الشيطان والإنسان: القصة -6- بيت الله

0
الفصل السادس  آدم النبي .. يتلقى شريعة الحياة من ربه .. الشريعة الضابطة لعيشه وعيش بنيه على الأرض .. منهاج البشرية وطريقها الذي رسمه الخالق العظيم لها .. الطريق الوحيد الذي يضمن لها حياة سليمة في تناغم وتكامل مع محيطها .. ولتعيش بسلام وطمئنان مع مخلوقات الله ..  شريعة للبشر .. مثلما لكل مخلوق شريعة يتبعها في الحياة ...  مثلما أسلمت المخلوقات نواصيها لله طوعا أو كرها .. يهديها سبل العيش في توازن وانطباط .. لا يبغي بعضها على بعض ، إلا بالقدر الذي تتزن فيه الحياة ويحفظ عذرية الأرض .. يسلم الإنسان إرادته الحرة بكل رضا لخاقه الحكيم .. وكله ثقة وإيمان بأن الله سيهديه سبل السلام على أرض ..  هي شريعة السلام .. شريعة الإسلام لله الخالق الحكيم ... آدم مع بنيه يبني بيتا لله على الأرض .. بيتٌ يعبد فيه الخالق العظيم وتحفظ به شريعته .. بيت يربط قلوب البشر جميعا .. تجذب قلوبهم إليه قوة الإيمان بأن الله وحده هو الخالق لكل هذا الجمال .. فتطوف من حوله كتل أجسادهم في تناغم مع حركة الكون ورقصات أجرامه .. مثلما تطوف النجوم بمراكز مجراتها .. ليكونوا نجوما تشع في ظلمة الدنيا .. قناديلا تنير الحياة. آدم عليه السلام ، وقد عركته سنين الحياة و أشعل شقاء الدنيا رأسه شيبا ، يتتبع بنيه وهم يسعون على هذه الأرض .. يتتبع التزام هذا المجتمع بعهد الله و شريعته .. ويحرص على سلامة الصدور وصفائها بين الإخوة .. رغم كل مجهوداته ، ورغم بذل حواء وعطائها .. مازال يلحظ من تصرفات بنيه ما يقلقه .. خصومات .. نزاعات .. مظالم .. يشتَمُّ من ورائها رائحة اضطرام جمر الحقد والبغض في تلك الصدور .. رائحة تزداد يوما بعد يوم .. تزكم الأنف .. وتتصاعد أعمدة دخان في الأفق القادم ، مؤذنة بنشوب نار الخلاف بين الإخوة ..!!  تنقبض نفس آدم وهو يرسل بصيرته إلى بعيد .. تضطرب أنفاسه وتبدو لعينيه حمرة .. إنه يخشى أن يخصر المعركة .. كل جهود البناء التي بذلها في إقامة هذا المجتمع ، يحسها تنهار ، ويد اللعين تلعب في الخفاء مخربة .. إنها تنبش في الأسس ..في القواعد ليخر السقف على الجميع .. آدم يدرك أن عظم البلوى أن تؤتى من داخلك .. بأن ينهار تماسكك .. وتنفك أواسر التلاحم والترابط بين الأحباب .. عندها يسهل على اللعين وجنده التفرد بكل على حدة .. وثمة عين الهزيمة .. ما أسهل الصراع لو كان وجها لوجه .. ندا لند.. إذا لاصطفّ البشر صفا واحدا مرصوصا ، وبادروا اللعين وجنده بالهجوم .. ولكانت بشاعة الشيطان وحدها كفيلة بأن تزيدهم كرها له وإقداما على حربه ... لكن الواقع أصعب ، والمعركة أعقد بكثير .. والعدو أضعف من أن يواجهك ..!!  لكنه خبيث ..!! خبيث ولا تنقصه الخسة ..!!   لغط من حول العرش المظلم .. ورشة عمل صاخبة .. تتوافد الأخبار من كل أقطار الأرض .. غير أنه لا اهتمام للشيطان بغير شأن هؤلاء البشر .. مستفرغا كل جهده وكل وقته في دراسة أحوالهم وتتبعها .. لا يغفر لنفسه ولا لجنده لحظات الفشل والإنتكاس في المعارك الدائرة .. يجزر وينهر جمع العفاريت المقربين من حوله .. ويفض شملهم طالبا خلوة كما تعود إذا ما لاح له خطب عسير ......  يحيره هذا الجنس البشري .. إنهم يمتلكون قدرات لا يفهمها ..!! صحيح أن بنيتهم الجسدية تبدو ضعيفة .. وأن قواهم الحسية لا تقارن بما يملكه وما لدى أتباعه .. إلا أنه ثمة لديهم قوة خفية ..!!  .. لا يدري .. لكنه يدرك جيدا ، أنها سلاح رهيب .. ورهيب جدا ..!!  آدم عليه السلام في مجلسه ، وقد أدنى إليه الصالحين من أبنائه .. يستفرغ ما وسعه الجهد والوقت نصحا وإرشادا لهم .. إنه يضع كل آماله فيهم لإنجاح المهمة الملقاة على عاتق الإنسانية ... هو يدرك أن دوره لم يتبقى منه الكثير في هذه الحياة .. وهو لا يريد أن يدع من علمه وخبرته شيئا إلا أورثهم إياه .. فالمعركة صعبة وعصيبة .. حرب صامتة و لا تكاد تبين .. غير أن لها صخبا عنيفا بين جوانح الأنفس .. .. عليه السلام .. يعلم أنها لو استمرت على هذه الحال دونما علاج .. فإنها قد تستحيل معارك ضارية بين الإخوة .. تبدأ مناوشات بالألسنة ، فلا يُكبح جماحها حتى تصير إلى الأسنة ..!! .. فحقد يتفجر ، فدم يراق ، وأسى يسيل .. خطب وبيل ..!!  تستعصي الأحرف في حلقه عليه السلام وهو يستحضر هذه الصورة .. والصالحين من حوله مطرقين .. هل في الإمكان حدوث مثل مذا ..؟؟ - أجل .. وقريبا جدا ..!!  كيف والحق واضح والخير جميل ..؟ .. كيف يخطئ الإنسان هذا النور الرباني وينحدر إلى هاوية الظلام ..؟ أليس الباطل قاتما والشر كريه ..؟  قد يقتبس الباطل شيئا من نور الحق ، وقد يتلون الشر بشيء من جمال الخير فيتأنق ويتزين بألوان ومساحيق تخفي قبحه .. قد يأسر القلب والهوى .. وقد يخدع العقل أو يخذره .. غير أنه لن يستطيع مهما فعل حبس نتنه المنبعث من وراء كل ذلك التزييف .. غير أن نفسا تديم استهلاك مثل هذه السموم .. إلى أي شيء قد تصير ..؟!! .

الفصل السادس

آدم النبي .. يتلقى شريعة الحياة من ربه .. الشريعة الضابطة لعيشه وعيش بنيه على الأرض .. منهاج البشرية وطريقها الذي رسمه الخالق العظيم لها .. الطريق الوحيد الذي يضمن لها حياة سليمة في تناغم وتكامل مع محيطها .. ولتعيش بسلام وطمئنان مع مخلوقات الله .. 
شريعة للبشر .. مثلما لكل مخلوق شريعة يتبعها في الحياة ... 
مثلما أسلمت المخلوقات نواصيها لله طوعا أو كرها .. يهديها سبل العيش في توازن وانطباط .. لا يبغي بعضها على بعض ، إلا بالقدر الذي تتزن فيه الحياة ويحفظ عذرية الأرض ..
يسلم الإنسان إرادته الحرة بكل رضا لخاقه الحكيم .. وكله ثقة وإيمان بأن الله سيهديه سبل السلام على أرض .. 
هي شريعة السلام .. شريعة الإسلام لله الخالق الحكيم ...
آدم مع بنيه يبني بيتا لله على الأرض .. بيتٌ يعبد فيه الخالق العظيم وتحفظ به شريعته .. بيت يربط قلوب البشر جميعا .. تجذب قلوبهم إليه قوة الإيمان بأن الله وحده هو الخالق لكل هذا الجمال .. فتطوف من حوله كتل أجسادهم في تناغم مع حركة الكون ورقصات أجرامه .. مثلما تطوف النجوم بمراكز مجراتها .. ليكونوا نجوما تشع في ظلمة الدنيا .. قناديلا تنير الحياة.
آدم عليه السلام ، وقد عركته سنين الحياة و أشعل شقاء الدنيا رأسه شيبا ، يتتبع بنيه وهم يسعون على هذه الأرض .. يتتبع التزام هذا المجتمع بعهد الله و شريعته .. ويحرص على سلامة الصدور وصفائها بين الإخوة ..
رغم كل مجهوداته ، ورغم بذل حواء وعطائها .. مازال يلحظ من تصرفات بنيه ما يقلقه .. خصومات .. نزاعات .. مظالم .. يشتَمُّ من ورائها رائحة اضطرام جمر الحقد والبغض في تلك الصدور ..
رائحة تزداد يوما بعد يوم .. تزكم الأنف .. وتتصاعد أعمدة دخان في الأفق القادم ، مؤذنة بنشوب نار الخلاف بين الإخوة ..!! 
تنقبض نفس آدم وهو يرسل بصيرته إلى بعيد .. تضطرب أنفاسه وتبدو لعينيه حمرة .. إنه يخشى أن يخصر المعركة .. كل جهود البناء التي بذلها في إقامة هذا المجتمع ، يحسها تنهار ، ويد اللعين تلعب في الخفاء مخربة .. إنها تنبش في الأسس ..في القواعد ليخر السقف على الجميع ..
آدم يدرك أن عظم البلوى أن تؤتى من داخلك .. بأن ينهار تماسكك .. وتنفك أواسر التلاحم والترابط بين الأحباب .. عندها يسهل على اللعين وجنده التفرد بكل على حدة .. وثمة عين الهزيمة .. ما أسهل الصراع لو كان وجها لوجه .. ندا لند.. إذا لاصطفّ البشر صفا واحدا مرصوصا ، وبادروا اللعين وجنده بالهجوم .. ولكانت بشاعة الشيطان وحدها كفيلة بأن تزيدهم كرها له وإقداما على حربه ...
لكن الواقع أصعب ، والمعركة أعقد بكثير .. والعدو أضعف من أن يواجهك ..!! 
لكنه خبيث ..!! خبيث ولا تنقصه الخسة ..!! 

لغط من حول العرش المظلم .. ورشة عمل صاخبة .. تتوافد الأخبار من كل أقطار الأرض .. غير أنه لا اهتمام للشيطان بغير شأن هؤلاء البشر .. مستفرغا كل جهده وكل وقته في دراسة أحوالهم وتتبعها ..
لا يغفر لنفسه ولا لجنده لحظات الفشل والإنتكاس في المعارك الدائرة ..
يجزر وينهر جمع العفاريت المقربين من حوله .. ويفض شملهم طالبا خلوة كما تعود إذا ما لاح له خطب عسير ...... 
يحيره هذا الجنس البشري .. إنهم يمتلكون قدرات لا يفهمها ..!!
صحيح أن بنيتهم الجسدية تبدو ضعيفة .. وأن قواهم الحسية لا تقارن بما يملكه وما لدى أتباعه .. إلا أنه ثمة لديهم قوة خفية ..!! 
.. لا يدري .. لكنه يدرك جيدا ، أنها سلاح رهيب .. ورهيب جدا ..!!

آدم عليه السلام في مجلسه ، وقد أدنى إليه الصالحين من أبنائه .. يستفرغ ما وسعه الجهد والوقت نصحا وإرشادا لهم .. إنه يضع كل آماله فيهم لإنجاح المهمة الملقاة على عاتق الإنسانية ...
هو يدرك أن دوره لم يتبقى منه الكثير في هذه الحياة .. وهو لا يريد أن يدع من علمه وخبرته شيئا إلا أورثهم إياه .. فالمعركة صعبة وعصيبة .. حرب صامتة و لا تكاد تبين .. غير أن لها صخبا عنيفا بين جوانح الأنفس ..
.. عليه السلام .. يعلم أنها لو استمرت على هذه الحال دونما علاج .. فإنها قد تستحيل معارك ضارية بين الإخوة .. تبدأ مناوشات بالألسنة ، فلا يُكبح جماحها حتى تصير إلى الأسنة ..!! .. فحقد يتفجر ، فدم يراق ، وأسى يسيل .. خطب وبيل ..!! 
تستعصي الأحرف في حلقه عليه السلام وهو يستحضر هذه الصورة .. والصالحين من حوله مطرقين .. هل في الإمكان حدوث مثل مذا ..؟؟
- أجل .. وقريبا جدا ..!! 
كيف والحق واضح والخير جميل ..؟ .. كيف يخطئ الإنسان هذا النور الرباني وينحدر إلى هاوية الظلام ..؟
أليس الباطل قاتما والشر كريه ..؟ 
قد يقتبس الباطل شيئا من نور الحق ، وقد يتلون الشر بشيء من جمال الخير فيتأنق ويتزين بألوان ومساحيق تخفي قبحه .. قد يأسر القلب والهوى .. وقد يخدع العقل أو يخذره .. غير أنه لن يستطيع مهما فعل حبس نتنه المنبعث من وراء كل ذلك التزييف ..
غير أن نفسا تديم استهلاك مثل هذه السموم .. إلى أي شيء قد تصير ..؟!! .

*** 

مصطفى محاوي - أوت 2004

إستمع إلى البودكاست الإذاعي للحلقة من هنا :


#قصة #رواية # #الشيطان #والإنسان: #القصة #-6- # #بيت #الله # #
يتم التشغيل بواسطة Blogger.