باسكال في كاليفورنيا -2- Second life

0

Second life  في اليل وبعد أن غادرت آنا .. يتصفح بيلي موقعه على الإنترنت .. بريده الإلكتروني مملوء بالرسائل .. وصفحته على "الماي سبيس" و"الفيس بوك" لا تزال كما هي منذ آخر زيارة له .. وصفحة بول أيضا .. آخر تعليق له على أنثوني يقول فيه : صورتك مريعة .. شعرك الأصفر المنفوش مثل مكنسة الساحرات ههههههههههههههههه ... ويبتسم بيلي ثم يعاوده الوجوم وهو يتأمل صور بول وبعض مقاطع الفيديو التي يظهر فيها معه وهما في "الماتشو بكشو" مدينة الإنكا الساحرة أعلى جبال البيرو ... كم كان صيفا ممتعا .. مر كل ذلك كلمح البصر .. هل يعلم أصدقائهما على الإنترنت بالحادثة..؟ .. كيف سيعلم الجميع بأن بول قد مات .. وبأن صفحاته ستتجمد كما هي ومشاركاته ستنقطع ..؟.. إن هذا لشيء محزن حقا ... ثم يعرج على لعبتهما المفضلة "الساكند لايف" إنها الحياة الثانية .. الحياة الأخرى .. لقد اكتفى بيلي بشخصية واحدة .. لكن بول شارك بأكثر من وجه واستطاع ان يكسب اكثر منه بكثير .. لقد كان يساعده عندما يقع في المشاكل في الحياة الثانية .. واليوم يقف بيلي حائرا .. بول كان حذقا في العالم الافتراضي لكنه فقد الحياة الحقيقية .. ما معنى كل هذا .. إذا كان فتى بهذه الوسامة والصحة وبهذا النشاط وهذه الحيوية ينتهي في رمشة عين ويصبح كأن لم يكن .. كالخيال العابر للذاكرة ..  هل كان حقا معنا في هذه الحياة ؟ (يسأل بيلي نفسه ) لولا آثاره هذه .. لشككت حقا .. ألا يكون كل هذا حلما كبيرا .. ألا تكون الحياة لعبة حقيرة .. (وهو ممدد على السرير لا يحس بأطرافه السفلى) ثم يفقد الرغبة في المتابعة .. يطفئ الحاسب .. يضعه جانبا .. يحاول أن ينام والأرق يمنعه .. في الصباح جاءت آنا ومعها دَيفد و بيتر .. يحملون معهم زهورا .. آنا : أمك وصلت إلى دنفر أمس .. وغدا ستكون هنا معنا  بيلي : أليست قلقة بشأني  آنا : تبدوا بعض الشيء كذلك ، لكنني طمأنتها  بيتر : جميع أعضاء الفريق يسألون عنك وعن صحتك ، وينتظرون عودتك السريعة ديفد : في الحقيقة بيلي .. جئنا لنودعك .. لقد جد جديد في مركز الأبحاث ونحن مضطرون إلى العودة إلى الهوائي .. لست أدري إن أمكنني شرح المزيد (ويلتفت نحو بيتر) يومئ له بيتر موافقا ، فيكمل ديفد : يبدوا أننا التقطنا إشارة جديدة .. وهذه المرة يبدوا الأمر جديا .. يبتهج بيلي : هل صحيح هذا الأمر بيتر ..؟ بيتر : نعم بيلي .. هي إشارة مخالفة لكل ما رصدناه من قبل  ديفد : إننا في لحظات تاريخية بيلي ، وإذا نجح الأمر فسيكتب اسميكما أنت وبول على شاشات الأخبار وستنشر صورتك على غلاف مجلة التايم لهذا العام  بيتر : أجل .. لذلك يجب أن نعود إلى الهوائي ولا نضيع الوقت .. بول يستحق منا جهدا إضافيا في إتمام ما بدأه و أنت أيضا .. برنامجكما يبلي حسنا بيلي  بيلي : متى أستطيع اللحاق بكم ..؟ آنا : ليس قبل أن تتعافى نهائيا .. مازال أمامك وقت نقاهة  ثم انصرف الجميع ... مساءا وبول يحاول أن يتلهى ببعض ألعاب الفيديو، يصيبه فتور وكآبة .. يغلق الحاسب ويضعه جانبا .. يلتقط مجلة ، يقلب أوراقها : لو كان بول حيا ، لأقام الدنيا ولم يقعدها، كان ينتظر هذه اللحظة منذ بدئنا العمل، كنا نعلم أن برنامجنا كفيل بأن يساعد في التقاط الموجات العالية التي فشلوا في التقاطها من قبل ، منذ سنوات وهم يحاولون جاهدين التقاط إشارات حياة من أقاصي المجرة ولم يستطيعوا غير تلمس بعض الفوضى والتشويش ... سيكون فتحا كبيرا في العلم وحدثا فارقا في هذا القرن .. يستطيع بول أن ينام هانئ البال لأن العالم سيذكره وسيذكرني معه ... نعم لن آسى على صديقي ... وضع المجلة وحاول أن ينام .. لم يستطع .. فتح عيناه لتقعا على كتابيه .. هدية مستر ريتش .. تناول واحدا منهما، فإذا عنوانه "هكذا تكلم زرادشت" ،"كتاب لكل الناس وليس لأحد" ؟؟؟ بدى العجب على محيا بيلي وقال في نفسه من كاتب هذه الطلاسم ، فقرأ "الفيلسوف الألماني الشهير فريدريك نيتشه" .. قلّب أوراقه ، تناول فهرس موضوعاته فلفت نظره عنوان يقول "تخير لنفسك الموت" ؟؟؟ فقرأ .. وإذا بنيتشه يكلمه على لسان زرادشت قائلا : كثيرٌ من يتأخرون في موتهم ، وكثير من يبكرون. فاذا قال قائل للناس بالموت في الزمن المناسب ، رفعوا عقيرتهم مستغربين . وأنا أُعَلم الناس أن يموتوا في الوقت المناسب . ولكن أنى لمن يعرف الحياة أن يتخير الموت في أوانه ؟ ... أفما كان خيرا للدخلاء على الحياة لو أنهم لم يولدوا . ولكن هؤلاء الدخلاء يريدون أن يولي الناس أهمية كبرى لموتهم ، وكم من نواة تباهي بأنها كسرت وهي جوفاء .. من الناس من لا يتجاوزون بأعمارهم الحد اللائق بالحقائق والظفر بها... ومن الناس من يدب الهرم إلى قلوبهم أولا ، ومنهم من يدب الهرم إلى عقولهم ، ومنهم من يشيخون في ربيع الحياة ، غير أن من يبلغ الشباب متأخرا يحتفظ بشبابه أمدا طويلا .. ومن الناس من ضلوا السبيل في حياتهم ، فأضاعوا عمرهم ، فعلى هؤلاء أن يعملوا على بلوغ التوفيق في موتهم على الأقل .. وبيلي لا ينفك حريصا على تفكيك شيفرا هذه المعاني المركبة يقول في نفسه : إلى أين يريد أن يصل هذا المعتوه ؟ .. حتى بلغ قوله : والحق أن ذلك العبراني الذي يمجده المبشرون بالموت البطيء قد مات قبل أوانه ، ولم يزل جم غفير يعتقد بأن ميتته المبكرة كانت مقدورة عليه .. وما كان هذا المسيح العبراني قد عرف غير دموع قومه وأحزانهم وكيد أهل الصلاح والعدل ، لذلك راودته فجأة شهوة الفناء . ولو أنه بقي في الصحراء بعيدا عن أهل الصلاح والعدل لكان تعلم حب الحياة وحب الأرض ، ولكان تعلم الضحك أيضاً .  صدقوني، أيها الإخوة ، إن المسيح قد مات قبل أوانه ، ولو أنه بلغ العمر الذي بلغتُ ، لكان جحد تعاليمه ...  وبول أيضا مات قبل أوانه .. أردف بيلي وهو يقلب صفحات الأحجية متسائلا: هل هناك في الحياة حقيقة غير ما نرى وما نسمع ..؟ ماذا يريد منا هذا المخبول ..؟ لو عاش هو أيضا إلى زمننا هذا لجحد كتابه هذا .. حتى استوقفه عنوان يقول " المخدوعون بالعالم الثاني " فقرأ:

كتبت يوم ما من أيام عام 2011 م

Second life

في اليل وبعد أن غادرت آنا .. يتصفح بيلي موقعه على الإنترنت .. بريده الإلكتروني مملوء بالرسائل .. وصفحته على "الماي سبيس" و"الفيس بوك" لا تزال كما هي منذ آخر زيارة له .. وصفحة بول أيضا .. آخر تعليق له على أنثوني يقول فيه : صورتك مريعة .. شعرك الأصفر المنفوش مثل مكنسة الساحرات ههههههههههههههههه ... ويبتسم بيلي ثم يعاوده الوجوم وهو يتأمل صور بول وبعض مقاطع الفيديو التي يظهر فيها معه وهما في "الماتشو بكشو" مدينة الإنكا الساحرة أعلى جبال البيرو ... كم كان صيفا ممتعا .. مر كل ذلك كلمح البصر .. هل يعلم أصدقائهما على الإنترنت بالحادثة..؟ .. كيف سيعلم الجميع بأن بول قد مات .. وبأن صفحاته ستتجمد كما هي ومشاركاته ستنقطع ..؟.. إن هذا لشيء محزن حقا ... ثم يعرج على لعبتهما المفضلة "الساكند لايف" إنها الحياة الثانية .. الحياة الأخرى .. لقد اكتفى بيلي بشخصية واحدة .. لكن بول شارك بأكثر من وجه واستطاع ان يكسب اكثر منه بكثير .. لقد كان يساعده عندما يقع في المشاكل في الحياة الثانية .. واليوم يقف بيلي حائرا .. بول كان حذقا في العالم الافتراضي لكنه فقد الحياة الحقيقية .. ما معنى كل هذا .. إذا كان فتى بهذه الوسامة والصحة وبهذا النشاط وهذه الحيوية ينتهي في رمشة عين ويصبح كأن لم يكن .. كالخيال العابر للذاكرة .. 
هل كان حقا معنا في هذه الحياة ؟ (يسأل بيلي نفسه )
لولا آثاره هذه .. لشككت حقا .. ألا يكون كل هذا حلما كبيرا .. ألا تكون الحياة لعبة حقيرة .. (وهو ممدد على السرير لا يحس بأطرافه السفلى)
ثم يفقد الرغبة في المتابعة .. يطفئ الحاسب .. يضعه جانبا .. يحاول أن ينام والأرق يمنعه ..
في الصباح جاءت آنا ومعها دَيفد و بيتر .. يحملون معهم زهورا ..
آنا : أمك وصلت إلى دنفر أمس .. وغدا ستكون هنا معنا 
بيلي : أليست قلقة بشأني 
آنا : تبدوا بعض الشيء كذلك ، لكنني طمأنتها 
بيتر : جميع أعضاء الفريق يسألون عنك وعن صحتك ، وينتظرون عودتك السريعة
ديفد : في الحقيقة بيلي .. جئنا لنودعك .. لقد جد جديد في مركز الأبحاث ونحن مضطرون إلى العودة إلى الهوائي .. لست أدري إن أمكنني شرح المزيد (ويلتفت نحو بيتر)
يومئ له بيتر موافقا ، فيكمل ديفد : يبدوا أننا التقطنا إشارة جديدة .. وهذه المرة يبدوا الأمر جديا ..
يبتهج بيلي : هل صحيح هذا الأمر بيتر ..؟
بيتر : نعم بيلي .. هي إشارة مخالفة لكل ما رصدناه من قبل 
ديفد : إننا في لحظات تاريخية بيلي ، وإذا نجح الأمر فسيكتب اسميكما أنت وبول على شاشات الأخبار وستنشر صورتك على غلاف مجلة التايم لهذا العام 
بيتر : أجل .. لذلك يجب أن نعود إلى الهوائي ولا نضيع الوقت .. بول يستحق منا جهدا إضافيا في إتمام ما بدأه و أنت أيضا .. برنامجكما يبلي حسنا بيلي 
بيلي : متى أستطيع اللحاق بكم ..؟
آنا : ليس قبل أن تتعافى نهائيا .. مازال أمامك وقت نقاهة 
ثم انصرف الجميع ...
مساءا وبول يحاول أن يتلهى ببعض ألعاب الفيديو، يصيبه فتور وكآبة .. يغلق الحاسب ويضعه جانبا .. يلتقط مجلة ، يقلب أوراقها :
لو كان بول حيا ، لأقام الدنيا ولم يقعدها، كان ينتظر هذه اللحظة منذ بدئنا العمل، كنا نعلم أن برنامجنا كفيل بأن يساعد في التقاط الموجات العالية التي فشلوا في التقاطها من قبل ، منذ سنوات وهم يحاولون جاهدين التقاط إشارات حياة من أقاصي المجرة ولم يستطيعوا غير تلمس بعض الفوضى والتشويش ...
سيكون فتحا كبيرا في العلم وحدثا فارقا في هذا القرن .. يستطيع بول أن ينام هانئ البال لأن العالم سيذكره وسيذكرني معه ... نعم لن آسى على صديقي ...
وضع المجلة وحاول أن ينام .. لم يستطع .. فتح عيناه لتقعا على كتابيه .. هدية مستر ريتش .. تناول واحدا منهما، فإذا عنوانه "هكذا تكلم زرادشت" ،"كتاب لكل الناس وليس لأحد" ؟؟؟ بدى العجب على محيا بيلي وقال في نفسه من كاتب هذه الطلاسم ، فقرأ "الفيلسوف الألماني الشهير فريدريك نيتشه" .. قلّب أوراقه ، تناول فهرس موضوعاته فلفت نظره عنوان يقول "تخير لنفسك الموت" ؟؟؟ فقرأ .. وإذا بنيتشه يكلمه على لسان زرادشت قائلا :
كثيرٌ من يتأخرون في موتهم ، وكثير من يبكرون. فاذا قال قائل للناس بالموت في الزمن المناسب ، رفعوا عقيرتهم مستغربين . وأنا أُعَلم الناس أن يموتوا في الوقت المناسب . ولكن أنى لمن يعرف الحياة أن يتخير الموت في أوانه ؟ ...
أفما كان خيرا للدخلاء على الحياة لو أنهم لم يولدوا . ولكن هؤلاء الدخلاء يريدون أن يولي الناس أهمية كبرى لموتهم ، وكم من نواة تباهي بأنها كسرت وهي جوفاء ..
من الناس من لا يتجاوزون بأعمارهم الحد اللائق بالحقائق والظفر بها...
ومن الناس من يدب الهرم إلى قلوبهم أولا ، ومنهم من يدب الهرم إلى عقولهم ، ومنهم من يشيخون في ربيع الحياة ، غير أن من يبلغ الشباب متأخرا يحتفظ بشبابه أمدا طويلا ..
ومن الناس من ضلوا السبيل في حياتهم ، فأضاعوا عمرهم ، فعلى هؤلاء أن يعملوا على بلوغ التوفيق في موتهم على الأقل ..
وبيلي لا ينفك حريصا على تفكيك شيفرا هذه المعاني المركبة يقول في نفسه : إلى أين يريد أن يصل هذا المعتوه ؟ .. حتى بلغ قوله :
والحق أن ذلك العبراني الذي يمجده المبشرون بالموت البطيء قد مات قبل أوانه ، ولم يزل جم غفير يعتقد بأن ميتته المبكرة كانت مقدورة عليه ..
وما كان هذا المسيح العبراني قد عرف غير دموع قومه وأحزانهم وكيد أهل الصلاح والعدل ، لذلك راودته فجأة شهوة الفناء .
ولو أنه بقي في الصحراء بعيدا عن أهل الصلاح والعدل لكان تعلم حب الحياة وحب الأرض ، ولكان تعلم الضحك أيضاً . 
صدقوني، أيها الإخوة ، إن المسيح قد مات قبل أوانه ، ولو أنه بلغ العمر الذي بلغتُ ، لكان جحد تعاليمه ... 
وبول أيضا مات قبل أوانه .. أردف بيلي وهو يقلب صفحات الأحجية متسائلا: هل هناك في الحياة حقيقة غير ما نرى وما نسمع ..؟ ماذا يريد منا هذا المخبول ..؟ لو عاش هو أيضا إلى زمننا هذا لجحد كتابه هذا .. حتى استوقفه عنوان يقول " المخدوعون بالعالم الثاني " فقرأ:

استمع إلى البودكاست الإذاعي للحلقة من هنا :


#قصة #رواية # #باسكال #كاليفورنيا #Second #life

يتم التشغيل بواسطة Blogger.