فلسفة : ورقة بحث : تاريخ العلوم بين التراكم والقطيعة

0
#The #philosophy #of #the #history #of #science #between #accumulation #and #estrangement     مفهوم تاريخ العلوم له شهادة ميلاد في اعمال كتاب القرن الثامن عشر الفرنسيين، وبخاصه فونتونال وكندوروسيه، فانبعاثه في اعمال كوبرنيك وفيزال، ثم في اعمال جاليلي.  إن الاسلوب الفرنسي لتاريخ العلوم وللممارسة الابستمولوجية قد تأسس مع كونت بصوره عامه ثم تطور مع كلود برنار في القرن التاسع عشر ليعرف أوجه مع باشلار، وكافاياس وكويريه وكانغيلام في القرن العشرين.  ويرى الأستاذ الدكتور رشدي راشد أن تاريخ العلوم، كما يتبادر في كتابات المنتسبين إليهِ لا يمثل فناً مختصاً، بل ميدان نشاط. إذ ينقصه مبدأ التوحّد الذي قد يمنحه القدرة والوسائل الكفيلة بتمييزه، بل هو يتوسع توسعاً غير محدود وذلك بإضافات متواترة، إنه عنوان لمواضيع مختلفة ومتنافرة وليس فناً مختصاً ذا تعريف إجرائي.  ويرى البعض، وهم غالبية، أن تاريخ العلوم هو تاريخ للأفكار بالمعنى المعروف للعبارة أي تاريخ للعقليات. في حين يرى البعض الآخر، وهم أكثر صرامة وفطنة، أن تاريخ العلوم هو تاريخ المفاهيم العلمية، تاريخ تكوّنها وتطوّرها وتعديلها. ويرى آخرون، وهم مؤرخون في أصل تكوينهم، أنه لا يبالي بالمفاهيم وبطبيعتها الخاصة، بل أن تاريخ العلوم قد يكون تاريخ إنتاج ثقافي على غرار تاريخ الرسم أو تاريخ الأديان. ولنذكر أيضاً أولئك الذين يجعلون منه ضرباً من علم النفس الاجتماعي للعلماء، وكذلك الذين يجعلون منه علم اجتماع ميداني على النحو الذي تطوّر عليه علم الاجتماع إثر الحرب العالمية الثانية بالولايات المتحدة على وجه الخصوص، أي علم اجتماع للجماعات والمخابر والمؤسسات.

مقدمة: المفهوم ومحاولة التعريف

مفهوم تاريخ العلوم له شهادة ميلاد في اعمال كتاب القرن الثامن عشر الفرنسيين، وبخاصه فونتونال وكندوروسيه، فانبعاثه في اعمال كوبرنيك وفيزال، ثم في اعمال جاليلي.

إن الاسلوب الفرنسي لتاريخ العلوم وللممارسة الابستمولوجية قد تأسس مع كونت بصوره عامه ثم تطور مع كلود برنار في القرن التاسع عشر ليعرف أوجه مع باشلار، وكافاياس وكويريه وكانغيلام في القرن العشرين.

ويرى الأستاذ الدكتور رشدي راشد أن تاريخ العلوم، كما يتبادر في كتابات المنتسبين إليهِ لا يمثل فناً مختصاً، بل ميدان نشاط. إذ ينقصه مبدأ التوحّد الذي قد يمنحه القدرة والوسائل الكفيلة بتمييزه، بل هو يتوسع توسعاً غير محدود وذلك بإضافات متواترة، إنه عنوان لمواضيع مختلفة ومتنافرة وليس فناً مختصاً ذا تعريف إجرائي.

ويرى البعض، وهم غالبية، أن تاريخ العلوم هو تاريخ للأفكار بالمعنى المعروف للعبارة أي تاريخ للعقليات. في حين يرى البعض الآخر، وهم أكثر صرامة وفطنة، أن تاريخ العلوم هو تاريخ المفاهيم العلمية، تاريخ تكوّنها وتطوّرها وتعديلها. ويرى آخرون، وهم مؤرخون في أصل تكوينهم، أنه لا يبالي بالمفاهيم وبطبيعتها الخاصة، بل أن تاريخ العلوم قد يكون تاريخ إنتاج ثقافي على غرار تاريخ الرسم أو تاريخ الأديان. ولنذكر أيضاً أولئك الذين يجعلون منه ضرباً من علم النفس الاجتماعي للعلماء، وكذلك الذين يجعلون منه علم اجتماع ميداني على النحو الذي تطوّر عليه علم الاجتماع إثر الحرب العالمية الثانية بالولايات المتحدة على وجه الخصوص، أي علم اجتماع للجماعات والمخابر والمؤسسات.

الابستمولوجيا الفرنسية: منهج التراكم

تاريخ العلوم يحتكم الى فلسفة أو نظريه ينقاد بها في هذا التاريخ، وهذه النظرية الابستمولوجيه هي ما يميز بصورة عامة الابستمولوجية والتاريخ الفرنسي أو كما يقول كانغيلام متحدثا عن ممارسة كونت للتاريخ (الأسلوب الفرنسي لتاريخ العلوم)، ميزة هذا الاسلوب هي الاحتكام الى نظرية، والبحث عن القوانين العامة التي تربط بين المفاهيم العلمية، وتؤسسها من أجل التقدم بها.

وهذا الاسلوب الفرنسي لإن بدأ مع كونت فإنه سيتطور في مشاريع تانوري ويجد اكتماله في أعمال كافاياس الخاصة بالرياضيات، وأعمال باشلار المتعلقة بالفيزياء الرياضية، واخيرا أعمال كانغيلام الذي يتخذ لنفسه مجالا آخر غير مجال أستاذيه باشلار وكافياس.

ان الاسلوب الفرنسي يعني اختبار تاريخ أي علم هو خلاصة قراءة مكتبة كامله مختصة، بداية من الألواح والبرديات الى الاقراص المغناطيسية مرورا ببدايات الطباعة.

هذه المكتبة وان كانت مكتبه مثاليه فإنها تمثل في الحقيقة مجموعة آثار ذلك العلم ورسومه، وتتمثل كلية الماضي في هذه الرسوم، وكأنها مجال متصل نستطيع ان ننقل عليه تبعا لأهمية اللحظة نقطة انطلاق التقدم وسيكون طرف التقدم الحالة الراهنة للعلم او للاهتمام.

وإن بدى هذا الأسلوب الفرنسي يميل إلى التراكمية والاتصال في منهجه، لكن تاريخ العلم لا يخلو من مراحل انفصال واضحة تقطع ذلك الاتساق المفترض، يقول الدكتور رشدي راشد ما مفاده: أنه يُعرض التمييز بين ما قبل العلمي والعلمي كما لو كان تمييزاً قطعياً يخضع له تاريخ العلوم بكليته. ويفهم هذا التقابل دائماً بمعنى تاريخي ومنطقي معاً. أي أن ما قبل العلمي يسبق دائماً منطقياً وتاريخياً ما هو علمي. وبمقتضى هذا التصور يزعم البعض أن القطيعة الحاسمة بينهما قد تمت جوهرياً في القرن السابع عشر.

مثال ذلك، إذا نعتت فيزياء أرسطو ونظرية العقد الاجتماعي بما قبل العلمية فبمعنى أن كلتيهما نظرية تخص تجربة معاشه - تجربة حركة النقلة أو تجربة الاقتراع في مجلس ما - ويعتقد أنها نسقية ومنسجمة. أما الداروينية الاجتماعية والفيزياء الاجتماعية، فينعتان بقبل العلمية، بمعنى أن كليهما يمثل علماً أُلحق بميدان مغاير لميدانه الأصلي، وتنعت مناظر إقليدس والإسهامات الحدّية (في الاقتصاد) بما قبل العلمية بمعنى المعرفة «الخالصة» الناتجة من تطبيق مباشر للرياضيات على نظريات تخص التجربة المعاشه، تجربة الإبصار المباشر وتجربة توزيع الخيرات. أخيراً تنعت بما قبل العلمية نماذج ترتاليا في "المدفعية" وكوندرسيه في العلوم الاجتماعية أو فون نیومان (Von Newmnan) في الاقتصاد باعتبارها تطبيقات غير مباشرة للرياضيات على نظرية عن التجربة المعاشه بحيث يكون هذا التطبيق معتمداً على قياس مع اختصاص ثالث.

هنا لا يمكن تجاهل التعديلات المنهجية والمراجعات التي طرأت على الأسلوب الفرنسي، هذه المراجعة وهذا التشطيب هو ما يعبر عنه باشلار بالقطيعة الايبيستمولوجية وما يعبر عنه كافاياس بالانكسار وكويرييه بالتحول الفجائي او النقلة النوعية، ويقدم كانغيلام طريقته في كتابه تاريخ العلوم وهي التي تسمى بالاستردادية والتراجعية، حيث يقول:

توجد طريقه اخرى في كتابه تاريخ العلوم غير تلك التي تسعى الى اقامة التواصل الخفي لتقدم الفكر، انها تلك التي تسعى الى جعل وضعية ما، قابلة للإدراك ومؤثرة، وكذا الأمر بالنسبة الى سلطة القطيعة المميزة للابتكار ما.

يعني بذلك ابرازه نقطة انطلاق التقدم او التحول في المفهوم والمنهج او التركيب التجريبي.

منهج القطيعة:

بحسب الدكتور رشدي راشد فالمعارف ما قبل العلمية هي إذن متعدّدة، وهي أيضا متفاوتة القيمة. فمع أنها تنطلق كلها من نظرية ما في التجربة المعاشه، ومع كونها تخضع إلى المعايير نفسها التي سبق عرضها، فإن أهدافها مختلفة وكذلك قدراتها التفسيرية ودرجة رقابتها لتركيبها اللغوي ولتقنيتها. لذلك، لا يمكن أن تكون لهذه المعارف نفس العلاقات مع العلم المقبل.

صحيح أن العلم المقبل إنما يتكون في تضاد وبقطيعة معها وهذا ما قيل مراراً، لكن القطيعة لا يكون لها في كل الحالات نفس المدى. فمع أن القطيعة مع نظرية التجربة ومع معاييرها تحدث دائماً في العمق، فإنها تسلك سبلاً لا تفتأ عن التباعد.

هكذا كان شأن علم المناظر مع ابن الهيثم، فإن قطيعته مع نظريات سابقيه تتمثل في فصل شروط انتشار الضوء عن شروط الرؤية، بحيث لا يؤخذ بعين الاعتبار في خصوص الأولى إلا أشياء مادية –«أصغر أجزاء الضوء» - لا تحمل من الصفات إلا التي تخضع إلى رقابة هندسية وتجريبية تاركة جانباً الكيفيات الحسية باستثناء تلك المتعلقة بالطاقة. ومع عمق هذه القطيعة - إذ مكنت مع إدراج ضرب جديد من البرهان في علم المناظر وفي العلم الطبيعي - فإنها لم تحصل بنفس الحال مع مناظر أقليدس ولا مع نظرية الإبصار الأرسطية. كذلك كان الشأن في الميكانيكا، فجاليليو كان أوّل من استطاع التمييز داخل نظريات الحركة بين ما هو عائد إلى علم الحركة (cinématique) وما يعود إلى الديناميكا، بحيث لا يؤخذ بعين الاعتبار إلا العلاقات بين أوضاع الأشياء المادية عبر الزمان. فلم تعد تكتسي إلا صفات يمكن مراقبتها هندسياً وتجريبياً إذ أقصيت كل الصفات الحسية ما عدا صفة مقاومة الحركة.

ويرى الدكتور رشدي راشد كذلك أن القطيعة تتم مع نظريات التجربة المعاشة - ومع معايير تطويرها في آن واحد - بفضل تصوّر لموضوع يحتوي على قانون للإجراء العملي وللحكم. فلا تكون المعرفة الناتجة (من القطيعة) متضمّنة لقوة تراكمية فحسب، بل إنها لا تحقق فعليا التراكم إلا بفضل تعديل مستمر لكيفية فهمها، وتبرز الصيغ الجديدة أثناء عمليات التعديل هذا، فإذا فكرنا بمفاهيم جاهزة سلفاً، فإنه يمكن القول إن الانفصالات والاتصالات مرسومة بعضها في بعض.

وقد تسمى أحياناً هذه القطيعة «ثورات» إشارة إلى الانتقال من نظرية إلى أخرى، من ميكانيك جاليليو ونيوتن إلى النسبية الخاصة، ومن هذه مع الكهردينامية والدينامية الحرارية المتصلة إلى نظرية الكوانطا (théorie des quanta ). ما يقصد هنا هو ظهور صيغ جديدة للعمل نفسه تعيد في كل مرة تحديد موضوعه، لكن بدون استبداله بموضوع آخر مغاير كما كان حال المعرفة ما قبل العلمية.

ملاحظة: تجاهل وتباين

هنالك عدم انفتاح وتجاهل يلاحظ عند الكتاب الأنجلوسكسون من ناحية، وعند كتاب القارة الأوروبية وبخاصه فرنسا من ناحية ثانية، حيث يغلب عليهم تجاهل بعضهم البعض، وهذا التجاهل المتبادل هو ظاهرة لفتت اهتمام الجيل الجديد من المطلعين بشؤون الفكر الفلسفي على ضفتي المحيط الاطلسي فحاولوا رصدها وفهم أبعادها،

كما يلاحظ عدم اهتمام الكتاب في الجزر البريطانية وبعض البلدان الأمريكية بالأسلوب الفرنسي في الأبستمولوجيا سواء في وجهه التحليلي او الفينومينولوجي، كما لا يذكر في تلك البلدان القائلون بالقطيعة والقائلون بالاتصال في مسيره التقدم العلمي.



مراجع:

1- مقال: تاريخ العلوم فيما بين فلسفة العلوم والتاريخ - أ‌.د. رشدي راشد – موقع: منظمة المجتمع العلمي العربي

2- كتاب: دراسات في تاريخ العلوم وفلسفتها – جورج كانغيلام – ترجمة – د. محمد بن ساسي


#فلسفة #تاريخ #العلوم #بين #التراكم #والقطيعة
#The #philosophy #of #the #history #of #science #between #accumulation #and #estrangement

فلسفة : ورقة بحث : زينون الإيلي مخترع الجدل

0
من هو زينون الإيلي؟ ماهي ملامح منهجه الفلسفي؟ وما قيمة أثره في تاريخ الفلسفة اليونانية؟، كل ذلك نحاول الإجابة عنه في هذا البحث المقتضب، لكن بدايةً، يجدر بنا التعرف أولا على زمانه ومكانه وبالخصوص على معلمه بارمنديس الذي لا يقل أهمية عنه.  حيث يُعتبر بارمنيدس وزينون الممثلان الرئيسيان للمدرسة الإيلية التي كان مركزها بلدة إيليا في جنوب إيطاليا في القرن الخامس قبل الميلاد، ومعهما بدأت أولى خطوات الفلسفة الحقة بحسب "ولتر ستيس"، الذي اعتبر الإيلية أول فلسفة تُظهر عامل الحقيقة رغم كونه شاحبا وواهيا وغير دقيق، حين قال إن "الفلسفة ليست كما يظن الكثيرون تجمعا بسيطا للتأملات المتفرقة التي ندرسها بترتيب تاريخي، بل بالعكس، إن تاريخ الفلسفة يمثل خطا محددا للتطور حيث تكشف الحقيقة عن نفسها تدريجيا مع الزمن."1

من هو زينون الإيلي؟ ماهي ملامح منهجه الفلسفي؟ وما قيمة أثره في تاريخ الفلسفة اليونانية؟، كل ذلك نحاول الإجابة عنه في هذا البحث المقتضب، لكن بدايةً، يجدر بنا التعرف أولا على زمانه ومكانه وبالخصوص على معلمه بارمنديس الذي لا يقل أهمية عنه.

حيث يُعتبر بارمنيدس وزينون الممثلان الرئيسيان للمدرسة الإيلية التي كان مركزها بلدة إيليا في جنوب إيطاليا في القرن الخامس قبل الميلاد، ومعهما بدأت أولى خطوات الفلسفة الحقة بحسب "ولتر ستيس"، الذي اعتبر الإيلية أول فلسفة تُظهر عامل الحقيقة رغم كونه شاحبا وواهيا وغير دقيق، حين قال إن "الفلسفة ليست كما يظن الكثيرون تجمعا بسيطا للتأملات المتفرقة التي ندرسها بترتيب تاريخي، بل بالعكس، إن تاريخ الفلسفة يمثل خطا محددا للتطور حيث تكشف الحقيقة عن نفسها تدريجيا مع الزمن."1


من يكون بارمينيدس؟:

ولد بارمنيدس حوالي عام 514 ق م في إيليا، ولا يعرف الكثير عن حياته، كان في مطلع شبابه فيثاغوريا لكنه تمرد وصاغ فلسفته الخاصة. ولقد كان يحظى في القديم بتقدير كبير بسبب عمق تفكيره وسمو خلقه ونبالته. كان أفلاطون يشير إليه بكل تبجيل. وترد فلسفته في قصيدة تعليمية فلسفية تنقسم إلى قسمين: القسم الأول يدعى (طريق الحق)، والقسم الثاني يصف فيه الآراء الزائفة السائدة في أيامه وسماه (طريق الظن).1

ولد بارمنيدس حوالي عام 514 ق م في إيليا، ولا يعرف الكثير عن حياته، كان في مطلع شبابه فيثاغوريا لكنه تمرد وصاغ فلسفته الخاصة. ولقد كان يحظى في القديم بتقدير كبير بسبب عمق تفكيره وسمو خلقه ونبالته. كان أفلاطون يشير إليه بكل تبجيل. وترد فلسفته في قصيدة تعليمية فلسفية تنقسم إلى قسمين: القسم الأول يدعى (طريق الحق)، والقسم الثاني يصف فيه الآراء الزائفة السائدة في أيامه وسماه (طريق الظن).1

يرى "ولتر ستيس" أنه عند بارمنيدس تنشأ لأول مرة تفرقة ذات أهمية أساسية في الفلسفة وهي التفرقة بين الحس والعقل. حيث يقول بارمنيدس أن عالم الزيف والمظهر، عالم الصيرورة، عالم اللاوجود هو العالم الذي يمثل لنا بالحواس أما الوجود الحق والحقيقي فلا نعرفه إلا بالعقل أو الفكر. تبعا لذلك فإن الحواس عند بارمنيدس هي مصادر كل وهم وخطأ ولا تكمن الحقيقة إلا في العقل. وتعتبر أهمية هذا الكلام في كونه الموقف الأساسي في المثالية.1

يصف "عبد الرحمن بدوي" بارمنيدس بكونه أول الفلاسفة الحقيقيين من المدرسة الإيلية، وأول فيلسوف ميتافيزيقي وجد في بلاد اليونان، خصوصا إذا لاحظنا أنه قصر بحثه على فكرة الوجود، ونظر إليه بحسبانه شيئا مجرد وليس هو الطبيعة نفسها.2

وابتداءً من بارمنيدس ستتخذ الفلسفة اليونانية طريقين: الطريق الذي يقول بالوجود الثابت والطريق القائل بالوجود المتغير، وسيأتي الفلاسفة بعد ذلك للتوفيق بين هذين القولين المتاعرضين،2

وبهذه التفرقة بين المعرفة العقلية والمعرفة الحسية وضع بارمنيدس لأول مرة مشكلة المعرفة في وضعها الصحيح.2


زينون الإيلي:

ولد بإيليا جنوبي إيطاليا على ساحلها الغربي سنة 490 ق.م، وتتلمذ على يد الفيلسوف بارمنيدس. "ولم يخالف أستاذه في شيء، وحتى في الجزء الخاص بالطبيعيات، لم يخرج مطلقاً عما قال به بارمنيدس.

ولد بإيليا جنوبي إيطاليا على ساحلها الغربي سنة 490 ق.م، وتتلمذ على يد الفيلسوف بارمنيدس. "ولم يخالف أستاذه في شيء، وحتى في الجزء الخاص بالطبيعيات، لم يخرج مطلقاً عما قال به بارمنيدس.

دافع زينون عن مذهب بارمنيدس في الوجود الواحد الثابت، وأكد أن المذاهب المضادة لمذهب الوجود تفضي قطعاً إلى تناقض، ومعنى إفضائها إلى تناقض أنها غير صحيحة، وما دامت غير صحيحة فالمذاهب المضادة لها صحيحة. وبهذه الطريقة أثبت زينون الأصل ببطلان النقيض. ولا يخلو هذا المنهج من الجدل اللفظي، لكنه جدل مغاير تماماً للجدل السوفسطائي، فالغرض متباين عند الإثنين، فبينما يريد زينون بجدله إثبات حقيقة إيجابية مع مراعاة تامة لأصول المنطق، يرمي الجدل السوفسطائي إلى نتائج سلبية، وهي القضاء على الفلسفة كما صُورت في ذلك الحين." 2ص 126

كما يلاحظ أن الدقة المنطقية أو دقة الاستدلال عند زينون كانت دقة واضحة وتسير على أصول مرعية من المنطق، بينما لم تكن الحال كذلك عند السفسطائيين.2

ولقد سمي المنهج الفرضي بالجدل لارتباطه بزينون الإيلي، من قال عنه أرسطو "أنه مخترع الجدل"، والقصد من الجدل هنا برهان الخلف. 3 ص 29

واعتبر "واتر ستيس" مساهمة زينون في المدرسة الإيلية مساهمة سلبية للغاية بمعنى ما من المعاني فهو لم يضف أي شيء إيجابي إلى تعاليم بارمنيدس حيث أيد مذهب معلمه عن الوجود، لكن إضافاته جاءت في الأسباب التي طرحها للتدليل على نتائج معلمه، ففي محاولته تأكيد مذهب بارمنيدس من وجهة نظر جديدة أدلى بأفكار محددة عن الطبيعة القصوى للمكان والزمان وهي أفكار أصبحت منذ ذلك الوقت ذات أهمية بالغة في الفلسفة.

إن الكثرة والحركة هما الخاصيتان المميزتان لعالم الحواس الزائف، ولهذا وجه زينون مجادلاته ضدهما وحاول بشكل غير مباشر أن يدعم نتائج بارمنيدس بإظهار أن الكثرة والحركة مستحيلتان ومتناقضتان.1

اعترف أرسطو بأن زينون هو مبتكر الجدل، حيث عرّف الجدل بأنه طريقة الوصول إلى الحقيقة التي اتبعها سقراط في محاورات أفلاطون الأولى، فقد كان سقراط يحب محاورة الناس وسؤالهم عن آرائهم ليتوصل إلى نتائج ما كانوا ليفكِّروا فيها إلا بفضل أسئلته الثاقبة، وبذلك فقد كان يتمكَّن بالتدريج من تقويض الأساس الذي بَنَوْا عليه آراءهم وجعلهم يعيدون النظر في الأمور بشكل أعمق ليصلوا إلى إجابة للأسئلة التي بين أيديهم. ويبدو أن سقراط قد أخذ هذه الطريقة من أسلوب زينون التمحيصي.4 ص 92

حجج زينون:

أثار زينون مشكلة خطيرة لعبت دورا هاما في تاريخ الفلسفة من بعده، وخلاصتها أنه كيف يمكن إذا قلنا بالتقسيم أن نفسر الاتصال، لأن الواقع أن كل تقسيم معناه الانفصال، وفي هذا إنكار للاتصال، وفي إنكار الاتصال إنكار للتأثير، وفي إنكار التأثير إنكار للتغيير.2

ولقد لخص عدنان ملحم في مقاله حجج زينون على النحو التالي:

" ساق زينون حججه المشهورة ضد الكثرة والحركة، ليبرهن صحة مذهب بارمنيدس في أن الوجود يقوم على أصلين رئيسيين هما الوحدة والثبات. تنقسم حججه إلى قسمين: قسم خاص بالكثرة وقسم خاص بالحركة، ولكل من هذين القسمين حجج أربع.

أما عن حجج زينون ضد الكثرة فهي: حجة خاصة بالمقدار، وحجة خاصة بالعدد، وأخرى خاصة بالمكان، وحجة تقوم على فكرة التأثير الكلي (كومة الحنطة)، ومؤداها جميعاً أن الكثرة إذا كانت حقيقية، توجب أن تكون كما هي لا تزيد ولا تنقص، لكنها إذا بقيت من دون زيادة ولا نقصان فإنها تكون محدودة وليست كثرة. وإذا كانت الكثرة موجودة حقيقة فإنها تكون لا متناهية، بمعنى أنها كثرة آحاد، والآحاد تفصل بينها أوساط، والأوساط تفصل بينها أوساط، وهكذا إلى ما لا نهاية.

وحجج زينون ضد الحركة أربع، اثنتان تخصان المكان، وهما تقومان على فكرة تقسيم المكان إلى مالانهاية من الوحدات، والفارق بين البرهانين هو أن الهدف في الحجة الأولى ثابت ومحدود، بينما في الحجة الثانية الهدف متحرك متغير باستمرار. واثنتان تخصان الزمان، وتقومان على أن فكرة تقسيم الزمان إلى ما لانهاية من الأقسام، وعامة، حججه ضد الكثرة، كما ضد الحركة تنطوي على كثرة من المغالطات.

وحجج زينون أغاليط، وكانت شهرتها لسخافتها، وعلى حد تعبير أفلاطون «لهواً جدياً»، ولكنها جاءت أمراً جديداً في الفلسفة، فاستثارت الفلاسفة في ذاك الوقت للرد عليها، ومن ثم تحليل معاني الامتداد والزمان والمكان والعدد والحركة واللانهاية عند أفلاطون، وبالأخص أرسطو."5

وإذا كان القدماء قد رفضوا فكرة زينون في انقسام المسافة إلى مالا نهاية وسخروا منه، فإن الرياضيين المحدثين (والفضل في ذلك يرجع إلى ليبنتز) قد رأوا أن هذا الانقسام واقعي ولابد من حسابه، ومن هنا نشأ الحساب اللانهائي أو ما يسمى بحساب التفاضل والتكامل.6

ففي القرن التاسع عشر وضع نيوتن ولايبنتز عمليات حساب التفاضل والتكامل والنهايات الصغرية بينما اكتفى بعض العلماء بالقول باستحالة الوصول للنهايات بالنسبة للزمان والمكان والحركة وإنما أقصى ما يمكننا هو الاقتراب أكثر فأكثر، وبالطبع لا يمكننا الجزم بذلك، ولكن هذا ما هو عليه الحال بالنسبة للرياضيات والفيزياء والفلسفة حتى الآن، وإن شئت التأكد من ذلك ما عليك سوى البحث عن عدد حقيقي كامل وتام ومتناه يعبر بدقة عن قيمة ثلث الواحد.7

وعلى الرغم من كل الاعتراضات والردود التي نستطيع أن نسوقها ضد حجج زينون، فيجب أن نعترف أنه كان لمنهجه في التفكير شأن خطير في الفلسفة حيث كان منهج زينون جديدا مما جعل أرسطو يعده مكتشف الجدل، والقيمة التاريخية لهذه الحجج أكبر بكثير من حقيقة صحتها بحسب تعبير "عبد الرحمن بدوي"، فقد أثارت هذه الحجج مشكلة التغير والظواهر ووضعتها في أحدِّ صورة لها، وكان على الباحث في الطبيعة أن يحسب لهذه الحجج حسابها، ولهذا نرى أفلاطون وأرسطو يجدان نفسيهما مضطرين إلى الرد عليها قبل البحث في الحركة.2 ص 134

الخاتمة:

يمكننا ختام هذا البحث المقتضب بما أورده "ولتر ستيس" في ملاحظاته النقدية على المدرسة الإيلية حيث ذكرها على النحو التالي:

ترى الفلسفة الإيلية أن عالم الحس بالرغم من تميزه بصفات جوهرية هي الكثرة والحركة، غير أن هذا العالم الخارجي ليس هو الوجود الحق، وهم لا ينكرون وجود الحركة والكثرة، فما من رجل عاقل ينكر ذلك، فزينون مثلا لا ينفي وجود العالم ولكن ما ينفيه هو حقيقة وجوده، وما يعنيه هو أن العالم الحاضر أمام حواسنا ليس هو العالم الحقيقي بل مجرد مظهر وهمي، عرض خارجي، قناع زائف يخفي الوجود الحقيقي للأشياء.1 ص 60

ولكن التاريخ أنصف زينون ليس بكشف الغطاء عن جوانب الخير في حياته أو بإثبات صحة النتائج التي توصَّل إليها، ولكن باكتشاف جانب دائم الاستفزاز والاستثارة في مفارقاته. كما كتب الفيلسوف وعالِم الرياضيات "ألفريد نورث وايتهيد" عام 1932 ميلادية قائلًا: " إن محض الإقبال على تفنيد مفارقاته على مدار كل قرن هو دليل على النجاح الباهر الذي حقَّقه زينون … فلم يدرُس أحد فلسفة زينون دون أن يحاول تفنيدَها، ورغم ذلك يرى الفلاسفة في كل قرن أن آراءه ما زالت تستحق التفنيد."4 ص 93



المراجع:

1. تاريخ الفلسفة اليونانية: ولتر ستيس، ترجمة مجاهد عبد المنعم مجاهد، دار الثقافة للنشر والتوزيع

2. ربيع الفكر اليوناني: عبد الرحمن بدوي، الطبعة الثالثة مكتبة النهضة المصرية

3. مناهج البحث الفلسفي: محمود زيدان

4. حلم العقل: أنتوني جوتليب، ترجمة محمد طلبة نصار

5. زينون الإيلي: مقال عدنان ملحم على موقع الموسوعة العربية

6. زينون الإيلي أعظم المفكرين: مقال نبيل حاجي نائف على موقع الحوار المتمدن

7. موقع أنا أصدق العلم: زاهر رفاعية وطارق الشعر



#فلسفة #زينون #الإيلي #مخترع #الجدل
#The #philosophy #of #Zeno #of #Elea #the #inventor #of #controversy

فلسفة : رهبنة الدومينيكان والعقل الغربي

0

القرن الثالث عشر للميلاد، رهبنة الدومينيكان:   مفارقة تاريخية حقاً أن تكون المؤسسة الدينية التي ثار ضدها العقل الغربي هي ذاتها التي ساهمت من حيث لا تدري في إيقاظه، كانت الشرارة الأولى مع رهبنة الدومينيكان ومؤسسها هو القديس دومينيك -أي عبد الأحد بالفرنسية-، اهتمت هذه الرهبنة بالشرق فاستقرت مبكرا في القسطنطينية وتونس وبغداد، ثم في الموصل فيما بعد.   وقد كان لرجال هذه الرهبنة فضل كبير على أوربا الوسطى والحديثة، ذلك أنه بفضل تراجمهم من العربية اكتشف معلمو الرهبنة في اللاهوت الفيلسوف أرسطو وابن رشد، ومن بين هؤلاء المعلمين ألبير الكبير، وتوما الأكويني اللذان قاما بتفسير ابن رشد وابن سينا ونشر أفكارهما بين العقول الغربية المتعطشة، ثم انحدرت الفلسفة المدرسية (السكولاستية) من مدارس الرهبنة المسيحية التي كانت الأساس التي نشأت منه أقدم الجامعات الأوروبية خلال العصور الوسطى.   كان انتشار هذه الجامعات خلال القرن الثاني والثالث عشر، في كل من إيطاليا وفرنسا وإسبانيا وإنجلترا يمثل فجر الاستنارة الأوروبي وعلى أرضية الفلسفة المدرسية هذه نشأ وترعرع عقل النهضة الأوروبي.     *******  المرجع :  (كتاب : وحدة التجربة الفلسفية : إتيان جلسون – ترجمة : أ.طارق عسيلي – المركز الإسلامي للدراسات الاستراتيجية – 2017م )

القرن الثالث عشر للميلاد، رهبنة الدومينيكان:

 مفارقة تاريخية حقاً أن تكون المؤسسة الدينية التي ثار ضدها العقل الغربي هي ذاتها التي ساهمت من حيث لا تدري في إيقاظه، كانت الشرارة الأولى مع رهبنة الدومينيكان ومؤسسها هو القديس دومينيك -أي عبد الأحد بالفرنسية-، اهتمت هذه الرهبنة بالشرق فاستقرت مبكرا في القسطنطينية وتونس وبغداد، ثم في الموصل فيما بعد. 

وقد كان لرجال هذه الرهبنة فضل كبير على أوربا الوسطى والحديثة، ذلك أنه بفضل تراجمهم من العربية اكتشف معلمو الرهبنة في اللاهوت الفيلسوف أرسطو وابن رشد، ومن بين هؤلاء المعلمين ألبير الكبير، وتوما الأكويني اللذان قاما بتفسير ابن رشد وابن سينا ونشر أفكارهما بين العقول الغربية المتعطشة، ثم انحدرت الفلسفة المدرسية (السكولاستية) من مدارس الرهبنة المسيحية التي كانت الأساس التي نشأت منه أقدم الجامعات الأوروبية خلال العصور الوسطى. 

كان انتشار هذه الجامعات خلال القرن الثاني والثالث عشر، في كل من إيطاليا وفرنسا وإسبانيا وإنجلترا يمثل فجر الاستنارة الأوروبي وعلى أرضية الفلسفة المدرسية هذه نشأ وترعرع عقل النهضة الأوروبي.  


*******

المرجع :

(كتاب : وحدة التجربة الفلسفية : إتيان جلسون – ترجمة : أ.طارق عسيلي – المركز الإسلامي للدراسات الاستراتيجية – 2017م )

*****
#فلسفة #رهبنة #الدومينيكان #العقل #الغربي
Philosophy-of-the-Dominican-Order-Western-Mind

فلسفة : غلطة أبيلار

0

 

القرن الثاني عشر للميلاد ، غلطة بيار أبيلار:  بحسب (جلسون)، تعد محاولات أبيلار الفلسفية الأولى من نوعها في تاريخ أوروبا القرون الوسطى، التي كانت حينها غارقة في سبات عقلي تحت الظلال القاتمة لسلطة اللاهوت الكنسي، ورغم كون البعض يعدونه أول العقلانيين ومشعل فتيل أول شمعة للاستنارة في دجى عصور الظلمات، رغم ذلك كله، يرى (جلسون) أن محاولات أبيلار كانت عرجاء بشكل كبير، لكونها نتيجة محدودية اطلاعه على منطق العصور الوسطى، الذي كان هو الآخر ترجمات غير مكتملة لنصوص التراث القديم، حيث كان أبيلار وأتباعه لا يعرفون على وجه الدقة الحدود الفاصلة بين الفلسفة والمنطق، ووقعوا تبعا لذلك في مغالطات مزمنة، لم تأرق عصرهم فحسب بل أنتجت صداعا فلسفيا مزمنا رافق نمو العقل الغربي فيما بعد، ثم انتهى (جلسون) في دراسته لتجربة أبيلار إلى الملاحظات التالية:      -	نستنتج من تجربة أبيلار أن الفلسفة لا يمكن تحصيلها عن طريق المنطق المحض.   -	إذا كان المنطق يدفع إلى المزيد من الدراسة للعلوم الأخرى، فإنه في ذاته عديم الحياة وغير مثمر، ولا يمكنه أن يجعل الذهن يسلم بنتائج الفلسفة باستثناء إمكان فهم الشيء نفسه من مصدر آخر.  -	كانت النتيجة النهائية لغلطة أبيلار هي ذاتها الشكوكية Scepticism . (ونحن حتما سوف نرى أخطاء مشابهة بعدها)   حيث أنه : لو كانت المفاهيم مجرد كلمات دون أي مضامين كصورة مبهمة ، لكانت كل المعرفة الكلية مجرد آراء اعتباطية.  وبالتالي : ما نسميه عادة علما لن يعود نظام علاقات عامة ضرورية، بل سيعود مختزلا إلى خيط مفكوك يربط   بين  وقائع متصلة تجريبيا.  *******  المرجع :  (كتاب : وحدة التجربة الفلسفية : إتيان جلسون – ترجمة : أ.طارق عسيلي – المركز الإسلامي للدراسات الاستراتيجية – 2017م )  *****

القرن الثاني عشر للميلاد ، غلطة بيار أبيلار:

بحسب (جلسون)، تعد محاولات أبيلار الفلسفية الأولى من نوعها في تاريخ أوروبا القرون الوسطى، التي كانت حينها غارقة في سبات عقلي تحت الظلال القاتمة لسلطة اللاهوت الكنسي، ورغم كون البعض يعدونه أول العقلانيين ومشعل فتيل أول شمعة للاستنارة في دجى عصور الظلمات، رغم ذلك كله، يرى (جلسون) أن محاولات أبيلار كانت عرجاء بشكل كبير، لكونها نتيجة محدودية اطلاعه على منطق العصور الوسطى، الذي كان هو الآخر ترجمات غير مكتملة لنصوص التراث القديم، حيث كان أبيلار وأتباعه لا يعرفون على وجه الدقة الحدود الفاصلة بين الفلسفة والمنطق، ووقعوا تبعا لذلك في مغالطات مزمنة، لم تأرق عصرهم فحسب بل أنتجت صداعا فلسفيا مزمنا رافق نمو العقل الغربي فيما بعد، ثم انتهى (جلسون) في دراسته لتجربة أبيلار إلى الملاحظات التالية:    

- نستنتج من تجربة أبيلار أن الفلسفة لا يمكن تحصيلها عن طريق المنطق المحض. 

- إذا كان المنطق يدفع إلى المزيد من الدراسة للعلوم الأخرى، فإنه في ذاته عديم الحياة وغير مثمر، ولا يمكنه أن يجعل الذهن يسلم بنتائج الفلسفة باستثناء إمكان فهم الشيء نفسه من مصدر آخر.

- كانت النتيجة النهائية لغلطة أبيلار هي ذاتها الشكوكية Scepticism . (ونحن حتما سوف نرى أخطاء مشابهة بعدها) 

حيث أنه : لو كانت المفاهيم مجرد كلمات دون أي مضامين كصورة مبهمة ، لكانت كل المعرفة الكلية مجرد آراء اعتباطية.

وبالتالي : ما نسميه عادة علما لن يعود نظام علاقات عامة ضرورية، بل سيعود مختزلا إلى خيط مفكوك يربط   بين  وقائع متصلة تجريبيا.

*******

المرجع :

(كتاب : وحدة التجربة الفلسفية : إتيان جلسون – ترجمة : أ.طارق عسيلي – المركز الإسلامي للدراسات الاستراتيجية – 2017م )

*****
إتيان جلسون فيلسوف فرنسي ومؤرخ لفلسفة القرون الوسطى
******
#فلسفة #غلطة #بيار #أبيلار
philosophy-Peter-Abelard-mistake 
يتم التشغيل بواسطة Blogger.