مذكرات توثق الحياة جنوب غرب الجزائر : الصبي والحية

0
يحب الوالد أن يروي لنا بين الحين والآخر شيئا مما يذكره من صباه وكيف عاد يحن إلى مراتع طفولته يذكرها كما لو كانت جنة أو قطعة من الأحلام وهي الصحراء الفلاة على ضفاف وادي الناموس شرق بني ونيف أين ينتصب ضريح الجد طيب الذكر العالم الجليل الفقيه والصوفي سيدي سليمان بن بو سماحة يرقد هناك منذ نحو الخمس قرون، نُثِرت خلالها ذريته بالمنطقة فهي الآن قبائل وعروش تستوطن غرب الجزائر وشرق المغرب  مراتع صبى الوالد في منازل خيام لبعض المجاذبة السماحيين البوبكرية جنوب مغرار التحتاني، أين أطلال قصر ابن عمومتهم المجاهد الزاهد الصوفي سيدي الشيخ بوعمامة لا تزال شاهدة على ملحمته التي قضّت مضاجع المحتل الفرنسي طوال عشرين سنة وعطّلت زحف جراده نحو جنوب غرب الجزائر نهاية القرن التاسع عشر  مراتع صبى الوالد شاهدة على الثمن الباهظ الذي دفعته قبائل المنطقة ضريبة ثوراتهم المتلاحقة ودعمهم المطلق لسيدي الشيخ بوعمامة.  سنة 1948 والعالم يضمد جراح حربه الثانية، يلملم شتاته، يرتب الخارطة ويختبر موازين القوى الجديدة،  في سنة النكبة، سنة حرب فلسطين، سنة مجزرة اللد ودير ياسين،  في سنة كانت أشرس مراحل النضال السياسي الجزائري وآخرها في ساحة المقاومة السلمية بعد أن خبا لهيب الثورات إلى حين.  يولد العربي.


يحب الوالد أن يروي لنا بين الحين والآخر شيئا مما يذكره من صباه وكيف عاد يحن إلى مراتع طفولته يذكرها كما لو كانت جنة أو قطعة من الأحلام وهي الصحراء الفلاة على ضفاف وادي الناموس شرق بني ونيف أين ينتصب ضريح الجد طيب الذكر العالم الجليل الفقيه والصوفي سيدي سليمان بن بو سماحة يرقد هناك منذ نحو الخمس قرون، نُثِرت خلالها ذريته بالمنطقة فهي الآن قبائل وعروش تستوطن غرب الجزائر وشرق المغرب

مراتع صبى الوالد في منازل خيام لبعض المجاذبة السماحيين البوبكرية جنوب مغرار التحتاني، أين أطلال قصر ابن عمومتهم المجاهد الزاهد الصوفي سيدي الشيخ بوعمامة لا تزال شاهدة على ملحمته التي قضّت مضاجع المحتل الفرنسي طوال عشرين سنة وعطّلت زحف جراده نحو جنوب غرب الجزائر نهاية القرن التاسع عشر

مراتع صبى الوالد شاهدة على الثمن الباهظ الذي دفعته قبائل المنطقة ضريبة ثوراتهم المتلاحقة ودعمهم المطلق لسيدي الشيخ بوعمامة.

سنة 1948 والعالم يضمد جراح حربه الثانية، يلملم شتاته، يرتب الخارطة ويختبر موازين القوى الجديدة،

في سنة النكبة، سنة حرب فلسطين، سنة مجزرة اللد ودير ياسين،

في سنة كانت أشرس مراحل النضال السياسي الجزائري وآخرها في ساحة المقاومة السلمية بعد أن خبا لهيب الثورات إلى حين.

يولد العربي.

يقول الوالد:
كان الفصل حارا في شهر جويلية سنة 1948، هذه السنة التي نكبت فيها فلسطين تلك الذكرى الأليمة وذلك الشعب المسكين،
ولد الصبي بن الطيب العربي في نواحي ولاية سعيدة في سهوب جبال الأطلس الصحراوي، حيث كان قد حط الرحال الطيب واخوانه في مزرعته، وكان من عادات البدو أن يجمعوا قطيع الماشية إلى مكان مرتفع ليجثو هنالك عند القيلولة حتى يتسنى للنساء حلب الشياه والماعز.
كانت الطائعة أم الصبي قد أرضعته ومهدت له مضجعا من الرمل الذهبي داخل الخيمة، أنامته فيه ثم نصبت من فوقه حماَّرة غطّتها بلحاف بعدما رفعت أستار الخيمة من جميع النواحي حتى يعبر النسيم العليل.
ذهبت بعد ذلك مع جمع النساء نحو القطيع حاملات أوعية اللبن.
لقد كانت تلك السهوب مزينة بشتى أنواع الأشجار المخضرَّة من الزبّوج والبطم والرتم، وأنواع أخرى من الأعشاب كالشيح والبسباس وغيرها تفوح عطرا عبقا في الأنحاء، وألوان أخرى من الزهور والورود تحوم من فوقها طيور تغرد من حبار وحجل وقبرة وكدرية،
أما قطيع الماشية فكان فيه الكباش والنعاج والماعز والأتياس والخرفان والجديان يلعبن هنا وهناك.
أمسكت النساء بالنعاج والماعز فحلبن منهن الخير الكثير في القناين ثم عدن أدراجهن نحو الخيام في سرور،
أسرعت الطائعة نحو الخيمة في لهفة لتطمئن على طفلها، وقبل أن تهم بالدخول انتبهت إلى آثار حية عظيمة زحفت نحو المهد المغطى، فرجعت الأم القهقرة وهي تصرخ من الهلع .. فأقبلت نحوها عجوز تدعى الطائعة هي الأخرى تسألها عن الخطب، فأشارت إلى الصبي الذي تكون الحية قد لدغته حتماً، فهدأت العجوز من روعها وأكدت لها بأن الله القادر هو من يحفظ الصبي بإذنه ..
تقدمت العجوز داخل الخيمة بحذر وهي تتبع أثر الحية حتى أيقنت من أنها قد خرجت منها فعادت إلى المهد وكشفت الغطاء عن الصبي الذي وجدته مغمض العينين، قرست أنفه في رفق فصرخ وانتبه من نومه فحملته العجوز وأتت به إلى أمه التي ضمته إلى صدرها ودموع الفرح تغسل وجهها وهي تحمد الله الذي حفظ لها طفلها.

يمكنك مطالعة كتاب المذكرات كاملا من هنا : إضغط على الرابط 

#مذكرات #توثق #الحياة #جنوب #غرب #الجزائر #الصبي #والحية
يتم التشغيل بواسطة Blogger.