتخذ له بطانة من الذين خانوا عهد الله .. فيحرك أذرعه الخفية لتُنجس المقدِسَ الحصين ... و تبني الرجس المخرب عليه ... فيغوي الناس على نكث عهد الله بزخارف الحياة ... أما المؤمنون الذين لم يرتابوا في ربهم فيثبتون ويجاهدونه ... وأصحاب الفهم من المؤمنين يُعلِمون كثيرا من الناس .. فينزل الدجال بهم ضربا بالسيف والنار والسبي والنهب أياما ... وكلما انهزم المؤمنون لا يجدون من العون إلا قليلا .. فتتصل بهم أطراف كثيرة تعرض عليهم عروضا لينكثوا عهد الله ... حتى أن بعض الفاهمين يتعثرون امتحانا لهم وتطهيرا من الله للمؤمنين ... وسمع دانيال في الرؤيا قديسا من قديسي الله يقول :" إلى متى تبقى معصية الخراب على القدس ويبقى جند الله مدوسين ..؟" فأجابه قديس آخر :" ماهي إلا ليالي وأيام حتي يتبرأ القدس من هذا الرجس ".... ثم إن كثيرين سوف يُغربَلون ويمحصون ويُطهرون ... فيتيه الأشرار غير مدركين لما يجري .. ووحدهم الفاهمون يفهمون ... فطوبى لمن انتظر ... وإذا على سحب السماء كأن ابن الإنسان أتى .. ونزل بين الأطهار، فقربوه قدامهم ... فأعطي سلطانا ومجدا وملكوتا وذلت له شعوب الأرض كلها ...) ولما أتم دانيال الرؤيا قال له ملاك الرب :« أَمَّا أَنْتَ يَا دَانِيآلُ فَأَخْفِ الْكَلاَمَ وَاخْتِمِ السِّفْرَ إِلَى وَقْتِ النِّهَايَةِ. فكَثِيرُونَ سيَتَصَفَّحُونَهُ وَالْمَعْرِفَةُ ستَزْدَادُ». ثم أغلق الأب الكتاب وانتظر تعليقا من بيلي الذي أذهلته هذه الكلمات

كتبت يوم ما من أيام عام 2011 م

إلى وقت النهاية

إذن ... فعلى المؤمنين ترقب العلامات ... ولكن ماذا عن رجسة الخراب هذه ...؟
بني ... هي من كلام النبي دانيال الذي رأى في رُأياه نبأ آخر الزمان وأحداثه ... فيها كلام كثير لست أدري إن كنت تستطيع استيعابه ...؟
أبتي ... ما جئت من كاليفورنيا إلى هنا وتركت عملي .. إلا لأستوعب هذا الكلام 
حسنا بني ... لعلك وحدك من يبحث عن مثل هذه الأخبار في زمننا هذا (وأخرج من درجه الكتاب المقدس ثم تناول نظاراته وهو يقول)... اسمع .. كان دانيال نبيا عظيما من انبياء اليهود عندما كانوا أسرى في مملكة بابل العظيمة ، قبل الميلاد زهاء السبعة قرون ... وبلغ من مجده أن صار وزيرا لملوك متعاقبين على الحكم هناك ... وكان يرى في منامه أحداثا سرعان ما تحققها الأيام ، وكان يكتم بعضها بأمر من ملاك الله ويكتبها سرا ،لأنها من خبر آخر الأيام ... يقول في واحدة منها :( أن الدجال يشتد غيضه على المتمسكين بالعهد المقدس .. فيتخذ له بطانة من الذين خانوا عهد الله .. فيحرك أذرعه الخفية لتُنجس المقدِسَ الحصين ... و تبني الرجس المخرب عليه ... فيغوي الناس على نكث عهد الله بزخارف الحياة ... أما المؤمنون الذين لم يرتابوا في ربهم فيثبتون ويجاهدونه ... وأصحاب الفهم من المؤمنين يُعلِمون كثيرا من الناس .. فينزل الدجال بهم ضربا بالسيف والنار والسبي والنهب أياما ... وكلما انهزم المؤمنون لا يجدون من العون إلا قليلا .. فتتصل بهم أطراف كثيرة تعرض عليهم عروضا لينكثوا عهد الله ... حتى أن بعض الفاهمين يتعثرون امتحانا لهم وتطهيرا من الله للمؤمنين ... وسمع دانيال في الرؤيا قديسا من قديسي الله يقول :" إلى متى تبقى معصية الخراب على القدس ويبقى جند الله مدوسين ..؟" فأجابه قديس آخر :" ماهي إلا ليالي وأيام حتي يتبرأ القدس من هذا الرجس ".... ثم إن كثيرين سوف يُغربَلون ويمحصون ويُطهرون ... فيتيه الأشرار غير مدركين لما يجري .. ووحدهم الفاهمون يفهمون ... فطوبى لمن انتظر ... وإذا على سحب السماء كأن ابن الإنسان أتى .. ونزل بين الأطهار، فقربوه قدامهم ... فأعطي سلطانا ومجدا وملكوتا وذلت له شعوب الأرض كلها ...) ولما أتم دانيال الرؤيا قال له ملاك الرب :« أَمَّا أَنْتَ يَا دَانِيآلُ فَأَخْفِ الْكَلاَمَ وَاخْتِمِ السِّفْرَ إِلَى وَقْتِ النِّهَايَةِ. فكَثِيرُونَ سيَتَصَفَّحُونَهُ وَالْمَعْرِفَةُ ستَزْدَادُ».
ثم أغلق الأب الكتاب وانتظر تعليقا من بيلي الذي أذهلته هذه الكلمات 
أظن .. انه لا يزال أمامي الكثير لأبحث عنه ... كلما طلبتُ جوابا ، ظفرت بأسئلة جديدة ... (قال بيلي) .. لكن أبتي إن كان المسيح طالب المؤمنين بالصبر و بالوقوف شاهدين بالحق أمام الأمم ... و دانيال يصف أعداء الدجال بأنهم يُعلمون الناس ... فأين هم هؤلاء الصادعون بالحق والمعلمون ..؟ 
(فنظر إليه الأب ،ثم قال) إنهم موجودون .. لكنهم مختفون لأنهم مضطهدون ... ومهددون بالقتل يا بني ..
فكيف يجتمع الاختفاء والخوف مع الشهادة بالحق أمام جميع الأمم ..؟
بني ... لا تتعجل الفهم ... فلا تزال هنالك الكثير من الخفايا التي لا تعلمها و لا يعلمها حتى العجوز الجالس أمامك، الذي أمضى عمره كله في البحث عنها ... لأجل ذلك .. فالمسير في طريق الأسرار المقدسة يحتاج صبرا وطول نفس يا بني
وبعدما آنس الأب من بيلي الاكتفاء .. بادره بالكلام :
أما وقد حاولتُ أن أجيب عن أسئلتك الصعبة ، فاسمح لي أن أسألك سؤالا واحدا ... من أين لك بهذه المعلومات عن مسايا اليهود ..؟
من صفحات الإنترنت طبعا ..
إذا فهي فكرة سيئة .. بني ... كان الأجدر بك أن لا تقع كالفراشة الضعيفة في شبكة العنكبوت الرهيبة هذه ... كان الأجدى والأكثر أمانا لك أن تقصد المكتبات وتتصفح أوراق الكتب هناك ... فلتحترس أكثر بني 
لكن بيلي لم يعقب على كلام الأب ولزم الصمت ، 
ثم ودعه وقفل عائدا ... في المطار اتصلت به آنا جزعة وهي تقول له :
لقد جاءنا اليوم رجل ادعى أنه من الشرطة الفدرالية .. سأل عنك وعن عملك ، وطلب رؤية غرفتك لكننا تحججنا بغيابك ومنعناه ...
لا يحتاج الأمر إلى كل هذا الجزع .. فلا تقلقي .. أعتقد انها مخالفة إنترنت ، جاء الرجل ليستفسر عنها .. ليس أكثر 
وفي الطائرة أخذ يفكر بيلي في كل ما يجري من حوله وفي كلام الأنبياء الذي سمعه من الأب .. هل تراها محاولات لإرهابه وثنيه عن مواصلة طريقه في البحث عن الحقيقة ... هل بعد كل الذي عرفه يتراجع ... هل يلقي بكل هذه النبوءات خلف ظهره ... كان يتساءل عن أطهار الله الذين لا يخافون الجهر بالحق .. فلم لا يكون واحدا منهم وقد لاحت الفرصة أمامه ليختبر عزمه ... فعزم على أمره .. ما الذي سيخسره ..؟ .. بعد أن خسر نصف جسده في الحادث .. كم بقي أمامه ليعيشه في هذه الدنيا ... فلم لا يجعل لأيامه الباقية معنى ... ويعيش لفكرة تستحق الحياة والموت لأجلها ... هكذا عزم بيلي وأضمر في قلبه . 
في كاليفورنيا ... حاول بيلي طمأنة الجميع بأن الأمر ليس أكثر من مشكلة على الإنترنت .. ثم اختلى بآنا وقال لها :
ركزي معي جيدا .. فثمة أمر خطير يحدث من حولنا .. وأحتاج مساعدتك .. اسمعي جيدا ، سوف تصلك رسائل إلكترونية باسم مستعار هو "باسكال" حاولي أن ترسليها إلى أكبر عدد ممكن من الأصدقاء عندما أطلب منك ذلك ...
ما الأمر بيلي ... ما الذي يحدث ..؟
لا أستطيع أن أشرح لك كل شيء الآن ... لكنك إذا قرأت تلك الرسائل ، ستفهمين الموضوع ...
ثم اختلى ببيتر وديفد كل على حدى وطلب منهما نفس الشيء ...
وفي المساء عمد بيلي إلى الدخول إلى الإنترنت هذه المرة باسمه المستعار "باسكال" وسارع بإنشاء مجموعة من المواقع المتفرقة ونظم معلوماته التي جمعها بشكل مقالات محددة ،قام بنشرها على دفعات ثم بدأ بإرسال رسائله إلى كل من تمكن من الظفر ببريده الإلكتروني ... واستمر يعمل طيلة الليل ... 
في الصباح وعندما خرج من غرفته .. وجد رفاق سره ينظرون إليه نظرات كلها دهشة واستغراب لكن أحدا منهم لم ينبس بكلمة ... واستمر عملهم كعادته .. وفي المساء أقبل ديفد قلقا وقال لبيلي:
يجب أن نرحل فورا من هنا (فاعترضته آنا مستفسرة ، فقال لها)
هناك سيارتا شرطة معهما سيارة سوداء مصفحة في طريقها إلى هنا 
ما العمل غذا قال بيتر ..؟
يجب ان اختفي مع بيلي .. وإن سأل أحد عنا .. قولا أننا ذهبنا إلى المتنزه العام 
وفي غمرة العجلة حمل بيلي معه حاسوبه المحمول وشرائح الذاكرة ، ثم ركب مع ديفد في سيارته وأقلعا عبر طريق خلفي ملتوي ... ولم تمضي غير لحظات حتى حاصرت الشرطة المكان وأخذت تبحث عن بيلي وعندما لم تجده بدأت في التحقيق مع أفراد الفريق ...
ركن ديفد سيارته عند بيت أحد أصدقائه ... ثم طلب من صديقه السماح له باستعارة سيارته ، ولما قبل الصديق استبدل ديفد وبيلي سيارتهما وأقلعا :
إلى أين تعتقد أنه يمكننا الذهاب الآن بيلي ..؟ (قال ديفد) 
إلى فانكوفر .. ليس هناك مكان آخر ..
فانكوفر ..؟ .. سيكون الطريق طويلا و يعج بنقاط التفتيش ..؟ (ثم التفت نحو بيلي) ليس هناك أفضل من هذا يا صاااااح ... 
لم تفعل هذا ..؟
ماذا ..؟ لم أسمعك جيدا ..؟
أقصد .. لم تخاطر بنفسك من أجل شخص مجنون مثلي ..؟
هههههههههههههه .. انت مجنون حقا... تطاردك الشرطة الفدرالية .. ومطلوب لدى الأمن المركزي ... لا يحظى المرء دائما بفرصة رائعة كهاته ... سوف تظهر صورتك على شاشات التلفزة ، ألم أقل ذلك لك ..؟ أتمنى ان يختاروا لي صورة جميلة ... اسمع لا تخشى شيئا ... فقد تبادرت الآن لعقلي الداهية ،فكرة عبقرية ... أعرف كيف سنجتاز حقل الألغام هذا ... سوف نصل إلى فانكوفر عبر طرق فرعية من ابتكاري ...
أووه .. يا إلهي .. لقد نسيت دوائي ...
هذا خبر جميل ... والأجمل منه انني نسيت محفظة نقودي (قال ديفد وهو يبتسم).
و استمر مسيرهما متقطعا .. لكن ديفد عرف كيف يستفيد من بعض معارفه على الطريق ... وبدأت أعراض المرض تبدوا على بيلي من جراء عدم تناوله للدواء .. فكان يتحامل على نفسه ولا يريد أن يُظهر أي ضعف ...
في كاليفورنيا صادرت الشرطة كل حاجيات بيلي وانصرفت ... فساد الصمت والوجوم على المركز وأفراده الذين لم يستوعب بعضهم ما يجري .. وبقيت آنا مع بيتر في حيرة .. لا يدريان ما يعملان ... لا يستطيعان التواصل مع ديفد وبيلي فالخطوط مراقبة .. وآنا أكثر قلقا من أن يتسرب الأمر إلى أم بيلي ...
وبعد سفر طويل وصل الهاربان إلى ضواحي فانكوفرن وبيلي في حالة يرثى لها ... فأوصى ديفد بأن يتصل بالأب توماس ويخبره بالأمر بعد أن هداه إلى مكانه ... ولم يطل الامر حتى عاد ديفد مع الأب توماس في سيارته وهما يحملان معهما الدواء لبيلي ... ثم انطلق الثلاثة نحو دير الشهداء ...
ما الذي دعاك لتفعل ما فعلت يا بني ..؟
الداعي الذي دعا باسكال لكتابة رسائله الريفية .. يا أبتي 
بني ... لقد سلكت طريقا لا يسلكها إلا قدوسوا الله وأطهاره ... وإني لأدعو الله لك بالحفظ والبركة ... فليباركك الرب الرحيم ... بني ... بعد هذا لم يعد لك مقام في هذه البلاد ... إن أخذت بمشورتي فسيؤامن لك العبور إلى كندا عبر أصدقائي من الهنود .. سوف تجد بمعيتهم الأمن من ملاحقة هؤلاء الذئاب ... وبعدها الله الرحيم يتخد لك سبلا ...
شكرا أبتي ... لكن قبل ذلك لا يزال علي فعل شيء ما دمت على هذه الأرض ... (ثم التفت نحو ديفد) إنها ساعت "الرسائل الانشطارية" هل أنت مستعد للمضي قدما معي في هذه المغامرة ..؟
أنت تعجبني يا صاااح.. لم تخيب ظني
إذن ولحظة عبورنا للحدود قل لآنا وبيتر أن يفجرا الرسائل عبر الشبكة.
ثم انطلق الجميع عبر الغابة والتقوا بالهنود مثلما خطط الأب توماس ... ولحظة الوداع .. وديفد يتصل بآنا ... اقترب الأب من بيلي و الدموع تسيل على خديه من شدة التأثر .. ثم حضن بيلي وقال :
بني سامحني ... لقد قصرت في حقك كثيرا ... أنت تستحق أكثر مما أخذت بكثير ... أذكرني بدعائك فإن قلبك نقي وطاهر ... (ثم أخرج كتابا من جيبه) .. سامحني بني .. فلم املك الجرأة لأقول لك الحقيقة كاملة ... الحقيقة التي تبحث عنها ستجدها في هذا الكتاب (ثم دسه في ملا بس بلي) 
ثم أقبل ديفد مستبشرا كعادته:
تهانينا أيها القائد المحترم ... لقد تمت العملية بنجاح 
وتم الوداع سريعا ... واخترق الهاربان الحدود مع الهنود ... وفي طريقه أخرج بيلي الكتاب ليقرأ على غلافه "إنجيل برنابا".

باسكال في كاليفورنيا -10- الأمن القومي

0
في الغد لم يمهل الأب بيلي ، وقام يحزم متاعهما ثم ركبا معا في السيارة وانطلقا نحو فانكوفر ... ومن ثمة وبعد استراحة خفيفة توجها إلى المطار حيث ودع الأب بيلي وداعا حارا وهو يتمنى له النجاح في عمله ...  في الطائرة ، بيلي على مقعده الخاص لم يهضم جيدا تصرفات الأب توماس ... وكأنما يخفي أشياء كثيرة ... أو ربما لم يحز بيلي على ثقته التامة ... مهما كان الأمر فما قاله عن أبناء الشيطان وسيطرتهم على الحياة في الولايات المتحدة ، كان خبرا صدمه صدمة شديدة ... فعزم بيلي على التحقق من الامر بنفسه حالما يصل إلى كاليفورنيا ...  في المطار وجد بيلي آنا في انتظاره، فأقبلت نحوه وهي تقول :  أنا مدينة لك بعشاء فاخر أيها الشقي ... أمك لم تنقطع يوما عن الاتصال بي طيلة هذا الأسبوع ، وأنا مسترسلة في خداعها ، ... نعم لقد تناول دواءه .. اجل هو بخير ...  إن كان هذا كل ما تطلبينه مقابل هذه المغامرة .. فهو قليل  هل لديك عرض أفضل ..؟  أجل ... اخبرك بسر ذهابي إلى فانكوفر  أوه .. نعم .. هذا عرض جيد أقبل به  لكن ليس الآن ..  يا لك من مخادع ...

كتبت يوم ما من أيام عام 2011 م


الأمن القومي 

في الغد لم يمهل الأب بيلي ، وقام يحزم متاعهما ثم ركبا معا في السيارة وانطلقا نحو فانكوفر ... ومن ثمة وبعد استراحة خفيفة توجها إلى المطار حيث ودع الأب بيلي وداعا حارا وهو يتمنى له النجاح في عمله ... 
في الطائرة ، بيلي على مقعده الخاص لم يهضم جيدا تصرفات الأب توماس ... وكأنما يخفي أشياء كثيرة ... أو ربما لم يحز بيلي على ثقته التامة ... مهما كان الأمر فما قاله عن أبناء الشيطان وسيطرتهم على الحياة في الولايات المتحدة ، كان خبرا صدمه صدمة شديدة ... فعزم بيلي على التحقق من الامر بنفسه حالما يصل إلى كاليفورنيا ... 
في المطار وجد بيلي آنا في انتظاره، فأقبلت نحوه وهي تقول : 
أنا مدينة لك بعشاء فاخر أيها الشقي ... أمك لم تنقطع يوما عن الاتصال بي طيلة هذا الأسبوع ، وأنا مسترسلة في خداعها ، ... نعم لقد تناول دواءه .. اجل هو بخير ... 
إن كان هذا كل ما تطلبينه مقابل هذه المغامرة .. فهو قليل 
هل لديك عرض أفضل ..؟ 
أجل ... اخبرك بسر ذهابي إلى فانكوفر 
أوه .. نعم .. هذا عرض جيد أقبل به 
لكن ليس الآن .. 
يا لك من مخادع ... 
وعادا معا إلى مركز الأبحاث حيث لقي بيلي استقبالا حارا من فريق العمل ، ثم طلب ديفد من الجميع السكوت وقد جاء بهدية كبيرة مغلفة يجرها حتى قدمها إلى بيلي وطلب الجميع منه فتحها ... فإذا بها كرسيا متحركا آليا ذو دفع ذاتي وتحكم تقني عالي الجودة ... لم يخفي بيلي فرحته ، ولم يعرف كيف يشكر زملائه على هذه اللفتة الرائعة ... 
في المساء بعد الحفلة الجميلة التي أقيمة على شرفه ورغم التعب الذي تملكه بعد رحلاته الطويلة ، لم يخلد بيلي إلى النوم قبل أن يتصفح الإنترنت ، فقد عزم على تتبع المفاتيح التي ظفر بها من كلام الأب توماس، فأخد يجمع المعلومات عن محافل الماسون و تاريخ جمعية "بناي برث" ومقدار نفوذ قادتها وأعضائها في الحياة السياسية والاقتصادية للولايات المتحدة ... فاندهش لمدى ارتكاز الدوافع السياسية على البعد الديني ، ومدى حضور الخلفية الدينية في خطابات الزعماء السياسيين المؤثرين في البلد ... ثم تساءل .. كيف يعمد هؤلاء إلى إفراغ المحتوى العلمي من كل مدلول ديني ثم يقحمون التفسير الديني في أشد القضايا حساسية للأمة ... ثم استمر يجمع معلوماته عن الرموز الدينية والسرية في الطقوس الماسونية ... ليقف على دلالات رمزية معقدة ومتداخلة تجمع خليطا من المعتقدات والأديان لكنه استطاع ان يخلص منها إلى أن هؤلاء الناس يعملون على تمهيد الطريق أمام ملك سوف يظهر قريبا ، يملك العالم ويحكم باسم الرب، وبحسب التعبير اليهودي فهو "مسايا" ينتظره اليهود منذ آلاف السنين ، يعيد لليهود سيطرتهم على جميع الشعوب ويحكم العالم كله من أورشليم حيث هيكله المقدس ... 
ثم وقف على بعض الكلام عن وجوده فعلا في الوقت الحاضر ، وأنه يحكم العالم فعلا عبر حكومة خفية تسيطر على القرار في الأمم المتحدة ومجلس الأمن والبنك الدولي ... وكيف أن أغلبية الموظفين في هذه المؤسسات العالمية ينتمون إلى الماسونية ، وكيف ان هذه التنظيمات السرية هي أصلا من سعت إلى إنشاء هذه المؤسسات منذ عصبة الأمم ، وكيف لم يخفوا في خطبهم البعد الديني لمخططاتهم ... ثم قادته شبكة المعلومات هذه إلى تتبع شكل سيطرتهم على القرار في الولايات المتحدة ذاتها عبر لوبيات متعددة وحضور قوي في الكونغرس ومجلس الشيوخ ، وتحكمهم في المصالح الحيوية للبلاد من شركات الطاقة والبترول ، إلى شركات صناعة الأسلحة ... وكيف يتبجح بعضهم بالقول انهم من صنعوا أمريكا القوية ... ثم توالى ظهور نافذة في وجه بيلي تقول (عذرا .. ممنوع تصفح هذه الملفات .. خطر يهدد الأمن القومي) كلما أراد المضي قدما في بحثه ... لكن بيلي ابتسم ، لأنه يعرف جيدا كيف يتعامل مع مثل هذه الانظمة الأمنية ... 
في الصباح استيقظ بيلي متعبا من طول سهره في الليل ، قدمت له آنا فطوره الصباحي وساعدته على ركوب كريسه الآلي ، ثم أخذ جولة به في أرجاء المركز ... كان كرسيا رائعا ، سهل القيادة ، سلس الحركة ونظامه سريع الاستجابة لأوامر بيلي ، 
ثم التحق مع آنا بباقي أعضاء الفريق في مركز المعلومات حيث اطلع بيلي على آخر أخبار الإشارة .. وآخر أخبار برنامجه الذي كان يحتاج بعض التعديلات بحسب طلب المسؤولين .. فانهمك مع البقية في محاولة إعادة برمجته من جديد ... 
ومضت بضع أيام على تلك الحال ، في الصباح يعترك بيلي مع البرنامج والإشارة .. وفي المساء ينغمس في حل الشبكة المعقدة لأسرار أبناء الشيطان .. 
وذات مساء في وقت الراحة ، وأعضاء الفريق يتسلون خارجا بكرة السلة .. أخذت آنا تتجول مع بيلي : 
كنت قد وعدتني بكشف سر ذهابك إلى فانكوفر .. 
نعم ولازلت على وعدي .. 
إذا ..؟ 
ليس بهذه البساطة آنا .. الامر أشد تعقيدا من أن أكشفه هكذا في جلسة واحدة 
أوو .. يبدوا أمرا خطيرا .. فلتكشفه مجزأً إذا.. وهلم لي بجزئه الأول الآن .. بيلي.. 
هههه .. عنيدة كعادتك 
لست أكثر عنادا منك .. لكنني أطالب بحقي معك .. أم انك لا تثق بي ..؟ 
لا آنا .. لا تقولي هذا .. فليس هناك من أحد أقرب إلي منك .. ولن أنسى فضلك علي ما حييت .. الأمر وما فيه ليس شيئا شخصيا أريد أن أخفيه عنك .. الأمر وما فيه عبارة عن ... كيف يمكن أن أشرح لك ... 
إنه قلق عميق في داخلي تجاه ما نعمل الآن آنا .. هل لهذا الجهد من جدوى وراءه ..؟ 
أعنى هل نعرف جيدا ما نحن بصدد البحث عنه ..؟ 
أظن أنني لم أعد مقتنعا بجدوى البحث عن إشارة لفضائيين من السماء .. 
ما الذي دهاك بيلي.. أبعد كل هذا الجهد وهذه النتائج تقول هذا ..؟ 
إن أردت الصراحة آنا ... فإني أصبحت اكثر اقتناعا بأننا نبحث عن الله في السماء 
نبحث عن الله ..؟ 
أجل آنا ... ونحن لا ندري ... الله هو الحياة التي نبحث عنها في أقاصي الكون ... ليس هناك من حياة هناك .. في الآفاق إلا ملكوته .. حيث تختفي الأسرار ... هل تعتقدين أن بإمكاننا ، بهذه التكنلوجيا الأرضية، أن نخترق أسوار مملكته العظيمة ... كلا آنا ... لن نستطيع أبدا أن نطل على العالم الآخر من خلال عدسة تليسكوب . 
بيلي كلامك هذا بدأ يخيفني ... ما الذي وجدته في فانكوفر حتى غير تفكيرك هكذا.؟ 
لا آنا .. تفكيري هذا هو الذي اخذني إلى هناك .. ألم أقل انك لن تستطيعي فهمي .. 
لا بيلي اسمع ... أنا لا انكر وجود الله .. أنا مؤمنة وإن كنت لست مواظبة على الذهاب إلى الكنيسة ... لكن هذا شيء ذاتي لا أخلطه بأمور عملي وحياتي العلمية .. لكل مجاله ... الحياة الروحية لها مجالها الخاص بها 
هنا لب المشكلة آنا ... إن كان لكل مجاله الخاص حقا .. فلمَ يعمد ساستنا إلى الخلط بين السياسة الدين .. أليست خطبهم وكأنها آيات من التوراة والإنجيل ..؟ 
إنها بروباغاندا معهودة ... إنه اللعب على العواطف الدينية للشعب من أجل المكاسب الانتخابية 
لا آنا ... هذه خدعة ... الامر اكثر بعدا من هذا ... على كلٍ .. هذا هو الجزء الاول من الحقيقة .. ويبدوا انك لم تستطيعي استيعابه ... 
ليلا في مخدعه ، وجد بيلي رسالة تحذير في بريده الإلكتروني تقول: 
بيلي ميللر ، لقد خالفت القوانين بتعديك على خصوصية المواقع التالية ... مخالفتك هذه تقع تحت جنحة القرصنة وتهديد الامن القومي ... 
انت ممنوع من استعمال حساباتك الخاصة لمدة ... 
عليك دفع غرامة تعويضية للأضرار الناجمة عن تعديك ... 
بيلي كان يتوقع شيئا من هذا القبيل ، فعمد إلى إفراغ معلوماته التي جمعها وخزنها في شرائح للذاكرة ، وأخذ يفكر في خطوته التالية ، إنه يفكر اكثر في طبيعة تجاوب آنا مع كلامه .. وبدأ يحس بمقدار المسؤولية التي يتحملها تجاه أصدقائه الغافلين عن هذه الحقائق ، يجب ان لا يبقى مكتوف الأيدي ... يجب على أحدهم ان يتحمل مسؤولية كشف الحقائق للناس جميعا ... يجب أن لا يطمئن أبناء الشيطان هؤلاء إلى غفلة الناس وسذاجتهم بعد الآن ... يجب على أحدهم أن يضحي بحياته من أجل البسطاء من الناس ... وبيلي مستعد ليكون ذلك المغامر ... 
لكن قبل ذلك ، لا تزال بعض الغوامض تحتاج إلى إيضاح أكثر...

باسكال في كاليفورنيا -9- الرجل المستنير

0
الرجل المستنير  كان بيلي جائعا ، فأكل مما اعطاه الأب وأبقى منه شيئا تقدم به نحوه وقدمه إليه قائلا : أبتي .. لم تأكل شيئا منذ الصباح .. (فأشار إليه الأب بيده ، أنه لا يريد أكلا) ففهم بيلي أنه صائم ، ... ثم تذكر بيلي دواءه فذهب يتفقد حقيبته ، وبعدما تناول دواءه عاد إلى مكانه ولزمه يراقب الأب توماس وهو يتقلب بين التلاوة والصلاة في خشوع حتى أشفق لحاله ... ثم غلبه النعاس فنام  ثم دخل غابة الأحلام .. وإذا هو بسهل أخضر فسيح ونسيم عليل يتخلله ، ثم ها هو ذا الرجل المستنير ينضم إلى حلقة من الناس تجلس فيه مجتمعة تنصت إلى رجل قد توسطهم جالسا على كرسي منير ... من شدة نوره لم يتمكن من تبين ملا محه ... ثم أفاق وإذا بالصباح قد أطل ، وقد تغلف برداء سميك غطّاه به الأب وهو يغط في نومه ، أما الأب فلم يكن في القاعة ... لقد خرج ليحضر الماء ... ولما عاد شرع يطهو شيئا من القهوة لبيلي ... لكنه لم ينبس ببنت شفة ، كان يكتفي بالإشارة إلى بيلي إذا أراد شيئا ما .. واستمر في صومه وتلاوته وصلاته ، واستمر بيلي يراقبه ... حتى انقضى اليوم الثاني كسابقه .. وخشي بيلي أن ينقضي الأسبوع كله هكذا .. وفي اليوم التالي أخذ يعمد بيلي إلى تحضير الطعام بمفرده ، وأخذ يحاول أن يسعى في بعض حاجيات الأب من غير أن يطلب منه ذلك .. وأصبح يتعود على سكينة الدير شيئا فشيئا .. أحس أن ضوضاء المدينة وصخبها كان معششا في مسمعه يشوش عليه نغم الحياة الرقيق من حوله .. وأن العيش بين جدران الإسمنت والفولاذ ، محاطا بالألمنيوم والبلاستيك يؤثر في الذات ، يُبَلد التفكير ويميت الإحساس .. لأنه يعزلها عن الحياة .. عن التربة الناعمة الفواحة ، عن خرير المياه الباردة العذبة ، عن الخضرة الرطبة النظرة ... هكذا أصبح بيلي يتنسم الحياة كل صباح ...  وفي مساء اليوم الأخير، أتم الأب صلاته وصومه ونزع عنه لباس الرهبان وانضم إلى بيلي في المطبخ يحضران العشاء في جو من المرح ... ثم جلسا معا على الطاولة يتناولان الطعام ... فقال الأب لبيلي: بني .. هل تذكر الدعاء الذي صليتُ به لحظة وصولنا إلى هنا ..؟ أجل أبتي .. تلك الكلمات .. كانت من أول موعظة للمسيح وعظ بها الناس في أورشليم ... يجب أن تعرف يا بني .. أن أعداء المسيح الذين حاربوه وأرادوا قتله ، لا يزالون إلى يومنا هذا يحاربون كل ناطق بالحق ومدافع عن الحقيقة، ويسعون في قتله .. يجب أن تعرف يا بني .. أنهم يكرهون الحق والحقيقة ، ليس لأنهم جاهلون بالصواب .. أو لأن ذلك يعارض مصالحهم ... كلا ... بل لأنهم متحالفون مع الشيطان .. نعم يا بني .. حقيقة وليس مجازا أقول هذا لك ... إن آمنت من كل قلبك بأن الله موجود في السماء يراقبنا .. ويرسل رسله إلينا ليبلغونا أوامره بالتزام الحق ... فستؤمن بأن الشيطان كامن في قاع المحيط يحضر لمكيدة كبرى بهذا الجنس البشري ... ويرسل أبناءه ليحكمونا ويستبدلوا الحق الذي نزل من السماء ، بالباطل الذي اختلقوه ... بني ... لست في معرض سرد حكاية خيالية لك ، ولا في اجترار أسطورة قديمة ... إنني أقسم على الحق الذي أتكلم به الآن لك ... الحق والحق أقول لك .. إن أبناء الشيطان قلة ، لكنهم يمتلكون زمام هذا البلد في أيديهم ، قلة قليلة لكنها كحية عظيمة ، رأسها في نيويورك ، وعيناها في هوليود .. تلتهم في بطنها كل ثروات هذا البلد ومقدراته ، وأذنابها تجلجل من كل مكان ... بني .. أقسم لك على الحق .. لأنهم يهود ... ولأني يهودي منهم كبرت فيهم وأعرفهم جيدا ... ليست قصصا سمعتها ... ولكنها حقائق رأتها عيناي ... هم من أشاعوا في الناس الكفر والإلحاد باسم العلم ، لتظل اعينهم مغلقة عن الحقيقة ، وليخلُوَ لهم الجو لينفذوا خطط ابيهم الشيطان وهو يتحضر للخروج إلى العالم ... وقد قربت ساعته .. بني .. يجب أن تعلم بأنهم حريصون على ان تبقى أعين الناس مغلقة ، حريصون على ان تبقى طموحات الشباب من امثالك ساذجة ، ضحلة وحقيرة ... فإذا ما قام رجل نزيه يدعوا الناس ليفتحوا أعينهم على الحقائق ، أغلقوا فمه بكل وسائلهم الخبيثة وإذا فشلوا لم يتورعوا عن قتله .. مثلما قتلوا فورستال ، وزير الدفاع في حكومة ترومان، ثم زعموا أنه انتحر ... هكذا يا بني لا يسلم منهم شخص مهما كان منصبه ، لأنهم يقبضون على كل شيء بين أيديهم الملطخة بدماء الطاهرين ...  كيف ذلك أبتي ..؟ .. ومنذ متى ..؟ منذ دهر بعيد بني ... بلدنا هذا ليس إلا مرحلة من المراحل بالنسبة لهم ، حتى إذا استنزفوا خيراته، تركوه جثة هامدة وركبوا بلدا آخر ليجلدوا شعبه كالدواب، من أجل تنفيذ مخطط أ بيهم ...  أي مخطط ..؟ الشيطان يا بني يريد أن يحكم العالم كله بواسطة أبناءه ... فإذا ما سيطر عليه سيطرة كاملة خرج على الناس ونصّب نفسه إله على كل الأرض ...  لقد حاول ذلك أكثر من مرة ومنذ دهور بعيدة ، لكنه كان دائما كلما اقترب من هدفه يأتي أنبياء الله والقديسون ليحطموا أهدافه وينقذوا البشر من مخالبه ... بني .. لكم عانى الأطهار أحباب الله من العداء والمكر والمكيدة ... لا لشيء إلا لأنهم ارادوا الخير للبشر كل البشر ... أرادوا أن يذكروهم بحقيقة عدوهم .. بأنه الشيطان الكامن لهم في أعماق المحيط ، لا إخوانهم من بني آدم وحواء ... لكن أبناء الشيطان هؤلاء وفي كل مرة يسعون في إسكاتهم وقتلهم وتشويه تعاليمهم .. أبناء الشيطان هؤلاء هم من يكذبون الآن على موسى و سليمان قدوسا الله ... ويقولان انهما كانا أستاذان أعظمان في أول محافل الماسون ...  كيف يجرؤون على قول ذلك ، وهم يعظمون الشيطان ويعبدونه في محافلهم ... هل كان رب موسى وسليمان، تيسا بقرنين ...؟ الويل لهم ... لم يدعوا خيرا إلا لطخوه ... الويل لهم لم يدعوا طريقا إلى الله إلا وقطعوه ... الويل لهم ... مما قالت ألسنتهم على مريم الطاهرة وابنها ... الويل لهم لأنهم كذبوا على الله ليرضوا الشيطان ... الويل لهم .. أبتي ... تتكلم عنهم وكأنهم أحياء بيننا .. بني ... وإن تعاقبت القرون والأجيال ... فذنب الأب يحمله الابن من بعده ... ليس ظلما .. تعلم لماذا .؟.. لأنها منظمة واحدة منذ زمن موسى إلى يومنا هذا ... عصابة متماسكة سرية ... تعمل في الخفاء ، وتتوارث العهد على الوفاء للشيطان ،وتتوارث العهد على معادات الله وأنبيائه ... فإذا ما ندم أحد اعضائها واستيقظ ضميره يريد كشف خيانتهم قتلوه فورا .... لأنهم "أبناء العهد" .. "بناي برث" ... ولا يحق لأحد أن يسألهم عن ماهية هذا العهد ... أبتي ... إن كانوا يملكون كل هذه القوة ... فأين الله ..؟ وأين أطهاره من كل هذا ..؟ إنه صمت السماء يا بني ... إنه عصرنا الذي لم يبعث الله فيه أي إشارة منذ قرون عديدة ... إنه عصر الصبر والاحتساب ... لأنه لا أحد يسأل الله عما يفعل او لا يفعل .. ولأن هذا من تمام إيماننا بحكمة الله وقوته ... فلعله يعطي الفرصة للشيطان حتى يظن انه تمكن من اهدافه ... فما هو دور المؤمنين إذن ..؟ أن لا يتخلوا عن إيمانهم بالله في هذا الزمن الصعب الذي كثر فيه الكفر والإلحاد ، وتجبر فيه الشيطان وابناءه وظنوا انهم سيطروا على العالم ... إلى متى ..؟ (فأطرق الأب وصمت قليلا ثم تكلم) .. إلى هنا ينتهي الدرس الأول بني .. قم لتنام وفي الغد تعود إلى كاليفورنيا .. (ثم قام من مجلسه وترك بيلي وحيدا)

كتبت يوم ما من أيام عام 2011 م

الرجل المستنير

كان بيلي جائعا ، فأكل مما اعطاه الأب وأبقى منه شيئا تقدم به نحوه وقدمه إليه قائلا :
أبتي .. لم تأكل شيئا منذ الصباح ..
(فأشار إليه الأب بيده ، أنه لا يريد أكلا) ففهم بيلي أنه صائم ، ... ثم تذكر بيلي دواءه فذهب يتفقد حقيبته ، وبعدما تناول دواءه عاد إلى مكانه ولزمه يراقب الأب توماس وهو يتقلب بين التلاوة والصلاة في خشوع حتى أشفق لحاله ... ثم غلبه النعاس فنام 
ثم دخل غابة الأحلام .. وإذا هو بسهل أخضر فسيح ونسيم عليل يتخلله ، ثم ها هو ذا الرجل المستنير ينضم إلى حلقة من الناس تجلس فيه مجتمعة تنصت إلى رجل قد توسطهم جالسا على كرسي منير ... من شدة نوره لم يتمكن من تبين ملا محه ...
ثم أفاق وإذا بالصباح قد أطل ، وقد تغلف برداء سميك غطّاه به الأب وهو يغط في نومه ، أما الأب فلم يكن في القاعة ... لقد خرج ليحضر الماء ... ولما عاد شرع يطهو شيئا من القهوة لبيلي ... لكنه لم ينبس ببنت شفة ، كان يكتفي بالإشارة إلى بيلي إذا أراد شيئا ما .. واستمر في صومه وتلاوته وصلاته ، واستمر بيلي يراقبه ...
حتى انقضى اليوم الثاني كسابقه .. وخشي بيلي أن ينقضي الأسبوع كله هكذا ..
وفي اليوم التالي أخذ يعمد بيلي إلى تحضير الطعام بمفرده ، وأخذ يحاول أن يسعى في بعض حاجيات الأب من غير أن يطلب منه ذلك .. وأصبح يتعود على سكينة الدير شيئا فشيئا .. أحس أن ضوضاء المدينة وصخبها كان معششا في مسمعه يشوش عليه نغم الحياة الرقيق من حوله .. وأن العيش بين جدران الإسمنت والفولاذ ، محاطا بالألمنيوم والبلاستيك يؤثر في الذات ، يُبَلد التفكير ويميت الإحساس .. لأنه يعزلها عن الحياة .. عن التربة الناعمة الفواحة ، عن خرير المياه الباردة العذبة ، عن الخضرة الرطبة النظرة ... هكذا أصبح بيلي يتنسم الحياة كل صباح ... 
وفي مساء اليوم الأخير، أتم الأب صلاته وصومه ونزع عنه لباس الرهبان وانضم إلى بيلي في المطبخ يحضران العشاء في جو من المرح ... ثم جلسا معا على الطاولة يتناولان الطعام ... فقال الأب لبيلي:
بني .. هل تذكر الدعاء الذي صليتُ به لحظة وصولنا إلى هنا ..؟
أجل أبتي ..
تلك الكلمات .. كانت من أول موعظة للمسيح وعظ بها الناس في أورشليم ...
يجب أن تعرف يا بني .. أن أعداء المسيح الذين حاربوه وأرادوا قتله ، لا يزالون إلى يومنا هذا يحاربون كل ناطق بالحق ومدافع عن الحقيقة، ويسعون في قتله ..
يجب أن تعرف يا بني .. أنهم يكرهون الحق والحقيقة ، ليس لأنهم جاهلون بالصواب .. أو لأن ذلك يعارض مصالحهم ... كلا ... بل لأنهم متحالفون مع الشيطان ..
نعم يا بني .. حقيقة وليس مجازا أقول هذا لك ...
إن آمنت من كل قلبك بأن الله موجود في السماء يراقبنا .. ويرسل رسله إلينا ليبلغونا أوامره بالتزام الحق ...
فستؤمن بأن الشيطان كامن في قاع المحيط يحضر لمكيدة كبرى بهذا الجنس البشري ... ويرسل أبناءه ليحكمونا ويستبدلوا الحق الذي نزل من السماء ، بالباطل الذي اختلقوه ...
بني ... لست في معرض سرد حكاية خيالية لك ، ولا في اجترار أسطورة قديمة ... إنني أقسم على الحق الذي أتكلم به الآن لك ...
الحق والحق أقول لك .. إن أبناء الشيطان قلة ، لكنهم يمتلكون زمام هذا البلد في أيديهم ، قلة قليلة لكنها كحية عظيمة ، رأسها في نيويورك ، وعيناها في هوليود .. تلتهم في بطنها كل ثروات هذا البلد ومقدراته ، وأذنابها تجلجل من كل مكان ...
بني .. أقسم لك على الحق .. لأنهم يهود ... ولأني يهودي منهم كبرت فيهم وأعرفهم جيدا ... ليست قصصا سمعتها ... ولكنها حقائق رأتها عيناي ...
هم من أشاعوا في الناس الكفر والإلحاد باسم العلم ، لتظل اعينهم مغلقة عن الحقيقة ، وليخلُوَ لهم الجو لينفذوا خطط ابيهم الشيطان وهو يتحضر للخروج إلى العالم ... وقد قربت ساعته ..
بني .. يجب أن تعلم بأنهم حريصون على ان تبقى أعين الناس مغلقة ، حريصون على ان تبقى طموحات الشباب من امثالك ساذجة ، ضحلة وحقيرة ...
فإذا ما قام رجل نزيه يدعوا الناس ليفتحوا أعينهم على الحقائق ، أغلقوا فمه بكل وسائلهم الخبيثة وإذا فشلوا لم يتورعوا عن قتله .. مثلما قتلوا فورستال ، وزير الدفاع في حكومة ترومان، ثم زعموا أنه انتحر ... هكذا يا بني لا يسلم منهم شخص مهما كان منصبه ، لأنهم يقبضون على كل شيء بين أيديهم الملطخة بدماء الطاهرين ... 
كيف ذلك أبتي ..؟ .. ومنذ متى ..؟
منذ دهر بعيد بني ... بلدنا هذا ليس إلا مرحلة من المراحل بالنسبة لهم ، حتى إذا استنزفوا خيراته، تركوه جثة هامدة وركبوا بلدا آخر ليجلدوا شعبه كالدواب، من أجل تنفيذ مخطط أ بيهم ... 
أي مخطط ..؟
الشيطان يا بني يريد أن يحكم العالم كله بواسطة أبناءه ... فإذا ما سيطر عليه سيطرة كاملة خرج على الناس ونصّب نفسه إله على كل الأرض ... 
لقد حاول ذلك أكثر من مرة ومنذ دهور بعيدة ، لكنه كان دائما كلما اقترب من هدفه يأتي أنبياء الله والقديسون ليحطموا أهدافه وينقذوا البشر من مخالبه ...
بني .. لكم عانى الأطهار أحباب الله من العداء والمكر والمكيدة ... لا لشيء إلا لأنهم ارادوا الخير للبشر كل البشر ... أرادوا أن يذكروهم بحقيقة عدوهم .. بأنه الشيطان الكامن لهم في أعماق المحيط ، لا إخوانهم من بني آدم وحواء ...
لكن أبناء الشيطان هؤلاء وفي كل مرة يسعون في إسكاتهم وقتلهم وتشويه تعاليمهم ..
أبناء الشيطان هؤلاء هم من يكذبون الآن على موسى و سليمان قدوسا الله ... ويقولان انهما كانا أستاذان أعظمان في أول محافل الماسون ... 
كيف يجرؤون على قول ذلك ، وهم يعظمون الشيطان ويعبدونه في محافلهم ... هل كان رب موسى وسليمان، تيسا بقرنين ...؟
الويل لهم ... لم يدعوا خيرا إلا لطخوه ... الويل لهم لم يدعوا طريقا إلى الله إلا وقطعوه ... الويل لهم ... مما قالت ألسنتهم على مريم الطاهرة وابنها ... الويل لهم لأنهم كذبوا على الله ليرضوا الشيطان ... الويل لهم ..
أبتي ... تتكلم عنهم وكأنهم أحياء بيننا ..
بني ... وإن تعاقبت القرون والأجيال ... فذنب الأب يحمله الابن من بعده ... ليس ظلما .. تعلم لماذا .؟.. لأنها منظمة واحدة منذ زمن موسى إلى يومنا هذا ... عصابة متماسكة سرية ... تعمل في الخفاء ، وتتوارث العهد على الوفاء للشيطان ،وتتوارث العهد على معادات الله وأنبيائه ... فإذا ما ندم أحد اعضائها واستيقظ ضميره يريد كشف خيانتهم قتلوه فورا .... لأنهم "أبناء العهد" .. "بناي برث" ... ولا يحق لأحد أن يسألهم عن ماهية هذا العهد ...
أبتي ... إن كانوا يملكون كل هذه القوة ... فأين الله ..؟ وأين أطهاره من كل هذا ..؟
إنه صمت السماء يا بني ... إنه عصرنا الذي لم يبعث الله فيه أي إشارة منذ قرون عديدة ... إنه عصر الصبر والاحتساب ... لأنه لا أحد يسأل الله عما يفعل او لا يفعل .. ولأن هذا من تمام إيماننا بحكمة الله وقوته ... فلعله يعطي الفرصة للشيطان حتى يظن انه تمكن من اهدافه ...
فما هو دور المؤمنين إذن ..؟
أن لا يتخلوا عن إيمانهم بالله في هذا الزمن الصعب الذي كثر فيه الكفر والإلحاد ، وتجبر فيه الشيطان وابناءه وظنوا انهم سيطروا على العالم ...
إلى متى ..؟
(فأطرق الأب وصمت قليلا ثم تكلم) .. إلى هنا ينتهي الدرس الأول بني .. قم لتنام وفي الغد تعود إلى كاليفورنيا .. (ثم قام من مجلسه وترك بيلي وحيدا)  

استمع إلى البودكاست الإذاعي للحلقة من هنا :


# باسكال #في #كاليفورنيا #-9- #الرجل #المستنير # #قصة #رواية # 

باسكال في كاليفورنيا -8- طفولة محرومة

0
طفولة محرومة   وامتطى في الغد الطائرة إلى دنفر بعدما ودع امه في المطار .. وفي دنفر غير مساره واستقل طائرة إلى فانكوفر ، وهناك في المطار أقبل عليه رجل مسن ذو لحية بيضاء من الشيب وعلى جبينه ارتسمت آثار السنين ... فلما اقترب منه ناداه متسائلا : باسكال ..؟  نعم باسكال ... أيها الأب توماس ..  فابتسم الأب توماس ورحب به وحمل عنه حقيبته واخذ يقود كرسيه خارجا من المطار ثم إلى سيارته .. ومن ثمة أقلع باتجاه ضواحي المدينة إلى أن توقف بجانب بناية متواضعة .. فلما ولجا إليها إذا هي مدرسة متعددة بها عدد من أطفال الهنود .. وإذا بقسم آخر فيها يضم صبيانا وبنات يبدو عليهم التخلف الذهني .. ثم انتهوا إلى مكتب صغير في طرف البناية هو مكتب الأب توماس ، جلسا معا وقدم الأب شيئا من الأكل لبيلي ، وعرّفه أيضا ببعض الاصدقاء العاملين معه في هذه الجمعية الخيرية ثم اختليا معا في المكتب :  كم عندك من الوقت ،بني، لتقضيه هنا معنا ..؟  أسبوعا أو أقل ...  أعذرني على سؤالي .. لكنه من أجل ترتيب مواعيدي .. أريد حقا ان أستثمر وقتك الثمين الذي اقتطعته من أجل زيارتي ...  لقد اخبرني ريتشارد بخصوصية حالتك ... وبالعمل الخاص الذي تقوم به في كاليفورنيا .. لذلك لا اريد ان يكون مجيؤك إلى هنا عبثا .. وكذلك لا اريد أن أأخرك عن الالتحاق بعملك ..  كل الشكر والتقدير لك أبتي .. بل أنا الذي يعتذر منك ، لأنني قد اكون سببت لك شيئا من الإزعاج وصرفتك عن بعض أعمالك الجليلة ...  واستمر حديثهما حميميا إلى أن استأذن الأب بيلي في قضاء بعض الحوائج خارجا .. وبقي بيلي يتجول بهدوء يتفقد أقسام الجمعية ويتأمل هؤلاء الشباب والشابات المكبين على رعاية هذه الطفولة المحرومة تطوعا من غير أجر .. ثم تذكر كلام نيتشه عن أحقية الانسان القوي بالبقاء وعن حتمية الفناء لكل من به عاهة أو نقص يمنعه من الحياة السوية ، بل وتعدى ذلك يعطي للأقوياء حق إبادة الضعفاء .. لأنهم بذلك حسب زعمه يطهرون الأرض وينقون جنس البشرية من كل عيب ... وطفق بيلي يقول في نفسه إن عدم الإيمان بإله خالق لهذا الكون ، يدفع بالإنسان إلى التخبط في هذه الحياة على غير هدى .. بل يصير الإنسان وحشا .. وحشا بريا بلا قيد من الأخلاق ولا رادع من القيم ... بلا هدف واضح في الحياة ... حتى ليفقد معنى الخير ومعنى الشر .. ولا يحس بفرق بين الفضيلة والرذيلة ...  ثم عاد الأب توماس و أخذ بيلي معه في السيارة وبدأ يقودها في اتجاه طريق يؤدي إلى خارج المدينة :  لقد تحررتُ من جميع التزاماتي هذا الاسبوع .. ونحن الآن في طريقنا إلى دير الشهداء .. إنه دير متواضع اعتكفَ فيه جملة من القدسين والبررة منذ قرون .. لكنه اليوم مهجور تماما .. تعودتُ ان أختلي فيه كلما لاحت لي الفرصة ... واليوم بفضلك أعود إليه بعد غياب طويل ...  لن نجد فيه أحدا إذن ...  لن يكون فيه غيرنا ...  وبعد ساعات سيرا وصلا إلى الدير في وسط غابة .. تكاد تخفيه الأشجار العالية ، وقد بني بالحجارة ... كان بناء قديما وكأنما ينضح منه عبق التاريخ ...  ثم دخلا إلى الدير وإذا بقاعة للصلاة فيه ،تنبه بيلي إلى خلوها من أي أيقونة أو صليب .. حتى جدارها الأمامي الذي تعودت الكنائس على نصب صليب كبير فيه ، ليس فيه إلا آثار للهب الشموع ... وبعد أن وضع متاعهما داخل غرفة صغيرة ، عاد الأب توماس إلى قاعة الصلاة وجلس على ركبتيه قبالة الجدار العتيق ، وطأطأ رأسه يضم كلتا يديه إلى صدره في خشوع وسكون وصمت ... ثم انطلق لسانه بالدعاء:  تبارك اسم الله القدوس الذي من سره ورحمته أراد فخلق خلائقه ليمجدوه ،  تبارك اسم الله القدوس الذي خلق نور جميع القديسين والأنبياء قبل كل الأشياء ليرسله لخلاص العالم كما تكلم على لسان عبده داوود قائلا : (قبل كوكب الصبح ، في ضياء القديسين خلقتك) ،  تبارك اسم الله القدوس الذي خلق الملائكة ليخدموه ، وتبارك الله الذي لعن وخذل الشيطان و أتباعه الذين لم يسجدوا لمن أحب الله أن يسجد الجميع له ،  تبارك اسم الله القدوس الذي خلق الإنسان من طين الأرض و جعله قيما على أعماله،  تبارك اسم الله القدوس الذي طرد الإنسان من الفردوس لأنه عصا أوامره الطاهرة ، تبارك اسم الله القدوس الذي برحمته نظر بإشفاق إلى دموع آدم وحواء ،  تبارك اسم الله القدوس الذي لعن بعدله قايين قاتل أخيه وأرسل الطوفان على الأرض وأحرق ثلاث مدن شريرة ، وضرب مصر وأغرق فرعون في البحر الأحمر وبدد شمل أعداء شعبه ، وأدب الكفرة ولعن غير التائبين ،  تبارك اسم الله القدوس الذي برحمته أشفق على خلائقه فأرسل إليهم أنبياءه ليسيروا في الحق والبر أمامه ،  الذي أنقذ عبيده من كل شر وأعطاهم الأرض كما وعد أبانا إبراهيم وابنه إلى الأبد ، ثم أعطانا ناموسه الطاهر على يد عبه موسى لكي لا يغشنا الشيطان ... (فخنقت العبرات كلماته ثم أجهش بالبكاء)  ولبث كذلك مليا .. منكسر الخاطر .. ذليلا في محرابه ، حتى ظن بيلي أنه قد نسيه ..  ثم قام الأب وعاد يسير بسكينة إلى ان جلس قبالة بيلي ، ثم تكلم :  بني ... ما زلت شابا يافعا ... ومازال امامك مستقبل مشرق ... فلم تشغل نفسك ووقتك الثمين، بخرافات تستهوي المسنين ..؟  (فابتسم بيلي وقال) .. يا أبتي ... لقد اعتزل باسكال في دير ولم يكن مسنا ، وكان امامه مستقبل أكثر إشراقا من مستقبلي .  بني ... لما .. لم تقنع بما قنع به أكثر العلماء والباحثين في هذا العالم ... بأن حقيقة الحياة مادية ... وأن هذه اللاهوتيات مجرد أوهام ..؟  .. أبتي ... لو كانت أسرار الحياة في متناول الجميع ، لما أصبح لها معنى .  (فابتسم عندها الأب ، ثم قام وهو يقول لبيلي) .. إن أردت طعاما ، فستجده في المطبخ .  ثم دخل غرفة ، وبعد برهة خرج وهو يرتدي لباس الرهبان، ويحمل كتابا عتيقا كأنه مخطوط ، ولما انتهى إلى زاوية قاعة الصلاة جلس يتصفحه، ثم أخذ يقرأه ويتلوا آياته بلغة لم يفهمها بيلي .. واستمر الحال على ذلك ... الأب مستغرق في تلاوته وبيلي يراقبه من بعيد ، حتى أحس بالضجر ، راودته نفسه على التفسح في أرجاء الدير لكنه قاومها ولازم مكانه حتى أظلم الليل .. ولما أُعتم المكان ، قام الأب من مكانه وأخذ يوقد الشمع في أرجاء قاعة الصلاة ومن ثمة في أرجاء الدير كله ، ولما عاد كان يحمل في يده بعض الطعام ناوله بيلي وعاد خاويا إلى مكانه في زاوية القاعة ...

كتبت يوم ما من أيام عام 2011 م

طفولة محرومة 

وامتطى في الغد الطائرة إلى دنفر بعدما ودع امه في المطار .. وفي دنفر غير مساره واستقل طائرة إلى فانكوفر ، وهناك في المطار أقبل عليه رجل مسن ذو لحية بيضاء من الشيب وعلى جبينه ارتسمت آثار السنين ... فلما اقترب منه ناداه متسائلا : باسكال ..؟ 
نعم باسكال ... أيها الأب توماس .. 
فابتسم الأب توماس ورحب به وحمل عنه حقيبته واخذ يقود كرسيه خارجا من المطار ثم إلى سيارته .. ومن ثمة أقلع باتجاه ضواحي المدينة إلى أن توقف بجانب بناية متواضعة .. فلما ولجا إليها إذا هي مدرسة متعددة بها عدد من أطفال الهنود .. وإذا بقسم آخر فيها يضم صبيانا وبنات يبدو عليهم التخلف الذهني .. ثم انتهوا إلى مكتب صغير في طرف البناية هو مكتب الأب توماس ، جلسا معا وقدم الأب شيئا من الأكل لبيلي ، وعرّفه أيضا ببعض الاصدقاء العاملين معه في هذه الجمعية الخيرية ثم اختليا معا في المكتب : 
كم عندك من الوقت ،بني، لتقضيه هنا معنا ..؟ 
أسبوعا أو أقل ... 
أعذرني على سؤالي .. لكنه من أجل ترتيب مواعيدي .. أريد حقا ان أستثمر وقتك الثمين الذي اقتطعته من أجل زيارتي ... 
لقد اخبرني ريتشارد بخصوصية حالتك ... وبالعمل الخاص الذي تقوم به في كاليفورنيا .. لذلك لا اريد ان يكون مجيؤك إلى هنا عبثا .. وكذلك لا اريد أن أأخرك عن الالتحاق بعملك .. 
كل الشكر والتقدير لك أبتي .. بل أنا الذي يعتذر منك ، لأنني قد اكون سببت لك شيئا من الإزعاج وصرفتك عن بعض أعمالك الجليلة ... 
واستمر حديثهما حميميا إلى أن استأذن الأب بيلي في قضاء بعض الحوائج خارجا .. وبقي بيلي يتجول بهدوء يتفقد أقسام الجمعية ويتأمل هؤلاء الشباب والشابات المكبين على رعاية هذه الطفولة المحرومة تطوعا من غير أجر .. ثم تذكر كلام نيتشه عن أحقية الانسان القوي بالبقاء وعن حتمية الفناء لكل من به عاهة أو نقص يمنعه من الحياة السوية ، بل وتعدى ذلك يعطي للأقوياء حق إبادة الضعفاء .. لأنهم بذلك حسب زعمه يطهرون الأرض وينقون جنس البشرية من كل عيب ... وطفق بيلي يقول في نفسه إن عدم الإيمان بإله خالق لهذا الكون ، يدفع بالإنسان إلى التخبط في هذه الحياة على غير هدى .. بل يصير الإنسان وحشا .. وحشا بريا بلا قيد من الأخلاق ولا رادع من القيم ... بلا هدف واضح في الحياة ... حتى ليفقد معنى الخير ومعنى الشر .. ولا يحس بفرق بين الفضيلة والرذيلة ... 
ثم عاد الأب توماس و أخذ بيلي معه في السيارة وبدأ يقودها في اتجاه طريق يؤدي إلى خارج المدينة : 
لقد تحررتُ من جميع التزاماتي هذا الاسبوع .. ونحن الآن في طريقنا إلى دير الشهداء .. إنه دير متواضع اعتكفَ فيه جملة من القدسين والبررة منذ قرون .. لكنه اليوم مهجور تماما .. تعودتُ ان أختلي فيه كلما لاحت لي الفرصة ... واليوم بفضلك أعود إليه بعد غياب طويل ... 
لن نجد فيه أحدا إذن ... 
لن يكون فيه غيرنا ... 
وبعد ساعات سيرا وصلا إلى الدير في وسط غابة .. تكاد تخفيه الأشجار العالية ، وقد بني بالحجارة ... كان بناء قديما وكأنما ينضح منه عبق التاريخ ... 
ثم دخلا إلى الدير وإذا بقاعة للصلاة فيه ،تنبه بيلي إلى خلوها من أي أيقونة أو صليب .. حتى جدارها الأمامي الذي تعودت الكنائس على نصب صليب كبير فيه ، ليس فيه إلا آثار للهب الشموع ... وبعد أن وضع متاعهما داخل غرفة صغيرة ، عاد الأب توماس إلى قاعة الصلاة وجلس على ركبتيه قبالة الجدار العتيق ، وطأطأ رأسه يضم كلتا يديه إلى صدره في خشوع وسكون وصمت ... ثم انطلق لسانه بالدعاء: 
تبارك اسم الله القدوس الذي من سره ورحمته أراد فخلق خلائقه ليمجدوه ، 
تبارك اسم الله القدوس الذي خلق نور جميع القديسين والأنبياء قبل كل الأشياء ليرسله لخلاص العالم كما تكلم على لسان عبده داوود قائلا : (قبل كوكب الصبح ، في ضياء القديسين خلقتك) ، 
تبارك اسم الله القدوس الذي خلق الملائكة ليخدموه ، وتبارك الله الذي لعن وخذل الشيطان و أتباعه الذين لم يسجدوا لمن أحب الله أن يسجد الجميع له ، 
تبارك اسم الله القدوس الذي خلق الإنسان من طين الأرض و جعله قيما على أعماله، 
تبارك اسم الله القدوس الذي طرد الإنسان من الفردوس لأنه عصا أوامره الطاهرة ، تبارك اسم الله القدوس الذي برحمته نظر بإشفاق إلى دموع آدم وحواء ، 
تبارك اسم الله القدوس الذي لعن بعدله قايين قاتل أخيه وأرسل الطوفان على الأرض وأحرق ثلاث مدن شريرة ، وضرب مصر وأغرق فرعون في البحر الأحمر وبدد شمل أعداء شعبه ، وأدب الكفرة ولعن غير التائبين ، 
تبارك اسم الله القدوس الذي برحمته أشفق على خلائقه فأرسل إليهم أنبياءه ليسيروا في الحق والبر أمامه ، 
الذي أنقذ عبيده من كل شر وأعطاهم الأرض كما وعد أبانا إبراهيم وابنه إلى الأبد ، ثم أعطانا ناموسه الطاهر على يد عبه موسى لكي لا يغشنا الشيطان ... (فخنقت العبرات كلماته ثم أجهش بالبكاء) 
ولبث كذلك مليا .. منكسر الخاطر .. ذليلا في محرابه ، حتى ظن بيلي أنه قد نسيه .. 
ثم قام الأب وعاد يسير بسكينة إلى ان جلس قبالة بيلي ، ثم تكلم : 
بني ... ما زلت شابا يافعا ... ومازال امامك مستقبل مشرق ... فلم تشغل نفسك ووقتك الثمين، بخرافات تستهوي المسنين ..؟ 
(فابتسم بيلي وقال) .. يا أبتي ... لقد اعتزل باسكال في دير ولم يكن مسنا ، وكان امامه مستقبل أكثر إشراقا من مستقبلي . 
بني ... لما .. لم تقنع بما قنع به أكثر العلماء والباحثين في هذا العالم ... بأن حقيقة الحياة مادية ... وأن هذه اللاهوتيات مجرد أوهام ..؟ 
.. أبتي ... لو كانت أسرار الحياة في متناول الجميع ، لما أصبح لها معنى . 
(فابتسم عندها الأب ، ثم قام وهو يقول لبيلي) .. إن أردت طعاما ، فستجده في المطبخ . 
ثم دخل غرفة ، وبعد برهة خرج وهو يرتدي لباس الرهبان، ويحمل كتابا عتيقا كأنه مخطوط ، ولما انتهى إلى زاوية قاعة الصلاة جلس يتصفحه، ثم أخذ يقرأه ويتلوا آياته بلغة لم يفهمها بيلي .. واستمر الحال على ذلك ... الأب مستغرق في تلاوته وبيلي يراقبه من بعيد ، حتى أحس بالضجر ، راودته نفسه على التفسح في أرجاء الدير لكنه قاومها ولازم مكانه حتى أظلم الليل .. ولما أُعتم المكان ، قام الأب من مكانه وأخذ يوقد الشمع في أرجاء قاعة الصلاة ومن ثمة في أرجاء الدير كله ، ولما عاد كان يحمل في يده بعض الطعام ناوله بيلي وعاد خاويا إلى مكانه في زاوية القاعة ...  

استمع إلى البودكاست الإذاعي للحلقة من هنا :


# باسكال #في #كاليفورنيا #-8- #طفولة #محرومة #قصة #رواية # 

باسكال في كاليفورنيا -7- مستحيل

0
مستحيل  ولما استنار الصباح ، خرج بيلي من غرفته ليجد أمه تتكلم في الهاتف ويدها على صدرها .. وما إن أكملت الحديث حتى التفتت إلى بيلي وقالت : أم بول في المستشفى ... (جحظت عينا بيلي) .. ما الذي حدث لها ..؟ أصيبت بجلطة في الدماغ ليلة البارحة، أخذت على إثرها إلى المستشفى .. بني .. يجب ان أذهب لأراها فورا .. أرجوك أن تلزم البيت .(ثم ما لبثت أن جهزت نفسها وخرجت) وبقي بيلي في البيت غير مصدق ، يراجع ما رآه البارحة في منامه ... ثم عزم على الذهاب إلى محل العجوز ريتشارد ... ولما أخبره بحال أم بول ، تأسف ريتشارد وقال : المسكينة .. لكم كانت متعلقة بابنها .. لقد حضرتُ جنازة بول ولمحتها .. كانت منهارة تماما .. بالكاد كانت تستطيع الوقوف .. أم بول ستموت .. (قال بيلي وأخذ يحدق في العجوز) .. لقد رأيتها البارحة مع بول في منامي .. (سكت ريتشارد قليلا وهو ينظر إلى بيلي) .. ما الذي رأيته بالضبط ..؟ فسرد عليه بيلي ما رآه من عجب في نومه هذه الأيام ، وكيف أن ما رآه كان كالحقيقة .. فاستدركه العجوز مستفسرا: الرجل الذي رأيته ، هو نفسه الذي كان مع بول أول الأمر ..؟ نعم هو ذاته .. كيف كان يبدو .. ماذا عن ملامحه، هل تعرفه ..؟ لا ... لا أعرفه ... كان حسن الوجه ...ثيابه بيضاء مشعة ... وشعره شديد السواد .. ألم يتكلم بشيء ..؟ لا .. لا أذكر ذلك .. أول الامر ابتسم لي ثم كلّم بول .. والبارحة ناول بول وأمه شيئا ككوب الماء .. باسكال يا صغيري .. لست أدري ما أقول لك .. لكن هذا يبدو لي شيئا عظيما .. يبدو أبعد ما يكون عن إدراكي ...  وفي المساء جاء الخبر يقينا ، أم بول فارقت الحياة ، وفي الغد أقيمت لها جنازة مهيبة ودفنت بجانب ابنها .. حضر بيلي الجنازة وكذلك العجوز ريتشارد .. وعندما انفض الناس تقدم ريتشارد نحو أم بيلي واستأذنها في أخذ بيلي في جولة فقبلت .. أخذ العجوز ريتشارد بيلي إلى المتنزه العام ، واختار مكانا جميلا خاليا ، وجلس يحدثه : باسكال .. أخشى أنه علي أن اناديك منذ الآن بالقديس ..(وهو يبتسم) لا أعتقد .. أنه يجب عليك ذلك ، مستر ريتش .. على حسب علمي .. لا يرى هذه الأشياء إلا القديسون الطاهرون .. باسكال كان كذلك فعلا .. كان شخصا صادقا مخلصا ... تَعلم ريتشارد !... أحس انني في حاجة إلى المزيد من المعرفة بأسرار العالم الآخر ... بذاك العالم الخفي عن اعيننا ... البعيد عن مدى رصد تلسكوباتنا الجبارة ... تلك الأسرار التي لا تستطيع التكنلوجيا كشفها ... باسكال قال بأن الكتب المقدسة تحتويها ... نعم .... لأنها تحمل الرسائل التي بعثت من السماء منذ آلاف السنين ... الرسائل التي كذّبها أغلب الناس وكذبوا الذين تكلموا بها ... حدثني عنها ريتشارد .. حقا أريد معرفتها .. أعذرني باسكال ... فلست أهلا لذلك ... الأسرار المقدسة لها أصحابها .. إذن فأنا أطلب مستحيلا .. لا ... باسكال ... فأنت واحد منهم ... اسمع ، اعرف واحدا ، وواحدا فقط من هؤلاء في هذا البلد يحوز على ثقتي وتقديري ... إنه صديق قديم، يعود له الفضل في هدايتي إلى الحقيقة ... اسمه الأب توماس .. أين أجده ..؟ أخشى يا صغيري إن أصريت .. أن يكون سفرك طويلا .. لا تهم المسافات في طلب الحقيقة ، مستر ريتش.. هذا الصديق القديم يستقر حاليا في ضواحي فانكوفر ... هل ما تزال مصرا على لقائه؟ نعم مستر ريتش .. سأفكر في الأمر ... بعد أيام فاتح بيلي أمه برغبته في السفر مع أصدقائه لقضاء إجازة في مونتانا ، فرفضت الأم الفكرة متحججة بصحته : يجب أن تداوم على تناول دوائك بيلي ، وأعلم أنك لن تحرص عليه في غيابي .. ثم إني قد برمجت لك موعدا مع دكتور متخصص ، لقد درس حالتك وحدثني عن فرصة لشفائك إن تكفل بك ... وبعد إلحاح أمه عليه تنازل عن فكرة السفر كليا .. وعاد إلى غرفته ليغط في نوم ثقيل ... فعاودته عصرات الأحلام تهجم عليه .. أفاق في منتصف الليل .. ثم عاد وغلبه النعاس ، ليرى وكأن الدنيا ، كل الدنيا أظلمت من حوله ، فشعر بضيق في صدره يكاد يخنق أنفاسه .. حتى بزغ نور أمامه وإذا بالرجل المستنير يقبل عليه مبتسما ... حتى إذا لم يبقى بينهما إلا امتار معدودات توقف ، ثم أومأ لبيلي بيده ان أقبل علي .. وبيلي مصمر في كرسيه المتحرك لا يقوى على النهوض .. لكن الرجل بقي مبتسما واستدار ثم أخذ يمشي مبتعدا .. فاستبد ببيلي القلق وهو ينازع نفسه يريد اللحاق به .. وإذا به تحمله قدماه واقفا تاركا كرسيه .. ثم أخذ يسير مقتفيا أثر الرجل ... في الصباح عزم بيلي في نفسه على الذهاب إلى فانكوفر.. وعلم ان شيئا ما ينتظره هناك وأن روحا تدعوه إلى المغامرة من اجل الحقيقة ... فتريث حتى أنجز مع أمه موعد الطبيب الخاص ، ثم اخبر امه بأن الفريق في معهد كاليفورنيا يحتاجونه لأمر عاجل ، ويجب عليه العودة ... فأصرت امه على مرافقته لكنه استطاع اقناعها بأن لا داعي لذلك ، وأن آنا ستكون في انتظاره في المطار .. ثم عمد إلى غرفته واتصل بآنا : آنا عزيزتي ... أحتاجك في أمر هام  ما الأمر بيلي ... هل جد جديد عندك ..؟ اسمعي آنا ... لقد اخبرت امي بأني سأعود بمفردي إلى كاليفورنيا غدا ، وبانكم تحتاجونني عندكم ... ولما أصرت على مرافقتي ، أخبرتها بأنك ستكونين في انتظاري في المطار.. والحقيقة آنا ... أنني سوف أعرج أولا على فانكوفر لأمر مهم ولم أخبرها بذلك .... إلى فانكوفر ..؟ (استطردت آنا باستغراب) نعم آنا ..لأمر خاص فعلا ... أرجوك ... أعلم انني أضعك في موقف محرج .. لكنه شديد الاهية بالنسبة لي .. لو علمتُ ان امي ستتركني اذهب لما كلفتك معي هذا العناء .. لكنك تعرفين أمي جيدا ... هل أستطيع أن أطلع على هذا الأمر المهم ، بيلي...؟  لا آنا ... ليس الآن ... ربما في وقت آخر ... أرجوك آنا .. حاولي أن تتفهمي حالتي .. حسننا بيلي .. يبدو انك نجحت في اقحامي في فلمك الذي تعده .. لكنني لست ممثلة بارعة كما تعرف .. شكرا جزيلا آنا ... لا تخافي ستحوزين على الأوسكار هذا العام (وهو يبتسم)

كتبت يوم ما من أيام عام 2011 م

مستحيل

ولما استنار الصباح ، خرج بيلي من غرفته ليجد أمه تتكلم في الهاتف ويدها على صدرها .. وما إن أكملت الحديث حتى التفتت إلى بيلي وقالت :
أم بول في المستشفى ...
(جحظت عينا بيلي) .. ما الذي حدث لها ..؟
أصيبت بجلطة في الدماغ ليلة البارحة، أخذت على إثرها إلى المستشفى .. بني .. يجب ان أذهب لأراها فورا .. أرجوك أن تلزم البيت .(ثم ما لبثت أن جهزت نفسها وخرجت)
وبقي بيلي في البيت غير مصدق ، يراجع ما رآه البارحة في منامه ... ثم عزم على الذهاب إلى محل العجوز ريتشارد ... ولما أخبره بحال أم بول ، تأسف ريتشارد وقال :
المسكينة .. لكم كانت متعلقة بابنها .. لقد حضرتُ جنازة بول ولمحتها .. كانت منهارة تماما .. بالكاد كانت تستطيع الوقوف ..
أم بول ستموت .. (قال بيلي وأخذ يحدق في العجوز) .. لقد رأيتها البارحة مع بول في منامي ..
(سكت ريتشارد قليلا وهو ينظر إلى بيلي) .. ما الذي رأيته بالضبط ..؟
فسرد عليه بيلي ما رآه من عجب في نومه هذه الأيام ، وكيف أن ما رآه كان كالحقيقة .. فاستدركه العجوز مستفسرا:
الرجل الذي رأيته ، هو نفسه الذي كان مع بول أول الأمر ..؟
نعم هو ذاته ..
كيف كان يبدو .. ماذا عن ملامحه، هل تعرفه ..؟
لا ... لا أعرفه ... كان حسن الوجه ...ثيابه بيضاء مشعة ... وشعره شديد السواد ..
ألم يتكلم بشيء ..؟
لا .. لا أذكر ذلك .. أول الامر ابتسم لي ثم كلّم بول .. والبارحة ناول بول وأمه شيئا ككوب الماء ..
باسكال يا صغيري .. لست أدري ما أقول لك .. لكن هذا يبدو لي شيئا عظيما .. يبدو أبعد ما يكون عن إدراكي ... 
وفي المساء جاء الخبر يقينا ، أم بول فارقت الحياة ، وفي الغد أقيمت لها جنازة مهيبة ودفنت بجانب ابنها .. حضر بيلي الجنازة وكذلك العجوز ريتشارد .. وعندما انفض الناس تقدم ريتشارد نحو أم بيلي واستأذنها في أخذ بيلي في جولة فقبلت ..
أخذ العجوز ريتشارد بيلي إلى المتنزه العام ، واختار مكانا جميلا خاليا ، وجلس يحدثه :
باسكال .. أخشى أنه علي أن اناديك منذ الآن بالقديس ..(وهو يبتسم)
لا أعتقد .. أنه يجب عليك ذلك ، مستر ريتش ..
على حسب علمي .. لا يرى هذه الأشياء إلا القديسون الطاهرون ..
باسكال كان كذلك فعلا .. كان شخصا صادقا مخلصا ... تَعلم ريتشارد !... أحس انني في حاجة إلى المزيد من المعرفة بأسرار العالم الآخر ... بذاك العالم الخفي عن اعيننا ... البعيد عن مدى رصد تلسكوباتنا الجبارة ... تلك الأسرار التي لا تستطيع التكنلوجيا كشفها ... باسكال قال بأن الكتب المقدسة تحتويها ...
نعم .... لأنها تحمل الرسائل التي بعثت من السماء منذ آلاف السنين ... الرسائل التي كذّبها أغلب الناس وكذبوا الذين تكلموا بها ...
حدثني عنها ريتشارد .. حقا أريد معرفتها ..
أعذرني باسكال ... فلست أهلا لذلك ... الأسرار المقدسة لها أصحابها ..
إذن فأنا أطلب مستحيلا ..
لا ... باسكال ... فأنت واحد منهم ... اسمع ، اعرف واحدا ، وواحدا فقط من هؤلاء في هذا البلد يحوز على ثقتي وتقديري ... إنه صديق قديم، يعود له الفضل في هدايتي إلى الحقيقة ... اسمه الأب توماس ..
أين أجده ..؟
أخشى يا صغيري إن أصريت .. أن يكون سفرك طويلا ..
لا تهم المسافات في طلب الحقيقة ، مستر ريتش..
هذا الصديق القديم يستقر حاليا في ضواحي فانكوفر ... هل ما تزال مصرا على لقائه؟
نعم مستر ريتش .. سأفكر في الأمر ...
بعد أيام فاتح بيلي أمه برغبته في السفر مع أصدقائه لقضاء إجازة في مونتانا ، فرفضت الأم الفكرة متحججة بصحته :
يجب أن تداوم على تناول دوائك بيلي ، وأعلم أنك لن تحرص عليه في غيابي .. ثم إني قد برمجت لك موعدا مع دكتور متخصص ، لقد درس حالتك وحدثني عن فرصة لشفائك إن تكفل بك ...
وبعد إلحاح أمه عليه تنازل عن فكرة السفر كليا .. وعاد إلى غرفته ليغط في نوم ثقيل ... فعاودته عصرات الأحلام تهجم عليه .. أفاق في منتصف الليل .. ثم عاد وغلبه النعاس ، ليرى وكأن الدنيا ، كل الدنيا أظلمت من حوله ، فشعر بضيق في صدره يكاد يخنق أنفاسه .. حتى بزغ نور أمامه وإذا بالرجل المستنير يقبل عليه مبتسما ... حتى إذا لم يبقى بينهما إلا امتار معدودات توقف ، ثم أومأ لبيلي بيده ان أقبل علي .. وبيلي مصمر في كرسيه المتحرك لا يقوى على النهوض .. لكن الرجل بقي مبتسما واستدار ثم أخذ يمشي مبتعدا .. فاستبد ببيلي القلق وهو ينازع نفسه يريد اللحاق به .. وإذا به تحمله قدماه واقفا تاركا كرسيه .. ثم أخذ يسير مقتفيا أثر الرجل ...
في الصباح عزم بيلي في نفسه على الذهاب إلى فانكوفر.. وعلم ان شيئا ما ينتظره هناك وأن روحا تدعوه إلى المغامرة من اجل الحقيقة ... فتريث حتى أنجز مع أمه موعد الطبيب الخاص ، ثم اخبر امه بأن الفريق في معهد كاليفورنيا يحتاجونه لأمر عاجل ، ويجب عليه العودة ... فأصرت امه على مرافقته لكنه استطاع اقناعها بأن لا داعي لذلك ، وأن آنا ستكون في انتظاره في المطار .. ثم عمد إلى غرفته واتصل بآنا :
آنا عزيزتي ... أحتاجك في أمر هام 
ما الأمر بيلي ... هل جد جديد عندك ..؟
اسمعي آنا ... لقد اخبرت امي بأني سأعود بمفردي إلى كاليفورنيا غدا ، وبانكم تحتاجونني عندكم ... ولما أصرت على مرافقتي ، أخبرتها بأنك ستكونين في انتظاري في المطار.. والحقيقة آنا ... أنني سوف أعرج أولا على فانكوفر لأمر مهم ولم أخبرها بذلك ....
إلى فانكوفر ..؟ (استطردت آنا باستغراب)
نعم آنا ..لأمر خاص فعلا ... أرجوك ... أعلم انني أضعك في موقف محرج .. لكنه شديد الاهية بالنسبة لي .. لو علمتُ ان امي ستتركني اذهب لما كلفتك معي هذا العناء .. لكنك تعرفين أمي جيدا ...
هل أستطيع أن أطلع على هذا الأمر المهم ، بيلي...؟ 
لا آنا ... ليس الآن ... ربما في وقت آخر ... أرجوك آنا .. حاولي أن تتفهمي حالتي ..
حسننا بيلي .. يبدو انك نجحت في اقحامي في فلمك الذي تعده .. لكنني لست ممثلة بارعة كما تعرف ..
شكرا جزيلا آنا ... لا تخافي ستحوزين على الأوسكار هذا العام (وهو يبتسم)  

استمع إلى البودكاست الإذاعي للحلقة من هنا :


 #قصة #رواية # #باسكال #في #كاليفورنيا #-7- #مستحيل
يتم التشغيل بواسطة Blogger.