ملحمة الحياة أسطورة حقيقية

0
مقدمة الكتاب: إن محاولة إعادة تفسير مسار التاريخ الإنساني مستندا هذه المرة على أسس عقيدة الإيمان بعالم الغيب قبل عالم الشهادة ، ليتضح مع الزمن مدى خطرها وعظمها كمشروع ..؛ حيث أن مثل هذه المحاولة ، ستجلي كثيرا من الغوامض ، مثلما ستطرح الكثير أيضا من الإشكالات . لكن بوصفها خطوة حضارية مستشرفة أضحت وفي الزمن الأخير أكثر من ضرورة  لأن إعادة النظر إلى المجتمع البشري كمجتمع مكرم مربوط الصلة بالسماء، بدلا من الانكفاء على الملاحظة المادية الصرفة لتطور الحضارة والتاريخ، واختزال جميع التفاعلات الحياتية في إطارها , سيغير مفهومي التاريخ والحضارة الإنسانية على الأرض تغييرا جذريا ..  فكون الإنسان خير الخلائق جميعا وسيدها ، سند متين لهذا الفعل البشري العظيم على الأرض من إعمار وسعي رهيب وحتى فساد وتخريب يعجز عن مقاربته غير ه من الخلق ..  وكون الإنسان خلق للجنة ونعيمها وأنما سعيه على الأرض محض مرحلة اختبار، أصل هو الآخر لغريزة طلب الخلد والبقاء مع رغبة جمة في الملك والتسلط و إشباع نهم النفس .. فمثل هذه الجذور تمكننا من فهم وتفسير المتاهات والمطبّات التي كابدها البشر عبر العصور؛ وأنما استزلوا من ها هنا .. هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى..  ثم إن توجيه الله الخالق العظيم لهذا المد الإنساني وتعهده له عبر الأعصر و الأزمان، متما لإرادته في قدر حكيم , يدفعك إلى تتبع هذه التقلبات التاريخية لا كحضارات مشتتة هنا وهناك , وإنما كقيادة لهذا الفعل الإبداعي عبر الدهور بدفعات دقيقة و متراتبة و واعية وحكيمة، تتعهد هذا المسار من حين إلى حين لتوصله إلى نهايته المحتومة المقدرة تقديرا. كأنها تعرجات رهيبة لنهر عظيم يخط مساره الأزلي إلى ساحل لابد واصله . هذا التصور التاريخي في أصله ليس جديدا، وإنما كان من سمات التفسير الديني للحياة عند كل من اليهود والمسيحيين والمسلمين صدر الزمان . ذاك المنحى الذي تنكرت له مدارس الفكر اللاحقة بعد النهضة العلمية والثقافية في أوروبا. وجعلت تتلمس لها تفاسير أخر من وحي الثيموس الذي تأرجح بين المعنوي من جهة والمادي من أوجه أخرى ؛ لعله بذلك يحل لغز معترك التاريخ ومآلاته . لكن وبعد كل هذه القرون لم تزدد التفاسير إلا اضطرابا وتضاربا، وشاب نظرة الإنسان المعاصر لتاريخ إنسانيته المديد , قلق عميق عبر عنه فوكوياما بجدلية كتابه نهاية التاريخ وخاتم البشر ..  ذاك أن التاريخ أوسع من أن تشمله نظرة إنسان قاصرة . وأبعد من أن تسبر غوره تيلسكوبات الفكر المعاصرة ؛ لأن أبعاده ليست بآلاف السنين فحسب، ولكنه بأيام الله المديدة يعد . وما لم ينبئك الخالق العظيم بخبر الغيب البعيد ذاك ، فلا جرم أن تقول :  ما كان لي علم بالملأ الأعلى إذ يختصمون ..   هذا وبعد أن استفرغت تفاسير التاريخ المادية جهدها فكرا وتطبيقا , لم يعد بد أمام الإنسانية جمعاء من الإنصات إلى روحها تسرد لها تفسير الحياة من نفخة الخلود .. لأن إليه سعيها وإليه يقينا مآلها .. ولأن الروح , والروح وحدها , هي التي تتيح للإنسانية أن تنهض وتتقدم , فحيثما فقدت الروح سقطت الحضارة وانحطت . كون من يفقد القدرة على الصعود لا يملك إلا أن يهوي بتأثير جاذبية الأرض .. وتلك حكمة نطق بها فكر مالك بنبي مظلوم عصره . وزاد عليها يعاتب توينبي على قصور بصيرته عندما حد (مجال الدراسة) للحضارة والتاريخ في حدود الجغرافيا والزمان ؛ حيث أن المجال عند مالك يمتد إلى ما وراء السببية التاريخية , لكي يلم بالظواهر في غاياتها حتى ليصبح التاريخ ضربا من الميتافيزيقا . لكنها هنا من سند الحق والحقيقة لا من أسبال الخرافة ..  إذا فلابد من محاولة جديدة للإجابة عن الأسئلة الأزلية لأصل الشر والخير ، وحرية الإرادة والتسيير ، وعن العناية الإلهية و مدى تدخلها فعليا في تحديد مسارات الزمن و مآلات التاريخ ..  وهذه محاولة تستتبع أخريات , القصد منها استفزاز العقل الإنساني ، ليعيد ترتيب رحال فكره وينفض عنها غبار عصر خلفه وراءه، وهو يستفتح المسير إلى عصر جديد ..   فكانت لذلك حزمة أسئلة تستحث الجواب عن الأسباب الكامنة تحت الظواهر، وعن الغايات المستترة خلف الأحداث. واستلزم العمل ،لشساعة مجال بحثه، أن يقسم ،بحسب المراحل التاريخية التي ارتأيناها، إلى أربع جدليات عامة:  - الشيطان والإنسان  - الإنسان والإيمان  - الإيمان والقرآن  - القرآن والشيطان  تُحيك معا في فصولها ما اسطلحنا عليه ملحمة الحياة الكبرى . والتي نعتقد جازمين أنها أسطورة حقيقية صادقة صدق الوحي الناطق بين أيدينا من كلام الخالق العظيم ..   فالحقيقة دائما أغرب من الخيال ؛ من أجلها كم نعت المرسلون من عند الله بالجنون ...   ولأن الإبحار في خضم الجدل الفلسفي لا تسعفه دائما حقيقة جاهزة، كان الخيال الخصب وقود آلية تَفكر لا غنى عنها لحلحلة العقد والإشكالات ... في سلسلة للخيال الفكري، هذه المرة , مثلما غذت أطروحات الخيال العلمي في كتابات كل من ألديس براين , أنديرسون بول , بليش جايمس وآخرين روح التطلع إلى المستقبل وأعطت دفعة في الحياة العلمية والعملية للمجتمع الغربي طوال ما يقارب قرنا من الزمن. تستشرف الغد وتبعث فيه الأمل تارة والشك والخوف أحايين أخر.  لأن التطلع إلى المستقبل فطرة إنسانية . والأجيال الحاضرة تهفوا دائما إلى الأمل المستتر خلف حجاب الغيب الرقيق فيه . تنتظر في لهفة من يلهمها سره ويجسد في لباس الخيال روحه..  وذاك دأب العظماء عبر العصور والأزمان ..  أولم يُبعث الأنبياء مبشرين ومنذرين ..؟ .

يمكنك تصفح الكتاب وتحميله من هنا أيضا
مقدمة الكتاب:
إن محاولة إعادة تفسير مسار التاريخ الإنساني مستندا هذه المرة على أسس عقيدة الإيمان بعالم الغيب قبل عالم الشهادة ، ليتضح مع الزمن مدى خطرها وعظمها كمشروع ..؛ حيث أن مثل هذه المحاولة ، ستجلي كثيرا من الغوامض ، مثلما ستطرح الكثير أيضا من الإشكالات . لكن بوصفها خطوة حضارية مستشرفة أضحت وفي الزمن الأخير أكثر من ضرورة
لأن إعادة النظر إلى المجتمع البشري كمجتمع مكرم مربوط الصلة بالسماء، بدلا من الانكفاء على الملاحظة المادية الصرفة لتطور الحضارة والتاريخ، واختزال جميع التفاعلات الحياتية في إطارها , سيغير مفهومي التاريخ والحضارة الإنسانية على الأرض تغييرا جذريا ..
فكون الإنسان خير الخلائق جميعا وسيدها ، سند متين لهذا الفعل البشري العظيم على الأرض من إعمار وسعي رهيب وحتى فساد وتخريب يعجز عن مقاربته غير ه من الخلق ..
وكون الإنسان خلق للجنة ونعيمها وأنما سعيه على الأرض محض مرحلة اختبار، أصل هو الآخر لغريزة طلب الخلد والبقاء مع رغبة جمة في الملك والتسلط و إشباع نهم النفس .. فمثل هذه الجذور تمكننا من فهم وتفسير المتاهات والمطبّات التي كابدها البشر عبر العصور؛ وأنما استزلوا من ها هنا .. هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى..
ثم إن توجيه الله الخالق العظيم لهذا المد الإنساني وتعهده له عبر الأعصر و الأزمان، متما لإرادته في قدر حكيم , يدفعك إلى تتبع هذه التقلبات التاريخية لا كحضارات مشتتة هنا وهناك , وإنما كقيادة لهذا الفعل الإبداعي عبر الدهور بدفعات دقيقة و متراتبة و واعية وحكيمة، تتعهد هذا المسار من حين إلى حين لتوصله إلى نهايته المحتومة المقدرة تقديرا. كأنها تعرجات رهيبة لنهر عظيم يخط مساره الأزلي إلى ساحل لابد واصله . هذا التصور التاريخي في أصله ليس جديدا، وإنما كان من سمات التفسير الديني للحياة عند كل من اليهود والمسيحيين والمسلمين صدر الزمان . ذاك المنحى الذي تنكرت له مدارس الفكر اللاحقة بعد النهضة العلمية والثقافية في أوروبا. وجعلت تتلمس لها تفاسير أخر من وحي الثيموس الذي تأرجح بين المعنوي من جهة والمادي من أوجه أخرى ؛ لعله بذلك يحل لغز معترك التاريخ ومآلاته . لكن وبعد كل هذه القرون لم تزدد التفاسير إلا اضطرابا وتضاربا، وشاب نظرة الإنسان المعاصر لتاريخ إنسانيته المديد , قلق عميق عبر عنه فوكوياما بجدلية كتابه نهاية التاريخ وخاتم البشر ..
ذاك أن التاريخ أوسع من أن تشمله نظرة إنسان قاصرة . وأبعد من أن تسبر غوره تيلسكوبات الفكر المعاصرة ؛ لأن أبعاده ليست بآلاف السنين فحسب، ولكنه بأيام الله المديدة يعد . وما لم ينبئك الخالق العظيم بخبر الغيب البعيد ذاك ، فلا جرم أن تقول :
ما كان لي علم بالملأ الأعلى إذ يختصمون ..

هذا وبعد أن استفرغت تفاسير التاريخ المادية جهدها فكرا وتطبيقا , لم يعد بد أمام الإنسانية جمعاء من الإنصات إلى روحها تسرد لها تفسير الحياة من نفخة الخلود .. لأن إليه سعيها وإليه يقينا مآلها .. ولأن الروح , والروح وحدها , هي التي تتيح للإنسانية أن تنهض وتتقدم , فحيثما فقدت الروح سقطت الحضارة وانحطت . كون من يفقد القدرة على الصعود لا يملك إلا أن يهوي بتأثير جاذبية الأرض .. وتلك حكمة نطق بها فكر مالك بنبي مظلوم عصره . وزاد عليها يعاتب توينبي على قصور بصيرته عندما حد (مجال الدراسة) للحضارة والتاريخ في حدود الجغرافيا والزمان ؛
حيث أن المجال عند مالك يمتد إلى ما وراء السببية التاريخية , لكي يلم بالظواهر في غاياتها حتى ليصبح التاريخ ضربا من الميتافيزيقا . لكنها هنا من سند الحق والحقيقة لا من أسبال الخرافة ..
إذا فلابد من محاولة جديدة للإجابة عن الأسئلة الأزلية لأصل الشر والخير ، وحرية الإرادة والتسيير ، وعن العناية الإلهية و مدى تدخلها فعليا في تحديد مسارات الزمن و مآلات التاريخ ..
وهذه محاولة تستتبع أخريات , القصد منها استفزاز العقل الإنساني ، ليعيد ترتيب رحال فكره وينفض عنها غبار عصر خلفه وراءه، وهو يستفتح المسير إلى عصر جديد ..

فكانت لذلك حزمة أسئلة تستحث الجواب عن الأسباب الكامنة تحت الظواهر، وعن الغايات المستترة خلف الأحداث. واستلزم العمل ،لشساعة مجال بحثه، أن يقسم ،بحسب المراحل التاريخية التي ارتأيناها، إلى أربع جدليات عامة:
- الشيطان والإنسان
- الإنسان والإيمان
- الإيمان والقرآن
- القرآن والشيطان 
تُحيك معا في فصولها ما اسطلحنا عليه ملحمة الحياة الكبرى . والتي نعتقد جازمين أنها أسطورة حقيقية صادقة صدق الوحي الناطق بين أيدينا من كلام الخالق العظيم ..

فالحقيقة دائما أغرب من الخيال ؛ من أجلها كم نعت المرسلون من عند الله بالجنون ...

ولأن الإبحار في خضم الجدل الفلسفي لا تسعفه دائما حقيقة جاهزة، كان الخيال الخصب وقود آلية تَفكر لا غنى عنها لحلحلة العقد والإشكالات ... في سلسلة للخيال الفكري، هذه المرة , مثلما غذت أطروحات الخيال العلمي في كتابات كل من ألديس براين , أنديرسون بول , بليش جايمس وآخرين روح التطلع إلى المستقبل وأعطت دفعة في الحياة العلمية والعملية للمجتمع الغربي طوال ما يقارب قرنا من الزمن. تستشرف الغد وتبعث فيه الأمل تارة والشك والخوف أحايين أخر.
لأن التطلع إلى المستقبل فطرة إنسانية . والأجيال الحاضرة تهفوا دائما إلى الأمل المستتر خلف حجاب الغيب الرقيق فيه . تنتظر في لهفة من يلهمها سره ويجسد في لباس الخيال روحه..
وذاك دأب العظماء عبر العصور والأزمان .. 
أولم يُبعث الأنبياء مبشرين ومنذرين ..؟ .

مصطفى محاوي
ماي 2011 * الجزائر


#ملحمة #الحياة #أسطورة #حقيقية
يتم التشغيل بواسطة Blogger.