يعد النقد الأدبي من المفاهيم المتشعبة، و المعقدة التي شغلت كثيرا من الباحثين، مثلما كانت، و لقرون طويلة وسيلة للتحليل و الدراسة. اختلف الدارسون منذ عهد ليس بالبعيد، نسبيا، في تحديد ماهيته، بل ذهب بعضهم الآخر إلى التشكيك في وجوده بناء على مفاهيم و أفكار فلسفية أحيانا و أيديولوجية في أحيان أخرى.
الدكتور عبد الملك مرتاض الناقد الجزائري من بين النقاد العرب الذين اهتموا بالنقد الأدبي؛ كان من أكثرهم اهتماما بالإشكالية النقدية، كتابة و تحليلا و مساءلة، و دافعه في ذلك محاولة التأسيس لنظرية نقدية عربية تقابل نظيراتها الغربية.
تتجلى الهموم النقدية لدكتور مرتاض في كثير من مؤلفاته النقدية و مقالاته المنشورة و تحليلاته لعدد من الأعمال الأدبية العربية، غير أن قراءتي في مفهوم النقد لديه ستركز بالدرجة الأولى على كتابه "في نظرية النقد" دون إهمال لمؤلفاته و كتاباته المتعلقة بهذا الموضوع، إضافة لعدد من الدراسات المختلفة التي جعلته موضوعا للدراسة.
تعرض الدكتور مرتاض لمفهوم النقد الأدبي الغربي دون إغفال صنوه العربي، متتبعا إياه منذ نشأته الأولى و إلى المرحلة المعاصرة، مستجليا مختلف الآراء و الاتجاهات النقدية، محاورا و مسائلا بغية الوصول إلى تعريف محدد للنقد الأدبي أو مقارب له؛ من المنظور الغربي تارة و من المنظور العربي القديم تارة أخرى، على أنه ينفي أن يكون للنقد العربي المعاصر رؤية مكتملة، أو حضور ذو خصوصية.
و بناء على هذا سيكون هذا المقال بحث في ماهية النقد الأدبي لدى الدكتور عبد الملك مرتاض، فهل من إبستيمولوجيا للنقد لديه؟ و هل النقد عنده علم أم فن؟ أم أن ماهيته مستحيلة؟؟ ما هي الإشكاليات التي كانت عائقا أمام بلورة مفهوم نقدي واضح؟ و هل للنقد تقسيمات؟؟ كيف يمكن تحديده؟ هل هو القديم أم الجديد؟ أيهما أمثل في التعامل مع النص الأدبي؟ أم أنه يقوم على كليهما؟ هذه أسئلة طرح بعضها الدكتور مرتاض في دراساته النقدية و أسئلة أخرى تطرح نفسها عند قراءة كتاباته نسعى للوصول من خلالها إلى مفهومه الخاص للنقد الأدبي عموما، و العربي منه بخاصة.
د. كريمة محاوي
بشار في: 12/ 11/ 2015