مذكرات توثق الحياة جنوب غرب الجزائر : الهجرة إلى أدرار

0

 

اعتاد الأسلاف طوال قرون تتبع مجرى واد الناموس نزولا نحو أعماق الجنوب يحملون على ظهور الإبل غلال السمن والكليلة والصوف والقديد ويسوقون أمامهم قطعان الغنم البيضاء في رحلة الشتاء فيقطعون الصحراء ورمالها يقصدون توات وتيمي حتى إذا أدركوا قصورها وواحاتها قايضوا أموالهم بقناطير التمر وثمار البساتين وما يجدونه في الأسواق من سلع السودان البعيد، فقد كانوا يدْعون جنوب مالي والنيجر بالسودان ونهر النيجر بالنيل، ثم يعودون بما ربحوا إلى منازلهم أو ربما يتاجرون به في رحلة الصيف شمالا نحو حاضرة تلمسان ونواحي غرب الجزائر وشرق المغرب مضت الأجيال والعصور وظل واد الناموس مَعبرا تَعبق ثناياه برغائب التجارة حينا وبأذواق التصوف وأسرار الدين أحايين أخرى وكأنه ذاته عبير تلك الأحقاب مَن ألهم من وراء حجاب الوالدَ ودفعه دفعا فانطلق في مغامرته يتتبّع وهو لا يدري خطى الشيخ المجاهد بوعمامة الذي هاجر قبل 83 سنة إلى توات أين أعاد تأسيس زاويته بواحة دلدول بأوقروت، ومن قبله الجد الأكبر سيدي بوسماحة الذي سُجي في ضريح منذ قرون غير بعيد هناك قرب شروين

اعتاد الأسلاف طوال قرون تتبع مجرى واد الناموس نزولا نحو أعماق الجنوب يحملون على ظهور الإبل غلال السمن والكليلة والصوف والقديد ويسوقون أمامهم قطعان الغنم البيضاء في رحلة الشتاء فيقطعون الصحراء ورمالها يقصدون توات وتيمي حتى إذا أدركوا قصورها وواحاتها قايضوا أموالهم بقناطير التمر وثمار البساتين وما يجدونه في الأسواق من سلع السودان البعيد، فقد كانوا يدْعون جنوب مالي والنيجر بالسودان ونهر النيجر بالنيل، ثم يعودون بما ربحوا إلى منازلهم أو ربما يتاجرون به في رحلة الصيف شمالا نحو حاضرة تلمسان ونواحي غرب الجزائر وشرق المغرب
مضت الأجيال والعصور وظل واد الناموس مَعبرا تَعبق ثناياه برغائب التجارة حينا وبأذواق التصوف وأسرار الدين أحايين أخرى
وكأنه ذاته عبير تلك الأحقاب مَن ألهم من وراء حجاب الوالدَ ودفعه دفعا فانطلق في مغامرته يتتبّع وهو لا يدري خطى الشيخ المجاهد بوعمامة الذي هاجر قبل 83 سنة إلى توات أين أعاد تأسيس زاويته بواحة دلدول بأوقروت، ومن قبله الجد الأكبر سيدي بوسماحة الذي سُجي في ضريح منذ قرون غير بعيد هناك قرب شروين

يقول الوالد:
طلب العلم سنه 1967

تم تزويج العربي وهو في سن 18 ليعتني بالغنم ونظرا لظروف البدو الصعبة لم يستطع البقاء هناك، من حسن حظه التقى بفقيه طالب شيخ كبير بمناسبة زفاف مع آخرين جاءوا عند ابيه فوجد العربي عنده بعض الكتب الدينية وتحاور معه وتناقش فقال له الفقيه عندك مستوى لا بأس به في القراءة والكتابة لماذا لا تذهب وتكمل دراستك؟
فقال العربي لم أجد من ادرس عنده وانا في هذه السن فقال له الفقيه يوجد في تيمي ادرار عالم يعلم الناس في سبيل الله ويطعم طلابه بالمجان وأخبره عن الطريق الى ادرار وعن المبلغ الذي يكفيه للذهاب الى هناك
فقرر العربي الذهاب وعندما ذهب الاب الى العين الصفراء هاجر الشاب العربي تاركا زوجته بعدما ودع والدته والعائلة وهم يبكون عليه، أخذت الطائعة أم العربي تتبع خطى ولدها من بعيد ودموعها تسيل على خديها، كان فراقها للعربي مؤلما زاد جرحا آخر إلى فجيعتها في أخيه الشهيد محمد، كلما وجدت أثرا لقدمه في طين الواد غطّته ببعض الأغصان والأعشاب، وصارت كلما اشتاقت إليه تعود إلى آثار أقدامه تكشفها وتقبلها من فرط الحنين
كان الفصل خريفا والمطر يسقط، واجه مخاطر في السفر فتوكل على الله أن يجعل له من امره مخرجا، كانت نيته هي طلب العلم من حفظ القران والسنة النبوية، كان ذلك هو الدافع الوحيد لسفره
قطع الشاب جبل بوعمود متجها نحو قرية جنين ثم ركب القطار ليلا متجها نحو بشار وهو لا يعرف أحد هناك عندما وصل سأل عن الحافلة التي تتجه نحو ادرار وكان موسم الامطار في أوجه حيث قُطعت الطرق المتجهة نحو ادرار فلم يجد وسيله للنقل مده 15 يوما ضل فيها يتجول نهارا في المدينة وفي المساء يخرج منها ليلا ينام تحت الجدران
كان الفصل الخريف والجو بارد مرت ثلاثة ايام حتى التقي يوما ببعض المسافرين يبحثون عن سيارة وهم يذكرون ادرار وتيميمون فسألهم فقالوا نريد الذهاب لكن لا توجد حافلات بسبب انقطاع الطرق فلازمهم الشاب حتى وجدوا سائق سيارة يدعى قاده قال لهم ان سيارته في العبادلة يجب ان يأخذوا سيارة اجره معه نحو العبادلة ومن ثم يقطعون وادي قير الكبير الذي كان في ذلك الوقت حاملا بالسيول التي هدمت الجسور بعد فيضان الأودية في المغرب
وهكذا تجمعوا وتوكلوا على الله وحاولوا قطع واد قير العبادلة المملوء بالمياه الجارفة لكنهم نجو بصعوبة بالغة وخرجوا منه بسلام فوجدوا سيارة قاده هناك فاستقَلوها واقلعوا نحو مدينه كرزاز لكنهم تفاجؤوا بوادي قير قد انعطف وقطع الطريق مره اخرى في مضيق الخنق القصابي حيث وجدوا وهناك مقهى وبيتا يبعد عن الوادي حوالي 10 كيلومتر
كان النهر يسيل بقوه جارفه يحمل النخيل معه فاضطروا للبقاء 3 ايام هناك لعله يهدأ لكن دون جدوى فالأمطار كانت لا تزال تتهاطل من ناحية المغرب
كان صاحب المقهى يساعدهم بالتمر بعد ما انتهى الزاد عندهم بكل سخاء منه
في اليوم الذي قرر فيه صاحب السيارة قاده العودة الى بشار وقف الشباب بجانب الوادي وهم ينظرون الى الجانب الاخر حيث الشاحنات تحاول عبوره بعد مده ظهر رجل طويل القامه يمسك في يده عصا قادما من ناحيه الشاحنات فقطع النهر والتقى بالشباب فدار بينهم حوار فقرر العربي وشابان اخران معه العبور مع الرجل نحو الشاحنات وطلب العربي من الرجل ان يحمل عنه متاعه فوافق الرجل وصار العربي يمشي بجانب الرجل اذا احس بخطر الامواج تمسك به وهكذا حتى قطع النهر بسلام كل الناس ينظرون اليهم خوفا من ان تجرفهم الامواج الهائلة
رجع صاحب السيارة مع رفاقه الى بشار اما العربي وصاحبيه فبقوا بجانب النهر حوالي ثلاثة ايام احسو فيها بالبرد ليلا وبالجوع نهارا، ومن قدر الله ان كانت هناك شاحنة تحمل التمر كان صاحبها يبيع لهم ما يقتاتون به
عندما قرر اصحاب الشاحنات العودة اخذوهم معهم نحو مركز ما بين الطرق المعد لورشات اصلاح الطرق على المفترق ما بين طريق ادرار وطريق تيميمون فباتو الليلة معهم وفي الصباح قرر قائد القافلة التوجه نحو تيميمون وقال للشباب من كان يريد الذهاب معنا الى تيميمون فليتفضل فقرر أحد رفاق العربي الذهاب معهم وبقي رفيق واحد معه لأنهما كانا يريدان الذهاب الى ادرار
وهكذا ذهبت القافلة وبقي المكان خاليا لا اكل ولا ماء ولا طير الا عنايه الله سبحانه بقي الشابان جالسان لا يكلم أحدهما الاخر حتى ظهرت شاحنه مملوءة بالسلع قادمه من تيميمون متجهة نحو ادرار
قطع شابان الطريق على الشاحنة رغم صافرات تحذيرها تريد اخلاء الطريق لكنهما لم يبتعدا حتى توقفت فقال سائق الشاحنة انه ليس له مكان ليحملهما ولكن الفتى رفيق العربي أصر على الذهاب حتى حملوه معهم وبقي العربي وحيدا لكن قلبه كان مطمئن لعنايه الله حتى ظهرت شاحنه اخرى مثل الاولى قادمه من تيميمون متجهة الى ادرار مملوءة هي الاخرى بالسلع وليس فيها مكان فارغ
وقف العربي في وسط الطريق أمامها ولم يتزحزح حتى توقفت الشاحنة فقالوا له ليس معنا مكان نحملك فيه وامامنا الدرك الوطني فقال لهم اما ان تأخذوني معكم او اقتلوني هنا، احملوني معكم وفي الطريق عند الدرك الوطني أنزلوني عندهم فأبقى هناك إذا وجدتموهم
فأخذوه معهم مكرهين، ‏ طلب سائق الشاحنة منه مبلغ 40 دينار الجزائرية ثمن التوصيل وكان مبلغا باهظا جدا يكفي للسفر ما بين بشار وادرار فوافق العربي مكرها وانطلقوا حتى وصلوا الى ادرار.

يمكنك مطالعة كتاب المذكرات كاملا من هنا : إضغط على الرابط

#مذكرات #توثق #الحياة #جنوب #غرب #الجزائر #الهجرة #إلى #أدرار
يتم التشغيل بواسطة Blogger.