لا... لكنه خطير ...
يقول الله الخالق العظيم تعالى:
إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا (76) النساء 76
الشيطان لا يملك إلا أن يكيد للإنسان، وحتى كيده هذا فهو أهون من أن يفل عزم المؤمنين بربهم، فالشيطان لايملك شيئا من مفاتيح السماوات ولا الأرض ... لايملك الرزق لنفسه ولا حتى عد أنفاسه ... الله الخالق العظيم هو من يرزقه ويهبه الحياة لحظة بلحظة ونفسا بنفس ...
لكنها الغواية التي تطغي جبابرة الأرض، إذا ما ملكو حظا من متاع الدنيا ورأو طائفة من رقاب البعض ذلت لهم، تراهم يحسبون أنهم ملكوا كل الحياة وحكموا كل الخلق ...
إنها الغواية التي توحي لصاحبها بأنه يملك القوة على فعل ما يشاء بمن يريد، والشيطان أقدم الجبابرة ومملكته أعرق الممالك ...
الشيطان لا يملك من القوة إلا التي يستمدها من الإنسان ذاته ... فلايستطيع تغيير وقائع الحياة إلا إذا تماهى مع غرائز الإنسان ودوافعه، لأن الإنسان وحده من يغير الحياة لا الشيطان ...
الإنسان يفعل بيديه، بعد أن تعترك أفكاره التي يحاول الشيطان أن يستثير بعضها على بعض بنفثه ووساوسه ودعايته ... حتى إذا ما رأى نور الله بازغا من قلب الإنسان يحرق تدليسه، لم يسعه حينها إلا النفخ عليه:
يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (32) التوبة 32
لأنه كمَثل الوحش المفترس، يخشى مواجهة الإنسان، وهي خشية فطرية فيه مثلما تهاب سباع الأرض عادة الإنسان وتفر منه، لأجل ذلك لا يبادره بالهجوم إلا بغتة من الخلف أو في جنح الظلام ... ولأجل ذلك يهوى التخفي والتستر وينآى بنفسه عن مواجهة الحياة إلا من وراء حجاب ...
نعم الشيطان يملك ... على من كفر من بني جنسه من الجن، ومن أراد طوعا أن يكون في خدمته من الإنس، وهو بهما يحاول أن يدير معركته مع الله وخليفته الإنسان على الأرض ...
قال محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم:
إن إبليس يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه فأدناهم منه منزلة، أعظمهم فتنة. رواه مسلم
يحاول بذلك التحكم في مسار الحياة على الأرض، بإحكام سيطرته على البشر كل البشر، حتى أنه ليرصد شيطانا من جنوده لكل إنسان من أبناء آدم وحواء، مثلما ذكر ترتوليان أحد الآباء الأولين (المتوفي سنة 230 م).
ولو كان ملكه هذا ليقهر به إيمان إنسان واحد، لما تحداه الله العظيم في أن يحشر ملكه كله وعدته وعتاده وحيلته ودهاءه وينقض به على البشر...
قال الله العظيم للشيطان الرجيم:
وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُم بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ ۚ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (64) الإسراء 64
لأن الله خالقه وخالقهم، يعلم ضعف كيده ومحدودية قدرته ... وإنما يملي له ليتم كامل فرصته في الحياة، لتشهد عليه نفسه وأفعاله، وتشهد الحياة كلها صَغَار الشيطان وعظمة الله وكرمه، ليحق الله الحق بكلماته ويبطل ما كان يعمل الظالمون
بل لشدة ضعفه، إنه لمستعد أن يتنازل عن ملكه هذا وعن أعز حلفائه في ساح المعركة، يوم يرى أمواج الحق الهادرة تفتك بأركان مملكته:
كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (16) الحشر 16
#هل #الشيطان #قوي #؟