كتبت يوم 19 ديسمبر من عام 2012 م
الإصلاح يهدد المصالح :
التسجيل الإذاعي للمقال :
الإصلاح يهدد المصالح :
لفت انتباهي وانا أطالع كتاب "التاريخ السياسي للجزائر" للدكتور عمار بوحوش ، تشابه الحالة التي كرسها المستوطنون في تعاطيهم مع الواقع السياسي (في معرض صراعهم مع المؤسسة العسكرية الفرنسية على السلطة الفعلية في الجزائر) مع الواقع الذي نشهده الآن في جزائر ما بعد الاستقلال، يقول الدكتور عمار بوحوش عن الأحداث التي تلت سنة 1897 م:
(بقيت الجزائر لا هي مقاطعة فرنسية ولا هي مستعمرة تتحكم فيها فرنسا وإنما دولة شبه مستقلة تتحكم فيها الجالية الاوربية المهاجرة إليها وتدفع الأغلبية الساحقة من أبناء البلد الأصليين الضرائب الباهظة لتمويل مشاريع الطبقة الأوربية التي استولت على السلطة وقررت توجيه عنايتها واهتمامها إلى الناحية الاقتصادية والتمثيل السياسي وذلك بخلق مجلس المندوبين الماليين في سنة 1900 م الذي يتكون من 48 أوروبي و 21 جزائري أي عندهم أغلبية الثلثين لاتخاذ أي قرار مالي أو قانون يخدم مصالحهم الضيقة .
... (وبعد سنة 1946 م) أصروا على عدم إقرار نظام الاقتراع العام في الجزائر وإجراء انتخابات حرة بحيث يشارك فيها جميع السكان وينتخبون مجلسا نيابيا جزائريا بطريقة ديمقراطية.
وكما سنرى فيما بعد، فإن دعاة الاندماج في فرنسا أمثال بن جلول وفرحات عباس وعبد الرحمن فارس ، سيشعرون بالتذمر والمرارة من سياسة العناد والإصرار على عدم وجود تمثيل نيابي حقيقي للجزائر في المجلس الجزائري ، وينضموا في سنة 1956 م إلى قوافل الثوار ...)
يبدو أن هناك تعارضا أزليا بين الإصلاح والمصالح فرض قديما وحديثا على أصحاب السلطة رفض كل محاولات الاصلاح على احتشامها، لأنها ورغم بساطتها فهي تهدد بحرمانهم من جزء من المزايا والمصالح ، والنتيجة كانت دائما وصول أصحاب الحلول الوسطى إلى طريق مسدود ، وفي الأخير حمل الجميع شعار الثوار (الحقوق تنتزع ولا تعطى) .
والله أعلم
التسجيل الإذاعي للمقال :
#الإصلاح #يهدد #المصالح