ورقة بحث : حول وظيفة الفن

0

 مـــــدخل:

إن نقطة البدء في كل نسقٍ فني ينبغي أن تكون هي الخبرة الشخصية بانفعالٍ خاص، ونحن نُطلق على الأشياء التي تُثير هذا الانفعال اسم «الأعمال الفنية»،1

ويرى عباس محمود العقاد أن : الوظيفة في الحياة تسبق العضو الذي يمثِّلها، والجسم الإنساني نفسه لا يسعك أن تتصوره إلا مُعبِّرًا عن فكرةٍ أو وظيفةٍ مجرَّدةٍ، ولا قيمة للأعضاء في ذواتها بغير الفكرة التي تعبر عنها والوظيفة التي تؤديها3، ناهيك عن الفن، فلابد إذا أن له وظيفة ودورا،

فللفن آثارٌ اجتماعيةٌ هائلة ؛ فالفن يغير شخصيتنا وتجربتنا في العديد من مجالات الحياة، ويجعلنا أكثر حكمةً وسموًّا، ويُعمق رؤيتنا لذاوتنا وذوات الآخرين. إنَّ للفن وجهًا موضوعيًّا أساسيًّا وبُعدًا يتجاوز الذات ويدخل في صميم ماهيتها؛ فالفن اقترابٌ لا اغتراب، ولقاءٌ معقودٌ وموعدٌ مضروب. إنَّ المبدع والمتلقِّي في الفن مندمجان يأخذ كلٌّ منهما من الآخر حقيقته ومعناه، بل إن البشر جميعًا في اللحظة الفنية يغدون ذوبًا من تضايف عام وامتزاجٍ كلي.2

إنَّ الفن يُطلعنا على دينامياتنا النفسية وديناميات الآخرين، ويُعتقنا من «مركزية الذات» ويؤهلنا للاندماج العاطفي أي القدرة على اتخاذ الإطار المرجعي للآخرين بسهولةٍ ويسر، ومشاركتهم وجداناتهم مشاركةً حقيقية مبرأةً من إسقاطاتنا الخاصة. 

فالفن هو أقدر ضروب النشاط البشري تعبيرًا عن التواصُل بين الأفراد وبين الأجيال وبين الأمم؛ لأن الوجد الفني لا يحدُّه الزمان ولا ترده الحدود الجغرافية، إنه انعتاقٌ من كل صنوف المركزية وانطلاقٌ من كلِّ كهوف التعصُّب والتحزُّب والتحيز، وأذانٌ للأرواح بأن تنعطف وتتآلف، وتتقاسم رحابة الوجود.2 

وإن كان للفن بمفهومه العام وظائف عدة تختلف بحسب زوايا معالجته ، فإننا في هذه الورقة البحثية نحاول طرح جدل الوظيفة الأخلاقية للفن للنقاش ، كما نسائل الفلاسفة ان كان للفن وظيفة حضارية كذلك؟.


تحميل البحث بصيغة PDF

يتم التشغيل بواسطة Blogger.