مذكرات توثق الحياة جنوب غرب الجزائر : رحلة الصيد

0
كانت جبال مغرار مثل بقية سلسلة الأطلس الصحراوي بيئة خصبة غنية بأشكال الحيوانات منذ العصور الحجرية تدل على ذلك رسومات الإنسان القديم في مواقع عديدة، سجل فيها وجود الفيلة ووحيد القرن جنبا إلى جنب مع الأسود والقردة ومع تغير المناخ وتشكل الصحراء اختفت تلك الأنواع ليكون أسد الأطلس آخرها انقراضا على يد الإنسان سنة 1940، ففسحت المجال أمام حيوانات الصحراء الأخرى من غزلان وريم وظباء الأروي والضبع وابن آوى التي شهدت اعدادها ازديادا ملحوظا بعد الاستقلال أما الصيد فقد كان سببا لقوت الإنسان طوال آلاف السنين حتى إذا استقر وعرف الزراعة والحضارة بقي الصيد مع ذلك يميل نحو الترفيه منه نحو الحاجة والبدو على وجه هذه المعمورة من آخر من يحافظ على تقاليد الصيد والقنص ولهم فيها آداب وقصص

كانت جبال مغرار مثل بقية سلسلة الأطلس الصحراوي بيئة خصبة غنية بأشكال الحيوانات منذ العصور الحجرية تدل على ذلك رسومات الإنسان القديم في مواقع عديدة، سجل فيها وجود الفيلة ووحيد القرن جنبا إلى جنب مع الأسود والقردة، ومع تغير المناخ وتشكل الصحراء اختفت تلك الأنواع ليكون أسد الأطلس آخرها انقراضا على يد الإنسان سنة 1940، ففسحت المجال أمام حيوانات الصحراء الأخرى من غزلان وريم وظباء الأروي والضبع وابن آوى التي شهدت اعدادها ازديادا ملحوظا بعد الاستقلال، أما الصيد فقد كان سببا لقوت الإنسان طوال آلاف السنين حتى إذا استقر وعرف الزراعة والحضارة بقي الصيد مع ذلك يميل نحو الترفيه منه نحو الحاجة، والبدو على وجه هذه المعمورة من آخر من يحافظ على تقاليد الصيد والقنص ولهم فيها آداب وقصص.

يقول الوالد:

في صيف سنه 1970 قرر المعلم العربي القيام بجولة ترفيهية صحبة سليمان المجاهد رحمه الله تعالى كانت نزهة فريدة من نوعها في ميدان صيد الغزال بنواحي حاسي لحمر جنوب جبل بلغفاد صحراء مغرار حيث كانت هناك قطعان كثيرة من الغزلان ترعى في تلك الأودية والشعاب ليلا ونهارا
كان المعلم العربي يمتلك بندقية صيد عيار 16 وسليمان يملك مثلها وكان لهما جملان فشدا الرحال وعليهما لباس الصيد من ثياب العساكر ثم اتجها راكبين نحو الهضاب والجبال وهما في حاله نشاط وزهو وقد حملا معهما كل ما يحتاجانه من زاد البارود والرصاص والكرطوش ونظارات التقريب وقِرب حمل الماء وطعام والشاي والتمر
اخذا يتخللان الأودية والهضاب في طرق صعبه وسط الجبال والانهار وفي المساء وصلا الى مكان قريب من الأودية التي ترعى فيها الغزلان فقررا المبيت هناك وقيدا الجملين وتركهما يرعيان طوال الليل، حاولا في تلك الليلة البحث عن الصيد فلم يجدا غير قطيع من الغزلان كان بعيدا جدا حاول سليمان الاقتراب منه لكن القطيع جفل وهرب فباتا الليل كله بدون صيد
في الصباح افترقا وذهب كل واحد في اتجاه، اصطاد سليمان ارنبا اما العربي فاصطاد بعض الحجلات وعندما عادا راكبين فوق الجملين واتجها نحو الحاسي لحمر وهما يحملان السلاح على اكتافهما حتى وصلا فوجدا مجموعة من البدو الشعانبة،
تبادلا السلام وتساءلوا عن امرهم وعن قبيلتهم كما سال المعلم وصاحبه البدو عن الاتجاه وعن اماكن صيد الغزلان فأجاب البدو ان الغزلان كثيرة موجودة وعليهما أن يبحثا وراء ذلك الجبل
فسقيا من البئر وشرب الجملين ووداعا البدو ثم افترقوا متجهين نحو المكان الذي فيه الظباء، وبالفعل وجدا اثار الغزلان وأبصرا زوجا من الظباء بعيدين كانت الشمس تقترب من المغيب فحطا الرحال في وسط واد كثير الرمال وفيه الظلال والاشجار وقيدا الجملين وتركا المتاع بين الأشجار
قال العربي لصاحبه سليمان تعالي نصعد مع هذا الوادي لعلنا نجد شيئا فذهبا يبحثان حتى واجدا اثار غزالين كانا مستلقيان نائمين تحت شجرة كبيرة يتقيان بها وهج الحرارة في منتصف النهار، اعتقد الصيادان انهما لم يبتعدا كثيرا في رعي الاعشاب في هذا الوادية،
بعد مدة راي سليمان قرن أحدهم ظهر خلال الاشجار فامسك بيد صاحبه وأخبره الخبر بصوت خفي، العربي كان يعرف ان رفيقه سليمان متسرع قليلا فأشار عليه بصوت خافت ان يتراجعا بهدوء الى الخلف واقترح عليه أن يذهب سليمان من الناحية الاخرى ليقابل الغزلان من الامام وينتظر العربي في مكانه مختفيا حتى إذا هربا جاءا في اتجاهه
فذهب سليمان كما طلب منه صاحبه اما العربي فصار يزحف على بطنه بين الاشجار يبحث عن الغزلان حتى رأى غزالة خرجت من الوادي ارادت ان تأكل من شجرة هناك كان العربي مختفيا بين الاغصان بحيث لم تلاحظه الغزالة عندما وقفت الغزالة امام الشجرة أطلق عليها العربي وابل من الرصاص (الداموس) فسقطت مكانها وبنتها خلفها هي الاخرى كُسرت رجلها فوقفت فأطلق عليها الرصاص فسقطت بجانب أمها، اما ثلاث غزلان اخرى فقد هربت
عندها سمع سليمان صوت الرصاص جاء يجري مسرعا نحو المكان فناداه العربي أسرع يا سليمان تعالي تذبح الصيد فذبح شاتين واخذهما نحو مكان الأمتعة وكانت فرحتهما كبيرة جدا بالصيد فنشط سليمان في جمع الحطب واعداد الخبز وكان لديهما ناي ومذياع وكانت ليلتهما الاولى ليلة فرح
في الصباح الباكر ذهب سليمان الى اعلى ربوة قبل طلوع الشمس فرأى قطعان كثيرة هنا وهناك من الغزلان وهي تنط وترعى بين الأودية والشعاب والرياض الخضراء صاح بصاحبه وأخبره الخبر
بعدما تناولا الافطار طلب العربي من سليمان ان يختار احدى الجهات يفترقا فيكونا بعيدين عن بعضهما وذلك خشيه الرصاص الطائش وكانت عندهما نظارة وقِربة صغيرة للماء فاختار سليمان النظارة واخذ العربي قربة الماء واتفقا ان يلتقيا منتصف النهار في مكان الأمتعة
كانا قد حظّرا لحم صيد البارحة فواضعا فيه الملح وعلقاه في اغصان الشجرة في الظل حتى لا يفسد
ومضت ثلاثة ايام في رحلة الصيد قنص العربي خمس شياه غزال اما سليمان فلم يقنص سوى أرانبا رغم كثرة الغزال فطلب سليمان من صاحبه ان يعودا الى الخيام فرجعا غانمين يحملان كميه لا باس بها من لحم الغزال، كانت تلك اول جولة في الصيد للعربي مع سليمان
كان سليمان رحمه الله يقدر العربي ويحترمه كثيرا فلم يتركه يعمل طوال الرحلة فكان يصر على القيام بخدمته فجزاه الله خيرا كان نعم الصديق والرفيق.

يمكنك مطالعة كتاب المذكرات كاملا من هنا : إضغط على الرابط

#مذكرات #توثق #الحياة #في #جنوب #غرب #الجزائر #رحلة #صيد
يتم التشغيل بواسطة Blogger.